أننا كعباد مؤمنين موقنين بكلام الله تعالى وبكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، نؤمن بوجود السحر، وذلك لأن الله أخبر عنه، وبين أن له حقيقة، وأن منه ما يؤدي إلى الفراق بين الرجل وزوجته، كما قال تعالى: (( فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ))[البقرة:102] ومن المعلوم أيضاً أن من السحر ما قد يؤدي إلى مرض البدن أو تلف النفس، وهذا كله ثابت بالأدلة الشرعية التي لا مجال لبسط الكلام عليها في هذا الموضع.
ولكننا سوف نُشير إلى بعض العلامات التي يُعاني منها المسحور:
فمن ذلك مثلاً: أنه قد يجد ضيقاً في صدره، وهماً وقلقاً لا يجد له تفسيراً، وقد يقع له ذلك بدون سبب، وفجأة وبدون مقدمات، ومن العلامات أيضاً النفور من سماع آيات الله ومن سماع المحاضرات والدروس الدينية، أو حصول ضيق في الصدر عند سماع ذلك، أو الشعور بكراهية الجلوس في مجالس الذكر وتلاوة القرآن ونحو ذلك.
ومن العلامات: الرؤى المتكررة المفزعة، كرؤية الثعابين في النوم، أو الكلاب التي تركض خلفك مثلاً، أو رؤية الشياطين في المنام كذلك، أو أنك ترين من يركض ورائك وأنت خائفة فزعة، أو رؤية أنك تسقطين من مكانٍ شاهق، مع تكرر شيء من هذه الأحلام المزعجة.
فهذه مجموعة من العلامات بالإضافة إلى كثرة حصول عدم التوفيق في الأمور التي ترغبين فيها، وخاصةً موضوع الزواج الذي أشرت إلى عدم حصوله ونجاحه وبدون أي أسباب معقولة ومفهومة.
وأما عن سؤالك عن علاج السحر، فإن العلاج وبحمد الله موجود بل وميسور إن شاء الله تعالى، وأيضاً فإنك لست بحاجة إلى الذهاب إلى أي شيخ أو معالج ليعالجك، فإن علاج السحر إنما هو بذكر الله، بالقرآن والرقية المشروعة، وهذا بحمد الله متوفر وقائم لديك، كما قال تعالى: (( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ))[الإسراء:82] فهو شفاء للأرواح وشفاء للأبدان .
وأما عن طريق العلاج فهو باتباع هاتين الخطوتين:
1- الاستعانة بالملك الصمد جل جلاله، الذي لا يشفي المريض سواه، والذي لا يضر أحد إلا بإذنه، ولا ينفع إلا بأمره كما قال تعالى: (( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ ))[يونس:107] وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا سألت فأسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك رُفعت الأقلام وجفت الصحف).
2- القيام بالرقية الشرعية، ومن الرقية الحسنة المجربة والنافعة أن تقرئي في إناء من ماء قول الله تعالى: (( فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ *وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ))[الأعراف:118-121].
ثم بعد ذلك تصبين هذا الماء على رأسك وسائر جسدك، وتشربين منه أيضاً، فهذه من الرقى المشروعة الجائزة، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً) فكرري هذه الرقية من حينٍ إلى حين حتى تجدي التحسن والخير الذي تطلبين.
ومن الأمور الهامة التي نؤكد عليك أن تراعيها: أن تحاولي كتم أمر علاجك بالرقية عن الناس إلا المقربين جداً، كوالديك مثلاً، وحتى لو كتب الله الشفاء لك كما نرجوه منه تعالى، فلا تخبري بذلك إلا أخص الناس وهم والداك؛ حتى لا ينتشر الخبر فيحصل ما لا ترغبينه من وقوع حسد أو نحو ذلك، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (استعينوا بالكتمان على إنجاح حوائجكم).
ونوصيك أيضاً بكثرة التضرع إلى الله تعالى، وكثرة الإلحاح إليه، بل نوصيك باللجوء إليه لجوء المضطرين، والاستغاثة بالله وحده استغاثة الملهوفين المكروبين، قال تعالى: (( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ))[النمل:62].
فتوكلي على الله، وتمسكي بحبل الله المتين، وأكثري من ذكره وشكره، ولن يضيعك بإذنه تعالى، وعليك بالصبر فإن الصبر قرين الفرج، كما قال صلى الله عليه وسلم: (واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً) ونسأل الله تعالى برحمته التي وسعت كل شيء أن يفرج كربك، وأن يكشف عنك كل سوء، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي تقر عينك به .
تعليق