وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إبنتي الفاضلة.. بارك الله فيكم وأعزَّكم بالإسلام
أبشري يا ابنتي الفاضلة بكل الخير؛ فكلامك هذا يدل على نعمة الله عليك بتبرئك مما يفعلونه أهلك،
ويدل أيضًا على أنك تتحرِّين الصدق مع الله بإخفاء أعمالك الصالحة وجعلها بينك وبينه سبحانه، ولا نزكي على الله أحدا،
فداومي يا ابنتي واستمري على هذا النهج الطيب، واحمدي الله تعالى أن أختك معكِ في رأيك وتهون عليكِ.. فهذه نعمة من الله عليكِ؛ لأنك لست وحدك.
جعلكِ الله وشقيقتكِ من المؤمنات الصالحات القانتات الصادقات، ورزقكما الفردوس الأعلى من الجنة
لا تخشي يا ابنتي من ذكركِ عيوب أهلك هنا؛ لأنك لم تذكري أسماؤهم ولم تذكري اسمك، وعرض الموضوع بهذه الطريقة مجرد موضوع عام
ولا تحزني يا ابنتي أو تشغلي بالك بهم أكثر من توجيه النصح لهم،
لذا فأوصيك بعدم الجلوس معهم إذا كان في مقدورك هذا، وأعتقد أن لكِ حرية التصرف في تجنبهم وتجنب الحديث معهم
سئُل الإمام ابن باز سؤالًا يشابه سؤالك، فجاء في آخر جوابه:
[فالواجب عليك أيها الأخت في الله الحذر من مجالسة هؤلاء الذين يغتابون الناس، ويعملون بالنميمة، وإذا جلست معهم، فأنكري عليهم ذلك، وحذريهم من مغبة ذلك، وأخبريهم أن هذا لا يجوز، وأنه منكر، فإن تركوا وإلا فقومي عنهم، لا تجلسي معهم، ولا تشاركيهم في الغيبة، ولا في النميمة].
ومصدر الفتوى على هذا الرابط: http://www.binbaz.org.sa/mat/9165
واعلمي يا ابنتي الفاضلة أنك لو تركتي مجلسهم ستشعرين براحة أكثر وسيصرف الله عنك هذا الهم بحوله وقوته،
واعلمي أيضًا أنك لو حاولتي إصلاح مابهم من اقتراف هذا الذنب سيزداد شعورك بالراحة وذهاب كل الهموم إن شاء الله
لكن إحذري منهم كل الحذر؛ فقد يرفضون كلامك معهم ونصحك لهم، فالأمر يحتاج إلى علم وأسلوب جذب للآخرين
وهذه أولى متطلبات الداعية إلى الله؛ أن يدعو الناس وهو على درجة من العلم تسمح له بشرح الحكم والرجوع إلى سنده، ليسهل إقناعهم،
ثم طريقته في الكلام ومدى تقبل الناس منه، ولأن أهلك يظنون أنهم أكثر طاعة لله وأكثر إيمانا؛ فتقديم النصيحة لهم تحتاج إلى درجة من العلم أعلى منهم،
وقدرٍ عالٍ من القدرة على جذبهم وشد انتباههم إلى من يخاطبهم وهم مقتنعون به.
فاحذري كل الحذر منهم لو أردت تقديم النصح لهم؛ وإلا فاكتفي بترك مجالسهم، ولو إضطرتك الظروف للجلوس معهم فأنكري عليهم هذا الإغتياب
بإسلوب لبق، وبالحسنى، وبدون فتح أبوابًا للجدال
ولا تنسي الدعاء لهم بالهداية، فالدعاء بظهر الغيب تعرفين ثوابه بلا شك
وداومي أيضًا على دعائك لله عزَّ وجلَّ أن يثبتك على الطاعات والأعمال الصالحة، وأن يصرف عنكِ كل هم وغم،
هدانا الله وإياكم وثبتنا وإياكم على الهداية والأعمال الصالحة، وتقبل منا ومنكم بفضله وبرحمته
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وجزاكم الله خير الجزاء وبارك فيكم يا ابنتي الفاضلة
أرجو أن يكون كلامي السابق فيه فائدة لكم، وأرجو تحمل الإطالة في كلامي الآتي:
يهمني الآن أمران ضروريان أتكلم بشأنهما:
الأول.. وسوسة الشيطان الني لا تفارقكِ ولا تترككِ
فهذا أمر طبيعي جدًا في مثل حالتك الإيمانية هذه -أدامها الله عليك بفضله-، لأنك تشعرين بالسعادة في قربك وتقربك إلى الله تعالى
والشيطان لا يريد ذلك لعباد الله المؤمنين، وسيظل لهم بالمرصاد، الشيطان لاينام وهدفه الوحيد في الحياة هو إبعاد المؤمنين عن رحمة ربهم، عياذًا بالله،
ومحاربته ومقاومته أمر يسير للغاية؛ أخبر الله تعالى المؤمنين به، ألا وهو الإستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، ثم المداومة على ذكر الله تعالى،
بداية من الأذكار المثبتة، في الصباح والمساء، وأذكار ما بعد كل صلاة مكتوبة، ثم الأذكار المطلقة، على مدار اليوم والليلة
فذكر الله تعالى هو الحصن الحصين لعباد الله المؤمنين من شرور الشياطين
ومداومة تلاوة القرآن، الذي هو أعلى درجات الذكر، من أقوى الأسلحة التي يتغلب بها المؤمن على وساوس الشيطان
وأقف معكم يا ابنتي الفاضلة عند أول سور القرآن الكريم.. سورة البقرة ومالها من فضل عظيم؛ إذا داومت على قرائتها كاملة مرتان في الأسبوع
وأحسب أنك تقدرين على تلاوتها كاملة في وقت واحد، أحسب ذلك فيكم لما فهمته من سعادتكم وحبكم للطاعات،
وقراءة سورة البقرة كاملة لا تستغرق أكثر من ساعتين بأمر الله أو أقل لأصحاب الهمم العالية، وأحسبك منهم إن شاء الله تعالى، ولا نزكي على الله أحدا، ومن فضائل السورة طرد الشيطان من البيت، وإبتعاده تمامًا عمن يتلوها، لكن يعود مرة أخرى للوسوسة؛ لذا فالمداومة على قرائتها فيها خير كثير إن شاء الله
للفائدة إقرأي هذه الفتوى، على الرابط: http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=69588
كما أن قراءة آية الكرسي لها فضائل عظيمة، وردت فيها عدة أحاديث صحيحة عن النبي صلي الله عليه وسلم، منها قوله: "من قرأ آيةَ الكرسيِّ في ليلةٍ لم يزَلْ عليه من اللهِ حافظٌ ولا يقربُه شيطانٌ حتى يُصبحَ " صححه الإمام ابن باز في: مجموع فتاوى ابن باز-الصفحة أو الرقم: 278/3
وقانا الله وإياكم شر الشيطان وشركه
أمَّا الأمر الثاني، وهو خشيتكم من الرياء، وتخوفكم من الغرور بسبب ملازمتكم الطاعات والتقرب إلى الله تعالى؛ فلا أرى فيكم إلا كل خير بإذن الله،
وأظنَّ أنكم يا ابنتي الفاضلة أبعد بكثير عن هذه الآفات؛ لكنها مجرد مخاوف فقط إن شاء الله، وعموامًا وللفائدة أكثر، إقرأي هذه الفتوى على الرباط: http://consult.islamweb.net/consult/...ails&id=268977
الموضوع طويل إلى حد ما؛ لكن إصبري على قرائته حتى النهاية، وكرري قراءته لتتم الفائدة والنفع بأمر الله تعالى
وبالنسبة لأهلك فلا تتناقشين معهم بنصح أو غيره طالما رؤيتك للأمر هكذا، وللحديث بقية إن شاء الله بشأن هذا الأمر
غفر الله لي ولكم، ووفقكم لما يحب ويرضى، وأصلح بالكم وأصلح أحوالكم، ووقانا وإياكم شرور أنفسنا وشر الشيطان وشركه
جزاكم الله خير .. ولله انكم لم تطيلوا علي فكل ما طال كلامك كان فيه فائده لي اكثر وكان لكم اجر اكبر
جزاكم الله خير الجزاء، وأعزَّكم بالإسلام، ورفع قدركم بزيادة الإيمان
فإن شاء الله سوف اقراء سورة البقرة وسوف الزمها دائم بإذن الله...
إن شاء الله تداومون على قرائتها دائمًا بلا انقطاع، وأبشركم أيضًا يا ابنتي الفاضلة أنه من فضائل قراءة سورة البقرة كاملة في كل مرة؛
يشعر قارئها بأن شيئًا هامَّـــًا ينقصه كل يوم، بل كل ساعة، ويشعر بشدة الحنين والشوق إلى كتاب الله عزَّ وجلَّ ليداوم تلاوته..
فالمداومة عل تلاوتها تساعد على المداومة على ورد القراءة والإستزاده فيه بأمر الله وتوفيقه؛
ألا نخرج من شهر رمضان ونشعر في كل يوم بعده أنه ينقصنا شيء هام تعودنا عليه؟
ويخاصة في أوقات تلاوتنا وفي أوقات صلاة قيام الليل
جعلنا الله وإياكم من الطائعين له سبحانه، وممن يُكثرون الأعمال الصالحة في جميع أشهر العام، وأن يتقبل منا ومنكم بفضله وبرحمته
اريد حل لموضوع الاغاني والمسلسلات...
يا ابنتي الفاضلة أعزَّكم الله وحفظكم..
ليس هناك أي سبب مهما كان يجعلك تشاهدين معهم أو تسمعي كل مافيه مخالفة لله تعالى
فالغناء لهوٌ مَنهِيّ عنه شرعًا، ومشاهدة الأفلام والمسلاسلات مَنهِيّ عنها أيضًا باتفاق العلماء الأجلاء
فلماذا تجلسين معهم وأنت تخافين على دينك؟!!
لمَّا نقلت لك رأي العلماء في أمر مجالسة أهل الغيبة والنميمة؛ كان ردك الطيب بعدم قدرتك الإبتعاد عن مجالسهم!!
لماذا يا ابنتي الفاضلة؟!
وعمومًا وللإبتعاد عن تساؤلاتهم إجعلي مجالستك مع أهلك في أضيق الحدود، ولا تجلسي معهم إلا لوقت قصير،
ثم اتركي المجلس مستأذنة منهم بأي حُجَّة، بشرط أن تكون حجتك صادقة؛ والأسباب كثيرة:
أولا: إحتياجك للخلوة بنفسك في مكان هادئ لحفظ القرآن ومراجعة ما تحفظين، وأعتقد أن هذه حجة قوية وفرصة عظيمة لكِ؛ لأنَّ المداومة على الحفظ تحتاج لوقت كبير، والذي يحفظ جديدًا من الآيات ويراجع ما حفظه يحتاج لوقت كبير يخلو فيه مع نفسه، ولأنَّ هناك مِن أهلكِ مَن يمتدح نفسه بعبادته لله من قراءة للقرآن وصلاة... وهكذا، كما ذكرتِ من قبل:
[ويمتحدون تعبدهم وصلاتهم وقرآتهم القرآن ويمتحدون ان لا احد مثلهم...]
يعني ببساطة عندما تتركي مجلسهم ويتعجبون لذلك ردي عليهم:
مش إنتوا إللي بتنصحوني أسيب الموبايل وأذكر بي.. أديني بعمل بنصيحتكم ، أو رُدِّي عليهم بما يقنعهم ولا يستاءوا منكِ
ثانيًا: إستأذني منهم مثلًا بحجة إحتياجكِ للراحة قليلًا، وادخلي غرفتك واستريحي من سماع ما يؤذيك أو مشاهدة مالاتحبينه
وهناك أسباب أخرى يمكنكِ ذكرها بحجة ترك مجالسهم، سيوفقك الله للوصول إليها، واستعيني بالله واطلبي من أختك أن تعينك على ذلك،
أو بالأحرى أنتما معًا في حاجة إلى تعاونكما على البر والتقوى، وسيوفقكما الله تعالى لذلك بحوله وقوته
كيف تُقبلون على ربكم أنتِ وشقيتكِ ولا يصرف عنكما كل ما فيه لهو أو ما يغضبه؟!
فاستعينا بالله يا ابنتي الفاضلة وشقيقتكِ، ولازما الدعاء والرجاء له سبحانه أن يعينكما على طاعته، وأن يصرف عنكما كل شر وسوء،
واقرأي هذه الفتوى للشيخ المنجد وبداخلها فتوتان، في الأولى مشكلة مشابهة لمشكلتكِ التي ستزول عن قريب بأمر الله تعالى،
على الرابط: http://islamqa.info/ar/102916
إبنتي الفاضلة.. أعزَّكم الله
نحن نعيش في أيام زادت فيها الفتن -وقانا الله وإياكم شرَّها-، ولكي نحيا في هذه الدنيا الفانية بدون هموم أو أحزان يسببها لنا الآخرون؛
يجب أن ندرك حقيقة الدنيا وسبب وجودنا في الحياة: أمَّا السبب؛ فأنتم بفضل الله وتوفيقه لكم تعرفونه جيدًا وتدركونه في تدبركم لقوله تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ الذاريات: ٥٦ فلله الحمد والمنة أن هداكِ وأختكِ للفهم والعمل، أدام الله عليكما نعمة تحقيق هذه الغاية السامية أمَّا حقيقة الدنيا؛ فما هي إلا لهوٌ ولعبٌ، وكثير من الناس غفلوا عن قول ربهم؛ فابتعدوا عن الحق، وغرتهم الحياة الدنيا، عافانا الله وإياكم أن نكون منهم،
وقليل من العباد عرفوا الحق بفضل الله ورحمته، لكنَّهم يشعرون بالغربة بين هؤلاء، أسأل الله تعالى لي ولكم أن نكون منهم،
فكلما ازداد العبد تقربًا لله تعالى شعر بالغربة بين الناس؛ وبخاصة في زمننا هذا؛
لذلك أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما رواه عنه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: " كُن في الدُّنيا كأنك غريبٌ أو عابرُ سبيلٍ وعُدَّ نفسَك في أصحابِ القبورِ " ، وقال لي يا ابنَ عمرَ: " إذا أصبحْتَ فلا تُحَدِّثْ نفسَك بالمساءِ ، وإذا أمسَيت فلا تُحَدِّثْ نفسَك بالصباحِ ،
وخُذْ من صِحَّتِك قبلَ سَقَمِك ، ومن حياتِك قبل موتِك؛ فإنَّك لا تدري يا عبدَ اللهِ ما اسمُك غدًا" صححه الإمام الألباني في: صحيح الترغيب-الصفحة أو الرقم: 3341
ونحن بحقّ غرباء في هذه الدنيا بكل ملهياتها، ونشعر بالغربة بين الكثير من الناس حتى بين ذوينا؛
لذل فإننا نحتاج إلى الصحبة الصالحة لنتعاون معًا ونتواصى بالحق والصبر،
فأنت يا ابنتي الفاضلة تحتاجين للصحبة الصالحة إن شاء الله، والحمد لله أن هداكِ وأختكِ إلى طريق الإستقامة وحب التقرب إليه سبحانه،
فداوما معًا على هذه الصحبة الصالحة،
وليتك تسجلين اسمك هنا في المنتدى لتكوني عضوة فاعلة بأمر الله تعالى، تفيدين وتستفيدين.. سجلي بأي إسم أو كنية تشائين،
وستجدين بأمر الله تعالى أخوات فاضلات يسعون دائمًا ويتسابقن للخير، نحسبهم وإياكم من الصالحات إن شاء الله تعالى، ولا نزكي على الله أحدا
ستشعرين بأمر الله بفارق كبير، وليتكِ تُشجعين أختك الفاضلة على ذلك أيضًا
وأخيرًا أنصحكِ يا ابنتي الفاضلة بالاجتهاد في الطاعات والإستزادة منها، فكما تعلمين أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية،
وهذا ما اتفق عليه علماء أهل السنة والجماعة، وهذا ما تتمنين الوصول إليه.. زيادة إيمانك، فتوكلي على الله ولا تنقطعي عن الأعمال الصالحة
وأنصحك أيضًا بضرورة السعي إلى طلب العلم الشرعي، بما هو متاح لكم.
وفقكم الله لما يحب ويرضى
وزادكم من فضله إيمانًا راسخًا، وقلبًا خاشعًا، وعلمًا نافعًا، ويقينًا صادقًا، والعافيةَ من كُلِّ بلِيَّة
ورزقنا وإياكم الإخلاص في القول وفي العمل، وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزانا وجزاكم الله خير الجزاء، وبارك فيكم على مشاركتكم الطيبة وكلامكم الطيب
رزقنا الله وإياكم الإخلاص في القول وفي العمل
وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال
إبنتي الفاضلة أعزَّكم الله بالإسلام..
صرف الله عنكم هذه الظروف القاسية وأحوال الخوف التي تتعرضون لها
أمَّا الصلاة في مثل هذه الحالات فلها حكم صلاة الخوف،
فالأصل أن المصلي إذا دخل في صلاته يحرم عليه قطعها إختياراً، أما إذا قطعها لضرورة تقتضي ذلك:
عند حدوث الخوف على الأنفس أو الأهل أو الأموال؛ فيجوز قطع الصلاة، والله أعلم.. واقرأي هذه الفتاوى على الرابط: http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=195319
وفي أحد الفتاوى قال الإمام ابن باز رحمه الله:
[الصلاة إن كانت نافلة فالأمر أوسع.. لا مانع من قطعها لمعرفة من يدق الباب ؛ أما الفريضة فلا يجوز قطعها إلا إذا كان هناك شيء مهم يخشى فواته...]
فقطع صلاة النافلة أجازها الإمام رحمه الله هنا عند دق جرس الباب.. فما بالكم عند حدوث أمر ضروري وفيه خوف على النفس والأرواح؟
ثم أنكِ لم تتباهي بعملكِ الصالح أمام الجميع وتتفاخرين به؛ لكن إذا رآكي أحد والديك تقيمين الليل، وسارع ليخبر الأهل والأقارب؛
فليس في ذلك رياءٌ منكِ أبدًا إن شاء الله؛ خاصة وأنك طلبت منه عدم إخبار أحد
وأنصحكِ يا ابنتي الفاضلة بعدم الإهتمام لأي كلام تسمعينه من إحدى الأهل، وحاولي ألا تجهري بصلاتك سوى بصوت مسموع لكِ ولأختكِ عندما تصلي معك.. قال الإمام بن باز رحمه الله:
[أما النوافل فالسنة فيها الجهر، لكن جهراً لا يؤذي أحداً، ولا يشقُّ على أحد، فإذا كان بقربه مُصلّون، أو نُوَّام أو قُرَّاء؛ فإنَّه يجهر جهراً لا يؤذيهم ولا يشُقُّ عليهم، ولا يُشوِّشُ عليهم، وقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومٍ يصلون في المسجد، ويرفعون أصواتهم، فقال لهم عليه الصلاة والسلام:
(كلُّكم يناجِي اللهَ فلا يؤذِ بعضُكم بعضًا)، فالمقصود أنه إذا جهر يتحرَّى الجهر الخفيف الذي لا يتأذَّى به المُصَلِّي، ولا قارئ ولا نائم].
هوِّني على نفسكِ يا ابنتي الفاضلة، ولا تَشُقِّي على نفسك بسبب أي كلام تسمعينه، واعلمي أن كلَّ كلمة فيها إساءة لكِ سيكتب الله لكِ بها أجرًا بفضله وبرحمته؛ إذا صبرتي واحتسبتي أجركِ عند الله تعالى
دعيهم يقولون ما يقولون، ولاتهتمي لقولهم بأي حال، ولا تتأثري أيضًا بكلامهم.. مهما قالوا؛ فأنت على الحق بإذن الله تعالى
أثبتي يا ابنتي الفاضلة على ما أنت عليه من تقربكِ لله تعالى
أثبتي يا ابنتي على دوام طاعتكِ لله؛ فكل هذه مؤثرات تُشوِّش عليكِ لكي تبتعدي عن طريق الله والتقرب إليه
أثبتي يا ابنتي الفاضلة وقاومي كل ما يلهيكِ عن ذكر الله تعالى، وأكثري من الدعاء لجميع أهلك أن يهديهم الله إلى صراطه المستقيم،
أكثري من الدعاء لوالديك.. فلهم حقٌ عليكِ
وأبشري يا ابنتي بالخير كله إن شاء الله؛ فسهركِ طوال الليل في عبادةٍ لله تعالى إلى أن يطلع الفجر ليس فيه شيء، بل إنَّ هذا هو المطلوب من المؤمنين،
وهذا حالُ المُتَّقين ممن يحبهم الله تعالى، ووصفهم بالمحسنين، كما قال:
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴿١٥﴾ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ ﴿١٦﴾ كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴿١٧﴾ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴿١٨﴾} الذاريات
قال الإمام السعدي رحمه الله:
[{ كَانُوا }أي: المحسنون {قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}أي: كان نومهم بالليل، قليلاً، وأما أكثر الليل، فإنهم قانتون لربهم، ما بين صلاة، وقراءة، وذكر، ودعاء، وتضرع].
وياحبَّذا لو حاولتِ النوم قليلًا للراحة وعدم المشقة على نفسك؛ في أول الليل، ثم الإستيقاظ في منتصف الليل مثلًا أو في ثلثه الأخير. فالسهر ليس فيه حُرمَة في ذاتِهِ، فيكون طاعة إذا استُغِلَّ في الطاعات، ويكون معصية إذا استُعمِلَ في المعاصي، ويكونُ مُباحاً إذا استُعمِلَ في المُباح،
وطالما أن السهر يكون في طاعات، ولا يَجُرُ إلى فوات صلاة الفجر في وقتها؛ فلا حرج في ذلك.. والله أعلم. فاطمئني يا ابنتي واستبشري بكل الخير إن شاء الله؛ خاصةً وأنكِ تحافظين على باقي الصلوات المفروضة في أوقاتها، ولا تُقصِّرين في أعمال البيت
فحمدًا لله تعالى أن هداكِ لهذا، وماكان ليهتدي أحدٌ من عباده إلَّا أن هداهُ الله بفضله وتوفيقه
الحمد لله رب العالمين.. فليس في عملكِ رياء بإذن الله
أسجدي لله شكرًا يا ابنتي الفاضلة في كل وقت أن هداكي بفضله وتوفيقه لكِ
ذلك الفضل من الله وحده، ولا حول ولا قوة إلَّا به سبحانه وحده؛ سبحانه القائل في كتابه العزيز: { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } القصص: ٥٦
ولأن الله وحده يهدي من يشاء؛ فأكثري من الدعاء أن يهديكِ سبحانه وأن يثبتكِ على الهداية،
وأكثري لأهلك من الدعاء.. بأن يهديهم الله إلى صراطه المستقيم، واصبري واحتسبي عند الله، وتذكري دائمًا قوله تعالى:
{ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ }
جعلنا الله وإياكم من الصابرين، وهدانا وإياكم إلى دوام طاعته وعبادته
وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال... وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته الحمد لله الذي هدانا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله فأسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياكم على الهداية وعلى صراطه المستقيم، الذي ارتضاه لعباده المؤمنين الحمد الله على نعمته عليكِ يا ابنتي الفاضلة وتوفيقه لكِ باكتسابكِ هذا القدر من العلم؛ فداومي ولا تنقطعي أبدًا عن سعيكِ للتعلم بأمر الله، وكلما سعيتِ وبحثتِ وجاهدتِ في سبيل المعرفة، كلما فتح الله لكِ بإذنه أبوابًا وأبواب من المعرفة والفهم الصحيح لأمور ديننا الحنيف أثبتي يا ابني الفاضلة على هذا الأمر ولا يشغلنكِ عنه شيء.. مهما كان، ومهما سمعتِ من أقوال لا تعجبكِ واعلمي أنكِ بأمر الله تعالى على الحق، فاسجدي له سبحانه حمدًا وشكرًا، واسأليه سبحانه أن يفتح لكِ أبواب العلم وييسرها لكِ واعلمي أيضًا أنكِ بفضل الله ونعَمه عليكِ تضعين أقدامكِ على أول خطوات الداعية لله تعالى فهنيئًا لكِ يا ابنتي بهذا الفهم وهذا السعي المحمود إن شاء الله والدعوة إلى الله تعالى هي أشرف الأعمال، ولها شروط وأسس تقوم عليها؛ والداعي إلى الله تعالى ليس شرطًا له أن يكون في عمر معين، أو سن متقدم؛ لكن يجب أن يكون على دراية بشروط وأسس الدعوة أولها وأهمها العلم الكافي الذي ينفع به نفسه، ويتيح له فرصة توجيه الآخرين وإرشادهم، دون أن ينظروا له بغير اعتبار، إذا تحدث بدون سند قوي يدعم كلامه؛ من القرآن والسنة النبوية، أو من كلام السلف الصالح من علماء الأمة المهم هو وجود العلم الكافي للداعية بحيث يستطيع توصيل الحُكم إلى السامع من كل جوانبه ولأنكِ في مقتبل عمركِ يا ابنتي الفاضلة -أطال الله في عمركِ في طاعته-؛ فأمامكِ أبواب خير كثيرة ومصادر متعددة تنهلين منها وتتعلمين أمور ديننا الحنيف، وأنت لست صغيرة كما ينظر إليكِ من هم أكبر منكِ في العمر، بل أنتِ كبيرة إن شاء الله بفهمكِ وأسلوبكِ في التعامل معهم لذلك أنصحك يا ابنتي الفاضلة بالتروي قليلًا قبل إرشاد الآخرين وهنا نقف معًا وقفة طويلة لأشرح لكِ ما أقصده... فتحملي مني الإطالة.. أكرمكِ الله
أولًا: لا تتراجعي بأمر الله عن طريق الخير الذي بدأيته بدعوة الناس إلى معرفة أمور دينهم، واجعلي الدعوة إلى الله تعالى هدفًا من أهدافكِ الأساسية في حياتكِ إن شاء الله، فتوكلي على الله وجدِّدي عهدك معه سبحانه من وقت لآخر؛ بأن يكون همَّكِ هو الدعوة والنصح لله تعالى.
ثانيًا: لا تجعلي عمركِ هذا يُشعركِ بصِغَركِ أمام من تُبلغيه أمرًا من أمور الدين، حتى لو كان أكبر منكِ في العمر؛ ليس غرورًا أو ثقة زائدة في النفس عياذًا بالله؛
لكن ثباتًا في موقفكِ وكلامكِ ووضوحًا في الحكم الشرعي الذي تبلغيه بدون زيادة أو نقص، وبدون حرج ممن يكبركِ في السن،
لكن بشرط أساسي، وهو أن تضعي أمام عينيكِ دائمًا هذه القاعدة:
(لكل مقام مقال ، وليس كل ما يُعلم يُقال)
هذه قاعدة لأحد العلماء المعاصرين حفظه الله، ذكرها ضمن القواعد المهمة جدًا للداعية والعالم، وطالب العلم بشكل خاص، ولغيرهم بشكل عام ..
قال فيها: [ فإبلاغ العلم والدعوة إلى الله تعالى لا بد وأن تكون مرتبطة بتحقيق المصالح ودفع المفاسد،... ] لن أنقل لكِ ماقاله لطول الكلام؛ لكن سآخذ هذه القاعدة من جانب آخر لأشرح لكِ وجهة نظري.
أولا: (لكل مقام مقال) ، وأقف عند معنى المقام هنا: بالمنزلة أو المكانة ،
فعندما توجهين مقالكِ أو كلامكِ لأي أحد يجب عليكِ يا ابنتي أن تراعي وتفرقي أسلوبكِ في التبليغ بين من يكبرونكِ في العمر،
وآخرون قريبون منكِ أو في مثل سنك؛ فالكبير له وضعه ومكانته أمام من يصغره في العمر، وأيضًا ليس من السهل أن يتقبل الكلام؛
حتى لو علم أن الكلام صحيح، فهذه طبيعة الناس،
لذلك فأنتِ تحتاجين للتدريب على أسلوب ليِّن هادئ تُشعرين الكبار بمراعاتكِ لهم والحرص عليهم واحترامهم؛ حتى لو كان عندهم أخطاء،
مع مراعاة عدم الإندفاع في الكلام والحماسة التي تملأنا جميعًا ونحن في مثل هذا العمر،
فكلنا تعرضنا في مرحلة الشباب لهذا الإندفاع والغيرة على أخطاء الناس في أمور الدين، كلما تعلمنا حكمًا من الأحكام، منها العبادات مثلًا
وألتمس لكِ العذر يا ابنتي إذا كان لديك قدرًا من هذا الإندفاع الذي يدل على حبكِ الخير لأهلك وللناس أن يتعلموا أمور دينهم؛
لكن ضعي أمامكِ هذه القاعدة الهامَّة والأساسية في قول الله تبارك وتعالى:
{ مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ } المائدة: 99
وقوله تعالى:
{ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } القصص: ٥٦
فيجب على كل داعية أن يبذل جهده في الدعوة إلى الله وإرشاد من يدعوهم إلى طريق الله المستقيم، أما الهداية والنتائج فهي على الله تعالى وحده.
لذلك لا تتعجلي النتائج حينما تنصحين أحد، ويكفي أنكِ تبلغيه وترشديه للمعلومة الصحيحة، وليس مطلوب منكِ أن تنتظري منه العمل؛
فدوركِ هو الدعوة فقط، والنتيجة بيد الله سبحانه.. يهدي من يشاء كيفما شاء ووقت أن يشاء، سبحانه العليم الخبير.
ثانيًا: (وليس كل ما يُعلم يُقال) ، هذه القاعدة خلاصة معناها في قول الشيخ:
[ فإبلاغ العلم والدعوة إلى الله تعالى لا بد وأن تكون مرتبطة بتحقيق المصالح ودفع المفاسد،... ] هذا حال العلماء ممن لديهم العلم الكافي وعلى درجة تؤهلهم لتبليغ أمر ما؛ لكنهم يوازنون بين فائدة الكلام،
فلو رأوا أنه يحقق مصلحة؛ يبلغون به الناس، أما لو رأوا فيه مفسدة فلا يبلغون هذا الأمر
وما أقصده قد يقترب من هذا المعنى؛ فإذا كان لديكِ معلومة بحكم شرعي سمعتيها من أحد العلماء تودين تبليغها، وليس لديكِ العلم الكافي للمناقشة والحوار حول هذا الحكم بأسانيد شرعية تؤكد المعنى، فبلغيها فقط لمن تتوسمين فيهم حسن تلقي المعلومة منكِ؛ أما غيرهم فلا تخبريهم بالمعلومة خشية تعرضكِ لجدال معهم قد يؤدي إلى نتائج سيئة عياذًا بالله، كما ذكرتِ في كلامكِ السابق.
أما عن أخطاء أقاربكِ في الصلاة التي ذكرتيها؛ فيجب أولًا أن تتعلمي فقه العبادات وأولها الصلاة، وتبحثي جيدًا عن شروط صحة الصلاة، بداية من الوضوء وحتى التسليم؛ فالوضوء فيه فرائض وفيه سنن، والصلاة أيضا في أركانها فروض وأخرى سنن،
وتقديم الفروض على السنن أولى بكِ أن تبلغيه وترشدي به المخطئ ليحافظ على صحة الصلاة بأمر الله، فقط التوجيه والإرشاد بنص صريح من القرآن أو السنة، ولا تشغلي بالك كثيرًا بعدها بتطبيق السامع لكِ، وتخيري الوقت المناسب لتذكيره بعد فترة إذا ظلَّ على خطأه ورأيت استعداده لتقبل الكلام.
وتشجيعكِ للآخرين على القيام لصلاة الفجر لهو أمر طيب للغاية، كتب الله لكِ الأجر عليه بفضله؛ لكن أيضًا فرقي بين من يلبي كلامكِ ويقوم من نومه مسرعًا، وبين المعاند؛ فإذا قال لكِ اتركينا وشأننا لاتوقظيه للصلاة قبل أن تمهدي له في وقت مناسب يتقبل منكِ فيه الكلام، وتُوضحين له فضل الصلاة على أوقاتها، ثم تشجعينه وتحفزينه ليكون مستعدًا للنهوض عنما توقظينه..
لو فعلت ذلك باتفاق مسبق معه على إيقاظه لن يرد عليكِ بكلام يضايقكِ، وسواء قام من نومه أم لا؛ فأنت قمت بدوركِ ودعوتيه للخير، واتركي أمره لله، مع الدعاء له ولغيره بظهر الغيب أن ينعم الله عليهم بالهداية.
وبالنسبة لنصيحتهم لكِ الحذر من تأثير الحرب والرصاص؛ فهذا من خوفهم عليكِ، ولا حرج أن تتقبلي منهم النصيحة وتقولي لهم سأفعل إن شاء الله،
واذهبي معهم إلى المخابئ أو إلى الأماكن الأكثر أمانًا، إذا كانوا يفعلون ذلك، واجعلي قلبكِ مطمئن دائمًا كما أنت وكما توقنين؛
بأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، لكن الأفضل أن تتجنبي الأماكن التي فيها إطلاق رصاص أو مدافع.
حفظكم الله جميعًا من ويلات هذه الحرب، وبارك في اعماركم،
وثبتكِ الله على الهداية والطاعة وحسن العبادة ودوام التقرب إليه سبحانه وتعالى في كل وقت وحين
ونعتذر لكِ على تأخرنا في الرد عليك
تعليق