الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
العاقد يحل له ما يحل للزوج، لأنه زوج بمقتضى العقد الشرعي، وليس هناك شيء يحل للزوج ولا يحل للعاقد، وإنما جرى العرف في بعض المجتمعات بعدم السماح له بالدخول قبل إعلان الزواج بالزفاف، خشية حصول الطلاق قبل الإعلان وبعد دخوله بالمرأة وما يترتب عليه من زوال البكارة وربما حصول الحمل، ولأجل ذلك جرى العرف بالمنع من الدخول دفعاً لهذه المفسدة، وقد أفتينا سابقاً بمراعاة هذا العرف، لأن ذلك لا يتعارض مع الشرع بل يوافقه، فإن من قواعد الشرع درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، ولكن تبقى المرأة المعقود عليها زوجة للعاقد، يحل له كل شيء يحل للزوج من زوجته مع مراعاة العرف السابق إذا وجد،
فإذا تم العقد الشرعي على المرأة فقد صارت زوجة للعاقد، ويترتب على ذلك حل الاستمتاع بينهما وأولى ما هو دون ذلك من الحديث والخلوة ونحوهما، غير أنه قد جرت عادة الناس أن لا يتم الدخول على الزوجة إلا بعد حفل الزفاف فينبغي التقيد بذلك فلا يعاشر الزوج زوجته معاشرة الأزواج حتى تزف إليه في بيته مراعاة للعرف إذ العرف الصحيح الذي لا يصادم النصوص الشرعية معتبر عند أهل العلم.
مع التنبيه على أن مراعاة العرف في هذا الأمر يحقق مقاصد الشارع الحكيم ومن ذلك دفع النزاع والتخاصم بين المسليمين، فإن كثيرا من الناس في مختلف الأقطار الإسلامية إنما يعتبرون الزواج بالزفاف لا بالعقد ولو حصل أن عاشر الرجل زوجته بعد العقد وقبل الزواج فإن هذا يؤدي إلى خلافات كبيرة بينه وبين أهل زوجته بل إنهم في بعض الأحيان ليعتبرونه بذلك معتديا على حرماتهم وأعراضهم، وأيضا فإنه إذا حصل بينهما جماع في هذه الفترة وحصل الحمل ثم مات الزوج أو لم يستطع إتمام الزواج لسبب من الأسباب فهنا تجد الفتاة نفسها في موضع حرج ينال من عرضها وعرض أهلها وسمعتهم أجمعين، وهذا فيه من المفاسد ما فيه وما أيسر في ظل هذا الزمان أن يتنكر الزوج لزوجته وينكر معاشرتها ويرميها في عرضها بالشر والسوء.
والله أعلم.
تعليق