الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صحة عمل الطبيبة في مجال تنظيم الأسرة تتوقف على نوع عملها، فإن كان عملها في حيز منع الحمل نهائياً، أو منعه خوف فقر، أو عدم استطاعة تربية الأطفال، أو في أي باب لا يضر بصحة الأم فعملها لا يجوز، سواء كان عملها بوصف دواء، أو إجراء عملية صغيرة أم كبيرة، أو بإعطاء استشارة طبية، لأن الإسلام جاء بإكثار النسل لا بتقليله، فقد روى أبو داود والنسائي من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه قال… قال صلى الله عليه وسلم: " تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم." وروى نحوه أحمد من حديث أنس بن مالك. وقد منع الفقهاء التعقيم ( منع الحمل النهائي) ومن ذلك ما نقله البجيرمي عن فقهاء الشافعية قولهم: ( يحرم استعمال ما يقطع الحبل من أصله). ويستوي في ذلك قطع الإنجاب بعد أن كان، أو منع الحمل ابتداء قبل الإنجاب.
وإن كان عمل الطبيبة النسائية في مجال الإجهاض فهو غير جائز أيضاً، إلا إذا كان الإجهاض حفاظاً على حياة الأم أو بعض أعضائها. لأن الإجهاض قتل نفس كتب الله أن تخلق، جاء في كتاب الشرح الكبير للدردير من المالكية قوله: ( ولا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يوماً، وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعاً)، وجاء في كتاب شرح الخرشي ما نصه: ( لا يجوز للمرأة أن تفعل ما يسقط ما في بطنها من الجنين، وكذا لا يجوز للزوج فعل ذلك ولو قبل الأربعين …).
وأما إن كان عمل الطبيبة في مجال المحافظة على صحة المرأة والأطفال والمساعدة في تنشئة الطفل سليماً فهو عمل محمود، والأجر الذي تأخذه الطبيبة على عملها هذا حلال طيب، وقد أفتى بنحو ما ذكرنا من حرمة تحديد النسل ومنع الحمل، وفعل ما يعين عليه المجمع الفقهي الإسلامي، واللجنة الدائمة، ومجلس هيئة كبار العلماء
تعليق