إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    لو سمحتم مارأيكم فى هذا ووسواس عقائدى سأطرحه عليكم وأرجو الفصل فيه حتى لا يأتى مره اخرى

    الآن قرأت قصه عن شاب لم يصلى منذ 15 عام ودعاه رجل للصلاه فصلى لأول مره منذ 15 عام وفى أخر سجده مات وهو ساجد

    الوسواس الذى يأتينى يقول لى

    كيف بأناس يعيشون طوال عمرهم يصلون ويقعون فى المعاصى ثم يتوبون ثم يقعون ويتوبون ويظلون عمرهم كله فى جهاد مع النفس وصراع مع الشهوات ثم بعد ذلك يختم لهم بسوء على حسب قول رسول الله صل الله عليه وسلم وفيه " وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنه حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع أو ذراعين فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها "

    وكيف بأناس يعيشون طوال عمرهم على معصيه ثم يختم لهم بعمل صالح وحسن خاتمه مع أنه لم يتعب فى جهاد نفسه ولم يتعب فى عمل طاعه او معروف او غيره ؟؟

    جزاكم الله خيرا

  • #2
    رد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

    فشأن المؤمن التسليم والانقياد المطلق لألفاظ الوحي وتقبلها واعتقاد حسنها وصلاحيتها، وذلك لأنها جاءت من لدن حكيم خبير، ودليل هذا قول الله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً {النساء:65}. وقال سبحانه: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ {الأحزاب: 36}.

    واعلم كذلك أن على العبد أن يحسن الظن بالله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: (أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني) رواه بهذا اللفظ البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، كما رواه مسلم، وأحمد والترمذي وغيرهم.

    قال الحافظ في الفتح:(أنا عند ظن عبدي بي): أجازيه بحسب ظنه بي، فإن رجا رحمتي وظن أني أعفو عنه وأغفر له فله ذلك، لأنه لا يرجوه إلا مؤمن علم أن له ربا يجازي، وإن يئس من رحمتي وظن أني أعاقبه وأعذبه فعليه ذلك، لأنه لا ييأس إلا كافر)...

    وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لله مائة رحمة. أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحش على ولدها.

    واعلم أيضا أنه يجب على المسلم أن يجمع بين الرجاء والخوف، فلا يأمن مكر الله ولا يقنط من رحمته، فكما أن من صفاته الرحمة والعفو والمغفرة فمن صفاته أنه ينتقم وأنه شديد العقاب لقول الله تعالى: نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ {الحجر:49-50}.

    ولقوله : غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ. {غافر: 3}

    ولقوله: قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ {الحجر:56}.

    ولقوله: وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف:87}.

    ولقوله: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:99].

    وقد قال بعض الأدباء:

    نبيء عبادي أني ===== أنا الغفور الرحيم

    فتــلك الآيـة حق ===== لكنهــا يــا كــريم


    فرحمة الله وسعت كل شيء، وقد وعد سبحانه التائبين بالمغفرة: فقال: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا {طه: 82} بل إنه سبحانه لفضله وكرمه يبدل سيئاتهم حسنات كما في قوله: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان: 70} وليس في ذلك ظلم لأحد كما قال: كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20)


    وأعمال بني آدم ليست ثمنا للجنة وإنما هي سبب لرضوان الله عليهم فيدخلهم جنته بفضله ورحمته: قال النووى في شرحه لصحيح مسلم: باب لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله تعالى، وذكر فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لن ينجي أحدا منكم عمله، قال رجل ولا إياك يا رسول الله، قال ولا إياي إلا أن يتغمدني الله منه برحمة ولكن سددوا.


    فعملك كائنا ما كان لا يساوي شكر نعمة واحدة من نعم الله عليك، فإن أدخلك جنته فإنما ذلك بفضله ورحمته وإن أدخل التائب جنته ولو لم يعمل غير قليل فإنما ذلك بفضله ورحمته أيضا، واعلمي أن الناس في الجنة قد تتفاوت درجاتهم بحسب أعمالهم كما في صحيح ابن حبان عن جابر أن معاذا لما حضرته الوفاة قال اكشفوا عني سجف القبة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل الجنة، قال أبو حاتم رضي الله عنه: قوله صلى الله عليه وسلم دخل الجنة يريد به جنة دون جنة لأنها جنان كثيرة، فمن أتى بالإقرار الذي هو أعلى شعب الإيمان ولم يدرك العمل ثم مات أدخل الجنة، ومن أتى بعد الإقرار من الأعمال قل أو كثر أدخل الجنة جنة فوق تلك الجنة ،لأن من كثر عمله علت درجاته وارتفعت جنته لا أن الكل من المسلمين يدخلون جنة واحدة وإن تفاوتت أعمالهم وتباينت لأنها جنان كثيرة لا جنة واحدة


    ولكن ننبهك أيتها السائلة الكريمة إلى أن التوبة من المعصية قد تورث ذلا وانكسارا فتكون خيرا مما قد يورثه العمل لدى بعض الناس من العجب. قال ابن القيم في مدارج السالكين: الوجه الخامس: أن الذنب قد يكون أنفع للعبد إذا اقترنت به التوبة، من كثير من الطاعات . وهذا معنى قول بعض السلف قد يعمل العبد الذنب فيدخل به الجنة . ويعمل الطاعة فيدخل بها النار، قالوا: وكيف ذلك ؟ قال: يعمل الذنب فلا يزال نصب عينيه، إن قام، وإن قعد، وإن مشى ذكر ذنبه ، فيحدث له انكسارا، وتوبة، واستغفارا، وندما، فيكون ذلك سبب نجاته، ويعمل الحسنة . فلا تزال نصب عينيه . إن قام وإن قعد وإن مشى، كلما ذكرها أورثته عجبا وكبرا ومنة . فتكون سبب هلاكه . فيكون الذنب موجبا لترتب طاعات وحسنات، ومعاملات قلبية، من خوف الله والحياء منه، والإطراق بين يديه منكسا رأسه خجلا، باكيا نادما، مستقيلا ربه . وكل واحد من هذه الآثار أنفع للعبد من طاعة توجب له صولة، وكبرا، وازدراء بالناس، ورؤيتهم بعين الاحتقار . ولا ريب أن هذا الذنب خير عند الله، وأقرب إلى النجاة والفوز من هذا المعجب بطاعته، الصائل بها، المان بها وبحاله على الله عز وجل وعباده . وإن قال بلسانه خلاف ذلك . فالله شهيد على ما في قلبه .


    وقال الغزالي في الإحياء: ويقال إن الطاعة كلما استصغرت عظمت عند الله عز وجل، والمعصية كلما استعظمت صغرت عند الله عز وجل.


    قال المناوي في فيض القدير عن ابن عطاء الله ..رب معصية أورثت ذلا وافتقارا خير من طاعة أورثت عزا واستكبارا . اهـ .قال المناوي: وهذا كله ليس تنويها لارتكاب الخطايا بل المراد أنه إذا أذنب فندم بذله وانكساره نفعه ذلك .


    ففي صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار. الأعمال بالخواتيم. وفي رواية للإمام أحمد في المسند صححها الأرناؤوط : وإنما الأعمال بالخواتيم.
    والمراد بالأعمال: ما يعمله العبد من عمل صالح أو سيئ. والمراد بالخواتيم: ما يعمله في ختام عمره وآخر حياته.
    وقد حمله الزرقاني في شرح الموطأ على أن آخر عمل الإنسان أحق به، وعليه يجازى، ووجه ذلك: أن من انتقل من العمل السيئ إلى العمل الأحسن يعتبر تائبًا، ومن انتقل من الإيمان إلى الكفر يعتبر مرتدًّا.
    ويمكن حمله كما قال ابن حجر على من يعمل العمل الصالح رياء ونفاقًا ثم يختم له بالشر، ويدل لكلا الاحتمالين حديث البخاري : إن العبد ليعمل في ما يرى الناس عمل أهل الجنة وإنه لمن أهل النار. ويعمل في ما يرى الناس عمل أهل النار وهو من أهل الجنة. وإنما الأعمال بخواتيمها. ويدل لما قال الزرقاني وحديث أحمد في المسند: لا عليكم أن لا تعجبوا بعمل أحد حتى تنظروا بم يختم له، فإن العامل يعمل زماناً من عمره أو برهة من دهره بعمل صالح لو مات عليه دخل الجنة، ثم يتحول فيعمل عملاً سيئًا. وإن العبد ليعمل البرهة من دهره بعمل سيئ لو مات عليه دخل النار، ثم يتحول فيعمل عملاً صالحاً. وإذا أراد الله بعبده خيراً استعمله قبل موته. قالوا: يا رسول الله، وكيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه. صححه الأرناؤوط والألباني.









    وعن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أنه أخبره بعض من شهد النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل ممن معه إن هذا من أهل النار، فلما حضر ا لقتال قاتل الرجل أشد القتال حتى كثرت به الجراح فأتاه رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله أرأيت الرجل الذي ذكرت أنه من أهل النار فقد قاتل والله أشد القتال في سبيل الله وكثرت به الجراح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنه من أهل النار فكاد بعض الناس أن يرتاب فبينا هم على ذلك وجد الرجل ألم الجراح فأهوى يده إلى كنانته فانتزع منها سهما فانتحر به فاشتد رجل من المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله قد صدق الله قولك فقد نحر فلان نفسه.

    قال الهيثمي في المجمع: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.

    وأما الحديث الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: فوالله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب...الخ.

    فقد نص أهل العلم على أن هذا الحديث مسوق لبيان أن العبرة بالخاتمة التي يختم بها العمر، فمن كانت خاتمته خيراً فهو من أهل الجنة، ومن كانت خاتمته شراً، فهو من أهل النار، ثم إن كانت تلك الخاتمة مكفرة خلّد في النار، وإن كانت معصية فقط ولم يتب منها ولم ترجح حسناته على سيئاته، فهو تحت المشيئة ، إن شاء الله عذبه وإن شاء عفا عنه .
    لهذا كان صالحوا هذه الأمة يخافون خوفاً شديداً من سوء الخاتمة، ويسألون الله تعالى التثبيت عند الموت، ويقولون: إن من أمن الخواتيم هلك ، ثم إن هذه الخواتيم ميراث السوابق، فكم من عامل يعمل في ظاهره بما يتناقض مع ما في باطنه، وكم من عامل يعمل عمل الخير في الظاهر ومن وراء ذلك دسيسة سوء تكون سبباً لسوء خاتمته والعياذ بالله تعالى، وكم من عامل يعمل عمل الشر في الظاهر، وفيه خصلة خفية حميدة يتداركه الله بسببها برحمة منه وفضل - فيختم له بخير .
    ففي صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار. الأعمال بالخواتيم.
    وقد حمل الزرقاني الحديث على أن آخر عمل الإنسان أحق به، وعليه يجازى، ووجه ذلك: أن من انتقل من العمل السيئ إلى العمل الأحسن يعتبر تائبًا، ومن انتقل من الإيمان إلى الكفر يعتبر مرتدًّا.
    ويمكن حمله كما قال ابن حجر على من يعمل العمل الصالح رياء ونفاقًا ثم يختم له بالشر، ويدل لكلا الاحتمالين حديث البخاري: إن العبد ليعمل في ما يرى الناس عمل أهل الجنة وإنه لمن أهل النار. ويعمل في ما يرى الناس عمل أهل النار وهو من أهل الجنة. وإنما الأعمال بخواتيمها. ويدل لما قال الزرقاني حديث أحمد في المسند: لا عليكم أن لا تعجبوا بعمل أحد حتى تنظروا بم يختم له، فإن العامل يعمل زماناً من عمره أو برهة من دهره بعمل صالح لو مات عليه دخل الجنة، ثم يتحول فيعمل عملاً سيئًا. وإن العبد ليعمل البرهة من دهره بعمل سيئ لو مات عليه دخل النار، ثم يتحول فيعمل عملاً صالحاً. وإذا أراد الله بعبده خيراً استعمله قبل موته. قالوا: يا رسول الله، وكيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه. صححه الأرناؤوط والألباني.

    وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي في "جامع العلوم والحكم":

    وقوله في ما يبدو للناس: إشارة إلى أن باطن الأمر يكون بخلاف ذلك، وأن خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس، إما من جهة عمل سيئ ونحو ذلك، فتلك الخصلة الخفية توجب سوء الخاتمة عند الموت، وكذلك قد يعمل الرجل عمل أهل النار وفي باطنه خصلة خفية من خصال الخير فتغلب عليه تلك الخصلة في آخر عمره فتوجب له حسن الخاتمة. قال عبد العزيز بن أبي رواد: حضرت رجلاً عند الموت يلقن لا إله إلا الله، فقال في آخر ما قال هو كافر بما تقول، ومات على ذلك. قال: فسألت عنه فإذا هو مدمن خمر. فكان عبد العزيز يقول: اتقوا الذنوب فإنها هي التي أوقعته.
    وفي الجملة فالخواتيم ميراث السوابق وكل ذلك سبق في الكتاب السابق، ومن هنا كان يشتد خوف السلف من سوء الخواتيم، ومنهم من كان يقلق من ذكر السوابق. اهـ

    وحديث الترمذي قال الله: يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا بن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة.

    فهو محمول على من تاب وكان بعيدا من الشرك, وقد يغفر الله تعالى للموحد ولو لم يتب لقوله تعالى : إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بعيدا {النساء: 116}.

    والله أعلم.



    معها وإن عذابي ===== هو العذاب الأليـم


    وعن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أنه أخبره بعض من شهد النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل ممن معه إن هذا من أهل النار، فلما حضر ا لقتال قاتل الرجل أشد القتال حتى كثرت به الجراح فأتاه رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله أرأيت الرجل الذي ذكرت أنه من أهل النار فقد قاتل والله أشد القتال في سبيل الله وكثرت به الجراح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنه من أهل النار فكاد بعض الناس أن يرتاب فبينا هم على ذلك وجد الرجل ألم الجراح فأهوى يده إلى كنانته فانتزع منها سهما فانتحر به فاشتد رجل من المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله قد صدق الله قولك فقد نحر فلان نفسه.

    قال الهيثمي في المجمع: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.

    وأما الحديث الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: فوالله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب...الخ.

    فقد نص أهل العلم على أن هذا الحديث مسوق لبيان أن العبرة بالخاتمة التي يختم بها العمر، فمن كانت خاتمته خيراً فهو من أهل الجنة، ومن كانت خاتمته شراً، فهو من أهل النار، ثم إن كانت تلك الخاتمة مكفرة خلّد في النار، وإن كانت معصية فقط ولم يتب منها ولم ترجح حسناته على سيئاته، فهو تحت المشيئة ، إن شاء الله عذبه وإن شاء عفا عنه .
    لهذا كان صالحوا هذه الأمة يخافون خوفاً شديداً من سوء الخاتمة، ويسألون الله تعالى التثبيت عند الموت، ويقولون: إن من أمن الخواتيم هلك ، ثم إن هذه الخواتيم ميراث السوابق، فكم من عامل يعمل في ظاهره بما يتناقض مع ما في باطنه، وكم من عامل يعمل عمل الخير في الظاهر ومن وراء ذلك دسيسة سوء تكون سبباً لسوء خاتمته والعياذ بالله تعالى، وكم من عامل يعمل عمل الشر في الظاهر، وفيه خصلة خفية حميدة يتداركه الله بسببها برحمة منه وفضل - فيختم له بخير .
    ففي صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار. الأعمال بالخواتيم.
    وقد حمل الزرقاني الحديث على أن آخر عمل الإنسان أحق به، وعليه يجازى، ووجه ذلك: أن من انتقل من العمل السيئ إلى العمل الأحسن يعتبر تائبًا، ومن انتقل من الإيمان إلى الكفر يعتبر مرتدًّا.
    ويمكن حمله كما قال ابن حجر على من يعمل العمل الصالح رياء ونفاقًا ثم يختم له بالشر، ويدل لكلا الاحتمالين حديث البخاري: إن العبد ليعمل في ما يرى الناس عمل أهل الجنة وإنه لمن أهل النار. ويعمل في ما يرى الناس عمل أهل النار وهو من أهل الجنة. وإنما الأعمال بخواتيمها. ويدل لما قال الزرقاني حديث أحمد في المسند: لا عليكم أن لا تعجبوا بعمل أحد حتى تنظروا بم يختم له، فإن العامل يعمل زماناً من عمره أو برهة من دهره بعمل صالح لو مات عليه دخل الجنة، ثم يتحول فيعمل عملاً سيئًا. وإن العبد ليعمل البرهة من دهره بعمل سيئ لو مات عليه دخل النار، ثم يتحول فيعمل عملاً صالحاً. وإذا أراد الله بعبده خيراً استعمله قبل موته. قالوا: يا رسول الله، وكيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه. صححه الأرناؤوط والألباني.

    وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي في "جامع العلوم والحكم":

    وقوله في ما يبدو للناس: إشارة إلى أن باطن الأمر يكون بخلاف ذلك، وأن خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس، إما من جهة عمل سيئ ونحو ذلك، فتلك الخصلة الخفية توجب سوء الخاتمة عند الموت، وكذلك قد يعمل الرجل عمل أهل النار وفي باطنه خصلة خفية من خصال الخير فتغلب عليه تلك الخصلة في آخر عمره فتوجب له حسن الخاتمة. قال عبد العزيز بن أبي رواد: حضرت رجلاً عند الموت يلقن لا إله إلا الله، فقال في آخر ما قال هو كافر بما تقول، ومات على ذلك. قال: فسألت عنه فإذا هو مدمن خمر. فكان عبد العزيز يقول: اتقوا الذنوب فإنها هي التي أوقعته.
    وفي الجملة فالخواتيم ميراث السوابق وكل ذلك سبق في الكتاب السابق، ومن هنا كان يشتد خوف السلف من سوء الخواتيم، ومنهم من كان يقلق من ذكر السوابق. اهـ

    وأما حديث الترمذي قال الله: يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا بن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة.

    فهو محمول على من تاب وكان بعيدا من الشرك, وقد يغفر الله تعالى للموحد ولو لم يتب لقوله تعالى : إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بعيدا {النساء: 116}.

    والله أعلم.




    زائرنا الكريم نحن معك بقلوبنا
    كلنا آذان صاغيه لشكواك ونرحب بك دائما
    في
    :

    جباال من الحسنات في انتظارك





    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    x
    إدراج: مصغرة صغير متوسط كبير الحجم الكامل إزالة  
    x
    أو نوع الملف مسموح به: jpg, jpeg, png, gif
    x
    x
    يعمل...
    X