الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنشر الأحاديث وإرسالها للغير لتعليمهم الخير من أعظم أبواب الأجر، إلا أنه يجب التثبت من الأحاديث ومعرفة ما إذا كان الحديث مقبولا عند العلماء أو مردودا خشية الوقوع في كبيرة الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يحل لأحد أن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إذا كان الحديث صحيحا أو حسنا فإن لم يغلب ذلك على ظنه فليحذر من إرساله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَذَبَ عَلَي مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ. رواه البخاري ومسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ. رواه مسلم في مقدمة صحيحه.
قال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ في شرح صحيح مسلم: لا فرق في تحريم الكذب عليه صلى الله عليه وسلم بين ما كان في الأحكام وما لا حكم فيه كالترغيب والترهيب والمواعظ وغير ذلك، فكله حرام من أكبر الكبائر وأقبح القبائح بإجماع المسلمين الذين يعتد بهم في الإجماع، ويحرم رواية الحديث الموضوع على من عرف كونه موضوعا أو غلب على ظنه وضعه، فمن روى حديثا علم أو ظن وضعه ولم يبين حال روايته وضعه فهو داخل في هذا الوعيد، مندرج في جملة الكاذبين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويدل عليه ـ أيضا ـ الحديث السابق: من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين. اهـ.
وقد أحسنت في قيامك بالتثبت من هذه الأحاديث راسل من يقوم بترويجها، عن طريق كتابة هذا على السبورة او في جواب او عن طريق البريد تبع المدرس ممكن تطلب حسابه وترسل له ذلك
فهذا من النصيحة الواجبة شرعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ولعامة المسلمين.
والذي يتأكد عليك فعله مما سألت عنه في سؤاليك: هو عدم الاقتصار على نصيحة المدرس ـ فقط ـ بل عليك أن تقوم بإرسال رسالة تحذيرية ببيان كذب ما تقف عليه من أحاديث في هذه الرسائل لكل من وصلتهم الرسالة حتى تبرأ ذمتك، ولا تقتصر ـ أيضا ـ على مراسلة المرسل ـ فقط ـ فقد لا يبين ما أخطأ فيه لغيره وقد يتكاسل أو يخشى حدوث حرج، وإرسالك بريدا ألكترونيا للمئات هو نفس خطوات إرسال رسالة واحدة، فلماذا لا تأخذ بالحزم وتنصح لدينك وللمسلمين؟
وإن كنت تعلم صاحب هذه الرسائل وتخشى من فساد ذات البين بينكم فانصحه وبين له وجوب التثبت من الأحاديث قبل إرسالها، وبين له أن قيامك ببيان كذب هذه الأحاديث هو قيام بواجب شرعي وأنه نصح له ولسنة النبي صلى الله عليه وسلم ولعامة المسلمين وأرشده إلى بعض المواقع المفيدة التي يبحث فيها عن الأحاديث ويعلم صحتها قبل إرسالها ولا تتوقف مع هذا عن البيان لمجرد ظن أنه قد يشعر بالإحراج، فالحق أحق أن يتبع، ولا مجاملة في أحكام الدين، ورضا الناس غاية لا تدرك فعليك بطلب رضا الله، ونحن نوصيك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي أوصت به عائشة ـ رضي الله عنها ـ معاوية ـ رضي الله عنه ـ لما قال لها: اكْتُبِي إِلَيَّ كِتَابًا تُوصِينِي فِيهِ وَلَا تُكْثِرِي عَلَيَّ، فَكَتَبَتْ عَائِشَةُ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـ إِلَى مُعَاوِيَةَ: سَلَامٌ عَلَيْكَ أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنْ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ.
تعليق