الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فمن تاب من ذنبه تاب الله عليه، وارتفعت عنه عقوبة هذا الذنب في الدنيا والآخرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. أخرجه ابن ماجه.
فإن أصاب الشخص مكروه بعد توبته من ذنبه كان هذا بلاء من الله تعالى ليمتحن صبره، ومن ثم فمادمت قد تبت من ذنبك، فأحسني ظنك بربك، وارجي منه الخير، والتمسي فضله وبره وإحسانه، فإنه ذو الفضل العظيم، ولا يكون ما تكرهين ـ إن شاء الله ـ ولا يسلط عليك الله أحدا من عباده بسبب ذنبك الذي قد تبت منه إن كانت توبتك توبة صادقة نصوحا، وسلي الله أن يرزقك الزوج الصالح، فإن الأمور كلها أزمتها بيده سبحانه، والله تعالى عند ظن عبده به، فمن أحسن ظنه بالله تعالى كان على رجاء الخير منه سبحانه
فاحْمَدِ الله الذي وفَّقك للتوبة، وأدعوك للثبات عليها، وستكون سببًا في نجاتك، ولتكنْ على يقينٍ جازمٍ بأنَّ الله تعالى سيجعل لك مِن كلِّ هَمٍّ فرَجًا، وكلما كانتْ توبتك صادقةً كانتْ سببًا أكيدًا لجلب السِّتر والرزق الحسَن؛ فالله تعالى شكورٌ جوادٌ كريمٌ، وقد وعد المتقي بالفرَج؛ فقال سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]، وتَذَكَّرْ أن الذنوبَ سبب البلاء، وتسلُّط الأعداء، وحرمان الخيرات والتوبة؛ قال تعالى: ﴿ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ﴾[هود: 3]، كما قال صالح لقومه: ﴿ فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ ﴾[هود: 61]، وقال شُعَيْبٌ: ﴿ وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ﴾ [هود: 90].
وأما تخوُّفك مِن هذا الشابِّ، فإن مما يرفع هذا التخوُّف أنْ تُحْسِنَ الظن بالله تعالى، وأنه لن يَخْذُلَك، بل هو كما أخْبَر عن نفسه سبحانه بقوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الحج: 38]، وقال سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾[الطلاق: 3]؛ أي: فهو كافيه، فلا تخفْ مِن هذا؛ فهو أقل مِن أن يخاف منه.
فأكثِرْ مِن الدعاء بالحِفْظ والستر، وبالدعاء المأثور الذي رواه أبو داود عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خاف من رجلٍ أو مِن قومٍ؛ قال: ((اللهم إنا نجعلك في نُحُورِهم، ونعوذ بك مِن شرورهم))؛ ((اللهم رب السموات السبع، ورب العرش العظيم، كن لي جارًا مِن فلان بن فلانٍ، وأحزابه من خلائقك؛ أن يفرطَ عليَّ أحدٌ منهم أو يطغى، عزَّ جارك، وجلَّ ثناؤك، ولا إله إلا أنت))؛ رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.
كما عليك أن تُواظِبَ على أذكار الصباح والمساء؛ فقد أخبرنا الصادقُ المصدوقُ أنَّ مَن قال أذكارًا منها: ((يكفيك مِن كل شيء))، ((لم يضره شيء))، ((لم تُصبه مصيبة))، إلى غير ذلك من حفظ الله للعبد ببركة ذكر الله، وهي مجموعةٌ في كتيب صغير أنصحك بشرائه، وهو: "حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة".
وفي الختام أوصيك بألا تستجيبَ للابتزاز؛ لأنه لن يكفَّ عنك بذلك، وإنما يكف بإهمالك له، والمُداوَمة على ما ذكرناه لك سابقًا.
وأسأل الله أن يغفرَ ذنوبنا، وأن يسترنا جميعًا في الدُّنيا والآخرة
تعليق