وأرجو بداية أن نقول لابنتنا: لا نريد منك أن تراقبي الزوج, ولا نريد أن تُشعريه بأنك تراقبينه، إذا كان قد تبين لك الخلل, فإن الطبيب إذا عرف الخلل وإذا عرف المرض لا يعيد الفحص, ولا يعيد تكرار التجربة, إنما يتقدم مباشرة في العلاج، وهذا الذي نريد أن نتفق عليه، أن يكون همّك هو العلاج، وأن يكون هذا العلاج فيه احترام للثوابت التي عنده, وأن يكون بأسلوب صحيح من الناحية الشرعية, ومن الناحية النفسية، ففكرة المراقبة الشديدة والمتابعة الشديدة هي التي تجلب التوتر، وهي قليلة الفائدة، كما أن التجسس ليس من الأشياء الصحيحة, بل هو من الأمور المحرمة من الناحية الشرعية، وأنت تلاحظين أنك كلما تجسست وحاولت أن تراقبينه فإنه ينتقل إلى أسلوب آخر, وحيل أخرى من أجل أن يحتال عليك، وأنه يغضب ويشتد غضبه عندما تفاتحينه في كثير من الأمور.
حاولي أن تبني علاقتك الإيجابية معه حتى لا يشعر أنك كلما دخلت عليه أنك تتجسسين عليه، وحتى لا يشعر أنك كلما تكلمت معه أو فكرت أنك تريدين أن تحققي معه، فهذه لابد أن تتغير، فإن الزوج إذا كثر معه التحقيق والكلام يكون متوترًا قبل أن يتكلم، يعني وهو داخل إلى البيت فإنه يعدّ أسلحته, سأقول لها, كذا وسأقول لها كذا، سأضربها، سأطلقها، سأفعل، لأنه لا يتوقع أن تقابليه بالابتسامة، لا يتوقع منك تجاوزًا، لا يتوقع منك إحسانًا، لا يتوقع منك مسامحة، وهذه الأشياء نريد أن تصدر عنك، ونحن دائمًا عندما يتواصل معنا طرف من الأطراف – وهذا دليل على الخير الذي فيك لأنك تتواصلين مع موقع إسلامي يريد أن يذكرك بالله ويعينك على الخروج من هذا المأزق – فإننا نريد أن يكون التغيير منك أنت؛ لأنه ليس لنا سبيل لنصل إلى هذا الرجل، وهذا التغيير لابد أن يستمر فترة طويلة، فإنك ستقولين: أنا غير مقصرة, وأنا عاملته معاملة حسنة، وأنا فعلت، نحن نصدق هذا، لكن ما الذي يحدث؟ أنت تعاملينه معاملة ممتازة يومين, وفي اليوم الثالث تقلبي عليه الطاولة, وتشتدي عليه, وتعوضي عن كل ما مضى، وبهذه الطريقة فُقدت الثقة، ووصلتم إلى طريق مسدود, وإلى حوار ليس له نهاية.
ولذلك نحن نريد أن تثبتي له فعلاً أنك تغيرت، فكوني إيجابية، لطفيه، ادخلي حياته، أعطيه حقه الشرعي، اهتمي بزينتك، أحسني به الظن، نمّي الجوانب الإيجابية التي عنده، عاونيه على الخير، وإذا دخل الحجرة فلا تدخلي خلفه، ماذا سيفعل؟ أنت على علم أنه يشاهد مخالفات، دخولك هذا لا يزيد الأمر إلا تعقيدًا، ولذلك أنت الآن مثل ما قلنا: طالما عرفنا المرض ليس هناك داعٍ لإعادة الفحص مرة ثانية.
وحبذا لو وجدت من الصالحين ومن الدعاة ومن الأخيار الذين يؤثرون عليه من يتناول مثل هذه الموضوعات، فإن الكلام غير المباشر مفيد، كما أن كثيرًا من الأزواج لا يقبل أن تأتيه النصيحة من زوجته، فلو أنك جلبت أشرطة لعلماء يحبهم, أو قلت سمعنا من الشيخ, وقال العالم كذا، فإن هذا له وقع عليه أكثر من أن يأتيه التوجيه المباشر من زوجته، مع أن هذا خللاً فينا معشر الرجال، ولكن هكذا كثير من الرجال لا يقبل الكلام إذا كان من زوجته، فهو قد يكون جاهلاً لكنه أيضًا متكبر، يقول: (كيف المرأة تعلمني؟ كيف تفهمني وأنا أفضل منها؟ وهي لا تعرف) ومثل هذه الأمور.
وعليك كذلك أيضًا أن تحاولي أن تعرفي ما الذي يجذبه إلى أولئك النسوة، يعني هل هي نوعية الكلام؟ هل هو أسلوب الكلام؟ هل هو لإظهارهنَّ مفاتنهنَّ؟ ولذلك إذا عرفت ما الذي تجذبه، ما هي الوجبات التي يحبها فتوفريها له في البيت، وهذه غالبًا نقطة مهمة جدًّا، وعليك بين الفينة والأخرى أن تقتربي منه، وأن تسأليه عن احتياجاته، وأن تنجحي في علاقتك الخاصة معه، وأن تبعدي التوتر عند مثل هذه المشاكل، واعلمي أن هذا الذي يفعله الزوج حرام، نتفق عليه، معصية، نتفق عليه، مخالفة لأمر الله، نتفق عليه، وبقي علينا التفكير في أسلوب التصحيح، في الطريقة التي نريد أن نصحح بها هذا الوضع.
وأريد أن أقول: إن متابعة هذه الأشياء السيئة (الأفلام الإباحية) ونحوها قد يتحول إلى عدوان، وقد يؤثر فيوصل الرجل إلى حالة من العجز عن القيام بواجباته كزوج على الفراش، ولذلك هو بحاجة إلى مساعدتك، وبحاجة إلى أن تقفي معه، ولا تظهري له الضيق، ولكن تظهري له الشفقة، تظهري الرحمة والعطف عليه، وتكثري له من الدعاء.
ولابد أن تعلمي أن العلاقة إذا كانت مجرد كلام أيضًا، معرفة سقف العلاقة، المستوى التي وصلت إليه، إذا كان هو يشاهد مواقع مشبوهة أو موقع كذا؛ لأن هناك من الأشقياء من يبالغ في إظهار المفاتن، وإذا كانت هؤلاء الشقيات يُظهرن مفاتنهنَّ بالحرام فعلى الزوجة أن تُظهر محاسنها ومفاتنها لزوجها الحلال؛ لأن في ذلك عونًا له ولها على بلوغ العافية والعفاف.
نسأل الله أن يسهل أمرك، وأرجو أن تبدئي صفحة جديدة بهدوء، وتتغيري أنت، وتغيّري أسلوبك في التعامل معه، وعند ذلك أبشري بالخير، وأرجو أن تتواصلي معنا بعد أن تغيري طريقة التعامل، فعليك بالحوار في أمور أخرى، انسي ما يحدث، وحاولي أن تقتربي منه، أن تظهري له ما عندك من الخير من محاسن وجمال، ألا تفتحي هذه المواضيع أبدًا، وأرجو أن يستمر هذا العلاج حوالي شهر، ثم بعد شهر أتمنى أن تتواصلي معنا لنعرف النتيجة ونتعاون.
والله أعلم
تعليق