السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، و بعد: http://www.youtube.com/watch?v=4WYiOSwGaoE
مرحبًا بك ونسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يتوب عليك، وأن يشرح صدرك، ويغفر ذنبك، ويطهر قلبك.
وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يجعلك من الصالحات القانتات التائبات العابدات الفاضلات، وأن يمُنَّ عليك بالأمن والأمان والاستقرار، وأن يُحبب إليك الإيمان، وأن يزينه في قلبك، وأن يكره إليك الكفر والفسوق والعصيان، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك من سؤالك هل الله تبارك وتعالى سوف يسامحك ويغفر لك ويعفو عنك؟
أقول لك: بكل تأكيد نعم، مهما كانت ذنوبك فإن الله تبارك وتعالى غفور، تواب رحيم، لطيف ودود، يحب العبد التائب الذي يرجع إليه، ويعتذر له، ويندم على أخطائه، بل قد يحوّل هذه السيئات كلها إلى حسنات، ولكن لذلك (يا بُنيتي) شروط لا بد من توافرها حتى يسامحك الله تبارك وتعالى ويغفر لك ويعفو عنك.
أول شيء التوقف عن هذه المعاصي كلها، وهذه هي الخطوة الأولى التي ينبغي أن تركزي عليها، أن تتوقفي نهائيًا عن هذه المعاصي، من الآن، مجرد ما أن تقرئي كلامي تأخذي قرارًا شُجاعًا وقويًّا وجريئًا أنك لن تعودي إلى هذه الأخطاء مطلقًا مهما كانت الظروف والأسباب والدواعي.
الأمر الثاني: أن تندمي على فعل هذه المعاصي، وأنت الآن تندمين فعلاً كما لاحظتُ في رسالتك، فكوني على هذا الندم وواصلي، فإن الندم توبة.
الأمر الثالث: أن تعقدي العزم على ألا ترجعي إلى هذه المعاصي أبدًا مهما كانت الظروف، ومهما كانت الدواعي.
الأمر الرابع: أن تتركي المعاصي ابتغاء مرضاة الله وحياء منه ومحبة فيه، ليس خوفًا من فضيحة أو من مرض – وإن كان ذلك مطلوبًا - أو من أي شيء آخر.
لو فعلت ذلك فاعلمي أن الله سيغفر لك وسيسامحك ويعفو عنك، وهذه الخطوة الإيجابية ضرورية جدًّا (ابنتِي نفين) لا بد منه لأنه لا خيار أمامك، أنت تريدين الله أن يغفر لك كل الذنوب التي مضت في عمرك، أقول لك هذا الأمر على الله سهل ميسور، ولكن حتى تحققي ذلك (يا بُنيتي) لا بد لك – حفظك الله تبارك وتعالى – من الشروط أو من الأمور التي ذكرتها لك (التوقف عن كل الذنوب – الندم على فعلها – عقد العزم على ألا ترجعي إليها – أن يكون هذا التوقف ابتغاء مرضاة الله وخوفًا منه وطمعًا في رضاه ومحبة له سبحانه وتعالى) هذا أول شيء.
ثانيًا: ابدئي في المحافظة على الصلاة في أوقاتها، كذلك المحافظة على أذكار ما بعد الصلاة.
ثالثًا: المحافظة على أذكار الصباح والمساء؛ لأن هذه الأذكار تحفظك من كيد شياطين الإنس والجن، وأعتقد أنها سهلة ميسورة، فهناك ملايين الكتب والكتيبات والمطويات والأشرطة التي فيها أذكار الصباح والمساء، الأمر سهل جدًّا، في أي مكتبة إسلامية، أو أمام أي مسجد من المساجد ستجدين - إن شاء الله تعالى – ورقة مكتوب فيها أذكار الصباح والمساء، تقرئينها بانتظام يوميًا حتى تحفظينها.
رابعًا: أكثري من الاستغفار (أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله)، أو (أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه)، أو (رب اغفر لي وتب عليَّ إنك أنت التواب الرحيم)، أو (اللهم اغفر لي وتب عليَّ)، كذلك {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)، كذلك الإكثار من دعاء سيد الاستغفار: (اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعتُ، أعوذ بك من شر ما صنعتُ، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)، كذلك (سبحان الله وبحمده) مائة مرة حتى يغفر الله لك الذنوب وإن كانت مثل زبد البحر، أو كانت تصل لعنان السماء، فإن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها، وإن الله يتوب على العبد ما لم يُغرغر، وإن الله يفرح بعبده حين يتوب ورجع إليه.
خامسًا: عليك بالإكثار من الصلاة على النبي - عليه الصلاة والسلام – قدر الاستطاعة، ففي الحديث (إذًا تُكفى همَّك ويُغفر لك ذنبك).
سادسًا: عليك بالبحث عن صحبة صالحة، حاولي، وستجدين - إن شاء الله تعالى – من يعينك على ذلك.
سابعًا: ادخلي المنتديات الإسلامية، هناك منتدىً يسمى (منتدى الحور العين)، وهنا في قسم الاخوات وهذا خاص بالأخوات فقط، فادخلي المنتديات الإسلامية التي توجد فيها أنشطة نسائية فقط، حتى تجدين صحبة صالحة طيبة تعينك على طاعة الله ورضاه، وتقضين معها وقتًا جميلاً مثمرًا ورائعًا، إذا كان لديكم مسجد قريب منكم وكانت فيه دروس أو محاضرات فاجتهدي أن تحضري هذه الدروس والمحاضرات، وإذا كان لديكم بعض المؤسسات الخيرية الاجتماعية التي تقوم على تحفيظ القرآن الكريم وعلى الأعمال الخيرية فحاولي أن تشتركي فيها، ما دام عندك وقت، وما دامت ظروفك تسمح.
وهناك أمر آخر، وهو أهم من ذلك كله، وهو الدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يصرف الله عنك هذه المعاصي وكيد الشيطان، وأن يجعلك من الصالحات القانتات.
أعتقد أنك إن فعلت ذلك سوف تستطيعين أن تغيري من واقعك بدرجة كبيرة، وبإذن الله تعالى سوف تتحسن ظروفك، وسوف يكون لك شأن عظيم عند الله عز وجل.
حاولي أن كل شيء تعلمته في الدين أن تعلميه غيرك، ولو أن تبدئي بكتيب صغير تقرئينه عن الإسلام، حتى تستطيعين أن تمارسي دور الدعوة، لأن دور الدعوة سوف يحفظ من العودة مرة أخرى إلى المعاصي.
اهتمي بالبحث عن صحبة صالحة قدر استطاعتك، واشتركي مع أهل المسجد أو أي مركز من المراكز الدعوية - كما ذكرت لك – في أي نشاط دعوي، وإذا كانت هناك جمعيات خيرية تمارس العمل الخيري فحاولي أن تنضمي إليها.
أكثري من الدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يغفر الله لك، وأن يثبتك، وبإذن الله تعالى سيكون وضعك أحسن مما أنت عليه إن شاءَ الله عز وجل.
أسأل الله لك التوبة والمغفرة والستر في الدنيا والآخرة والصلاح والاستقامة، إنه جواد كريم.
وقد أحسنت حين قررت الإقلاع عن هذه العادة الخبيثة، فإنها تضر في دنياك وفي دينك، ولهذا فالقرار الصحيح هو محاولة مجاهدة النفس للتخلص منها، ولكننا حزنا غاية الحزن – أيهَا الولد الحبيب – حين قرأنا ما سطّرته عن تركك لصلاتك، فإن ترك الصلاة أعظم الذنوب بعد الكفر بالله تعالى، بل قد عدَّه بعض العلماء كفرًا بالله، فما فررت إليه أقبح وأشنع مما فررت منه، ووهمك بأنك إنما تترك الصلاة حياءً من أن تقف بين يدي الله إنما هو من تلبيس الشيطان وتلاعبه بك، فقد جرّك إلى أفحش الذنوب وأكبرها، متوسلاً إلى ذلك بما حاول أن يُقنعك به من ارتكابك لهذه الزلَّة، وهذا خطأ محض، وجُرم كبير، عليك أن تبادر بالتوبة إلى الله تعالى منه، فتسارع بالندم على ما كان، وتسارع إلى أداء صلواتك. فإن حكم العادة السرية لا يخفى على من تاب منها وعاهد الله على تركها، ونحن ندعوك إلى تجديد التوبة وتكرار الندم، واحذر من وساوس الشيطان الذي همه أن يحزن أهل الإيمان، وليس بضارهم إلا بشيء قدره مالك الأكوان.
فاجتهدي -بارك الله فيك- في إغلاق هذه الفترات التي تكونين فيها وحدك، والتقليل منها إلى حد كبير، وإذا كانت هذه تأتيك في الليل فحاولي ألا تدخلي فراشك إلا عندما تشعرين بالرغبة القوية في النوم، حتى تقللي من مساحة استحواذ الشيطان عليك أو انفراد الشيطان بك.
وإذا كانت الممارسة تأتيك إذا كنت في دورة المياه فاجتهدي ألا تُطيلي الجلوس فيها إلا بمقدار قضاء الحاجة، ولا تدخلي إلى دورة المياه إلا عند الحاجة الشديدة أيضًا، وأكثري من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وأكثري من الاستغفار، وحاولي أن تُدخلي في حياتك أذكار الصباح والمساء، وأن تحافظي عليها، وكذلك أذكار المساء، وورد من القرآن الكريم يوميًا، كذلك الصلاة على النبي محمد -عليه الصلاة والسلام-، وقراءة بعض الكتب النافعة والهادفة التي تقوي الإيمان مثل كتاب (مختصر منهاج القاصدين) أو (البحر الرائق) للشيخ أحمد فريد، أو غيرهما من الكتب المفيدة التي تقوي الإيمان -بإذن الله تعالى- وتحث الإنسان على طاعة الرحمن.
هوني عليك أيتها الاخت الكريمة - فإن الله عز وجل غفور رحيم, يغفر لمن تاب وأحسن التوبة, وها أنت قد عرفت طريق الصواب, وعدت إلى الفطرة السوية, ولجأت إليه عز شأنه, تائبة نادمة, فاعقدي العزم على المضي والثبات, لتكن توبتك صادقة تبتغين بها مرضاة الله عز وجل, وتضرعي إليه, وأيقني بالإجابة, وصدق الله العظيم حين قال في محكم كتابه الكريم: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله, إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم.).
عليك كذلك أن تشغل نفسك بالمفيد، وبتلاوة كتاب ربنا المجيد سبحانه وتعالى، كذلك أيضًا ينبغي أن تشغل نفسك بالوصايا التي ذكرها الطبيب مثل الرياضات النافعة وشغل النفس بالمفيد، والبُعد عن المثيرات، وننصحك بألا تأتي الفراش إلا في الوقت الذي تتهيأ فيه للنوم، وتجنب الوحدة، وأيضًا لا تمكث في الفراش بعد الاستيقاظ من النوم، واشغل نفسك بالذكر، واحرص على أن تنام على طهارة، وتستيقظ على ذكر الله تبارك وتعالى.
المهم الآن يا عزيزتي هو ألا تضعفي ثانية, فالشيطان سيحاول أن يتسلل إلى نفسك في لحظات الضعف, وسيحاول أن يزين لك الخطأ ثانية, فكوني مستعدة دائما, وتسلحي بالطاعة والعبادة, واكثري من الدعاء والأذكار.
واعلم أن الله سبحانه يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها، وأرجو أن أبشرك بمغفرة الغفور وبفرح التواب بتوبة من يتوب إليه، وقد تاب الله على من قتل مائة نفس، وهو القائل في كتابه: (( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ))[طه:82]، وهو سبحانه القائل: (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ))[الزمر:53].
وقد قيل للحسن البصري: إننا نتوب ثم نذنب ثم نتوب ثم نذنب، فقال: إذا أذنبت فتب إلى الله وإن تكرر الذنب والخطأ، فقيل له: إلى متى؟ فقال: حتى يكون الشيطان هو المخذول.
واعلم أن هذا العدو يحزن لتوبتنا ويتحسر لاستغفارنا ويبكي لسجودنا، فاجعل غيظك بكثرة السجود، وتوجه إلى من يملك الخير والهداية، واصدق في توبتك وابتعد عن أماكن الغواية.
ولا شك أن سبل التخلص من كل معصية يبدأ بصدق توبتنا ورجوعنا إلى الله، مع ضرورة تغيير البيئة وإخلاص النية، بالإضافة إلى ما يلي:
1- اللجوء إلى من يجيب المضطر مع ضرورة تحرى أوقات الإجابة.
2- غض البصر والبعد عن الأماكن المشبوهة، وقنوات الشر ومجلات العهر والفضيحة.
3- المسارعة إلى تحصين النفس بالزواج، لأنه الحل الأمثل، والطريق الطبيعي المشروع لتصرف الشهوة.
4- لزوم طريق العفاف والإكثار من الصوم فإنه وجاء.
5- تجنب الوحدة لأن الشيطان مع الواحد، علماً بأن الوحدة أفضل من صديق السوء.
6- تجنب الأكلات الدسمة واستخدام طاقات النفس في الخير.
7- عدم المجيء للفراش إلا عند الحاجة للنوم، وعدم المكوث في الفراش بعد الاستيقاظ.
8- تذكر الآثار الصحية لممارسة العادة السيئة وكيف أنها تؤثر على كل خلايا الجسم بالإضافة إلى الهزال والاصفرار وتأنيب الضمير، بالإضافة إلى تأثيرها على صحة الإنسان وعلى قدرته على الإنجاب وعلى استمتاعه بالحلال مستقبلاً، مع ضرورة إدراك آثارها على الأعصاب والأبصار، وجلبها للأخطار إذا استمر عليها أهل الغفلة والاستهتار.
ولا شك أن الأكلات المذكور تهيج الشهوة، كما أن العادة السرية لا توصل إلى الإشباع لكنها تجلب السعار، وتشغل عن طاعة القهار.
احفظي قرءان
هنا باذن الله
ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يجنبك الفحش والشر، وهذه وصيتي لك بتقوى الله، وبضرورة المواظبة على الصلاة، والإكثار من الذكر والتلاوة والصلاة، والسلام على من جاءنا بالهداية.
وبالله التوفيق والسداد.
تعليق