الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأقارب يتعين الحرص على التواصل معهم، والصبر على ما يلقاه الإنسان منهم، ومن صبر على أذاهم ودفع أذاهم بالحسنى سيسلمه الله من شرهم ويحفظه من كيدهم، وأعظم من ذلك أنه ينال معية الله، ففي حديث مسلم:أن رجلا قال يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
وقال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:34، 35}. وقال تعالى: وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ {آل عمران:120}.
قال شيخ الإسلام: فمن اتقى الله من هؤلاء وغيرهم بصدق وعدل ولم يتعد حدود الله، وصبر على أذى الآخر وظلمه لم يضره كيد الآخر، بل ينصره الله عليه. اهـ
وبناء عليه، فننصحك بالحرص بالاتصال على أقاربك مع الحفاظ على التعوذات المأثورة مساء وصباحا، ومكافأة إساءتهم بالحسنى، ومجاهدة النفس في التخلص من النفور الذي ذكرت.
ويمكن استعمال المراسلة بوسائل الاتصال إن شق سماع الصوت أحيانا.
والله أعلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرحم التي تجب صلتها وتحرم قطيعتها هي: كل ذي رحم محرم على القول الراجح، وأما بقية الأقارب فتستحب صلتهم ولا تجب،
وقطيعة الرحم - الواجب صلتها -من كبائر الذنوب، فعن جبير بن مطعم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يدخل الجنة قاطع. متفق عليه.
و إساءة الأقارب لا تبيح قطيعتهم، قال صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، إنما الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها .أخرجه البخاري. وعن أبي هريرة، أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المَلَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. أخرجه مسلم .
لكن إن كانت صلة الرحم يترتب عليها ضرر محقق، فليست واجبة حينئذ.
لكن الشرع لم يحدد لصلة الرحم أسلوباً معيناً أو قدراً محدداً، وإنما ذلك يختلف باختلاف الأحوال والأعراف، فإذا قمت بصلة أرحامك ولو بالسلام فلا تعدين قاطعة رحم، قال القاضي عياض: وللصلة درجات بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة، وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة، فمنها واجب ومنها مستحب، ولو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعاً، ولو قصر عما يقدر عليه، وينبغي له أن يفعله لا يسمى واصلاً. نقله العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري.
وإذا كان في صلة هؤلاء الأقارب ضرر ظاهر جاز هجرهم لاجتناب الضرر، قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى.
لكن اعلمي أن مقابلة السيئة بالحسنة مما يجلب المودة ويقي شر نزغات الشيطان، قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}، كما أن الإحسان والمبادرة بالكلام الطيب لهؤلاء الأقارب ولو تكلفا مما يذهب الأحقاد ويجلب المحبة، قال الغزالي: بل المجاملة تكلفا كانت أو طبعاً تكسر سورة العداوة من الجانبين وتقلل مرغوبها وتعود القلوب التآلف والتحاب وبذلك تستريح القلوب من ألم الحسد وغم التباغض. إحياء علوم الدين.
ومن الأمور النافعة في علاج الحقد والبغضاء أن يدعو الإنسان بظهر الغيب لمن يشعر نحوه بحقد أو كراهية، فإن ذلك بإذن الله يذهب ما بقلبه ويرد كيد الشيطان.
تعليق