بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك
حالتك في مجموعها يظهر أنها نفس وجسدية, لكن نحن دائما ننصح في مثل هذه الحالات بأن تذهب وتقابل الطبيب (طيب الأسرة), أو طبيب الأمراض الباطنية ليقوم بفحصك جسديا, وتجرى لك الفحوصات الأساسية, والتي يجب أن تشمل على مستوى تركيز الهيمقولبين لديك؛ لتأكد من وجود ضعف, أو فقر في الدم أم لا.
الفحوصات سوف تشمل أيضا وظائف الغدة الدرقية, ووظائف الكلى والكبد، بعض الدراسات الهرمونية المعروفة لدى الأطباء، أيها الفاضل الكريم يجب أن تبدأ بهذه الخطوة, وبعد التأكد من أنك سليم جسديا يأتي بعد ذلك الأمر العلاجي من حيث التأهيل النفسي, وهذا يمثل في:
أولا: يجب أن تنظم وقتك، ولابد أن تأخذ قسطا كافيا من الراحة، النوم الليلي هو أفضل أنواع النوم، وهو الوسيلة الصحيحة لتجنب الإرهاق والكسل والخمول.
ثانيا: لابد أن تمارس تمارين رياضية في مثل عمرك مطلوبة جدا، إن شاء الله تعالى تهيأ لك الظروف لتكون صحيحا من الناحية النفسية، والجسدية.
ثالثا: من خلال تنظيم الوقت يجب أن ترفه عن نفسك بما هو مباح ومتاح, وأن تتواصل اجتماعيا, وأن تخصص أوقاتا للدراسة, وعليك أن تعرف أن تلاوة القرآن بتدبر تحسن التركيز كثيرا, وذلك بجانب القسط الكامل من الراحة, زائد ممارسة الرياضة. خـتامًا: أرجو ألا تَتَرَدّد بزيارة أي طبيب نفسي مُدَرّب، وأن تلتزم بالتعليمات التي سيخبرك بها، ولا تنسَ التوكل على الله - عَزّ وجَلّ - والإنابة إليه في أمورك كلها، والالتجاء إليه فيما حَلّ بك من مرض. وفَّقَكَ الله لما يرضيه,
وأؤكد لك بصورة قاطعة أن حالتك هذه حالة نفسية، لا علاقة لها أبدًا بالأمراض العضوية، وما تعاني منه من أعراض جسمية وجسدية هو إفراز واضح لحالتك النفسية، فأنت تعاني من قلق المخاوف الوسواسي، كل أفكارك متمركزة حول الموت والخوف منه، وما يأتيك من شعور وأعراض جسدية هنا وهناك، هذا نسميه بالتجسيد، والتجسيد هذا هو إفراز لحالتك النفسية.
الذي أرجوه منك هو أن تعرف أن المخاوف القلقية الوسواسية تعامل من خلال التحقير، وتُطرد من خلال التحقير، ومن خلال صرف الانتباه، وأنت لديك حياة طيبة جميلة،، فما الذي يجعلك تنشغل بهذه الأعراض؟! ،
أنت تشعر أنك لو نمت أنك لن تفيق، فتدبر وتأمل في أذكار النوم (اللهم بك وضعت جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكتَ نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين) هل هنالك أجمل من هذا؟! كلا، فتدبر وتأمل هذه الأذكار وغيرها.
أنا أريدك أيضًا أن تمارسي الرياضة؛ فممارسة الرياضة مهمة جدًّا، لأنها تقوي النفوس، وتقوي الأجسام، وتعطي الشعور بأن الإنسان يعيش حياة صحية.
أخرج نفسك أيضًا من القوقعة الذاتية التي حاصرتك فيها هذه الأعراض، وذلك من خلال: التواصل الاجتماعي، وأن يكون لك أنشطة مختلفة، ومِصر عامرة بجميع الأنشطة
إذن خُلاصة الأمر: حالتك حالة نفسية لا علاقة لها بمسٍّ، ولا علاقة لها بشيطانٍ، ولا علاقة لها بمرض عضوي، وحتى تحد أو تنهي تفكيرك حول المس والشيطان احرص على صلاتك، وأذكارك وتلاوة القرآن، واعرف أنك في حفظ الله، وفي معيته دائمًا، وهذا يكفي تمامًا.
الدواء النفسي مهم جدًّا في حالتك -كما ذكرت لك- وأتمنى أن تذهب وتقابل الطبيب،
بإمكانك قياس ضغط الدم، والمتوقع أن يكون في حدود 120/80 أو أقل، مع التعود على أخذ الحمامات الساخنة عند الشعور بالألم، لأنه يريح العضلات المشدودة، ويعطي إحساساَ بالانتعاش، وعدم النوم في تيارات الهواء البارد، والمكيفات الباردة المباشرة، بل يجب أن يكون تيار الهواء بعيداً عن مكان النوم.
من الأسباب الأخرى ارتفاع الضغط، ومن أسباب الخمول والدوخة فقر الدم، ومن الأسباب أيضا الأدوية، فهناك بعض الأدوية التي تسبب مثل هذه الأعراض، ومنها أيضا التوتر والقلق والضغوطات النفسية، وهذه يمكن أن تسبب أيضا آلام العضلات، ويمكن أن تكون في الصدر، وآلام عضلات الظهر، منها أيضا الأمراض المزمنة، ولذا من المهم أن لا تتركي هذه الأعراض، وتراجعي الطبيب لقياس الضغط، والفحص الطبي، وفحص الدم.
فنسأل الله أن يفرج كربتك، ويحفظك من شر كل ذي شر، ونوصيك بالاستعانة بالله والالتجاء إليه، فهو ملجأ المضطرين وغياث الملهوفين ومجير المستجيرين، ونوصيك بالحرص على الطاعات، والبعد عن المحرمات بجميع صورها، وبأن تكثري من قراءة سورة البقرة، وخصوصاً الآيتين الأخيرتين منها، وبتكرار آية الكرسي، لما في الحديث: اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة. رواه مسلم.
وفي حديث آخر: إن الله عز وجل كتب كتاباً قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام، أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، لا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها الشيطان. رواه الترمذي والحاكم والطبراني وقال الهيثمي: رجاله ثقات، وصححه الألباني.
وفي البخاري: أن الشيطان قال لأبي هريرة: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، ولما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، قال: صدقك وهو كذوب.
وحافظي على قراءة الإخلاص والمعوذتين ثلاثاً كل مساء وكل صباح، لما في الحديث: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثاً تكفيك كل شيء. رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الألباني. وحافظي على الأذكار المقيدة والمطلقة، ففي الحديث: وآمركم بذكر الله كثيراً، وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصناً حصيناً فتحصن فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله عز وجل. أخرجه أحمد والترمذي والحاكم وصححه الألباني.
وأكثري من الصدقات وسؤال الله العافية، والدعاء آخر الليل وفي السجود، فإن الله تعالى يقول: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ {البقرة:186}، ثم إنه لا علم لنا بتفسير وتحليل ما يحصل لك، إلا أنا ننصحك بالحفاظ على الصلاة والإكثار من ذكر الله تعالى بالأذكار المأثورة صباحاً ومساء، وعند الدخول والخروج، والإكثار من التعوذ من الشر كله، وأن تقبلي على الله تعالى، وتلحي عليه في الدعاء مصدقة بوعده موقنة بالإجابة معتصمة بحوله وقوته، متبرئة من كل حول وقوة لغيره، فقد وعد سبحانه وتعالى الذين يدعونه بأنه سيستجيب دعوتهم، قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60}، ويشرع أن ترقي نفسك بالرقى الشرعية، أو تراجعي من يمكنه رقيتك من المعروفين بالنجاح في الرقية من أهل الاعتقاد الصحيح واتباع السنة، وعليك بالبعد عن المشعوذين والدجالين.
نسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك، وأن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، إنه جواد كريم.
الأصل فيها أنها تفيد في هذه الأمراض الأولى التي ذكرتها (السحر والمس والعين والحسد) الأصل أن الرقية بفضل الله تعالى تقضي على ذلك كله بإرادة الله تعالى، أما الأمراض الجسدية العضوية فليس كل مرضٍ تفيد فيه الرقية، هناك أمراض لا بد لها من علاج طبي، ولا بد لها من عرض على الأطباء، وإجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة، وهناك أمراض، الله تبارك وتعالى قد يشفيها بالرقية الشرعية، وهذا الأمر (حقيقة) لا أعرفه على وجه التحديد، والدليل على ذلك أن النبي - عليه الصلاة والسلام – كان يحتجم، والحجامة تكون من أمراض أخرى لا تنفع فيها الرقية، ولذلك لو أن الرقية تنفع في كل شيء لماذا كان يحتجم النبي صلى الله عليه وسلم؟
كذلك أيضًا كان النبي - صلى الله عليه وسلم – يرقي بعض أصحابه المرضى، ورغم ذلك - صلى الله عليه وسلم – كان يطلب طبيبًا، وكان يطلب بنفسه الأطباء وكان يسألهم ويناقشهم في طبهم، وكان يأذن لأصحابه أن يتعالجوا بوسائل أخرى غير الرقية.
إذن الرقية تنفع في أشياء، وهناك أشياء الرقية لا تنفع فيها في العموم، ولكن بعض الأمراض، الله تبارك وتعالى قد يُكرم صاحبها بالرقية الشرعية فقط، وهو على كل شيء قدير.
فالرقية الشرعية هي ما اجتمع فيها ثلاثة أمور :
1 - أن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته أو المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم .
2 - ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية شرطاً وهو أن تكون باللسان العربي وما يعرف معناه : فكل اسم مجهول فليس لأحد أن يرقي به فضلاً عن أن يدعو به ولو عرف معناه لأنه يكره الدعاء بغير العربية ، وإنما يرخص لمن لا يحسن العربية ، فأما جعل الألفاظ الأعجمية شعاراً فليس من دين الإسلام .
3 -أن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله تعالى .
فإذا كانت هذه الشروط الثلاثة مجتمعة في الرقية فهي الرقية الشرعية ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً ". رواه مسلم .
وإن أنفع الرقية وأكثرها تأثيراً رقية الإنسان نفسه ، وذلك لما ورد في النصوص على عكس ما اشتهر عند كثير من الناس من البحث عن قارئ ولو كان عامياً أو مشعوذاً .
وسورة الفاتحة من أنفع ما يقرأ على المريض ، وذلك لما تضمنته هذه السورة العظيمة من إخلاص العبودية لله والثناء عليه عزوجل وتفويض الأمر كله إليه والاستعانة به والتوكل عليه وسؤاله مجامع النعم ، ولما ورد فيها من النصوص مثل رقية اللديغ الواردة في صحيح البخاري.
-عند رقية المريض يقول: " بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك ". رواه مسلم .
وإذا اشتكى ألماً في جسده يضع يده على موضع الألم ويقول : " بسم الله (ثلاثاً) ويقول: (سبع مرات) : أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر ". رواه مسلم . والرقية الشرعية تنفع من العين والسحر والمس وكذا الأمراض العضوية.
وقد تكون الإصابة من العين ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : " العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين ". رواه مسلم . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : "أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أو أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نسترقي من العين" . رواه البخاري.
وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أم سلمة جارية في وجهها سفعة فقال: " استرقوا لها فإن بها النظرة ". رواه البخاري.
وإذا عرف العائن فيؤمر بأن يفعل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك أن عامر بن ربيعة رأى سهل بن حنيف يغتسل فقال : والله ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة : قال : فلبط سهل ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عامراً فتغيظ عليه وقال: علام يقتل أحدكم أخاه؟ ألا بركت . اغتسل له " فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح ثم صب عليه فراح سهل مع الناس". رواه مالك .
ومما يقي من شر العين المحافظة على الأذكار الصباحية والمسائية وأن يتوكل على الله تعالى.
هذا ومن أنفع ما يقي من السحر بل ومن كل شر : المحافظة على أذكار الصباح والمساء وقراءة آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين عقب كل صلاة وعند النوم وقراءة الآيتين من آخر سورة البقرة كل ليلة .
فالسحر: هو عُقَدٌ ورقى وكلام يتكلم به الساحر أو يكتبه ليعمل شيئاً في بدن المسحور أو عقله من غير مباشرة له. وللسحر حقيقة، فمنه ما يقتل ومنه ما يمرض وغير ذلك ولا يحدث إلا بإذن الله تعالى: ( وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله). [البقرة: 102]. وقال تعالى : ( قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد). [ الفلق: 1-4] ، يعني السواحر اللاتي يعقدن في سحرهن وينفثن عليه ولولا أن له حقيقة لما أمر الله بالاستعاذة منه. وقد ثبت في صحيح الإمام البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر حتى إنه ليخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله وإنه قال لها ذات يوم : " أشعرت أن الله تعالى أفتاني فيما استفتيته ؟ إنه أتاني ملكان فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال: ما وجع الرجل ؟ قال: مطبوب (مسحور) قال : من طبه؟ قال : لبيد بن الأعصم في مشط ومشاطة في جف طلعة ذكر في بئر ذي أروان". وكان سحره صلى الله عليه وسلم من باب التخييل فقط، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على بشرية النبي صلى الله عليه وسلم. والمرء قد يصاب بالسحر ويعلم أنه مسحور إذا تغير حاله ولا يدري ما سبب ذلك وليس له سبب ظاهر، وعلاجه إما باستخراج السحر نفسه أو بقراءة القرآن على المسحور، بأن يقرأ بعض آيات من القرآن في إناء به ماء ويشرب ويغتسل بهذا الماء. فيقرأ سورة الفاتحة وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة والمعوذات والآيات[117ـ 122] من سورة الأعراف و [80-82 ] من سورة يونس وآية رقم 69 من سورة طه ، يقرأ تلك الآيات في ماء على النحو المذكور سلفا. وعلى المرء أن يواظب على الطاعات ويبتعد عن المعاصي والمحرمات ويكثر من ذكر الله ويحافظ على أذكار الصبح والمساء. و
وقد ذكر الشيخ سعيد القحطاني في كتابه المختصر: الدعاء ويليه العلاج بالرقى من الكتاب والسنة. بعض الرقى المفيدة فراجعه، وراجع كتب الشيخ وحيد عبد السلام بالي فقد ذكر كثيرا من الرقى في كتابه الصارم البتار في التصدر للسحرة الأشرار، وكتابه وقاية الإنسان من الجن والشيطان.فهنيئاً لمن تلوذ بالله وتحب أن تتحصن بآياته، وأبشري فإن من حفظ الله حفظه الله، ولا داعي لشدة الخوف فإنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، واعلمي أن الناس لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا وتآمروا وخططوا وكادوا من أجل أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، فتوكلي على الله القائل: ((وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ))[الطلاق:3]^ وكفى بالله وكيلاً.
ورغم أن العين حق إلا أنها لا تصيب إلا بتقدير الله، وتذهبها الرقية الشرعية، وهي من قدر الله، بل إن المواظبة على أذكار الصباح والمساء تحفظ الإنسان من العين والسحر وكافة الشرور، فكوني من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات، وعمري دارك بتلاوة كتاب الله وخاصة سورة البقرة، فإن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة.
والصواب أن تقوم المسلمة بعمل الرقية بنفسها لأن في ذلك صيانة لها وحفظاً لحياتها وأسرارها، وذلك بأن تقرأ المعوذتين وقل هو الله أحد وتنفث في يدها ثم تمسح جسدها، وتقرأ كذلك على نفسها سورة البقرة وآية الكرسي أو ترقي نفسها بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأذكار، وإن احتاجت إلى من ترقيها فلا بأس بذلك، ولكن إذا كان الراقي رجلاً فيفضل أن يكون محرماً لها فإن احتاجت لغيره فلابد أن يكون بحضور محرم من محارمها وما ينبغي أن يمسها ولا يخلو بها وينبغي أن تكون الرقية بكلام الله أو بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وأقواله على أن تكون بلسان عربي وبكلام مفهوم ولابد أن يعتقد الراقي والمرقي أن الشفاء من عند الله.
ولا مانع من القراءة في الماء أيضاً وإذا وجد الإنسان ماء زمزم فذاك خير إلى خير، وأرجو أن تحرصي على ذكر الله وطاعته وتوحيده، وعمري بيتك ومجلسك بالذكر، وإذا رأيت ما يعجبك في نفسك أو مالك أو أهلك فقولي ما شاء الله تبارك الله ونحو ذلك في الأذكار.
واعلمي أن الله يعصم أولياءه ويدافع عنهم ويجلب لهم الخيرات ويصرف عنهم السوء والنكبات.
والرقية الشرعية قد بينها العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في الزاد فقال: فمن التعوذات والرقى: الإكثار من قراءة المعوذتين، وفاتحة الكتاب، وآية الكرسي، ومنها: التعوذات النبوية. نحو: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. ونحو: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة. ونحو: أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر طوارق الليل إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن. ومنها: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه، ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون. ومنها: اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم، وكلماتك التامات من شر ما أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت تكشف المأثم والمغرم، اللهم إنه لا يهزم جندك، ولا يخلف وعدك، سبحانك وبحمدك. ومنها: أعوذ بوجه الله العظيم الذي لا شيء أعظم منه، وبكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، وأسماء الله الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر كل ذي شر لا أطيق شره، ومن شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، إن ربي على صراط مستقيم. ومنها: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، لا حول ولا قوة إلا بالله، أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، وشر الشيطان وشركه، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم.
وإن شاء قال: تحصنت بالله الذي لا إله إلا هو، إلهي وإله كل شيء، واعتصمت بربي ورب كل شيء، وتوكلت على الحي الذي لا يموت، واستدفعت الشر بلا حول ولا قوة إلا بالله، حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الرب من العباد، حسبي الخالق من المخلوق، حسبي الرازق من المرزوق، حسبي الذي هو حسبي، حسبي الذي بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه، حسبي الله وكفى، سمع الله من دعا، ليس وراء الله مرمى، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. ومن جرب هذه الدعوات والعوذ، عرف مقدار منفعتها، وشدة الحاجة إليها، وهي تمنع وصول أثر العائن، وتدفعه بعد وصوله بحسب قوة إيمان قائلها، وقوة نفسه، واستعداده، وقوة توكله وثبات قلبه، فإنها سلاح، والسلاح بضاربه. انتهى.
ونوصي الأخت بمواصلة العلاج بالرقية الشرعية حتى يتم الله تعالى شفاءها، فإن العلاج قد يستغرق بعض الوقت حتى يصيب الداء الدواء فتبرأ بإذن الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا، ولا تداووا بحرام. رواه أبو داود.
وعن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز وجل ، رواه مسلم.
ولا مانع مع الاستمرار على الرقية أن تأخذي بأسباب العلاج الأخرى، كالاستعانة بطبيب أمراض نفسية مسلم ثقة، ومباشرة أسباب الدواء المشروعة كشرب زمزم واستعمال الحبة السوداء والادهان بزيتها أو شربه، ويمكن قراءة القرآن على زمزم وزيت الحبة السوداء، ثم تتعالجي به شرباً أو ادهاناً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ماء زمزم لما شرب له. رواه أحمد وابن ماجه والحاكم، وصححه الألباني.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: زمزم طعام طعم، وشفاء سقم. رواه ابن أبي شيبة والبزار، وصححه الألباني في الترغيب. وفي الحديث أيضاً: خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام الطعم، وشفاء السقم. رواه الطبراني وابن حبان، قال المنذري: رواة الطبراني ثقات، وحسنه الألباني.
قال ابن القيم في مدارج السالكين: كنت آخذ قدحاً من ماء زمزم فأقرأ عليه الفاتحة مراراً فأشربه، فأجد به من النفع والقوة ما لم أعهد مثله في الدواء.
والحل الأمثل لهذه الأمراض عافانا الله وإياك منها هو في الرقية الشرعية:
1- قراءة القرآن على المريض: الفاتحة وما تيسر من سورة البقرة. والإخلاص والمعوذتين، والآيات التي يذكر فيها إبطال السحر كقوله تعالى:(قال موسى ماجئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين.)[يونس:81]
2- التحصن بالأذكار المشروعة كأذكار الصباح والمساء.
3- المحافظة على الوضوء.
4- أن يقرأ المريض في ماء وزيت زيتون أول سورة الصافات وسورة الدخان إضافة إلى التعوذ بالله مثل أن يقول :أعوذ بالله بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة. أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم 3/ مرات لكل ذكر ثم ينفث في الماء وزيت الزيتون ويشرب الماء ويدلك جسم المريض بزيت الزيتون- وهذا العلاج لا ينتفع به الشخص إلا إذا اعتقد أن الشفاء بيد الله وأن هذا العلاج نافع بإذن الله أما إذا أخذه وعمل على طريقة التجربة فما أظنه ينتفع به. وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى. والله تعالى اعلم.
تعليق