الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ، أما بعد :
فالكلام مع الأجنبية وكلام الأخت مع الأجنبى بغير حاجة باب فتنة وذريعة فساد، قال العلّامة الخادمي ـ رحمه الله ـ في كتابه: بريقة محمودية ـ وهو حنفي ـ قال: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة، لأنه مظنة الفتنة.
فالذي ننصحك به أن تكف عن محادثة هذا الشاب عبر الفيسبوك وغيره، ولتحذر من استدراج الشيطان واتباع خطواته تحت مسمى علاقة الأخوّة، او سيكون لك خطيبا
اعطيه رقم جوال والدك او محارمك ولا تتحدثى مع الشاب وان كان صادقا سيأتى لكم فى داركم
ولا يجوز أيضا الحديث مع الأجنبى بدافع النصيحة والدعوة إلى الخير، فكل ذلك تلبيس من الشيطان وخداع من النفس، وأشغل وقتك بما ينفعك في دينك ودنياك.
والله أعلم.
أما عن حكم الزواج عن طريق النت
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز لك أن تبحثي عن زوجٍ صالحٍ بالطرق المشروعة، فقد فعل ذلك من هو أفضل منك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينكر عليه صلى الله عليه وسلم فعله، ففي الصحيحين وغيرهما أن امرأة جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله جئت لأهب لك نفسي، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصعَّد النظر إليها وصوَّبه، ثم طأطأ رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئاً جلست، فقام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله، إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، فقال: "هل عندك من شيء؟ فقال: لا والله يا رسول الله . قال: "اذهب إلى أهلك، فانظر هل تجد شيئاً؟ فذهب، ثم رجع، فقال: لا والله يا رسول الله ما وجدت شيئاً. قال: انظر ولو خاتماً من حديدٍ، فذهب، ثم رجع، فقال: لا والله يا رسول الله ولا خاتماً من حديدٍ، ولكن هذا إزاري. قال: سهل ما له رداء، فلها نصفه، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تصنع بإزارك؟ إن لبسته لم يكن عليها منه شيء، وإن لبسته لم يكن عليك شيء، فجلس الرجل حتى طال مجلسه، ثم قام فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مولياً، فأمر به فدُعي، فلما جاء قال: "ماذا معك من القرآن؟" قال: معي سورة كذا، وسورة كذا، وسورة كذا، عدها. قال: "أتقرؤهن عن ظهر قلبك؟". قال: نعم. قال: "اذهب، فقد ملكتكها بما معك من القرآن".
وقد عرض عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ابنته حفصة بعد موت زوجها، عرضها على عثمان فاعتذر، وعرضها على أبي بكر فلم يجبه، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "فخير من ذلك، أتزوج أنا حفصة، وأزوج عثمان أم كلثوم، فتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة، وزوج عثمان أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. والقصة في المستدرك وصحيح ابن حبان.
فهذان الحديثان يدلان على أنه يجوز للمرأة أن تبحث عن الزوج الصالح، وتعرض نفسها عليه. ويجوز لوليها أن يفعل ذلك نيابة عنها، وقد يكون في ذلك خير كثير إن صاحبه صدق وإخلاص، كما حدث لعمر حيث نال ما لم يكن يخطر له ببالٍ من الشرف في الدنيا والآخرة بمصاهرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولكن هذا العرض لابد أن يكون - كما أسلفنا - بالطرق الشرعية، ولا شك أن فعل ذلك عن طريق الإنترنت محفوف بالمخاطر، والمحاذير الشرعية التي تجعل ذلك وسيلة لا يجوز اللجوء إليها. فمن تلك المخاطر والمحاذير الشرعية أن هذه المواقع المعهودة للبحث عن ذلك، والمعروفة بمواقع هواة التعارف، أو البحث عن شريك الحياة أو شريكتها، هذه المواقع أوكار للمفسدين والمفسدات الذين كل همهم هو الاصطياد في الماء العكر، وتضليل المغفلين والمغفلات، واللعب على عقولهم، وجرهم إلى الفساد والرذيلة.
فلا يليق بمن لديه حرص على دينه وعرضه أن يدخلها، ولا أن يجعل لهؤلاء المفسدين عليه سبيلاً، بل كيف يرضى أن يطلعهم علىحاله، ويعرفهم على حقيقة أمره، حتى يتمكنوا من التشهير به، وكشف حاله من غير طائل. ومن تلك المخاطر والمحاذير أن تلك المواقع من الصعب على المرء أن يتأكد من حقيقة ما يتلقاه عبرها من معلومات، فكم من شخص كان على صلة بمن يظنها فتاة، وفي آخر المطاف تبين له أنه فتى من هؤلاء المفسدين!! وحصول ذلك للفتيات أكثر.
وحتى لو لم يتحصل تلبيس وتضليل بالنسبة لك، فإن تزكية ذلك الشخص، ومعرفة حقيقة حاله من الصعوبة بمكان.
ومن تلك المخاطر أيضاً أن داخلها قد يدخل بقصد صحيح ونية بريئة، ولكن سرعان ما ينجر إلى ما فيها من فساد وفجور، فيكتفي بالعلاقات الغرامية، والمحادثات العاطفية، فينصرف عن طلب الحلال إلى طلب الحرام. نسأل الله السلامة والعافية. ونحن إذ نقول ما نقوله من عدم جواز دخول هذه المواقع واتخاذها وسيلة للبحث عن الزواج، فإنا ننطلق من واقع هذه المواقع في الوقت الحالي، ولكن إن وجد موقع يشرف عليه أناس صالحون مزكون من طرف أهل العلم والصلاح ذوو خبرة وتجربة، يحتاطون في هذا الأمر غاية الاحتياط، ويتخذون كل التدابير اللازمة لحماية موقعهم من أن يكون وكرا للفساد، إذا وجد موقع بهذه المواصفات، فلا حرج في أن يتخذ وسيلة للبحث في شؤون الزواج.
وعلى كل حالٍ، فإن الوسيلة النافعة المضمونة هي تقوى الله تعالى والالتجاء إليه وحده سبحانه، وتفويض الأمر إليه، فإنه الجواد الكريم الذي لا يرد سائلاً، ولا يخيب آملاً، وبيده خزائن السماوات والأرض، فعليك بطاعته وتقواه وحسن التوكل عليه. قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً)
[الطلاق:2-3].
ويقول أيضاً: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)
[الطلاق:4].
فعلى من يريد الزواج - رجلاً أو امرأة - أن يتقي الله تعالى، ويفوض أمره إليه، ويلح على ربه الكريم في الدعاء، ويرضى بما يقدره الله له ويقضيه، ويبحث عن الزواج بالطرق المشروعة المعهودة، فيوصي من يثق بدينه وورعه وحفظه للسر بالبحث له في محيطه وفيما حوله، فعسى أن يكون لديه خبر عمن يصلح لما يريد. نسأل الله للجميع التوفيق لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
تعليق