إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الشعور بالوحدة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشعور بالوحدة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    لا أدري من أين أبدأ فأنا أشعر بالوحدة مع كل من حولي

    أسأل الله أن يرزقني الأنس به والإستغناء عن خلقه

    بعد اذنكم حذف الكلام وانتظر الرد
    التعديل الأخير تم بواسطة فريق استشارات سرك فى بير(الأخوات); الساعة 09-05-2014, 02:10 AM.

  • #2
    رد: الشعور بالوحدة

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
    فالحمد لله الذي منّ عليك بنعمة الهداية والاستقامة، فإن المتمسكين بالدين في هذا الزمان قلة، وهم الصفوة من الخلق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: بدأ الإسلام غريباً ثم يعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء، قيل: يا رسول الله، ومن الغرباء؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس. رواه أحمدقال ابن القيم رحمه الله تعالى :
    " ومن علامات صحة القلب : أن لا يفتر عن ذكر ربه ، ولا يسأم من خدمته ، ولا يأنس بغيره ، إلا بمن يدله عليه ، ويذكِّرُهُ به ، ويذاكره بهذا الأمر" انتهى من " إغاثة اللهفان " ( ص 72 ) .
    فالأنس بالله تعالى حالة وجدانية تحمل على التنعم بعبادة الرحمن ، والشوق إلى لقاء ذي الجلال والإكرام .
    قال أحد السلف : " مساكين أهل الدنيا ، خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها ، قيل : وما أطيب ما فيها ؟ قال : محبة الله ، والأنس به ، والشوق إلى لقائه ، والتنعم بذكره وطاعته ".

    وخلاصة الامر ان تعبد الله كأنك تراه

    وتعلم ان لااحد يملأ عمارة قلبك الا الله

    والذي ننصحك به هو أن تستمري على استقامتك واعتزازك بدينك واستعلائك بإيمانك، كما ننصحك بالإعراض عن الجاهلين، وعدم مخالطة الفتيات الفاسقات المعرضات عن دين الله إلا بقدر الحاجة





    كما ننصحك بأن تزيدي في القرب من الله تعالى، وأن تقرئي القرآن بتدبر وحضور قلب، فإن من قويت صلته بالله خالقه لم يشك من ضعف صلته بالمخلوقين، وإن من أنس بالله استغنى به عما سواه، بل واستوحش من صحبة الناس، وإن من ذاق لذة مناجاة الله بالأسحار قويت روحه، وعزت نفسه، ولم يفتقر إلى الناس، وقد قال يعقوب عليه السلام لابنه: قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {يوسف:86}.
    واعلمي أن من أعظم ما يتقرب به إلى الله تعالى ويفرغ القلب من الهموم والأحزان طلب العلم النافع، وانظري برامج للمبتدئين في طلب العلم
    وينبغي لمن أراد أن يدرس العلم الشرعي بطريقة منهجية أن يراعي أمرين: الأمر الأول: التوازن بين العلوم فلا تكون دراسته قاصرة على علم واحد. الأمر الثاني: التدرج عند دراسته كتب الفن الواحد. ويقترح في البداية أن يدرس الطالب في العقيدة كتاب الإيمان للدكتور محمد نعيم ياسين، و تطهير الجنان والأركان للشيخ أحمد بن حجر آل بو طامي، أو يدرس سلسلة العقيدة في ضوء الكتاب والسنة للدكتور عمر الأشقر. وفي الفقه يدرس كتاب: الملخض الفقهي. للشيخ صالح فوزان. وفي التفسير يدرس تفسير الشيخ السعدي المسمى: بتسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، أو زبدة التفسير من فتح القدير، للدكتور محمد سليمان الأشقر. وفي الحديث يدرس كتاب شرح الأربعين النووية للإمام النووي رحمه الله تعالى. وفي السيرة: الرحيق المختوم، وفي الآداب رياض الصالحين، وفي الرقائق الداء والدواء، لابن القيم ومختصر منهاج القاصدين. هذا وننصح السائل بالاستماع إلى أشرطة العلماء التي تشرح هذه العلوم وخصوصاً أشرطة العلامة محمد بن صالح العثيمين، والشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي
    ولقد أخبرنا عن صفة هؤلاء الغرباء الذين يظهر الله الدين على أيديهم في أحاديث كثيرة، ومن ذلك قوله: الذين يُصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنتي.
    وفي رواية: الذين يصلحون إذا فسد الناس!!.
    وفي رواية: ناس صالحون قليل في ناس سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم. وفي رواية أنهم: الفرارون بدينهم.

    واسألي الله تعالى بذل وإلحاح أن يرزقك الاستقامة على دينه، وأن يلهمك رشدك وأن يكفيك شر الشيطان وشر نفسك، وأن يمن عليك بكرمه بالزوج الصالح الذي تقرّ به عينك ويأنس به فؤادك، وتحري في دعائك أوقات الإجابة الفاضلة كثلث الليل الآخر وقت النزول الإلهي، وأثناء السجود، وعند الفطر في اليوم الذي تصومين فيه، وآخر ساعة بعد العصر يوم الجمعة




    هذا ونوصي الأخت بأمور:
    الأول: شكر نعمة الله عز وجل عليها إذ هداها للإيمان ومنَّ عليها بالاستقامة، وهي أعظم نعمة تستحق الشكر، يغفل عنه كثير من الناس.
    الثاني: عدم اليأس والقنوط من رحمة الله عز وجل، فإن الله عز وجل على ما يشاء قادر، ولما جاءت الملائكة إبراهيم تبشره بالولد قال لهم: (أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون* قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين* قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون)[الحجر:54،56]
    بل عليها أن تحسن الظن بالله وتجتهد في دعائه سبحانه والتقرب إليه بأنواع الصالحات، فلربما جاء الفرج على حين قنوط من العبد ويأس، كما قال الشاعر:
    ضاقت ولما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج.
    الثالث: الصبر على الابتلاء والامتحان، فإن الله عز وجل يبتلي العبد ليرى صبره، وربما كان الابتلاء بالإصابة بمكروه، وربما كان بفوات محبوب، وعلى العبد الصبر في الحالين، والله مع الصابرين، وهذه المعية تقتضي المحبة لهم والإعانة والتأييد، ونسأل الله عز وجل أن يرزقنا وأختنا هذه الصبر، فلقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وما أعطي أحد عطاء خيراً له وأوسع من الصبر"
    الرابع: على الأخت أن تعلم بأن الدنيا كلها بما فيها من بؤس أو نعيم لا تساوي لحظة من لحظات الآخرة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بأنعم أهل الدنيا وهو من أهل النار، فيغمس في النار غمسة، فيقول الله له: يا عبدي هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا يا رب ما مر بي نعيم قط.
    ويؤتى بأبأس أهل الدنيا وهو من أهل الجنة، فيصبغ في الجنة صبغة، فيقول الله له: يا عبدي هل مرَّ بك بؤس قط؟ فيقول: لا يا رب، ما مر بي بؤس قط.
    وعلى الأخت أن تتذكر هذه اللحظات وتحذر من استغواء الشيطان لها، وتتقي أن تقع في معصية الله عز وجل، وربما كان الموت قريباً، فإن كان الإنسان محسناً ذهبت الدنيا بآلامها، وانتقل إلى نعيم الآخرة الدائم بلا انقطاع، نسأل الله أن يبلغنا ذلك.
    الخامس: على الأخت أن تشغل أوقاتها بما ينفعها في دنياها وآخرتها حتى لا تنقطع لحديث النفس ووساوس الشيطان، ولقد قال الشاعر:
    إن الشباب والفراغ والجَــدة مفسدة للمرء أي مفسدةالأنس ضد الوحشة أي الألفة بالشيء، وهو روح القرب من الله..

    قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}... (البقرة : 186).

    فاستحضار القلب هذا البر والإحسان واللطف؛ يوجب قربه من الرب سبحانه وتعالى، وقربه منه يوجب له الأنس، والأنس ثمرة الطاعة والمحبة؛ فكل مطيع مستأنس وكل عاص مستوحش. كما قيل:
    فإن كنت قد أوحشتك الذنوب *** فدعها إذا شئت واستأنس

    المحبة هي الطريق
    كثيرا منا علاقته بالله روتينية فهو يتعبد لله وفقط؛ لأنه اعتاد ذلك من الصغر.. إننا نريد أن تكون العلاقة بيننا وبين الله علاقة حب، قال تعالى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}... (المائدة : 54)، ولاحظ أن الله ابتدأ بقوله {يُحِبُّهُمْ} فالعلاقة بينك وبين الله علاقة حب وأساسها الحب "فليس العجب من عبد يتودد إلى سيده لكن العجب كل العجب من ملك يتودد إلى عبيده"..

    ويقول بعض السلف "أعظم نعمة علي أن الله هو الله".

    من يكن قلبه مشغولاً بحب الله.. عامراً بالإيمان به سبحانه.. يجد في نفسه الأمان والسلام والاطمئنان.. ويشعر بالأنس بالله في كل لحظة في حياته.. مستأنساً بذكره له سبحانه وتعالى، بعبادته له بتلاوته للقرآن الكريم.

    والأنس بالله شعور يمتزج بالهيبة والخشوع، يغمر كيان الإنسان كله مما يجعله يجد سعادته في خلوته، وهناءة في وحدته، يناجي ربه.. يشكو همه إليه.. يشكره على نعمته.. يتغنى بالدعاء له والثناء عليه والتسبيح والتقديس له عز وجل، ويشعر بأن كل ما في الكون من مخلوقات نغمات مميزة تشترك معه في التسبيح لله عز وجل فيحس بأن هناك ألفة ومودة بينه وبين الطبيعة وجميع المخلوقات الأخرى.. هناك صداقة بينه وبين الكون.. إنه يفهم لغة الكون.. والكون يفهم لغته، وهذه اللغة المشتركة بينهما هي التسبيح والشكر لله، والإحساس بآثار حب الله في الوجود كله.

    والأنس إحدى آثار المحبة، وهو حال يصل إليه السالك معتمداً على الله، ساكناً إليه، مستعيناً به، وفى الأنس تبقى الهيبة مع الله، وبذلك يكون الأنس طمأنينة ورضا بالله. ولا يشعر الإنسان المؤمن المحب لله بالأنس في أوقات العبادة فقط.. فإن فضل الله عليه عظيم حيث يفيض الله عليه بالأنس في أوقات الانشغال والاهتمام بأمور الحياة اليومية؛ لأن الله يغمره ويملأ قلبه وكيانه كله، فأصبح الأنس بالله يحيط به سواء في وقت الانشغال أو في وقت العبادة.

    من كان في سخطه محسنا ** فكيف يكون إذا ما رضي

    بعض الناس يعتقدون أن الوحدة تعني أن يعيش الإنسان وحيداً أي وحدة الوجود الإنساني، في حين أن الإنسان المستأنس بالله في كل لحظة أيقن وعرف أن هذا ليس هو مفهوم الوحدة أو الغربة، فإن الشعور بالوحدة هو فراغ القلب من حب الله...

    والشعور بالغربة هو فراغ القلب من الأنس بالله، فإذا كان نعيم الجنة كله لا يساوي شيئا بالنسبة إلى لذة النظر إلى وجه الله الكريم؛ فكذلك نعيم الدنيا لا يساوي شيئا مقارنة بنعيم الأنس بالله.. يقول بعض السلف "مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها.. حلاوة الأنس بالله".

    الأنس الحقيقي
    فإن الأنس الحقيقي هو أنس الله وليس أنس الإنسان، وأن الفراغ الحقيقي هو فراغ القلب من حب الله وليس فراغ الوجود الإنساني.

    وإذا كان البعض يؤدب بالحبس الانفرادي فإن المسلم في خلوته يستشعر حلاوة الأنس بالله، فمن الممكن أن يكون الإنسان حوله حشد من الناس ومع ذلك يشعر بالوحدة والفراغ القلبـي، ومن الممكن أن يعيش وحيداً ولكنه يحس بالأنس وكأن المخلوقات والكائنات جميعها اجتمعت وحضرت لتؤنس وحدته مع أنه في الحقيقة يعيش وحيداً بمفرده. ورحم الله ابن تيمية حينما قال "إن سجني خلوة وقتلي شهادة ونفيي سياحة".

    وذكر الاستاذ مصطفى مشهور (في كتاب بين "الربانية والمادية" ص85): (أن أحد الإخوة كان محبوسا انفراديا في زنزانة مغلقة ليل نهار لا يتصل بأحد ولا يتحدث مع أحد، فقط يخرج في حراسة السجان لقضاء حاجته مرة صباحا وأخرى مساء، لو تصورنا هذه الحالة بالمقاييس المادية لتوقعنا أن تكون حالة هذا الأخ النفسية شديدة وحرجة، ولكن أخانا كان في خلوة مع الله، وكان كتاب الله خير جليس له يتلوه ويتدبره وينهل من نوره.. وكان الأخ يدخل في صلاة خاشعة وركوع وسجود طويلين يشعر خلالهما بقربه من الله فيدعو ويلح في الدعاء، كان يقوم في وقت السحر يناجي ربه في هدأة الليل ويطرق باب الكريم بركعات وسجدات ودمعات من خشيته سبحانه، وهكذا يعيش جوا من السعادة الروحية، والأنس بمعية الله وكأنه في الكون الفسيح وليس بين جدران أربعة وباب مغلق، ويحكي أن السجان كان يرق له فكان ينتهز الفرصة فيفتح له الباب نصف فتحة يقول أن أنسه كان يقل، ويشعر بوحشة عما كان الباب مغلقا، هكذا نرى كيف أن الربانية بمعانيها تجعل الهم فرجا والكرب سعادة والوحشة أنسا).

    إذن فليس معنى الوحدة هو انعزال الوجود الإنساني، وإنما هو فراغ القلب من حب الله ومن الأنس بالله. ويقودنا الإنسان المحب لله الذي يملأ حياته الأنس بالله إلى حقيقة هامة لابد أن نقف عندها في لحظات من التأمل العميق؛ إن الأنس هو أنس الله، وأن الحب هو حب الله، ومن يستأنس بالله؛ فإن الله يؤنسه، ومن يحب الله؛ فإن الله يحبه، ويمن عليه من فيوضاته وعطائه ما يشغله، ويؤنس وحدته، حتى ولو عاش وحيداً في هذا الوجود.

    أما من كان قلبه فارغاً من حب الله والأنس بالله، فإنه سيشعر بالوحدة والغربة والعزلة حتى ولو كان حوله الناس جميعاً، وهنا سيغلق القلب أبوابه وستفتح النفس أبوابها التـي تقود الإنسان إلى سبيل الشهوات والنزوات والهوى، فيضل السبيل ويسلك طريق الضياع، والحيرة، والتخبط، والهلاك الذي يودي به حتماً إلى الشقاء.. فالقلب دائماً يفتح أبواب طريق النور، أما النفس فتفتح أبواب طريق الهوى.

    وانشغال القلب دائماً بالله وحب الله يفتح لنا أبواب طريق النور بأمر الله حيث الأنس بالله، والسلام النفسي مع كل شيء في الوجود، فترتقي النفس إلى حيث يجب أن تكون من الصفاء والنقاء والنورانية.

    وفي الدعاء المأثور "أستغفرك من كل لذة بغير ذكرك، ومن كل راحة بغير أنسك، ومن كل سرور بغير قربك، ومن كل شغل بغير طاعتك…". هذا الدعاء يتضمن استغفاراً ويتضمن إشارة إلى أربعة أبواب للتواصل مع الله تعالى: أحدها التواصل من خلال الذكر، والآخر من خلال الأنس، والثالث من خلال القرب، والرابع من خلال الطاعة.. ومن وجد الله فماذا فقد؟! ومن فقد الله فماذا وجد؟!

    يقول الإمام ابن القيم: إذا استغنى الناس بالدنيا فاستغن أنت بالله، وإذا فرح الناس بالدنيا فافرح أنت بالله، وإذا أنس الناس بأحبائهم فأنس أنت بالله، وإذا ذهب الناس إلى ملوكهم وكبرائهم يسألونهم الرزق ويتوددون إليهم فتودد أنت إلى الله.

    أدوات الأنس بالله
    ولتحقيق الأنس بالله أمامك ثلاث أدوات رئيسية:
    1- القلب
    سئل أبو سليمان الداراني - رحمه الله - : ما أقرب ما يُتقرب به إلى الله عز وجل ، فبكى ، ثم قال : مثلي يسأل عن هذا ؟ أقرب ما يتقرب به إليه أن يطلع على قلبك وأنت لا تريد من الدنيا والآخرة غيره جل وعلا .

    يقول ابن القيم: في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله، وفي القلب وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله، وفي القلب خوف وقلق لا يذهب إلا بالفرار إلى الله، وفي القلب حسرة لا يطفئها إلا الرضا بالله’.

    وقد جعل الله سبحانه القلب محلاً لعبوديته، وإنك لتجد أمامك الكثير من أعمال القلوب تتصل بها من خوف ورجاء ومحبة وتوبة وصبر وأنس ورضا وطمأنينة، على أنه أقرب وسيلة للاتصال بالله تعالى هو تذلل القلوب لعلام الغيوب.

    وفي هذا يقول ابن القيم: دخلت على الله من أبواب الطاعات كلها فما دخلت من باب إلا رأيت عليه الزحام فلم أتمكن من الدخول حتى جئت باب الذل والافتقار فإذا هو أقرب باب إليه، وأوسعه ولا مزاحم فيه ولا معوق فما أن وضعت قدمي على عتبته فإذا هو سبحانه أخذ بيدي وأدخلني عليه.

    والقلب المريض هو القلب الذي يتعذر عليه أداء الوظيفة التي خلق من أجلها فالقلب خلق لمعرفة الله ومحبته. يقول ابن القيم عن شيخه ابن تيمية في قول النبي صلى الله عليه وسلم "لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة": إذا كانت الملائكة المخلوقون يمنعها الكلب والصورة عن دخول البيت فكيف تلج معرفة الله عز وجل ومحبته وحلاوة ذكره والأنس بقربه في قلب ممتلئ بكلاب الشهوات وصورها.

    2- اللسان
    اللسان وسيلة اتصال قوية وفعالة مع ربك قال تعالى في كتابه الكريم: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}... (البقرة : 152) وفي حديث الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله "ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه"، وفي الحديث القدسي يقول النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه: "أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه".

    ولك أن تتصور هذا الاتصال الراقي في حال ذكر الله فكلما ذكرت الله ذكرك الله وكان معك. قال الإمام الجنيد لتلاميذه: تعالوا بنا نذكر الصالحين فبذكرهم تحل البركة، فقال بعض طلبته: يا شيخنا إذا ذكرنا الصالحين تحل البركة فماذا إذا ذكرنا الله؟ فأطرق الشيخ قليلا.. ثم رفع رأسه فقال إذا ذكرنا الله حلت الطمأنينة في القلوب "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".

    3- الجوارح
    والجوارح أمامها خيارات كثيرة جدًا للاتصال بالله من صلاة، وصيام، وصدقة، وحج، وإماطة الأذى عن الطريق، ومساعدة الآخرين، وزيارة المريض، وغير ذلك، وهكذا تظل بقلبك ولسانك وجوارحك في تقرب إلى الله واتصال بالله إلى أن تفوز بما جاء في الحديث القدسي: " وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه".. فهذا الرجل الذي يحبه الله على اتصال دائم بالله وعينه على اتصال دائم بالله وأذنه ورجله ويده إنه دائمًا مع الله.

    أوصت امرأة صالحة أولادها فقالت " تعودوا حب الله وطاعته فإن المتقين ألفوا الطاعة فاستوحشت جوارحهم من غيره فإن عرض لهم الملعون بمعصية مرت المعصية بهم محتشمة فهم لها منكرون".. وقال بعض العلماء " العارف بالله أنس بالله فاستوحش من غيره، وافتقر إلى الله فأغناه عن خلقه، وذلّ لله فأعزه في خلقه".

    استيقظ أحد الصالحين يوما.. فى ساعة متأخرة من الليل قبل الفجر، فوجد امرأته تتهجد.. وتصلى وتدعو دامعة العينين مخلصة الدعاء لله.. فتعجب من صلاحها وكيف أنه الرجل ينام بينما تبقى هى زاهدة عابدة.. فقال لها: ألا تنامين.. ما الذى أبقاك إلى الآن؟ فردت الزوجة الصالحة بخشوع: وكيف ينام من علم أن حبيبه لا ينام؟ !!!!

    عن أحمد بن أبى الحوارى قال: بات أبو سليمان ذات ليلة فلما انتصف الليل قام ليتهيأ، فلما أدخل يده فى الإناء بقى على حالته حتى انفجر الصبح، وكان وقت الإقامة وخشيت أن تفوته الصلاة فقلت: الصلاة، يرحمك الله. فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم. ثم قال: يا أحمد.. أدخلت يدى فى الإناء فعارضنى معارض من سرى: هب أنك غسلت بالماء ما ظهر منك، فبماذا تغسل قلبك؟ فبقيت متفكراً حتى قلت بالغموم والأحزان فيما يفوتنى من الأنس بالله عز وجل.


    تذكر: طاعة - قرب - محبة - أنس بالله.

    معصية - بعد - كُره - وحشة .
    توصيات عملية
    1- أكثر من ذكر الله وخاصة في الخلوة فإن من أحب شيئا أكثر من ذكره.
    2- احرص على صلاة ركعتين في وقت السحر، واقرأ فيهما مما تحفظ وتدبر كل آية تتلوها.. يقول عثمان بن عفان " والله لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام الله".
    3- احرص دائما على بث همومك وشكواك إلى الله، فإن من أفضل أبواب العبودية المناجاة، وكثرة السؤال والالحاح في الطلب.

    يقول الشاعر:
    الله يغضب إن تركت سؤاله *** وبني آدم إن تسأله يغضب
    فلا تسألن بني آدم حاجة *** وسل الذي أبوابه لا تحجب

    4- اعلم أن كل طاعة تقربك من الله وكل معصية تبعدك عن الله، يقول بعض السلف " استح من الله على قدر قربه منك، وخف من الله على قدر قدرته عليك"، وسئل بعض السلف ما علامة الإيمان وما علامة النفاق؟ قال: يابني إن سرتك الطاعة وساءتك المعصية فأنت مؤمن، وإن سرتك المعصية وساءتك الطاعة فأنت منافق..

    تذكر: طاعة - قرب - محبة - أنس بالله.

    معصية - بعد - كُره - وحشة .



    المحبة هي الطريق كثيرا منا علاقته بالله روتينية فهو يتعبد لله وفقط؛ لأنه اعتاد ذلك من الصغر.. إننا نريد أن تكون العلاقة بيننا وبين الله علاقة حب، قال تعالى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}... (المائدة : 54)، ولاحظ أن الله ابتدأ بقوله {يُحِبُّهُمْ} فالع


    هذاالأنس ضد الوحشة أي الألفة بالشيء، وهو روح القرب من الله.. قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}... (البقرة : 186).
    ما نستطيع أن نقوله للأخت، ولا نملك لها إلا الدعاء فنسأل الله عز وجل أن يثبتنا وإياها، وأن يتم لنا أمورنا، وأن يصلح لنا الدين والدنيا.
    والله أعلم.




    زائرنا الكريم نحن معك بقلوبنا
    كلنا آذان صاغيه لشكواك ونرحب بك دائما
    في
    :

    جباال من الحسنات في انتظارك





    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    x
    إدراج: مصغرة صغير متوسط كبير الحجم الكامل إزالة  
    x
    أو نوع الملف مسموح به: jpg, jpeg, png, gif
    x
    x
    يعمل...
    X