نرحب بك - في موقعك، ونهنئك على التوبة من تلك الممارسة الخاطئة، ونهنئك على العافية التي وصلت إليها من المرض، ونسأل الله -تبارك وتعالى- لك التوفيق والسداد.
الحمد لله رب العالمين أن هداك إلى الصواب والى الطريق السليم, فعدت إلى فطرتك السوية التي فطرت عليها, ونسأل الله عز وجل أن يعفو عنك، ويغفر لك، ويثبتك على هذه التوبة.
إن ما يجول في خاطرك من شعور بالذنب وبالندم، لهو دليل قوي على أنك إنسانة على خلق ودين - إن شاء الله - , وتأكدي يا ابنتي، بأن الله عز وجل كريم غفور, فالإنسان خطاء بطبيعته, لكن خير الخطائين هم التوابون, ومادمت قد سلكت طريقا يقربك إلى الله, فإنه عز وجل سيعينك ويقربك منه.
وأحب أن أطمئنك - أيتها الاخت العزيزة - بأنه لا داعي لكل هذا الخوف والقلق, فغشاء البكارة عندك سيكون سليما، وستكونين عذراء - بإذن الله تعالى -, لأن الطريقة في الممارسة هي طريقة خارجية لا تؤذي البكارة.
وأكرر لك ثانية بأن ما تشعرين به من خوف وقلق، هو دليل كاف على أن في داخلك إنسانة رقيقة وطاهرة, وهذا الشعور هو الذي سيساعدك على عدم تكرار هذا الخطأ, ولكن بالطبع يجب ألا تسمحي لهذه المشاعر أن تصبح وسواسا دائما يطاردك، أو يسيطر على أفكارك, وينعكس على تصرفاتك، بل عليك أن تسيطري على هذا الشعور، وتتجاوزي الماضي, خاصة بعد أن أكدت لك بأنك ستكونين طبيعية وعذراء - إن شاء الله - , ولن يكتشف أحد ما كنت تقومين به.
فسامحي نفسك على ما مضى، وابدئي صفحة جديدة في حياتك القادمة التي أتمنى لك فيها كل التوفيق إن شاء الله.
ونحب أن نؤكد لك أن العظيم -سبحانه وتعالى-، الذي أعانك على التوبة، والعظيم الكريم الرحيم الذي أعانك حتى بلغت الشفاء، والشفاء بيد الله -تبارك وتعالى-، هو الكريم الذي ينبغي أن تلجئي إليه ليعينك على مستقبل أيامك، ومستقبل حياتك، ونعتقد أن هذا الزواج سيكون فاتحة خير، فأقبلي على هذا الخاطب الذي طرق بابكم، وأرجو أن يتأكد الأهل من صلاحه، وصلاته، وطاعته لله -تبارك وتعالى-.
ونحب أن نؤكد لك أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وأن من تاب تاب الله عليه، وأن هذه الممارسة التي حصلت منك، ثم تبت منها، ورجعت إلى الله -تبارك وتعالى-، يتوب الله -تبارك وتعالى- على مَن يصدق في توبته ويرجع في أوبته، وإذا أخلص الإنسان في توبته، وصدق في رجوعه إلى الله، فأولئك الذين يُبدِّل الله سيئاتهم حسنات.
واعلمي أن هذه الوساوس الزائدة التي تأتيك من الشيطان؛ لأن همَّ الشيطان أن يُحزن الذين آمنوا، والشيطان يريد لمن تاب أن يفقد الثقة في نفسه، والشيطان يريد من الإنسان أن يعود إلى المعصية، ولذلك يوسوس له بمثل هذه الوساوس، أو ليوقعه في معصية أخرى، وهي اليأس من رحمة الرحيم، واليأس من مغفرة الغفور -والعياذ بالله-.
ولذلك نحن نؤكد لك أن الله غفار، كما قال عن نفسه: {وإني لغفّار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى} وغفار صيغة مبالغة، وهو -سبحانه وتعالى- يفرح بتوبة من يتوب إليه.
يريد كذلك الشيطان أن يحول بينك وبين الحلال؛ لأن الشيطان يفرح بالمعاصي، ويغضب من الطاعات،
نسأل الله لك التوفيق، والسداد والهداية، ونكرر ترحيبنا بك في الموقع، وندعوك إلى أن تتعوذي بالله من الشيطان، وأكثري من ذكر مالك الأكوان، وعمّري دارك بتلاوة القرآن، وحافظي على أذكار المساء والصباح، واقرئي على نفسك الرقية الشرعية، والتحقي بمراكز العلوم الدينية، وحفظ القرآن الكريم، وابحثي لنفسك عن رفقة صالحة، يُذكرنك بالله إذا نسيت، ويكنَّ عونًا لك على الطاعة إذا ذكرت، ولا تجلسي وحدك فإن الشيطان مع الواحد، واقتربي من أسرتك، وعيشي معهم، واطردي هذه الوساوس، وكلما ذكّرك العدو بالماضي، وبالمخالفات، جددي التوبة، وأكثري من الاستغفار، فإن هذا العدو سيهرب ويحزن؛ لأنه يبكي إذا سجدنا، ويندم إذا استغفرنا، ويتحسر إذا تبنا، فعاملي عدونا –كما قلنا– بنقيض قصده.
نسأل الله لك التوفيق، والسداد والثبات والهداية. وأما بخصوص عندما تبدا فى اى عمل صالح تاتيها هذه المخاوف وتشعر بالرياء وان من حولها من النساء هم افضل منها
أعلمي بارك الله فيك أن الشيطان - لعنه الله – يحزن حزناً شديداً عندما يجد العبد مقبلاً على طاعة الله تعالى، فهو يجتهد في أول الأمر أن يمنعه من فعل الخير، ويحرص على أن يفسد عليه نيته، وأن يصرفه بأي وسيلة كانت، فإن عجز عن منعه يصاحبه حتى يفسد عليه نيته، فيقول له: أنت ما أردت بهذا الأمر وجه الله وإنما أردت بذلك أن يقول الناس بأنك من أهل المحافظة على الصلاة أو أنك تقرأ القرآن أو أن صوتك جميل أو أنك تساعد الناس ابتغاء مرضات الله، كل ذلك من الرياء وليس له أصل، وأنت لست بصادق في عملك.
يأتيك بهذه الأفكار حتى يمنعك ويحرمك من لذة التنعُّم بالعبادة والطاعة، هذه – أخي الكريم – حرب من حرب الشيطان عليك؛ لأنك - من فضل الله ورحمته - تنتصر عليه وتلقنه كل يوم دروساً في معارك متكررة؛ لأنك عندما تقوم إلى الصلاة تصفعه بالنعل على رأسه، وعندما تقرأ القرآن تجعله أحقر من الذبابة، وعندما تفعل أي فعل من أفعال الخير تجعله هباءً منثوراً؛ ولذلك - من فضل الله تعالى - هذه الأعمال الطيبة التي تقوم بها تشعر الشيطان بأنه ضعيف أمامك، وهو لا يستطيع أن يمنعك من هذا الخير فيتسلط على نيتك ويريد أن يفسد عليك قلبك وأن يقال لك بأنك مرائي، وأنك منافق، وأن عملك غير مقبول، وأنك ترائي الناس بهذا العمل، وأنك ما أردت به وجه الله.
كل هذا إنما هو نوع من الحرب النفسية عليك حتى يمنعك من مواصلة العمل؛ ولذلك وصيتي لك ألا تتوقف أبداً عن الطاعة أو العبادة، بل احرص على أن تزداد منها؛ لأن زيادتك من هذا الخير سوف يزيد الشيطان ذلاً وهواناً وصغاراً وألماً وحسرة، واعلم أنها مسألة وقت فإن الشيطان يستعمل أسلحته لفترة إن وجد أنها لا تجدي تركها وبحث عن غيرها، ولكن أعلم أن الصراع سيظل بينك وبينه على أشده؛ لأنه لا يرى أحداً أخطر عليه من العابدين الراكعين الساجدين أهل القرآن الكريم، فأنت رجل شرح الله صدرك للإيمان، وأعانك على أعمال الدين فاثبت على ما أنت عليه، بل وزد في أعمال الخير، بمعنى إذا كنت تقرأ جزءا من القرآن - إن كانت لديك فرصة - أن تقرأ جزأين فاصنع، إذا كنت تستطيع أن تذهب إلى الصلاة قبل الأذان فافعل، إذا كنت تستطيع أن تصلي غير السنن المؤكدة مع السنن المؤكدة فافعل، إذا كنت تستطيع أن تعمل خيراً أكثر مما تعمل فافعل؛ لأنك بذلك تغيظ الشيطان، واعلم أن الله لن يتخلى عنك أبداً، ولن يكلك إلى الشيطان مطلقاً: ((اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا))[البقرة:257]، ويقول الله تبارك وتعالى: ((إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ))[النحل:128].
فأنت في معية الله وفي عناية الله ورعايته، ولن يدعك الله جل جلاله للشيطان ليعبث بك، أهم شيء أن تواصل المسيرة، وأن تزيد في الجرعة، وألا تنظر وراءك، وكلما جاءك الشيطان بهذه الأفكار اتفل عن يسارك وقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وأكثر من الاستعاذة التي علمك إياها النبي صلى الله عليه وسلم حيث علم أحد الصحابة: (اللهم ألهمني رشدي، وأعذني من شر نفسي) هذا أولاً.
وثانياً: (اللهم إني أعوذ بك من الشيطان وشِرْكه، اللهم إني أعوذ بك من همزه ونفخه ونفثه)، وبإذن الله تعالى أنت منصور -- منصور منصور - بإذن الله تعالى – فاستعن بالله وتوكل على الله ولا تتوقف، واعلم أن الله لا يضيع أهله وأنت من أهله، ولا نزكيك على الله.
ولذلك أتمنى أن تضرب بهذا الكلام كله عرض الحائط تمامًا، وألا تفكر فيه مطلقًا، وأن تجتهد في حفظ القرآن وقراءته، ولا تلقي بالاً بمسألة أن الناس يحبون أو لا يحبون، وإنما اجتهد في أن تحفظ وأن تقرأ ه، كل الذي عليك إنما هو أمر واحد: ألا تجعل هدفك أن يرضى الناس عنك، ابعد هذه المسألة، ولكن اجعل هناك هدفا أكبر من هذا، لأنه أن يرضى الناس عنك هذا لا يقدم ولا يؤخر،هل أنت ستستفيد من ذلك أشياء كثيرة، مجرد إشباع رغبة داخلية ولكن لن يفيدك شيئًا.
عليك أن تجتهد في أن يمدحك الله، وأن يُثني عليك الله، وأن يُحبك الله، اجعل هذا هدفك، ولذلك ستجد أن حرصك على مدح الناس يكون شيئًا حقيرًا؛ لأن ما قيمة الناس أمام رب الناس سبحانه وتعالى؟ وما قيمة أن يمدحك سين أو صاد من الناس أمام أن يُثني عليك الملك الجليل سبحانه وتعالى، وأن يستمع إليك جل جلاله؛ لأن النبي - عليه الصلاة والسلام – قال: (ما أَذِن الله لشيء كما أذنِ لرجل حسن الصوت بالقرآن) فإذن أنت قد أعطيت نعمة، والشيطان يريد أن يحرمك وأن يحرم المسلمين منها.
فعليك أن تضرب بهذا الكلام كله عرض الحائط، وألا تفكر فيه مطلقًا، وعليك أن تجعل هدفك مرضاة الله تعالى، ولا تشغل بالك بالناس. هذا أولاً.
ثانيًا: عليك أن تدعو الله بهذا الدعاء الذي علمنا إياه النبي - عليه الصلاة والسلام -: (اللهم إني أعوذ بك أن أُشْرِكَ بك شيئًا أعلمه، وأستغفرك لما لا أعلمه)؛ لأن هذا هو علاج الرياء، ولا تحاول أبدًا حتى وإن مدحك الناس وفرحتَ بذلك فهذا عاجل بُشرى المؤمن، لكن لا تجعل هذا هدفك، واجتهد في أن تعدل النية، لأنه قد يكون هدفك فعلاً ذلك، ولكن هذا قد يعكر عليك الصفو، أنت تستطيع أن تعدل النية بأن تجعل هدفك فقط إنما هو مرضاة الله، أما إذا مدحك الناس وأثنوا عليك وأنت فرحت بذلك فلا حرج في ذلك شرعًا.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأتمنى أن تحفظ القرآن في أقصر فترة زمنية ممكنة،، ويُحبب الله فيهم، أسأل الله لك ذلك، والهداية والرشاد. هذا وبالله التوفيق.
هذا وبالله التوفيق، وصلَّ اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
تعليق