الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:لسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمن المفيد والنافع جداً لك معرفته أن تعلم أن الناس على ثلاثة أقسام في الصحبة واللقاء.
1- صاحب مصلحة همه قضاؤها ثم الذهاب عنك.
2- صاحب لهو وتسليه، همه أن يتسلى معك ووقت الحاجة لا تجده إلى جانبك.
3- صاحب ود ومحبة وأخوة لك فهذا هو الصديق.
وإنما سمي الصديق صديقاً؛ لأنه صادق في مودته، وصادق في حرصه عليك، وصادق في صداقته، وهذا قليل جداً في الناس، وإن كان - بحمد الله - لا زال موجوداً، فإن أردت إيجاده فاجعل صحبتك وصداقتك أساسها هو طاعة الله والحب فيه، فمتى وجدت صديقاً صالحاً يعينك على طاعة الله، ويحرص على إيصال النفع إليك، فيفرح لفرحك، ويحزن لحزنك، فهذا هو الصديق والخليل، الذي تدوم مودته إلى يوم الدين، وكل صداقة ليس منشؤها تقوى الله وطاعته، فهي صداقة زائفة منقطعة لا محالة، كما قال تعالى: ((الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ))[الزخرف:67].
وأيضاً، فإن مما ينفعك علمه والعمل به أن تصبر حتى تجد الصديق الصادق، وأما من ظهر لك عدم صدقه، وأنه ما يصاحبك إلا للمصالح، فهذا اجعله من ضمن من تعرف، لا من ضمن من تصاحب وتصادق، فإن المرء على دين خليله، ومن المعلوم أن صحبة أصحاب المصالح غايتها تحقيق هذه المصالح، فانتظار وجود الأخ في الله، الذي هو الصديق الناصح، خير من تعجل مجيئه عند من لا يستحق ذلك.
وأما بالنسبة للطريقة التي تكتسب بها الأصدقاء فإنها سهلة وميسورة، وأنت بلا شك تشعر أن بعض الزملاء قريب إلى نفسك، وبينكما تبادل في المنافع، وتطابق في وجهات النظر، وتماثل في نمط الحياة، وقبل ذلك يجتمعان على حب الصلاة والصلاح، وهذه الأشياء بلا شك مقدمات ووسائل تساعدك في مسألة اكتساب الصديق، والأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.
وإذا وجد الإنسان في نفسه حباً لأخيه فمن السنة أن يعلن ذلك ويعلمه به، ويقول له أحبك في الله، ويرد عليه الآخر بقوله: (أحبك الله الذي أحببتني فيه) وعليهم بعد ذلك أن يراعوا الله في تلك العلاقة، وأن يرتفعوا بها لتكون عوناً على البر والتقوى.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله لكم التوفيق والسداد.
ومن الأمور العظيمة سؤال الله تعالى أن يرزقك الأخ في الله، الذي يكون لك نعم الصديق، فإن الدعاء سلاح المؤمن، مضموماً إلى ذلك، أن تحاول أن توجد صديقاً يمكنك البقاء معه ليل نهار، وذلك هو الزوجة الصالحة، فاجهد في البحث عنها، تكن لك نعم الصديق، كما قال صلى الله عليه وسلم: (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة) خرجه مسلم في صحيحه.
ونسأل الله لك التوفيق والفلاح والنجاح.
فمنهج الرسول صلى الله عليه، في الدعوة الإسلامية منهج متكامل في الحكمة والرفق والقدوة الحسنة، وقد أرشده القرآن إلى أساليب الدعوة بقوله: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ {النحل:125}، وقوله تعالى: وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ {آل عمران:159}.
فكان صلى الله عليه وسلم يستعمل في بعض الحالات أسلوباً من الرفق لا يجارى، من ذلك حديث الأعرابي الذي بال في المسجد، فلما زجره بعض الصحابة بشدة قال صلى الله عليه وسلم: لا تزرموه. أي لا تقطعوا عليه بوله. وقال: اتركوه! حتى إذا انتهى من بوله دعاه فقال له: إن هذه المساجد إنما بنيت للصلاة والذكر، ولا تصلح لشيء من القذر والبول. أخرجه البخاري. ومن ذلك حديث الشاب الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فطلب منه أن يبيح له الزنا، فدعاه صلى الله عليه وسلم فجعل يسأله: أتحب الزنا لأمك؟ فيقول: لا والله، جعلني الله فداك، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، أتحبه لابنتك؟ فيقول: لا والله، جعلني الله فداك، فيقول صلى الله عليه وسلم: ولا الناس يحبونه لبناتهم..... الحديث رواه أحمد. ومن أساليبه الدعوية الحكيمة بسط وجهه للناس، وكان يأمر بذلك أصحابه، يقول في حديثه الشريف: لا تحقرن شيئاً من المعروف، وأن تكلم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك إن ذلك من المعروف. رواه أبو داود والترمذي. ومن أساليبه التدرج بالبدء بالأهم ثم المهم وهكذا، ففي صحيح البخاري: أنه صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن وقال له: إنك تأتي قوما من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة إلا إله إلا الله، فإن هم أجابوك لذلك، فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة.... الحديث. ولسنا قادرين على حصر أساليب دعوته صلى الله عليه وسلم. وننصح الأخ الكريم بالرجوع إلى كتاب الدعوة إلى الله للدكتور أبي الفتح البيانوني.
فإن من أراد أن يدعو غيره إلى الله فيلزمه أن تكون دعوته على بصيرة لأن الله يقول: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني)[يوسف:108] والبصيرة هنا هي العلم بما تدعو إليه، والعلم بحال المدعو، والعلم بالطريقة التي توصل الحق إليه.
فعليك أن تتدرج في الدعوة إلى الله
وسائل استمالة القلوب وكسب محبة الناس
1.الزهد في الدنيا
ومن وسائل استمالة القلوب وكسب محبة الناس الزهد في الدنيا، وقد جاء رجل كان له همّ في هذا الجانب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال : يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللَّهُ وَأَحَبَّنِي النَّاسُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ، وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّوكَ".رواه ابن ماجه (4102) وحسنه النووي، وصححه الألباني.
فمن سأل الناس ما بأيديهم كرهوه وأبغضوه لأن المال محبوب للناس، فإذا نازعتهم في محبوبهم حصل ما حصل من النفرة، فإذا استغنيت عن ما في أيديهم اجتمعوا عليك وأقبلوا.
قال أعرابيٌّ لأهل البصرة : من سيِّدُ أهل هذه القرية ؟
قالوا : الحسن .
قال : بم سادهم ؟
قالوا: احتاجَ الناسُ إلى علمه، واستغنى هو عن دنياهم.
وكتب أبو الدرداء إلى بعض إخوانه: " أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله، والزهد في الدنيا والرغبة فيما عند الله، فإنك إذا فعلت ذلك أحبك الله لرغبتك فيما عنده، وأحبك الناس لتركك لهم دنياهم، والسلام ".شعب الإيمان(7 / 381).
2.إفشاء السلام
ومن وسائل استمالة القلوب الشرعية: إفشاء السلام، ولذلك قال -عليه الصلاة والسلام- "لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ: أَفْشُوا ( إفشاء، إعلان، إشهار، نشر، إكثار، ممارسة عملية، باستمرار ) السَّلَامَ بَيْنَكُمْ".رواه مسلم (54) .
إنه يغرس المحبة، ويزيل العداوة،
قال الحسن البصري : " المصافحة تزيد في المودة".
قال بعض السلف : ( تَصَافَحُوا يَذْهَبُ الْغِلُّ ).
وقال إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز الزهري: خرَجتْ لأبي جائزته [ من الخليفة، من بيت المال ]، فأمرني أن أكتب خاصته وأهل بيته – يدون الأسماء، لأن توزيع ما يأتي من الرزق كان من سنن السلف -، ففعلتُ.
فقال لي: تَذَكَّر، هل بقي أحد أغفلناه.
قلت: لا .
قال: بلى، رجل لقيني فسلم علي سلاماً جميلاً، صفته كذا وكذا، اكتب له عشرة دنانير.مكارم الأخلاق صـ 113.
3.الابتسامة وطلاقة الوجه
من وسائل استمالة القلوب الابتسامة والبشاشة وطلاقة الوجه، وهذا الذي أخبر به -عليه الصلاة والسلام- بقوله : "لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ".(رواه مسلم).
إن نور الوجه حين يبتسم يجعل القلب أسيراً في رضاه، وهذه الابتسامة طيبة، كلمة من غير حروف، لا تكلف كثيراً لكنها تعني الكثير.
4.الزيارة في الله
ومن وسائل استمالة القلوب الشرعية الزيارة في الله: وقد كان من هديه -عليه الصلاة والسلام- أن يزور أصحابه. إن أردتم من صديق *** وصل ودٍّ أو قراره فـعــليــكــم بـالـزيارة *** تارة من بعد تارة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا. فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ. قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ. قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟. [ أَيْ تَقُوم بِإِصْلَاحِهَا , وَتَنْهَض إِلَيْهِ بِسَبَبِها، علاقة مالية ]. قَالَ: لَا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ".رواه مسلم (2567). مَنْ زَارَ غِبًّا أَخًا دَامَتْ مَوَدَّتُهُ *** وَكَانَ ذَاكَ صَلَاحًا لِلْخَلِيلَيْنِ
5.الإحسان إلى الناس ومن الوسائل أيضاً الإحسان إلى الناس وقضاء حوائجهم، فقد جبلت القلوب على الميل لمن أحسن إليها، وقال عمر بن الخطاب لسعيد بن عامر [ وكان واليا على الشام ]: ما لأهل الشام يحبونك.
فقال : لأني أعاونهم وأواسيهم . المستدرك على الصحيحين (4 / 441).
والإحسان إلى الناس ليس فقط طريقاً لمحبتهم، وإنما هو أيضاً محبة الله لهذا المحسن، "أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ أَنْفَعُهُمْ للناس".حسنه الألباني. {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}(البقرة : 195).
فهذا السخاء يأسر القلوب ..
ثم إدخال السرور عليهم، مما يجمعهم عليك، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مؤمن، وهذه عبادة، ولو كانت بطرفة تفرج به عن أساريره إذ اجتمعت عليه أسباب الكرب وغموم الدنيا . وأما إطعام الطعام ودعوة الناس إليه، فإنه أيضاً مما يجعل ما بينهم محبة لمن أطعمهم، يجعل فيهم محبة لمن أطعمهم، وإهدائهم له إثر عجيب، فلذلك قال : "تهادوا تحابوا". حسنه الألباني.
وعن أنس قال: " يا بني! تبادلوا بينكم -يعني الهدايا- ؛ فإنه أودّ لما بينكم". صحيح الأدب المفرد..
فهي تسل السخيمة, وتجلب المودة، وتزرع المحبة، وتنفي الضغينة, وتصّير البعيد قريباً، والعدو صديقاً، والبغيض ولياً، والثقيل خفيفاً.
ثلاث تكسبك محبة الناس: التواضع, والإهداء, والإصغاء.
وحفظ الجوار أيضاً، فإنك إذا بذلت له ما بذلت، وعدته في مرضه، وعزيته في مصيبته، وهنأته في فرحته، وصفحت عن زلته، وسترت عورته، فإنه يحبك بلا ريب.
ثم إن الثناء على الناس بالحق يستجلب القلوب أيضاً، وقد كان -عليه الصلاة والسلام- يثني على أصحابه بالحق، ليلفت أنظار الآخرين ما تميز به فلان وفلان.
قالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى أَبِي فَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ بِشْرٍ بن الحارث, فَذَكَرُوهُ – يعني ذكروا أحمد بن حنبل في مجلس بشرٍ - فَأَثْنَى عَلَيْهِ بِشْرٌ، وَقَالَ: لَا يَنْسَى اللَّهُ لِأَحْمَدَ صَنِيعَهُ، ثَبَتَ وَثَبَتْنَا، وَلَوْلَاهُ لَهَلَكْنَا.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَوَجْهُ أَبِي يَتَهَلَّلُ.
فَقُلْت: يَا أَبَتِ أَلَيْسَ تَكْرَهُ الْمَدْحَ فِي الْوَجْهِ؟
فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إنَّمَا ذُكِرْت عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، وَمَا كَانَ مِنِّي فَحَمِدَ صَنِيعِي، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ)).الآداب الشرعية (4/149). [ والحديث صححه الألباني في الصحيحة].
ثم هناك أمور أخرى لا تقل أهمية عن العلم، منها: استعمال الحكمة والموعظة الحسنة ولين الجانب وعدم التعنيف، ومراعاة الوقت والمكان المناسب حال الدعوة ومنها: التحلي بالصبر والتحمل لما لا بد للداعي أن يتعرض له من طرف المدعوين من الأذى والنيل من عرضه أثناء أدائه لمهمته الكبيرة قال تعالى مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم ( ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله) [ الأحزاب:48].
ومنها: أن يكون سلوك الداعية وعمله وتصرفاته موافقة كلها لما شرع الله تعالى حتى لا يكون هناك تناقض بين ما يدعو الناس إليه وبين ما يطبقه هو في نفسه فيكون كلامه صرخة في واد أو نفخة في رماد، كما قالوا. قال تعالى: ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ) [البقرة:44] وقال الشاعر:
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يسمع ما تقول ويقتدى بالقول منك وينفع التعليم
فإذاً مدحه بالحق، وكانت شهادة بغير طلب، وليست كما يفعل اليوم من طلب المدح واستجلابه بالمال، وشهادة زور تقال في أبيات لا تغني عند الله شيئاً، ولذلك قال: احثوا في وجوه المدّاحين التراب. فهذا المدح بالباطل، الذي جعل الشاعر فيه بضاعته المدح، يستأكلون به الممدوحين، فأما المدح بالحق دون طلبٍ تأتي شهادة يجريها الله على ألسن عباده بالثناء على صلاح أحد من الصالحين، أو معروفه، فهذه شهادة بالحق ومن عاجل بشرى المؤمن، ((أنتم شهداء الله في الأرض)).
ثم الدعاء بالشكر، إذا قصرت يداك بالمكافأة فليطل لسانك بالشكر والدعاء، وحسن الكلام والكلمة الطيبة، له أثر في تأليف القلوب واستجلاب المحبة، كسبت مطلقة زوجها مرة أخرى بحلاوة منطقها وطيب خلقها، فقد طلق الحسن بن علي امرأتين – رضي الله عنه ورحمه - قرشية وجعفية وبعث إلى كل واحدة منهما عشرين ألفاً.
وقال للرسول: احفظ ما تقول كل واحدة منهما , فقالت القرشية: جزاه الله خيراً, وقالت الجعفية: متاع قليل من حبيب مفارق- كل هذا المال بجانب المفارقة قليل، فهو أثمن من المال،ـ فهي لا زالت تحبه مع أنها فارقها- فأعجبه قولها، وراجعها.
وقال أحد الصالحين: " لا يكسب محبة الناس في هذا الزمان إلا رجل خفيف المؤونة عليهم، وأحسَنَ القولَ فيهم، وأطابَ العشرة معهم ". حلية الأولياء (9 / 376).
كم تأتي هذه الكلمة الطيبة بحسناتٍ تجمع القلوب، وتسوي صفوفاً قد تمزقت، وتزيل أحقاداً في نفوسٍ قد اجتمعت .
وحسن الإصغاء كذلك، " كان -عليه الصلاة والسلام- إذا حدث أحد التفت إليه بوجهه وأصغى إليه، ولا يقطع عليه كلامه . من لي بإنسان إذا أغضبته *** وجهلتُ كان الحلمُ ردَ جوابه
تعليق