فإن هذا السؤال يدل - بحمد الله عز وجل – على أنك تتحرين طاعة الله جل وعلا، وعلى أنك لا تريدين أن تقعي في معصيته حتى فيما بينك وبين ربك وفي أمور لا يطلع عليها الناس، فهذا من توفيق الله جل وعلا وحسن رعايته لك فله الحمد جل وعلا أن يسر لك الحرص على طاعته في السر والعلن؛ قال تعالى: (( وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ))[الحجرات:7-8]. ننصحك أن تستغفري الله عز وجل،
وأما عن سؤالك الله جل وعلا أن يكون هذا الرجل من نصيبك وأن يتزوجك فهذا لا مانع منه؛ بشرط ألا تقصدي بذلك أن يطلق زوجته وأن يتركها لأجل أن يتزوجك، فهذا من الدعاء بالضر كذلك، وأما إن قصدت أن يتزوجك مع بقاء زوجته في عصمته فلا مانع من هذا الدعاء، على أن الأولى لك والأفضل أن تدعي بما فيه صلاح دينك، فإنك لا تدرين هل لو تزوجت هذا الرجل تكونين سعيدة معه أم لا؟ وهل ستنتظم حياتكم كما ينبغي أم لا؟ فهذه أمور في علم الله جل وعلا، فكم من رجل أحبَّ امرأة وأحبته ثم بعد ذلك تزوجا فلم تنتظم لهم السعادة ولا الحياة الهانئة، بل افترقا على الرغم من أنهما كانا متحابين قبل الزواج، وهذا كثير لا يحصى عدداً، فالأفضل أن تدعي الله جل وعلا بالدعاء الجامع، كأن تقولي: (( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ))[الفرقان:74] وهذا وصف عباد الرحمن الذين هم أولوا الألباب والذين هم خاصة الله عز وجل وأولياؤه، ولا مانع أن تقولي: اللهم زوجني فلاناً.. فهذا دعاء جائز، والأكمل من هذا أن تقولي: اللهم إن كان زواجي بفلان خيراً لي فاقدره لي.. والأكمل من كل هذا أن تقولي: (( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ))[الفرقان:74] فلتفوضي أمرك إلى الله، وتسأليه الزوج الصالح الذي يقر عينك، فهذا هو خير ما تقومين به، وعليك بأن تتناسي هذا الأمر، وألا تلتفتي إليه، وأن تتشاغلي بالدعاء وذكر الله عز وجل والأعمال الصالحة، وكذلك قطع الفكرة في هذا الشأن، والالتفات إلى مصالح دينك ودنياك، فإن هذا هو الذي يُذهب عنك الفكر في هذا الأمر حتى لا تظلي متحسرة متأسفة وأنت لا تنالين شيئاً بل يحملك ذلك على الهم والغم وعلى التعاسة فهذا أمر ينبغي أن تتجنبيه، فاعرفي مصلحتك، واستمسكي بحبل الله عز وجل ولن يضيعك ربك، والله يتولاك برحمته ويرعاك بكرمه، واقبلي على
الطاعة والذكر وتلاوة القرآن وحفظه
ونسأل الله عز وجل أن يرزقك الزوج الصالح الذي يقر عينك.
تعليق