إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

خائفة ان اكون ظالمة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خائفة ان اكون ظالمة

    السلام عليكم و رحمة الله

    انا خائفة ان اكون ظالمة :

    ظلمني من كانوا اقرب الناس لي اقارب و اصدقاء بسبب طيبتي فانا لا ارد سائلا و ابذل من جهدي و وقتي كي اساعدهم و اخفف عنهم الاحزان
    لكن ما ان يتعافوا ينقلبوا ضدي و يبتعدوا عني و كاني اصبحت عبئا عليهم ربما لا يريدون تذكر الامهم و كل شيئ يذكرهم بالامهم مثلي

    و يسيؤون الي و يجرحونني :

    - يفتخرون بنجاحهم في الدراسة امامي و يتهكمون على عدم قدرتي على تجاوز الامتحان الدراسي بعد 3 محاولات رغم اني ساعدتهم في ذلك لكن ماذا افعل ان كنت ضعيفة في بعض المواد

    - احداهم تفتخر بصحتها امامي و تعلم بمرضي المزمن الخطير حتى لم تكلف نفسها ان تتمى لي الشفاء و تخبرني ان مرضي عقاب لي

    - الاخر يفتخر ان له زوجة و يخبرني انني ساذجة و ان بقيت هكذا لن يرضى بي احد

    - و الاخرى تحدثني عن سعادتها بحملها و تلمح ان مرضي قد يمنعني من الحمل هذا ان تزوجت

    - و الاخرى تفتخر بمالها و سيارتها و انا احتار حتى في شراء حذاء جديد لذلك هي لا تقوم بدعوتي في مناسباتها لا ني لا املك ملابس لائقة هذه ليست خيالات لكني سمعتها صدفة تتحدث بذلك

    و غيرها

    كنت في البداية اسامحهم لكن لم اعد اقدر على ذلك طلبت من الله ان ينصرني عليهم و ياخذ حقي

    و منذ ذلك الوقت كلما دعوت :

    اشعر ان الله يعاقبني على اي خطا ارتكبه صدقوني اذا اذنبت في الصباح حتى لو كان ذنبا صغيرا اعاقب على ذلك في نفس اليوم
    حتى اصبحت خائفة كلما اذنبت اختلي بنفسي و ابكي و اطلب من الله ان لا يعاقبني لان عقابه لي يكون بتسليط احدهم علي

    اما من ظلموني فدائما يقولون انهم هم المظلومين و يشتكون يجرحونني فابتعد عنهم فيتهمونني اني انانية

    وكلما دعوت الله ان ينصرني اجده يفتح عليهم بالمزيد من النعم و المال و الاولاد و المناصب
    فاتساءل كيف يكون الظالم سعيدا اين حقي؟ لماذا اموري في تدهور و هم في تحسن
    انا اراقب الله دائما في تصرفاتي و احب الخير للجميع

    فهل انا ظالمة
    هل الله غاضب مني
    و ان كنت مظلومة متى ينصرني الله عليهم فانا اتلم قهرا

    افيدوني جزاكم الله خيرا

  • #2
    رد: خائفة ان اكون ظالمة

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:



    فاعلمي رحمك الله أن هذه الدنيا دار ابتلاء، وهذا الابتلاء لا ينجو منه أحد حتى من اصطفاهم الله من عباده وهم الأنبياء، وأكثرهم بلاء في هذه الدنيا نبيناً محمد صلى الله عليه وسلم، ولذلك هو أرفعهم درجة وأعلاهم درجة والابتلاء كما يكون في أمور الدنيا من فقد مال أو موت ولد أو تأخر في الزواج أو مرض أو غير ذلك، فإنه أيضاً يكون في الدين، فهناك من يبتلى بفعل الكبائر أو ترك الصلاة أو نحو ذلك.

    فاحمدي الله أن جعل مصيبتك في أمر من أمور الدنيا ولم يجعل مصيبتك في دينك، واعلم أن من ابتلاه الله في الدنيا فصبر فسيعوضه الله في الآخرة، والآخرة خير وأبقى، والآخرة خير من الأولى، وما عند الله خير للأبرار، فإذا صبرت على قدر الله فلك من الله أجر عظيم، قال الله تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر:10}.

    ومن يتصبر يصبره الله حتى يتكيف مع ما ابتلاه الله به، ولذلك ثبت في صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: وجدنا خير عيشنا بالصبر.

    والدنيا ساعة أو ساعات معدودة محدودة، ثم نلقى الله، وغمسة واحدة يغمسها المؤمن في الجنة تنسيه كل شقائه في الدنيا، فقد ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ صبغة في الجنة، فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط؟ هل مرّ بك شدة قط؟ فيقول: لا والله يا رب!!! ما مرّ بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط !!. رواه مسلم.
    والابتلاء تارة يكون لتكفير الخطايا ومحو السيئات، وتارة يكون لرفع الدرجات وزيادة الحسنات، وتارة يقع لتمحيص المؤمنين وتمييزهم عن المنافقين، وتارة يعاقب المؤمن بالبلاء على بعض ذنوبه







    ثم إن البلاء البدني الذي ابتليت به لا ينبغي أن يمنعك عن ممارسة الحياة بصورة طبيعية، بل عليك أن ترضى بقضاء الله وقدره رضا حقيقياً ظاهراً وباطناً ففي ذلك سعادة الدنيا والآخرة والراحة والطمأنينة ولذة الحياة التامة وامتثل وصية الناصح الحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم. رواه مسلم وأحمد وغيرهما.

    فهناك من ابتلي في بدنه بلاء لا يستطيع معه النوم، وهناك من تعطلت كليتاه فيحتاج إلى الغسيل الكلوي دورياً، وهناك من شُلَّت قدماه ويداه فلا يستطيع الحركة إلا بمساعد وهناك من أصيب بالعمى وهناك من أصيب بالجذام وتساقط لحمه وقذره الناس وفروا منه حتى لا تصيبهم العدوى، وهناك من جُنَّ وضحك منه الصبيان وطاردوه في الشوارع ورموه بالحجارة، فأين أنت من هؤلاء؟ والله أنت في نعمة وسيزيد شعورك بها إذا قارنت نفسك بمن هو أشد بلاء منك وبمن هو أدون منك في أمور الدنيا.

    فلا تستسلمي لإحزان الشيطان لك، وثق بالله، وأر الله منك صبراً جميلاً واشكره على ما أنت فيه، واحمده حمداً كثيراً، ولا تتمن الموت فإن في حياتك شاكراً صابراً محتسباً رفعا لدرجاتك وتكفيرا لسيئاتك وفي موتك قطعا لذلك كله، ولا تغفل عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه فإن كان لا بد فاعلاً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي. متفق عليه.

    وهذا الدعاء أولى بك من الدعاء الذي ذكرت أنك تدعو به، وحذار من اليأس من رحمة الله، قال الله تعالى: إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف:87}، وقال تعالى: وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ {الحجر:56}.

    فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا؛ إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ رواه البخاري و مسلم وغيرهما.
    الوصب: المرض.
    فكل ما يصيب المسلم في هذه الدنيا كفارة لذنوبه إذا هو قابل ذلك بالصبر واحتساب الأجر عند الله تعالى، قال تعالى:وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ*الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ*أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:155-157]
    إن هذه كلمات فتاة قد ذاقت مرارة الظلم، وقد لوَّع قلبها ما تجده من معاملة ظالمة ومن خيانة ومن غدر قد مرت به من بعض الناس، فهذه كلمات تنطق بوضوح وتدل دلالة ظاهرة على مدى الألم الذي يعتريك بسبب ما تعرضت له من ظلم الناس، وهذا الظلم الذي قد تكرر بأنواع شتى عليك قد جعلك تفقدين الثقة في الناس حتى إنك لا تمر بك حادثة أو فعل من بعض معارفك أو بعض من تخالطينهم إلا وحملت ذلك على محملٍ فيه الشك في النوايا وفيه الشك في ما وراء هذه الأفعال، وكأنك تقولين لنفسك: لن ألدغ من جحر واحد مرتين وسآخذ حذري من الناس.. نعم إن الظلم مُرٌّ، وإن له في النفس حرْقةً ومرارةً، فإن الظلم قبيح كاسمه وقد حرمه الله جل وعلا على نفسه الكريمة، وحرمه على عباده المؤمنين، فالظلم لا يباح بوجه من الوجوه ولا مع أحد من الناس سواء كان الظلم للمسلم أو كان الظلم للكافر، فالظلم حرام من جميع الوجوه وفي جميع الأحوال، فلا يباح إلا ما شرعه الله تعالى وهو العدل مع المسلم ومع الكافر.

    وحتى الظالم يا أختي فلابد من أن يعامل بالعدل، ولذلك أخرج مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكيه عن ربه تبارك وتعالى أنه قال: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا). وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم أنه قال: (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم) وقد أخرج مسلمٌ أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من اقتطع حق مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرَّم عليه الجنة، فقال رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ فقال: وإن قضيباً من الأراك) أي وإن كان عوداً للسواك يُستاك به، فهذا هو الظلم وهذه هي قباحته وهذه هي شناعة حاله وشناعة مآله.

    وأما عن هذه المعاناة التي تعانين منها، وهي أنك قد وجدت نفسك قد صرت تشكين في نوايا الناس وتشكين في أعمالهم وكأن من وراء أعمالهم خبايا مدفونة من وراء هذه الأفعال حتى بت لا تثقين في أحد من الناس أو في غالب الناس، فهذا الذي وقع لك هو نتيجة ما حصل لك تباعاً من هذا الظلم ومن الغدر الذي قد ذقته على أيدي بعض الناس ممن وثقت فيهم أو أوليتهم الأمان والطمأنينة إلى جانبهم.
    ومع هذا يا أختي فإن خير ما تعالجين به هذا الأمر هو أن تتصفي بأحسن الصفات وأكملها وأعدلها، ألا وهو اتباع الشرع، فمن اتبع شرع الله جل وعلا فقد كفاه الله المئونة، وقد أصاب العدل في عامة تصرفاته، وقد أصاب الهدى والسداد؛ كما قال الله تعالى: (( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا ))[طه:132-124]. وقد بيَّن الله جل وعلا أن العدل مطلوب في جميع الأحوال، فخير ما تواجهين به من ظلمك هو العدل معه وهو إنصافه، فمن ظلمنا وعصى الله فينا قابلناه بما أمر الله تعالى به وبما شرعه لنا من الانتصاف لأنفسنا أو من العفو عمَّن ظلمنا، فكل هذا هو من مسلك الشرع ومما أمر الله تعالى به وندب إليه، فإما إحسانٌ ومقابلة للظلم بالعفو والصبر، وإما أخذٌ للحق وانتصاف للنفس وليس على المؤمن في ذلك من سبيل؛ كما قال تعالى: (( وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ))[الشورى:41-43].
    وهذا هو الذي ينبغي أن تحرصي عليه مع من ظلمك، فمن ظلمنا وعصى الله فينا أطعنا الله فيه، فأخذنا بذلك بجانب التقوى، ومن ظفر بالتقوى فقد ظفر بالفلاح والنصر ولو بعد حين، قال الله تعالى: (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ))[الطلاق:2-3]. وقال الله جل وعلا: (( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ))[النحل:128]، وقال جل وعلا: (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ))[الطلاق:4] وقال جل وعلا: (( وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ))[إبراهيم:42].
    وهذا يا أختي مما يعينك على التصبر، ويعينك على أن تهوني على نفسك مرارة الظلم، فإن الإنسان بطبعه فيه ظلم وقد يزيد هذا الظلم بحسب الأحوال وبحسب ما تقتضيه أخلاق الناس وأعمالهم من البعد عن شرع الله، فكلما كان شرع الله قائماً والعمل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ظاهراً كلما كان الناس أبعد عن الظلم، فإن هذه الشريعة الكاملة إنما جاءت لإحقاق الحق ولدفع الظلم ولإحقاق العدل، فالعدل هو أساس الشرع وهو أساس هذه الملة، ولذلك قال تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ))[النحل:90].. فالله جل وعلا قد حرم الظلم والذي أشنعه هو الإشراك بالله كما قال تعالى: (( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ))[لقمان:13]. وحرم مجرد الظلم العادي ولو كان بالمقال، بل نصَّ طائفة من الأئمة أن مجرد النظر إلى المسلم نظراً يكون فيه شيء من الأذية كالنظرة يظهر فيها العداوة أو التي يظهر فيها الاحتقار أو الشماتة دون كلام ودون تصرف أن هذه النظرة هي من المحرمات؛ لأنها من الأذية لعباد الله، وقد ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه) متفق عليه.

    فعليكِ بهذا الميزان العظيم وهذا الأصل الجليل وهو الانتصاف ممن ظلمك إن شئت والعفو عنه إن استطعت أن تكظمي غيظك وهذا هو الأولى، وأما في نظرتك وتعاملك مع الناس فعليك أن تنتبهي أن الميزان الحق ألا تعممي الأحكام على الناس، وأن تعلمي أن من الناس الصالح والطالح والمحسن والمسيء والبر والفاجر، ومن الظلم أيضاً أن تعممي الحكم على جميعهم، فلا تقابلي الظلم بالظلم، ولكن قابلي الظلم بالعدل والإحسان، فإذا عوملت من جهة بعض الناس فصنع لك مثلاً أحدهم معروفاً فلا تسيئي به الظنَّ، ولكن احملي معروفه على الخير وعلى الفضل، ومع هذا فلا مانع من الاحتياط ولا مانع من التوقي؛ فإذا أحسنت إليك أختك في الله وقالت لك كلاماً لطيفاً وعبرت لك مثلاً عن مشاعرها، أو أسدت إليك معروفاً، فليس من الصواب أن تقابلي هذا المعروف بأن تحمليه على محامل السوء وعلى مقاصد الشر، ولكن ادعي لها بظهر الغيب، واسألي الله لها التوفيق واشكري لها صنيعها، ثم في نفس الوقت كوني محترسة حذرة، بحيث تعلمين أن الناس إذا خولطوا فإنهم يحتاجون إلى رعاية ويحتاجون إلى حذر وفطنة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين) متفق عليه.. فهذا تنبيه بليغٌ عظيم من النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمنين ليكونوا آخذين بالحذر والاحتياط، ومن جوامع الكلم الذي صدر من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (لست بالخب ولا الخب يخدعني) أي: لست بالمخادع ولكن المخادع لا يقدر على خداعي، وهذا هو شأن المؤمن الكيس الفطن، فكوني آخذة بهذا الأصل العظيم وهو حمل أعمال الناس على ظاهرها من الخير والفضل، مع الفطنة والحذر والتوقي والاحتراس، فبذلك يكمل لك بإذن الله عز وجل الخير والفضل.

    وأيضاً فإن هذا يعينك على ألا تسيئي إلى من أساء إليك بأن تبسطي لسانك فيه، فعودي نفسك على الاحتساب، فمن ظلمك فلا تظلميه ومن اعتدى عليك فلا تتجاوزي حد الشرع فيه، فمثلاً إذا اغتابك إنسان فلا تقابلي معصيته بمعصية، ولا تقابلي غيبته بغيبة مثلها، فإن هذا من دفع الظلم بالظلم، وهذا من جنس أعمال الفجرة وليس من أعمال البررة، وإنما خلق المسلم أن يدفع الظلم بتقوى الله، فمن اغتابك بغير حق ففوضي أمرك إلى الله، فأنت بين خلقين اثنين: إما عفو وصفح، وإما أن تسألي الله عز وجل أن يقتص لك وأن يأخذ لك بحقك، وكل هذا يا أختي جائز مشروع ولا حرج عليك منه.

    وأيضاً فإن وقع بعضهم فيك بالسوء وبسط لسانه فيك جاز لك أن تدفعي عن نفسك ما ظلمك به، وأن تبيِّني كذبه واختلاقه عليك، ومع هذا فابتعدي عن بسط لسانك فيه، وأميتي مقالة الشر ومقالة السوء بأن تعرضي عنها؛ فإن هذا من خير ما تدفعين به أذى الناس، وتذكري أجرك عند الله، وتذكري يوم الفصل الذي يجمع الله فيه الخلائق، (( إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ * يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلا هُمْ يُنصَرُونَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ))[الدخان:40-42]. وتذكري أن من قد وقع بالظلم فيك فإنما يعرض نفسه لغضب الله وسخطه، كما قال صلى الله عليه وسلم: (أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وقد شتم هذا وقذف هذا، وأكل مال هذا وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أُخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار) أخرجه مسلم في صحيحه.
    هكذا فليكن سبيلك في التعامل مع من ظلمك، فابتعدي عن ظلم من ظلمك حتى لا تستوي معه في الظلم ولا تستوي معه في المعصية؛ فإنما تنصرين بطاعة الله، وخذي بنفسك إلى الاحتساب وإلى التوكل على الله في دفع أذية الناس، فإن من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يدعوه صلوات الله وسلامه عليه: (رب أعني ولا تعن عليَّ وانصرني ولا تنصر عليَّ وامكر لي ولا تمكر عليَّ واهدني ويسر الهدى إليَّ وانصرني على من بغى عليَّ).

    ونسأل الله عز وجل أن ينصرك على من ظلمك، وأن يعافيك في دينك ودنياك، وأن يرزقك التوفيق والصلاح.









    زائرنا الكريم نحن معك بقلوبنا
    كلنا آذان صاغيه لشكواك ونرحب بك دائما
    في
    :

    جباال من الحسنات في انتظارك





    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    x
    إدراج: مصغرة صغير متوسط كبير الحجم الكامل إزالة  
    x
    أو نوع الملف مسموح به: jpg, jpeg, png, gif
    x
    x
    يعمل...
    X