السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ماشاء الله هدف سامى للغاية أن يطلب الإنسان الأنس بالله وحده
اسأل الله لنا ولكم التوفيق
الحمد لله
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " ومن علامات صحة القلب : أن لا يفتر عن ذكر ربه ، ولا يسأم من خدمته ، ولا يأنس بغيره ، إلا بمن يدله عليه ، ويذكِّرُهُ به ، ويذاكره بهذا الأمر" انتهى من " إغاثة اللهفان " ( ص 72 ) .
فالأنس بالله تعالى حالة وجدانية تحمل على التنعم بعبادة الرحمن ، والشوق إلى لقاء ذي الجلال والإكرام .
قال أحد السلف : " مساكين أهل الدنيا ، خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها ، قيل : وما أطيب ما فيها ؟ قال : محبة الله ، والأنس به ، والشوق إلى لقائه ، والتنعم بذكره وطاعته ".
انتهى من " إحسان سلوك العبد المملوك إلى ملك الملوك " لعبد الكريم الحميد (1/168) .
وكما أنه لا نسبة لنعيم ما في الجنة إلى نعيم النظر إلى وجهه الأعلى سبحانه ، فلا نسبة لنعيم الدنيا إلى نعيم محبته ومعرفته والشوق إليه والأنس به ، بل لذة النظر إليه سبحانه تابعة لمعرفتهم به ومحبتهم له ، فإن اللذة تتبع الشعور والمحبة ، فكلما كان المحب أعرف بالمحبوب وأشد محبة له كان التذاذه بقربه ورؤيته ووصوله إليه وأنسه به أعظم .
فالأنس بالله مقام عظيم من مقامات الإحسان الذي قال عنه النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : ( أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ ) .
أخرجه البخاري (50) ، ومسلم (5) .
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعليقا على الحديث والأثر :
" فهذان مقامان : أحدهما : الإخلاص ، وهو أن يعمل العبد على استحضار مشاهدة الله إياه واطلاعه عليه وقربه منه . الثاني : أن يعمل العبد على مشاهدة الله بقلبه ، وهو أن يتنور قلبه بنور الإيمان" .
انتهى من " استنشاق نسيم الأنس من نفحات رياض القدس".
يشير ابن رجب رحمه الله بكلامه هذا إلى منزلة المراقبة ، ومقام المشاهدة أو المعاينة كما يسميه بعض أهل العلم . فـ" المشاهدة " ناتجة عن معاينة آثار أسمائه وصفاته تعالى في الكون ، بحيث يترتب عن ذلك تنور القلب وتعلقه بالرب ، وهذه المنزلة هي التي قال عنها النبي عليه الصلاة والسلام : ( أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ) فهي رؤية حُكْمية .
أما " المراقبة " فهي العلم واليقين باطلاع الحق سبحانه على ظاهر العبد وباطنه ، وهي التي قال فيها عليه الصلاة والسلام : ( فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ ) .
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله بعد كلامه السابق :
" يتولد عن هذين المقامين : الأنس بالله ، والخلوة لمناجاته وذكره ، واستثقال ما يشغل عنه من مخالطة الناس والاشتغال بهم " .
انتهى من " استنشاق نسيم الأنس من نفحات رياض القدس " فمنزلة المراقبة إذا تحققت في العبد حصل له الأنس بالله تعالى .
ووجه ذلك أنه إذا حصلت المراقبة يحصل القرب من الرب سبحانه ، والقرب منه جل وعلا يوجب الأنس .
قال الإمام ابن القيم رحمه الله :
" والقرب يوجب الأنس والهيبة والمحبة " . انتهى من " مدارج السالكين "(2/382) .
ويقول كذلك رحمه الله : " وقوة الأنس وضعفه على حسب قوة القرب ، فكلما كان القلب من ربه أقرب كان أنسه به أقوى ، وكلما كان منه أبعد كانت الوحشة بينه وبين ربه أشد " .
انتهى من " مدارج السالكين " (3 / 95) .
وإذا ارتقى العبد إلى تحقيق مقام المشاهدة والمعاينة لآثار أسمائه وصفاته في الكون بحيث يتنور قلبه حصل الأنس ، ووجهه أن منشأ الأنس بالله تعالى ومبدؤه التعبد بمقتضى أسمائه تعالى وصفاته بعد التفهم لمعانيها .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
" هذا الأنس المذكور مبدؤه الكشف عن أسماء الصفات التي يحصل عنها الأنس ويتعلق بها ، كاسم الجميل ، والبر ، واللطيف ، والودود ، والحليم ، والرحيم ، ونحوها "
انتهى من " مدارج السالكين " (2/419) . وزيادة في الإيضاح نقول : أن التفهم لمعاني الأسماء والصفات يحمل العبد على معاملة ربه بالمحبة والرجاء وغيرهما من أعمال القلوب .
قال الإمام العز بن عبد السلام رحمه الله :
" فهم معاني أسماء الله تعالى وسيلة إلى معاملته بثمراتها من : الخوف ، والرجاء ، والمهابة ، والمحبة ، والتوكل ، وغير ذلك من ثمرات معرفة الصفات " .
انتهى من " شجرة المعارف والأحوال " .
والعبد إذا ارتقى بالعلم النافع والعمل الصالح إلى مقام الإحسان واستقرت قدمه فيه أنس بالله تعالى والتذ بطاعته وذكره .
قال العلامة السعدي رحمه الله ، مقررا ذلك في منظومته ، واصفا أهل السير إلى الله والدار الآخرة : " عبدوا الإله على اعتقاد حضوره **** فتبوؤوا في منزل الإحسان " .
ثم قال شارحا رحمه الله :
" وهذه المنزلة من أعظم المنازل وأجلها ، ولكنها تحتاج إلى تدريج للنفوس شيئا فشيئا ، ولا يزال العبد يعودها نفسه حتى تنجذب إليها وتعتادها ، فيعيش العبد قرير العين بربه ، فرحا مسرورا بقربه " . ولذا فإن الأنس بالله تعالى ثمرة الطاعات والتقرب إلى رب الأرض والسماوات ، كما قال ابن القيم رحمه الله : " فكل طائع مستأنس ، وكل عاص مستوحش" .
انتهى من " مدارج السالكين " (2/406 ) .
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى :
" إنما يقع الأنس بتحقيق الطاعة ؛ لأن المخالفة توجب الوحشة ، والموافقة مبسطة المستأنسين ، فيا لذة عيش المستأنسين ، ويا خسارة المستوحشين " انتهى من " صيد الخاطر " (ص 213 ) .
قيل للعابد الرباني وهيب بن الورد رحمه الله : " هل يجد طعم العبادة من يعصيه ؟ قال : لا ، ولا من يهم بالمعصية " .
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول : " من أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية " . انتهى
ولأجل ذلك كان السلف الصالح الكرام ، والأئمة الأعلام يتشوقون إلى فعل الطاعات ، ويحرصون على تقديم القربات لرب الأرض والسماوات ، ولا يسأمون من العبادات لأنسهم برب البريات .
قال الوليد بن مسلم : " رأيت الأوزاعي يثبت في مصلاه يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس " .
وهذا أبو عائشة الإمام التابعي مسروق بن الأجدع كان يصلي حتى تتورم قدماه ، قالت زوجته : " فربما جلست أبكي مما أراه يصنع بنفسه ، ولما حضرته الوفاة قال : ما آسى على شيء إلا على السجود لله تعالى " . فاحرص على بلوغ منزلة الإحسان وفق العلم الأثري والهدي النبوي حتى ترزق الأنس عند الطاعات ، ولا تستوحش إذا خلوت بذكر رب الأرض والسماوات ، فليس العجب ممن لم يأنس بالله ولم يرزق التوفيق ، وإنما العجب ممن أدرك ذلك وانحرف عنه إلى بنيات الطريق "
انتهى جميع المادة السابقة منقولة باختصار يسير من كتاب " فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب " للشيخ محمد نصر الدين عويضة.
والله أعلم.
طيب ممكن اسأل سؤال ؟؟ انا بنت ومش انا اللي كاتبة الموضوع ده ,,,السؤال هو ان الواحد بيمر بفترة بيحس فيها بفراغ عاطفي بيكون عاوز فيها شريك في هذه الحياة يتمنى وجود زوح او حبيب يعينه ع الطاعة على العمل يحدثه عن يومه على الأقل يشعر معه بالحنان والحب واشعر ان هذه الرغبة احيانا تعيقني عن العمل والعبادة كل مامشي منضبطة في طلب العلم والقراءة والحفظ تيجي الحته دي توقعني لا أقصد ذنوب الحمدلله الذي عافانا بس مع اول عريس جديد او مع اول شخص يديك اهتمام (رجل) ويبدو عليه الاعجاب بي اتذبذب داخليا ..الحمدلله احافظ على نفسي وهذا من فضل الله علي ولا اتجاوب مع احد ابدا ولكن الفتنة تقتل القلب ,,حينها اتمنى لو ان لي زوج يعفني ويملأ قلبي ولكن أجدني الوم نفسي و اقول لو ملأ قلبك بحب الله والعمل لدينه ما تذبذب قلبك فكفى بالله أنيسا وما احتجتي لزوج لتسطيعي ان تقومي بعباداتك على اكمل وجه ,,,هل انا محقة في هذا اللوم الذي اقدمه لنفسي ام اني بالفعل في حاجة الى الزواج ؟؟؟
طيب ممكن اسأل سؤال ؟؟ انا بنت ومش انا اللي كاتبة الموضوع ده ,,,السؤال هو ان الواحد بيمر بفترة بيحس فيها بفراغ عاطفي بيكون عاوز فيها شريك في هذه الحياة يتمنى وجود زوح او حبيب يعينه ع الطاعة على العمل يحدثه عن يومه على الأقل يشعر معه بالحنان والحب واشعر ان هذه الرغبة احيانا تعيقني عن العمل والعبادة كل مامشي منضبطة في طلب العلم والقراءة والحفظ تيجي الحته دي توقعني لا أقصد ذنوب الحمدلله الذي عافانا بس مع اول عريس جديد او مع اول شخص يديك اهتمام (رجل) ويبدو عليه الاعجاب بي اتذبذب داخليا ..الحمدلله احافظ على نفسي وهذا من فضل الله علي ولا اتجاوب مع احد ابدا ولكن الفتنة تقتل القلب ,,حينها اتمنى لو ان لي زوج يعفني ويملأ قلبي ولكن أجدني الوم نفسي و اقول لو ملأ قلبك بحب الله والعمل لدينه ما تذبذب قلبك فكفى بالله أنيسا وما احتجتي لزوج لتسطيعي ان تقومي بعباداتك على اكمل وجه ,,,هل انا محقة في هذا اللوم الذي اقدمه لنفسي ام اني بالفعل في حاجة الى الزواج ؟؟؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
والذي ننصحك به هو أن تستمري على استقامتك واعتزازك بدينك واستعلائك بإيمانك،
كما ننصحك بأن تزيدي في القرب من الله تعالى، وأن تقرئي القرآن بتدبر وحضور قلب، فإن من قويت صلته بالله خالقه لم يشك من ضعف صلته بالمخلوقين، وإن من أنس بالله استغنى به عما سواه، بل واستوحش من صحبة الناس، وإن من ذاق لذة مناجاة الله بالأسحار قويت روحه، وعزت نفسه، ولم يفتقر إلى الناس، وقد قال يعقوب عليه السلام لابنه: قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {يوسف:86}.
واعلمي أن من أعظم ما يتقرب به إلى الله تعالى ويفرغ القلب من الهموم والأحزان طلب العلم النافع، وانظري برامج للمبتدئين في طلب العلم
هذا وإن بإمكانك أن تخبري بعض الثقات من أخواتك المؤمنات أو قريباتك المشفقات عن رغبتك في الزواج وتكوين أسرة، فيبحثن لك عن زوج صالح ذي دين وخلق، فيكلمنه عنك ويرغبنه فيك، وليس في ذلك منقصة لك، بل تلك منقبة، فإن طلب العفاف بالزواج الشرعي دليل الاستقامة والفطرة السوية،واسألي الله تعالى بذل وإلحاح أن يرزقك الاستقامة على دينه، وأن يلهمك رشدك وأن يكفيك شر الشيطان وشر نفسك، وأن يمن عليك بكرمه بالزوج الصالح الذي تقرّ به عينك ويأنس به فؤادك، وتحري في دعائك أوقات الإجابة الفاضلة كثلث الليل الآخر وقت النزول الإلهي، وأثناء السجود، وعند الفطر في اليوم الذي تصومين فيه، وآخر ساعة بعد العصر يوم الجمعة،
على الأخت أن تعلم بأن الدنيا كلها بما فيها من بؤس أو نعيم لا تساوي لحظة من لحظات الآخرة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بأنعم أهل الدنيا وهو من أهل النار، فيغمس في النار غمسة، فيقول الله له: يا عبدي هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا يا رب ما مر بي نعيم قط.
ويؤتى بأبأس أهل الدنيا وهو من أهل الجنة، فيصبغ في الجنة صبغة، فيقول الله له: يا عبدي هل مرَّ بك بؤس قط؟ فيقول: لا يا رب، ما مر بي بؤس قط.
وعلى الأخت أن تتذكر هذه اللحظات وتحذر من استغواء الشيطان لها، وتتقي أن تقع في معصية الله عز وجل، وربما كان الموت قريباً، فإن كان الإنسان محسناً ذهبت الدنيا بآلامها، وانتقل إلى نعيم الآخرة الدائم بلا انقطاع، نسأل الله أن يبلغنا ذلك.
الخامس: على الأخت أن تشغل أوقاتها بما ينفعها في دنياها وآخرتها حتى لا تنقطع لحديث النفس ووساوس الشيطان، ولقد قال الشاعر:
إن الشباب والفراغ والجَــدة مفسدة للمرء أي مفسدة
هذا ما نستطيع أن نقوله للأخت، ولا نملك لها إلا الدعاء فنسأل الله عز وجل أن يثبتنا وإياها، وأن يتم لنا أمورنا، وأن يصلح لنا الدين والدنيا.
والله أعلم.
تعليق