الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النفس إن لم تُشغل بالحق شغلت صاحبها بالباطل، والحب أمر فطري جبل عليه الإنسان، فإنه لا بد أن يحب، ولكن الشأن بعد ذلك من هو المحبوب الذي يستحق أن تتعلق به النفوس؟
والمحبة -كما يقوله المحبون- لها سببان: الجمال والإجلال، والرب سبحانه وتعالى له الكمال المطلق، فإنه جميل يحب الجمال، فلا يستحق أن يحب لذاته من كل وجه سواه. وألأم اللؤم -كما قال ابن القيم رحمه الله- تخلف القلوب عن محبة من هذا شأنه، وتعلقها بمحبة سواه.
فأولى ما يجب على الإنسان السعي فيه تحصيل هذه المحبة، بتحصيل أسبابها، وأهم الأسباب في ذلك: القيام بفرائض الله سبحانه، ثم التقرب إليه بالنوافل، فذلك سبب لمحبة الله عز وجل للعبد، وإذا أحب الله العبد رزقه محبته سبحانه، ففي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: "وما تقرب إليَّ عبدي بأفضل مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه" وهذه المحبة هي التي تنور الوجه، وتشرح الصدر، وتحيي القلب، وهي المحبة النافعة التي تجلب لصاحبها ما ينفعه في دنياه وآخرته، وبها يجد الإنسان حلاوة الإيمان،
وهي عنوان السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة، ويقابل هذه المحبة ويصادمها المحبة الشركية التي يسوي فيه المحِبٌ بين محبته لله، ومحبته للند الذي اتخذه من دون الله، فالمحبة الشركية تعني كمال الحب، مع كمال الخضوع لغير الله سبحانه وتعالى، وليس من المحبة الشركية المحبة الطبيعية -أي التي جُبل عليها الإنسان بطبعه- كمحبته للأبناء وللزوجة، وما شابه ذلك من أنواع المحاب.
نحن لا نرضى الاستمرار مع هذا الشاب بهذه الطريقة حتى لو كان صالحًا، لأن ما فعله حرام، وما بني على حرام لا ينتظر منه الخير، والمقدمات الباطلة القاطعة لا توصل إلى نتائج صحيحة.
إذا كان في الشاب صدق فعليكم أن تتوقفوا فورًا عن المحادثات، ثم تتوبوا إلى الله توبة نصوحًا، ثم إذا تهيأ لهذا الشاب فرصة الزواج وأعد نفسه ينبغي أن يأتي من الباب، وأنصحكم بأن تكتموا هذا الذي حصل عن كل الناس، لا تخبري صديقة ولا قريبة بما حصل بينك وبينه من تواصل، لأن هذه معصية ينبغي أن تستر، فاستري على نفسك وتوقفي عن الحديث معه مهما كانت النتائج.
إذا كنت ستشعرين بمرارة وبألم وسيشعر بمرارة وألم لهذا الانقطاع فإن هذا أخف وأهون وأيسر آلاف المرات من النتائج التي يمكن أن تصلوا إليها إذا مشيتم في هذا النفق المظلم، في هذا الطريق الذي لا يرضاه الله تبارك وتعالى.
لذلك ننصحك وأنت الآن موقنة بأن تتوقفي فورًا، وأن تعتذري له بأنك ليس عندك مانع من الارتباط به وبأي شاب صالح، شريطة أن يأتي من الباب، شريطة أن يتوب إلى الله تبارك وتعالى، وتوقفي مباشرة، الآن، وتعوذي بالله من الشيطان، واعلمي أن من أمثال هؤلاء الشباب من يسجل عليك المكالمات أو يستدرجك حتى يأخذ صورة، ثم بعد ذلك يبتزك ويهددك بهذه الصورة وبهذه الأشياء التي يمسكها عليك، فلا تعطه هذه الفرصة، وتعوذي بالله من الشيطان، وانسحبي من حياته ومن هذا البرنامج السيئ بهدوء.
انسحبي بهدوء وإلى الأبد، وقولي له بكل وضوح: إذا كنت راغبًا فعليك أن تأتي لدارنا من الباب، لأن هذا هو الاختبار الحقيقي لأي شاب، عندما نريد أن نختبر أي شاب نقول: عليك أن تأتي من الباب، فإذا جاء من الباب وطرق الباب فإن المراسيم الموجودة عند الناس أن يطلب منه بأن يأتي بأبويه وبأهله وبأسرته، ثم ينظر في حاله، فإن كان صاحب دين صاحب أخلاق وكانت أسرة فاضلة ورضي أهلك به ورضيت به فبها ونعمت، هذا هو الذي ننشده.
أما إن كانت الأخرى فهرب الشاب – وهذا هو الغالب – فإن أمثال هؤلاء يريد أن يتكلم مع هذه في الصباح، ويتكلم مع الثانية في المساء، يتغدى بفتاة ويتعشى بأخرى، ويعيش على هذه الخديعة والكذب، هناك كثير من الشباب في حقيقة الذئاب، ومن طبع الحَمَلَ أن يخشى الذئاب.
اعلمي أن الفتاة كالثوب الأبيض والبياض قليل الحمل للدنس، وإذا كنت قد قرأت للمشايخ من يقول تذكري عيوبه، فعلاً هذا عيب، ويكفي في العيب فيه أنه رضي أن يكلمك بهذه الطريقة، فهل سيرضى هذا لأخته؟ وهل سيرضى مثل هذا العمل لعمته، وهل سيرضى مثل هذا العمل لخالته؟ وإن كان هذا خطأ فبإمكانه أن يتوب، لكن لا تثقي فيه إلا إذا تأكدت من صلاحه، واعلمي أن الشيطان الذي يجمع بين الشباب والفتيات على المعاصي، يزين لهم الحديث، يزين لهم تلك الدوافع، بل يدعو أحيانًا أحدهم ليوقظ الآخر للصلاة، ولكن كل ذلك لأن الشيطان هذه خطط منه، لا يقول للناس افعلوا الفواحش مباشرة، ولكن تلك خطوات الشيطان.
تذكري أن الشيطان الذي يجمع بين الشباب والفتيات في الهاتف وفي النت هو نفس الشيطان الذي سيأتي غدًا ليقول للفتاة: كيف تثقين فيه وقد كان يكلمك دون أن تكون هناك رابطة شرعية، وسيقول للشاب: كيف تثق بها وهي التي رضيت أن تتكلم معك وأن تتواصل معك، وأن تضحك معك دون علم أهلها ودون أسرتها ودون رقابة من الله تبارك وتعالى.
إذا حصل وبنيت الحياة على هذه الأسس فإنها كالبيت الذي يُبنى على الرمال، فتقوم على الشكوك، مصيرها الفشل، العلاقات العاطفية قبل الزواج هي المسئولة عن خمس وثمانين بالمائة من نسب الفشل بعد الزواج، ولذلك ينبغي أن تتقي الله تبارك وتعالى وتعودي إلى صوابك، ونحن حقيقة سعداء جدًّا بأنك بادرت إلى السؤال في البداية، والعلاج في البداية سهل، ففكري ألف مرة في المصير المظلم، والعاقلة هي التي تتعظ بغيرها، وتتعظ بالأخريات، وأرجو أن تتواصلي مع موقعك، ونكون سعداء جدًّا إذا سمعنا أنك قطعت على الشيطان هذا الطريق، وأنك عدت إلى الصواب.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك رشدك والسداد، وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ثم بالاقتراب من والديك، ثم بالتواصل مع موقعك، ونرجو أن نسمع عنك كل الخير، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يحفظك وأن يسددك، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
إنه اللجوء إلى الله جل وعلا، إنه غض بصرك عن هذا الرجل وعن سائر الرجال، إنه الحفاظ على صلاتك لاسيما صلاة الفجر، إنه أن ترفعي يديك سائلة إياه أن يعينك على أن تنسي هذا الرجل وأن تطرديه من فكرك، وهذا يقودك أيضاً إلى أن تتنبهي إلى هذه الخطرات، فلا تتخيليه بين عينيك ولا تفكري فيه، بل فكري في عظمة ربك، فكري في أمره جل وعلا، فكري في مصالحك التي لابد أن تجنيها والتي منها دراستك، فبهذا تصلين بإذن الله إلى راحة النفس، فأنت الآن في هم وحزن وغم بسبب هذه العلاقة، وقد كنت سليمة منها قبل ذلك، فاعرفي ذلك واحرصي عليه، والزمي صحبة الصالحات من أخواتك الفاضلات المتحجبات وتعاوني معهنَّ على تقوى الله، واعرفي يا أختي أن محلَّك السليم الصحيح هو بيت الزوجية حينما تُطلبين من الخاطب الصالح كريمة عزيزة كما تُطلب كرائم المؤمنات، فهذا هو طريقك، وهذا هو الذي ينبغي أن تحرصي عليه وليس بأن تسعي وراء علاقة محرمة، عدا ما تجدينه من الهم والحزن والمذلة وغير ذلك من الأمور التي تعلمينها والتي أصابتك وترينها بنفسك الآن.
فاحرصي على هذا وأعيدي الكتابة الينا بعد أسبوعين لذكر النتائج والثمرات التي توصلت إليها، ولنمدك بمزيد من الإرشاد والتوجيه، ونسأل الله أن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك وأن يجعلك من عباد الله الصالحين وأن يزيدك من فضله وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يقر عينك وأن يوفقك لما يحب ويرضى، وأن يريك الحق حقاً ويرزقك اتباعه والباطل باطلاً ويرزقك اجتنابه وأن يقيك الشرور والفتن ما ظهر منها وما بطن.
جزاكم الله خيرا . ان شاء الله سأعمل بنصائحكم وجزاكم الله خيرا علي هذا المقطع الرائع واطلب منكم الدعاء لي بكثرة وسأرسل اليكم رسالة بعد اسبوعين ان شاء الله
تعليق