الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب في حق من يتصدى لنقاش النصارى ومحاورتهم أن يكون على قدر من العلم يمكنه من دفع الشبهات وبيان الباطل الذي عندهم، وإلا فلا يجوز لمن لم يكن كذلك أن يقدم على مناقشتهم ومجادلتهم لما يترتب على ذلك من الفتنة والإضعاف لموقف أهل الحق
فقد قال الله تعالى: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ {التوبة :31}.
وقوله تعالى: وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ: معطوف على (رُهْبَانَهُمْ) أي أن النصارى اتخذوا المسيح ابن مريم ربا من دون الله، ولهذا جاء لفظ المسيح منصوبا (الْمَسِيحَ) لأنه معطوف على منصوب (رهبانَهم)، وكذا لفظ (ابنَ) لأنه بدل منه، ولو كان كما يقولون ـ تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ـ لجاءا مجرورين: المسيحِ ابنِ مريم، ثم إن بقية الآية ترد عليهم بوضوح، وهي قوله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ.
قال الشوكاني في فتح القدير:
قوله : (وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ) معطوف على رهبانهم : أي اتخذه النصارى رباً معبوداً، وفيه إشارة إلى أن اليهود لم يتخذوا عزيرا رباً معبوداً .اهـ
وقد سأل عدي بن حاتم الطائي النبي صلى الله عليه وسلم ـ وكان قد تنصر في الجاهلية ـ عن هذه الآية مستشكلا بعضها فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم عما استشكله، لكنه لم يستشكل ما ذكره هؤلاء لكونه عربيا ويفهم لغة العرب، فعن عدي بن حاتم قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال يا عدي اطرح عنك هذا الوثن وسمعته يقرأ في سورة براءة {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} قال أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
ثم إن القرآن الكريم مليء بالرد على اعتقاد النصارى في عيسى عليه السلام وتأليههم له، كقوله تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {المائدة: 17}.
وقوله عز من قائل: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا {مريم: 88-93). وغيرها من الآيات التي لا يمكن حصرها في هذه الفتوى.
هذا وإن الواجب على المسلم أن يصون دينه عن الشبهات، فلا يستمع إليها، لأن الشبهة قد تستقر في قلبه ولا يستطيع دفعها لضعف إيمانه أو قلة علمه أو للأمرين جميعاً، وقد نص العلماء على حرمة النظر في كتب أهل الكتاب لما فيها من التحريف، فكيف بالاستماع إلى شبهات هؤلاء؟ فإنه أشد تحريماً، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 14742، والفتوى رقم: 9985 .
فيمكنك الرجوع إلى موقع الشيخ الداعية أحمد ديدات وعنوانه: www.ahmed-deedat.co
كما يمكنك البحث عن المواقع التي ترد على النصارى في موقع Goagle الشهير.
والله أعلم.
تعليق