وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حياكم الله أختنا الفاضلة
نسأل الله أن يرزقكم خشيته فى السر والعلانية
نرجو منكم الاطلاع على هذا الموضوع بأكمله ثم ننتظر تعليقك وردك نفعكِ الله به اعترافات صاحب عادة سرية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عز وجل أن يتقبل توبتك وأن يثبتك على هداه، وأن يعصمك من مضلات الفتن والشهوات، ومن أعظم ما يعينك على الثبات على التوبة المحافظة على الفرائض، وخاصة الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة، فإنها تحجز عن الوقوع فيما لا يرضي الله، كما قال سبحانه: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {العنكبوت:45}.
وإذا استحضرت ضرر المعاصي وشؤم عاقبتها في دينك ودنياك وآخرتك هان عليك البعد عنها، واتخذ رفقة صالحة يذكرونك إن غفلت، ويعينونك إن ذكرت، وتجاف عن رفقاء السوء، فالمرء يقتدي بخلانه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل. أخرجه أبو داود.
واضرع إلى ربك أن يصرف عنك مضلات الشهوات، واسأله سبحانه أن يثبتك على دينه، فإن القلوب بين إصبعين من أصابعه تعالى يقلبها كيف يشاء، ومما يعينك على الثبات على التوبة ملازمة ذكر الله والاجتهاد في نوافل العبادات وسماع الأشرطة النافعة في باب الوعظ والرقاق، وقراءة الكتب النافعة في هذا الباب، والتفكر في أسماء الرب وصفاته وفي الموت وما بعده من الأهوال العظام والأمور الجسام، واستحضار اطلاع الله على العبد ومراقبته له وإحاطته به وأنه لا يخفى عليه شيء من أمره، فيستحيي العبد أن يؤوب إلى المعصية وربه ناظر إليه مطلع عليه، ومتى تبت إلى الله صادقا فلا يضرك بقاء أثر معصيتك لا سيما إذا لم تقدر على إزالته، ولا يعد حينئذ هذا الأثر سيئة جارية، قال صاحب مراقي السعود:
من تاب بعد أن تعاطى السببا**** فقد أتى بما عليه وجبــا
وإن بقي فساده كـــمن رجــــع**** عن بث بدعة عليها يتبع
أو تاب خارجا مكان الغصب**** أو تاب بعد الرمي قبل الضرب. واصلي الدراسة مع مراقبة الله ويكون شغلك الشاغل هو رضى الله اقرأي القرآن واحفظيه
فإنكِ عالمة بأن ما وقعت فيه من فاحشة ذنب كبير، وخوفك الشديد مِن الله تعالى، ومِن أن يقع بك عذابه كفيلان - إن شاء الله - بأن يجعلاك لا تقعين مرة أخرى في شيء من تلك القاذورات، وما دمت لست مصرةً على هذه الكبيرة فالله يعفو ويغفر، وما عليك إلا: التوبة النصوح الصادقة، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار..) [التحريم: 8].
واندمي على ما فعلت كلما ذكرته، وتصدقي مِن مالك، أخذاً بوصيته صلى الله عليه وسلم للنساء بالصدقة حيث قال: "تصدقن ولو من حليكن" رواه البخاري، وروى الترمذي قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الصدقة لتطفئ غضب الرب، وتدفع عن ميتة السوء".
وأكثري من الأعمال الصالحة، والدوام على العبادة، قال تعالى - بعدما ذكر سوء عاقبة الزنا وغيره- (إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً) [الفرقان: 70].
ومن الأعمال الصالحات التي يمحو بها الله كل الذنوب (الحج)، قال صلى الله عليه وسلم: "من حج البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه" متفق عليه.
وعليك بملازمة الصلاة، والحجاب، وعدم التبرج، والابتعاد عن صديقات السوء، ومواطن الفتن، وعدم الاختلاط بالرجال، وعليك بالاختلاط بالنساء الصالحات المؤمنات، والتفتي إلى تربية أولادك والاهتمام بشؤون البيت، وكلما ذكرت خطيئتك التي فعلت فابكِ ندماً، قال صلى الله عليه وسلم: "يا عقبة احرس لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك" رواه أحمد.
واعلمي أنك إذا تبت وندمت ولم ترجعي إلى ذنبك واستغفرت، فإن الله تعالى يقبلك ويقبل منك، ويعفو عنك، ويغفر لك، قال تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم) [الزمر: 53].
وقال سبحانه: (غافر الذنب وقابل التوب) [غافر: 3].
وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها" رواه مسلم وأحمد.
وإذا أردت أن تعصي الله فلا تأكل من رزقه، وإذا أردت أن تعصي الله فلا تسكن في أرضه، وإذا أردت أن تعصي الله فابحث عن مكان لا يراك فيه، وإذا أردت أن تعصي الله فادفع عن نفسك ملك الموت إذ جاءك، وإذا علمت أن كل ذلك لا يكون فيكف تأمن مكر الله؟ ألا تخاف أن يختم لك وأنت على معصية؟
واحذر من ذنوب الخلوات؛ فإن شرار الناس الذين إذا خلو بمحارم الله انتهكوها. وأرجو أن تكرر التوبة حتى يكون الشيطان هو المخذول، واجتهد في أن تكون صادقاً في عودتك، وابتعد عن مواطن الزلل، وتجنب رؤية الشاشات والصور، واحرص على الإكثار من الذكر وتلاوة القرآن الكريم، وعليك بكثرة الاستغفار، والتوجه للواحد القهار الحليم الغفار، الذي يعلم خائنة الأعين وما يخفى عن الأبصار.
وأرجو أن تحذر من توبة الكذابين، وهي أن يتوب الإنسان بلسانه، وقلبه لا يزال متعلقاً بالمعاصي، يعشق ذكرياتها، ويحتفظ بصورها وآثارها وأرقامها. واعلم أن المهاجر من هجر ما نهى الله عنه. وعليك بالإكثار من الحسنات الماحية، واعلم أن (( الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ))[هود:114].
وأما ما تحدثين به نفسك فهو من وسوسة الشيطان ليقنطك من رحمة الله، فيدخلك في زمرة الضالين الغاوين، فاحذري من ذلك. وأما معاهدتك لله ثم نكثك لذلك، فهو ذنب أيضا، ويستحق التوبة عليه, فالزمي باب التوبة دائما من كل ذنب فهو مفتوح ولا يغلق إلا بالغرغرة، أو طلوع الشمس من مغربها, وجاهدي نفسك على ترك المعاصي ما استطعت فمن جاهد نفسه هداه الله, قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69}.
والله أعلم.
ومما يعينك على الاستقامة وصدق التوبة ما يلي:
1- اللجوء إلى من يجيب من دعاه.
2- تعميق معاني الإيمان والمراقبة لله.
3- الإكثار من ذكر الله، وخاصة الاستغفار.
4- تذكر شؤم وعقوبة الذنوب.
5- مجالسة الصالحين وحضور مجالس العلم.
6- تجنب الوحدة؛ لأن الشيطان مع الواحد، علماً بأن الوحدة خير من جليس السوء.
7- الإكثار من صيام التطوع وقيام الليل.
8- لا تكلف نفسك ما لا تطيق من الطاعات.
9- احرص على إرضاء والديك وصلة رحمك.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله، والحرص على طاعته. ونسأل الله أن يثبتنا وإياك حتى نلقاه، وأن يصرف قلوبنا إلى طاعته.
تعليق