إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

علاج العجب و الغرور ؟!!

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • علاج العجب و الغرور ؟!!

    شيخنا كيف اتخلص من العجب و الغرور ؟ و انا في الناس ما اري ثم احدث نفسي و اقول لها انت تفعلين كذا و كذا من المعاصي و انت لا تفعلين اصلا سوى بعض المفروضات بل و تقصرين ! ثم لا البث ان اقع في معصية تذلني و ارجع لله اسبوعا ثم لا البث ان اعود و هكذا :( ؟؟؟

  • #2
    رد: علاج العجب و الغرور ؟!!

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الأخ الفاضل
    فهذا السؤال سؤال عظيم القدر؛ فإن هذه الآفة - الغرور - من محبطات الأعمال ومن أعظم ما يضر العبد في دينه بل وفي دنياه أيضاً، ويظهر ذلك عند بيان حقيقة الغرور




    فثبت بهذا أن الذي يغتر بعمله إنما خدع نفسه وإنما خدعه الشيطان بأن نظر إلى عمله ونظر إلى عبادته ونظر إلى صلاحه فاغتر بذلك وظن أن لنفسه عند الله شأناً وأن له عند ربه منزلة، فصار يتعاظم في نفسه وصار يُدل بعمله وأصبح ينظر إلى الناس بعين الانتقاص، وهذا له أسباب كثيرة، وهو جواب سؤالك الثاني:
    فإن من أسباب الغرور ومن أعظم أسبابه أن يقع الإنسان في الغرور لأجل العمل الصالح، كمن يحافظ على الطاعة ويحافظ على عبادة ربه وعلى البعد عن معاصيه؛ فيقع في نفسه تعاظم لهذه النعمة التي منَّ الله عليه بها، ويصبح ينظر إلى غيره نظرة الاحتقار، فإذا رأى رجلاً وقع في معصية نظر إليه نظرة الازدراء ونظرة الاحتقار وتعاظم في نفسه، ولم ينظر إلى هذا العاصي على أنه قد وقع في معصية ولابد أن يحذر هو نفسه مما وقع فيه، ولم ينظر إليه بعين الشفقة وعين الرحمة، بل لم ينظر إلى هذا العاصي على أنه قد وقع في الخطأ بحكم الطبيعة البشرية، ولكنه نظر إليه نظرة المتعالي المتغطرس الذي يرى من نفسه الفضل ويرى من نفسه وكأنه عُصم من هذا العمل فهو يتعالى على الناس بخلقه، وهذا يظهر في الأفعال ويظهر في الأقوال؛ فتجده إن خاطب الناس خاطبهم باستعلاء أو عاملهم على أنه هو صاحب الفضل وعلى أنهم دونه في ذلك، وربما صدرت منه أفعال كأفعال المتكبرين من أهل الدنيا، وهذا كثير في العادة لا يسلم منه إلا من سلَّم الله تعالى، ولذلك كان الخلاص من الغرور من أوكد ما ينبغي أن يحرص عليه المؤمن كما سيأتينا إن شاء الله تعالى.




    وأما عن علاج هذا البلاء العظيم فإن ذلك يكون بأسباب:

    فأولها: معرفة مضار هذا الخلق الذميم، وأنه خلق مرذول وأن صاحبه أبعد ما يكون عن الله جل وعلا، فصاحب الكبر قد نازع الله جل وعلا في كبريائه؛ كما قال الله جل وعلا في الحديث القدسي: (العزة إزاري والكبرياء ردائي، فمن نازعني عذبته) أخرجه مسلم في صحيحه، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) أخرجه مسلم أيضاً، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتلٍّ جواظٍ مستكبرٍ)، وكذلك في الحديث الذي فيه احتجاج الجنة والنار، أن النار قالت: (ما لي لا يدخلني إلا الجبارون والمتكبرون؟! وقالت الجنة: ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم؟!).

    فدل ذلك على استحقاق المتكبرين المتعالين أن يعذبوا وأن يدخلوا ناراً تحطم كبرياءهم وتحطم هذا الغرور الذي تعالوا به على الخلق، والذي في الحقيقة قد نازعوا فيه رب الأرض والسماوات، وقد أخرج الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يزال الرجل يَذهب بنفسه حتى يُكتب في ديوان الجبارين فيصيبه ما أصابهم).

    والمقصود أن معرفة ضرر هذه الآفة هو الذي يجعل القلب ينفر منها ويجعل النفس حذرة من هذا الخلق الذميم، وفي المقابل أن يعرف الإنسان فضل التواضع وفضل خفض الجناح للمؤمنين؛ فإن ذلك يورث العبد معرفة وبصيرة، فقد عرف الحق وعرف ما يضاده وهو الباطل، ولذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد) أخرجه مسلم في صحيحه، وخرج أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزّاً، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله).

    ومن ذلك أيضاً أن يحرص على أن يوظف أعمال التواضع على نفسه، بحيث يتجافى عن شعور المتكبرين واعتقاد أهل الاستعلاء ويتجافى كذلك عن أعمالهم ويأخذ بأعمال أهل التواضع، وهذه هي سيرة النبي صلوات الله وسلامه عليه وهذا نهجه، فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا مر بصبيان سلَّم عليهم، والحديث متفق على صحته، وهذا من تواضعه ومن تأديبه وتربيته صلوات الله وسلامه عليه، و(كانت الأمة المملوكة من أهل المدينة تأتي لتأخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت في حاجتها) أخرجه البخاري في صحيحه، بل كان صلوات الله وسلامه عليه إذا دخل بيته يكون في مهنة أهله، أي: في خدمة أهله، كما سئلت عائشة رضي الله عنها: (ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله - تعني خدمة الأهل - فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة) أخرجه البخاري في صحيحه.

    والمقصود أن هذا الداء يعالج بما يضاده من الأعمال، وهذا هو الذي يعبر عنه في الاصطلاح الحديث بالأعمال السلوكية، فالإنسان يعالج نفسه بأن يحرص على إقامة أمور التواضع على نفسه، فيبدأ أولاً بالتحرر من الاعتقادات والإرادات الفاسدة في قلبه ونفسه، ثم بعد ذلك يوظف أعمال الجوارح في طاعة الله وفي خفض الجناح للمؤمنين، فإن خفض الجناح للمؤمنين أمر قد أمر الله تعالى به رسوله ونبيه محمد صلوات الله وسلامه عليه بقوله: (( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ))[الحجر:88]، بل وصف الله جل وعلا أحباءه وأصفياءه من خلقه بأنهم أذلة على المؤمنين، كما قال الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ))[المائدة:54].

    والمقصود بالذلة في هذا الموضع هو خفض الجناح والتواضع للمؤمنين وعدم الاستعلاء عليهم وغفران زلتهم والعفو عن مذنبهم وإعانة ضعيفهم وبشاشة الوجه لهم، فهذا كله من الذلة المقصودة في هذا اللفظ، وهذا نظير قوله جل وعلا في حق الوالدين: (( وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ))[الإسراء:24].
    والمقصود أن دواء الكبر يكون بمجموع أمور:
    فأولها: معرفة أنه أمر ممقوت يبعد عن الله جل وعلا؛ فإن الله لا يحب المتكبرين؛ كما قال جل وعلا: (( إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ))[لقمان:18]، ويقابل ذلك أن الله جل وعلا يحب المتواضعين؛ كما قال جل وعلا في الآية المشار إليها: (( فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ))[المائدة:54].
    ومن أسباب علاج النفس تعلم الأدب وتعلم الأخلاق الفاضلة بمخالطة الصالحين، فإن الإنسان إذا خالط الصالحين أصحاب الخلق العالي وأصحاب التواضع المتجافين عن الكبر وعن الاستعلاء والدعاوى الفارغة حصل له اقتداء وتأس بهم، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) رواه أبو داود.

    ومن الدواء العظيم أن يجعل الإنسان همه إذا رأى عباد الله أن ينظر إليهم على أنهم عباد مؤمنون وأن لهم خيراً وفضلاً مستوراً، وقد يكونون عند الله خيراً منه وقد يكونون عند الميزان أثقل منه وأرجح، فينظر إلى كبيرهم على أنه أكثر منه عملاً وأقدم سابقة في الإسلام، وينظر إلى صغيرهم على أنه أقل منه ذنباً وأنه قد عوفي من كثير مما وقع فيه، فيحصل له بذلك انخفاض في النفس ويحصل له بعد ذلك شعور بأن المؤمنين فيهم خيرٌ وفيهم فضل وإن وقعوا في بعض الأخطاء، ومن هنا يجتث شجرة الكبر من نفسه، ولذلك لما جاء عبد الله بن المبارك إلى بعض الزهاد العباد - ممن يتعاظمون وممن لهم الدعاوى الفارغة - فدخل عليه لم يكترث هذا الزاهد بعبد الله بن المبارك مع فضل هذا الإمام ومع قدره؛ لأنه لم يعرفه أنه عبد الله بن المبارك، ولما خرج عبد الله قيل لهذا الزاهد: إن هذا هو عبد الله بن المبارك أمير المؤمنين في الحديث! فخرج إليه هذا العابد يُسرع يطلبه فقال له: لم أعرفك؟ يعتذر عمَّا بدر منه، ثم قال: يا أبا عبد الله! عظني، فقال له عبد الله بن المبارك: نعم. لا تقع عيناك على رجل من المسلمين إلا رأيت أنه خيرٌ منك. فهذه هي العظة البالغة، وهكذا فليداو الإنسان نفسه.

    وأيضاً من الأسباب الدعاء والاستغاثة بالله، فقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل وفي استفتاح الصلاة: (اللهم اهدني لأحسن الأخلاق والأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وقني سيء الأخلاق والأعمال لا يقي سيئها إلا أنت).

    نسأل الله عز وجل أن يشرح صدرك وأن يعافيك من كل سوء وأن يجعلك من عباد الله الصالحين، وأن يتمم لك الخير والفضل، وأن يفرج كربك وأن يجعل لك من لدنه سلطاناً نصيراً.
    وبالله التوفيق.


    زائرنا الكريم نحن معك بقلوبنا
    كلنا آذان صاغيه لشكواك ونرحب بك دائما
    في
    :

    جباال من الحسنات في انتظارك





    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    x
    إدراج: مصغرة صغير متوسط كبير الحجم الكامل إزالة  
    x
    أو نوع الملف مسموح به: jpg, jpeg, png, gif
    x
    x
    يعمل...
    X