إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

يارب حد يفهمني

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يارب حد يفهمني

    السلام عليكم

    تم الاطلاع

    لو سمحتوا الاستشاره تكون مخفيه عن القراءه للعامه

    جزاكم الله خير الجزاء
    التعديل الأخير تم بواسطة فريق استشارات سرك فى بير(الأخوات); الساعة 19-12-2013, 10:50 PM.

  • #2
    رد: يارب حد يفهمني

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الأخت الفاضلة/
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:




    أختنا الفاضلة
    ثقي - - أني أقدر تمامًا تلك الأحاسيس والانفعالات التي تتملك قلبَكِ الصغير

    وأن يكتب لكِ بصبركِ على هذا الألم أجرًا كبيرًا مضاعفًا، لكني أريدك الآن أن تخرجي من كونك المستشيرة المتألمة صاحبة المشكلة؛ لتنظري إلى المشكلة بعيني المستشار هذه المرة، فهل لكِ أن تفعلي ذلك؟

    برأيك، ماذا نقول لهذه السائلة التي انتصرت لنفسها من والديها؟
    هل نقول لها:

    {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى: 40 - 43]؟


    أو نقول لها:

    عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: "ما خُيِّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أمرين إلا أخذ أيسرهما؛ ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعدَ الناسِ منه، وما انتقم رسول الله - صلى الله عليه وسلم – لنفسه؛ إلا أن تنتهك حرمة الله، فينتقم لله بها"؛ رواه البخاري؟


    يا صغيرتي، إن كان من العقوق أن نقول للوالدين كلمة مكونة من حرفين (أفّ)، و(أف): اسم فعل مضارع بمعنى أتضجر، فكيف إذا جمعنا معها الشعور تجاههما بالكراهية + الاعتداء قولاً بالسباب الفاحش + الاعتداء فعلاً باليد + التفكير المستقبلي بإيوائهما في الأربطة ودور العجزة؟!


    عن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه))، قيل: "يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟!"، قال: ((يَسبُّ الرجلُ أبا الرجل، فيَسبُّ أباه، ويَسب أمَّه، فيَسب أمه))؛ رواه البخاري.


    وعن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – يبايعه، قال: "جئت لأبايعك على الهجرة، وتركت أبويَّ يبكيان"، قال: ((فارجع إليهما، فأضحِكْهما كما أبكيتَهما))؛ رواه أحمد.


    عن عائشة - رضي الله تعالى عنها -: أن رجلاً أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخاصم أباه في دَيْن عليه، فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أنت ومالك لأبيك))؛ رواه ابن حبان.


    قال أبو حاتم: معناه: أنه - صلى الله عليه وسلم - زجر عن معاملته أباه بما يعامل به الأجنبيين، وأمر ببرِّه والرفق به في القول والفعل معًا، إلى أن يصل إليه ماله.


    أيُّ جنون للانتقام هذا الذي يكتنف تفكيرَك؟ لا تجعلي للشيطان طريقًا يصل به إليك، فيزيِّن لكِ سلوكك تجاه والديك، تحت حجة قسوتهما عليك.


    أكثري من الأعمال الصالحة الرائعة أقرأي كثيرًا في أمور الدين، ودائمًا حافظي على الصلوات الخمسة، أ، محافظة على صلاة الوتر - ولله الحمد - و الصيام، استخدمي الإنترنت للدعوة إلى الله" -
    ومع ذلك لا تعدل في مكانتها وأجرِها بِرَّ الوالدين، فبرُّ الوالدين مقدَّم على ما هو أعظم من الحجاب، والدعوةِ إلى الله من خلال الإنترنت.


    برُّ الوالدين مقدم على الجهاد:

    جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنه في الجهاد، فقال: ((أحيٌّ والداك؟))، قال: "نعم"، قال: ((ففيهما فجاهِدْ))؛ رواه البخاري.


    ومقدَّم على التطوع بالصلاة:

    عن أبي هريرة أنه قال: "كان جريج يتعبَّد في صومعة، فجاءت أمه، قال حميد: فوصف لنا أبو رافع صفةَ أبي هريرة لصفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمَّه حين دعتْه، كيف جعلت كفَّها فوق حاجبها، ثم رفعت رأسها إليه تَدْعوه، فقالت: يا جريج، أنا أمُّك كلِّمني، فصادفتْه يصلي، فقال: اللهم أمِّي وصلاتي؟ فاختار صلاته، فرجعتْ ثم عادت في الثانية، فقالت: يا جريج، أنا أمك فكلمني، قال: اللهم أمي وصلاتي؟ فاختار صلاته، فقالت: اللهم، إن هذا جريج، وهو ابني، وإني كلمتُه فأبى أن يكلمني، اللهم، فلا تُمتْه حتى تُريَه المومسات، قال: ((ولو دعتْ عليه أن يفتن لفُتن))، قال: وكان راعي ضأن يأوي إلى ديره، قال: فخرجت امرأة من القرية، فوقع عليها الراعي، فحملتْ فولدت غلامًا، فقيل لها: ما هذا؟ قالت: مِن صاحب هذا الدير، قال: فجاؤوا بفؤوسهم ومساحيهم، فنادَوْه، فصادفوه يصلي، فلم يكلِّمهم، قال: فأخذوا يهدمون ديره، فلما رأى ذلك نزل إليهم، فقالوا له: سل هذه، قال: فتبسم ثم مسح رأس الصبي، فقال: مَن أبوك؟ قال: أبي راعي الضأن، فلما سمعوا ذلك منه قالوا: نبني ما هدمنا من ديرك بالذهب والفضة، قال: لا، ولكن أعيدوه ترابًا كما كان، ثم علاه"؛ رواه مسلم.


    أرأيتِ خطورة القضية؟

    أدعوكِ لقراءة الأحاديث التالية، دون أن تتعجلي في الانتقال إلى النقطة التي تليها:
    - عن عبدالرحمن بن عبدالله عن أبيه، قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فانطلَقَ لحاجته، فرأينا حُمَّرَةً - طائر يشبه العصفور - معها فرخان، فأخذنا فرخَيْها، فجاءت الحمرة فجعلتْ تفرُش، فجاء النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: "مَن فَجَع هذه بولدها؟ ردُّوا ولدها إليها))، ورأى قرية نمل قد حرَّقناها، فقال: ((مَن حرق هذه؟))، قلنا: نحن، قال: ((إنه لا ينبغي أن يعذِّب بالنار إلا ربُّ النار))؛ رواه أبو داود.


    - وعن عبدالله بن جعفر قال: أردفني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم خلفه، فأسرَّ إليَّ حديثًا لا أخبر به أحدًا أبدًا، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب ما استَتَر به في حاجته هدف أو حائش نخل – أي: جماعة النخل - فدخل يومًا حائطًا من حيطان الأنصار، فإذا جَمَلٌ قد أتاه فجَرْجَر – أي: ردَّد صوته في حنجرته - وذرفت عيناه، قال بهز وعفان: فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - حنَّ وذرفت عيناه، فمسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سَراتَه (الظهر، وقيل: السنام)، وذِفْرَاه (العظم الشاخص خلف الأذن) فسَكَن، فقال: ((مَن صاحب الجمل؟))، فجاء فتى من الأنصار فقال: "هو لي يا رسول الله"، فقال: ((أما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملَّككها الله، إنه شكا إلي أنك تُجيعه وتُدِئبُه))؛ رواه أبو داود، والإمام أحمد في "مسنده"، والحاكم في "المستدرك".


    أوَتظنين أن دينًا أو نبيًّا بكل هذه الرحمة، والشفقة، والعطف على البهيمة العجماء، كان ليأمرنا بالقسوة على البشر؟ على الإنسان الذي كرمه الله تعالى؟!


    قال - تعالى -: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70].


    يجب أن نفرِّق بين ما جاد به الشرع، وما جار به المسلم على أخيه المسلم، بين ما هو من الدين، وما هو من العرف والعادات والتقاليد.


    لقد قرر الشارع الحكيم آدابًا للتعامل بين الخلق، حقوقًا وواجبات، فللوالدين حقوق على أولادهم، وللأولاد على والديهم حقوق.


    فإن لم يكن من عادة المجتمع أن يعانق الآباء أبناءهم أو يقبِّلوهم مثلاً، مثلما قلتِ في استشارتك الأولى: "في مجتمعي عادي أن الأم أو الأب ما يحضن ابنته أو ولده"، فهذه من العادات والتقاليد القميئة، التي يبرأ منها الدين.


    عن عائشة قالت: قدم ناس من الأعراب على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: أتقبِّلون صبيانكم؟ قالوا: نعم، فقالوا: لكنا والله ما نقبل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وأملك أنْ كان الله قد نزع منكم الرحمة؟))؛ رواه ابن ماجه.


    وعن يعلى العامري أنه قال: جاء الحسن والحسين يسعيان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فضمَّهما إليه، وقال: ((إن الولد مَبخلةٌ مَجبنة))؛ رواه ابن ماجه، وفي "الزوائد": إسناده صحيح، رجاله ثقات.


    ومع كل هذا، لا يعفي الولد إطلاقًا عن أداء واجباته تجاه والديه، كون والديه أو أحدهما قد قصر في التزاماته وواجباته الوالدية معه.


    عليكِ أن تصبري وتصبري وتصبري؛ {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 127، 128].


    خذي بنصائحي التي ذكرتها لكِ في الاستشارة الأولى، ولا تَنْسَي الدعاء؛ فالدعاء سلاح المؤمن، وكذلك الصلاة؛ ففيها راحة القلب وسلوانه ((يا بلال، أرحنا بالصلاة))؛ رواه أبو داود.


    أختنا الفاضلة:




    فيكِ من الخير الكثيرُ؛ ولذا أطلب منكِ أن تتسامي، وترتفعي، وتترفعي عن الغوص في أعماق جراحاتك النفسية والجسدية، إذا استطعتِ الارتفاع ستتمكنين من النظر إلى المشكلة من خارج الإطار، وبالتالي ستختلف نظرتك تجاهها، وسيختلف حكمك عليها.


    ألستِ تحفظين شكل المدينة التي تعيشين فيها؟ ألستِ تعرفين شوارعها الجديدة، وأزقتها القديمة، وبيوتها الملونة؟ هل كنت سترَيْنَ صورةَ المدينة بنفس الصورة التي تعرفينها وأنت تعيشين فيها، لو كنتِ تنظرين إليها من نافذة الطائرة وهي محلِّقة في السماء؟ بالتأكيد الصورة صغيرة ومختلفة، أليس كذلك؟


    تخيَّلي نفسك إذًا وقد ارتفعتِ أكثر وأكثر، حتى أصبحت في موقع تختفي معه صورة المدينة، لتظهر خريطة البلد، ألن تكون الصورة أصغرَ، والشعور مختلفًا؟ فكيف لو ارتفعت أكثر وأكثر وأكثر، وأصبحَتِ الكرةُ الأرضية التي لا حدود لها في تصورك، مجرد كرة صغيرة؟


    أين اختفت أسوار المدينة؟ وأين توارت حدود البلد؟ هل الأرض هي الأرض كما كنت تعيشين فوقها، وتسيرين على ترابها؟


    بالطبع لا، فلماذا إذًا اختلفتْ صورة الأرض من فوق السماء، عنها ونحن فوقها؟


    الأمر ببساطة؛ لأننا ابتعدنا عنها، وكلما ابتعدنا تصبح الصورة أصغرَ، وشكلها مختلفًا جدًّا، وبالتالي يختلف الشعور تجاهها، تمامًا كما هي النجوم في السماء؛ تبدو لنا جميلة، وصغيرة، ومتوهجة؛ لأنها بعيدة عن مستوى النظر، لكنها في حقيقتها أكبر حجمًا، ومخيفة حقًّا؛ لذا أطلب منكِ أن تتسامي وترتفعي فوق آلامك الوقتية؛ كي تصغر في عينيك، وهي بلا أدنى شك ستنتهي ذات يوم، إما بزواجك، أو بتغير حال والديك، ثقي بذلك.


    المهم الآن هو أن تعالجي التدهور العقَدي والخُلقي عند والديكِ، انطلاقًا من فهمك لهذه الآية: قال – تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون} [التحريم: 6].





    لن أكتفي في مشكلة والديك مع بعضهما البعض الآن بعمومية النظرة الأولى إليها، فالمسألة تحتاج منك إلى كتابة تفصيلية متعمقة، وموضوعية تامة، بعيدة جدًّا عن مشاعرك الراهنة، ومزاجك في هذه اللحظة، ثم نحن الآن في مشكلتك أنت مع والديك، ومشكلتهما معك،


    و


    أتصدِّقين: حتى اللطف يستفز أحيانًا بعض الشخصيات؟ أقول ذلك عن تجربة شخصية، فقد التقيتُ بالعديد من النماذج من مختلف الأعمار والجنسيات، واكتشفت من خلال الاحتكاك المباشر بالناس: أنني - وبطريقةٍ غير مقصودة - كنت أتسبب في إثارة انفعال الطرف الآخر أمامي، لا، ليس بانفعالي أو تقلباتي المزاجية؛ بل بتعاملي معهم بحب، وعفوية، وأريحية! كنت أحيانًا أتسبب في إثارة زوبعة من الدخان، بدلاً من إضفاء جوٍّ من المرح على المكان؛ بسبب دعابة صغيرة، أو ضحكة من القلب.


    فاكتشفت أن القاعدة الصحيحة في التعامل، ليست في إظهار الود واللطف إطلاقًا؛ بل في معاشرة الناس ومخاطبتهم على قدر عقولهم، وهي مهمة صعبة جدًّا جدًّا، تتطلب الكثير من الفطنة؛ لفهم النفسيات والشخصيات، والكثير من الخبرة، والكثير الكثير من الصبر.


    لهذا انتبهي في المرات القادمة لأسلوب تعاملك وتخاطبك مع والديك، وإن شاء الله تتخذ العلاقة بينك وبينهما مجرى أسهلَ وأفضل.


    ختامًا:




    أتمنى عليكِ أن تقرئي كلماتي هذه وأنت موقنة أني أكتبها لكِ بمحبة وإشفاق، وإحساس عالٍ بمشكلتك، وإن بدرَتْ مني أيُّ قسوة، فإنما ذلك خوفًا على دِينك، بالقدر الذي أُشفق فيه على شقائك في دنياك.


    أنتِ الآن تَعبُرين بصعوبة بالغة نفقًا مظلمًا، وضيقًا، ومرعبًا، ولكل نفق نهاية في آخر الأمر، وقد قاربتِ أنت على الخروج من هذا النفق، فاصبري؛ لتتمكني من اجتياز ما بقي منه، وتخرجي من ضيق العتمة إلى فسحة الضوء، وتحققين كل أحلامك وطموحاتك وأنتِ ترفلين في ثوب الصحة والسعادة والرضا.


    أمنياتي القلبية الصادقة لكِ بحياة سعيدة مع زوج صالح وأسرة سعيدة، وأن يهدي الله أبويك، ويحنن الأفئدة كلها عليك، أنتظر أن تفتحي لي قلبك وقد طويتِ صفحة الكراهية هذه للأبد، دُمتِ لنا بألف خير.




    حببت أن أنبه على نقطتين اثنتين:

    الأولى: إن حقوق الأبناء على آبائهم كثيرة، وثابتة بالكتاب والسنة النبوية الصحيحة، ومن المعلوم من دين الإسلام بالضرورة، ومما اتفق عليه أئمَّة المسلمين؛ والأمر في ذلك ظاهرٌ، لا يَحتاج إلى بيان ولا برهان.

    فالله - تعالى - قد أوجب على الأبناء حقوقًا تجاه آبائهم، وأوجب في المقابل للأبناء حقوقًا على الآباء، وتقصيرُ الآباء في أداء حقوقهم تجاه أبنائهم لا يبرر العقوقَ، ولا يسوغ التقصير، فإذا كان كفر الوالدين بالله العظيم لا يُسقط حقهم في البر والإحسان، فبالأحرى ألا يسقطه ظلمُهما أو تضييعهما للأبناء.


    الثانية: أن ما حلَّ بتلك الأخت ونزل بساحتها من ابتلاء واختبار، إنما هو من السنن الكونية التي لا تتبدل ولا تتغير؛ قال – تعالى -: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: 35]، وقد قال - عز من قائل -: {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10].


    فالدنيا دار ابتلاء وامتحان، ولا تصفو من الأكدار، ولا تسلم من الأحزان؛ قال – تعالى -: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: 140]، فقد يبتلي الله أقوامًا بكثرة الأوجاع والأسقام، وآخرين بنقص المال والأولاد، وآخرين بعقوق الآباء، إلى غير ذلك من الآلام والأحزان والأتراح، التي لا يكاد يسلم منها أحد حتى يحط رحله في بلاد الأفراح.


    والمؤمن الذي يعلم أن الدنيا بحذافيرها لا تساوي عند الله جناحَ بعوضة، وأنها دار زوال، وأننا منتقلون منها على كل حال - لا يحزن على ما فاته منها؛ لأنها ليست داره، ولا قراره، فدارُه وقراره هي جنات النعيم، في صحبة النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - وفي رضا الرب الرحيم.


    وإن من أعظم العون على الصبر على الأقدار المؤلمة - الإيمانَ بالقضاء والقدر، أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، فهذا يَبْعَثُ في النفس الطُّمَأْنِينة؛ قال – تعالى -: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: 22]، وقال: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التغابن: 11]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لو أنفقتَ مثل أُحُد ذهبًا في سبيل الله، ما قَبِله الله منك، حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو متَّ على غير هذا لدخلتَ النار))، وقال: ((عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابتْه سرَّاءُ شَكَر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاءُ صبر، فكان خيرًا له))؛ رواه مسلم، فالفرج مع الصبر، واليُسر مع العُسْرِ.


    وكذلك من أصول الرضا: النظرُ إلى من هو أسفل منا، وتركُ النظر لمن هو فوقنا؛ فهو أجدر ألاَّ نزدري نعمةَ الله علينا؛ كما رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وللبخاري نحوه.


    وأيضًا لو تأمل العبد المؤمن ما أسبغه عليه من نِعَم، وأعظمُها الإسلام، لم يَعظُم في نفسه الابتلاءُ، فكثير من الناس يتضجر ويتسخط من الفقر الذي نزل به، أو المرض الذي ألمَّ به، وينسى أنه في نِعَم الله يرفل؛ فنعمة البصر: والتي لولاها لكان أعمى، يقاد في الطرقات لا يهتدي سبيلاً، ونعمة السمع: وإلا لكان أصمَّ، يتحدث الناس بجواره، ولا يعقل ما يقولون، ونعمة العقل: وإلا لكان مجنونًا يقذره الأقربون، ويلعب به الأطفال، ونعمة اللسان: وإلا لكان أبكمَ لا يفصح عما يريد، ونعمة الهواء والماء والطعام والمسكن، وكل شيء حوله؛ وصدق الله إذ يقول: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: 34]، وقال: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمان: 20].


    وأيضًا: ((إنَّ عِظَمَ الجزاء مع عِظَمِ البَلاء، وإنَّ اللَّه إذا أحبَّ قومًا ابتلاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضا، ومَنْ سخِطَ فَلَهُ السخط))؛ كما صح عند التِّرمذي، وروى البخاري عن أبي هريرة قال: قال - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ، وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَة يُشَاكُهَا، إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ)).


    فإذا تذكرت كل ما ذكرته لك هان عليك الخطب، وسهل عليك الأمر، وذهب عنك ما تجد من البلاء - إن شاء الله تعالى.


    وعليكِ بالتحلِّي بالصبر، مع مداومة التوجه إلى الله - تعالى - بالدعاء والإلحاح، في الأوقات التي يرجى فيها الإجابة؛ كالثُّلث الأخير من اللَّيل، وإن شاء الله ستُكشَف كُرْبَتُكَ، وتجابُ دعوتك؛ فهو القائل – سبحانه -: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل: 62].


    فرحمة الله أوسع ، ورعاية الله أشمل، وجناب الله أرحب، وهو أقدر على تبديل الحال.










    التعديل الأخير تم بواسطة فريق استشارات سرك فى بير(الأخوات); الساعة 20-12-2013, 01:50 PM.

    زائرنا الكريم نحن معك بقلوبنا
    كلنا آذان صاغيه لشكواك ونرحب بك دائما
    في
    :

    جباال من الحسنات في انتظارك





    تعليق


    • #3
      رد: يارب حد يفهمني

      بدايه السلام عليكم

      انا صاحبه الاستشاره وهذه اول استشاره لي هنا في موضوع والداي



      جزاكم الله خيرا
      التعديل الأخير تم بواسطة فريق استشارات سرك فى بير(الأخوات); الساعة 20-12-2013, 01:42 PM.

      تعليق


      • #4
        رد: يارب حد يفهمني

        نعم اختنا تم التعديل
        انصحك اختنا
        عليكِ بالتحلِّي بالصبر، مع مداومة التوجه إلى الله - تعالى - بالدعاء والإلحاح، في الأوقات التي يرجى فيها الإجابة؛ كالثُّلث الأخير من اللَّيل، وإن شاء الله ستُكشَف كُرْبَتُكَ، وتجابُ دعوتك؛ فهو القائل – سبحانه -: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل: 62].
        واعلمي ان اي عبادة لا يعدلها بر الوالدين
        أكثري من الأعمال الصالحة الرائعة أقرأي كثيرًا في أمور الدين، ودائمًا حافظي على الصلوات الخمسة، أ، محافظة على صلاة الوتر - ولله الحمد - و الصيام، استخدمي الإنترنت للدعوة إلى الله" -
        ومع ذلك لا تعدل في مكانتها وأجرِها بِرَّ الوالدين، فبرُّ الوالدين مقدَّم على ما هو أعظم من الحجاب، والدعوةِ إلى الله من خلال الإنترنت.


        برُّ الوالدين مقدم على الجهاد:

        زائرنا الكريم نحن معك بقلوبنا
        كلنا آذان صاغيه لشكواك ونرحب بك دائما
        في
        :

        جباال من الحسنات في انتظارك





        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        x
        إدراج: مصغرة صغير متوسط كبير الحجم الكامل إزالة  
        x
        أو نوع الملف مسموح به: jpg, jpeg, png, gif
        x
        x
        يعمل...
        X