وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أختنا الفاضلة
نسأل الله أن يوفقكِ لما يحب ويرضى
تعالى لنبدأ مشكلتك من آخرها
لأنى للأسف " تعلقت " به والله المستعان
نعم أختنا
فمن أحب غير الله عُذب به
فلعل كل ما رأيتيه على حساب خاطبكِ لا يكون صوابا لكن هو فقط نذير لكِ لتعلمى أن بقلبك ذلك الداء داء التعلق بغير الله
قد ذكر ابن القيم -رحمه الله - أن هناك خمسة مفسدات للقلب
و هي كثرة الخلطة و التمني و التعلق بغير الله
و كثرة الطعام والمنام.
وقال في التعلق بغير الله:
وهو من أعظم مفسدات (القلب) على الإطلاق، فليس عليه أضر من ذلك، ولا أقطع له عن مصالحه وسعادته منه، فإنه إذا تعلق بغير الله وكله الله إلى ما تعلق به، وخذله من جهة ما تعلق به، وفاته تحصيل مقصوده من الله عز وجل بتعلقه بغيره، والتفاته إلى سواه، فلا على نصيبه من الله حصل، ولا إلى ما أمله ممن تعلق به وصل... قال تعالى: (وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً . كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً) (مريم:82،81)،
وقال تعالى: (وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ . لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ) (يس:75،74).
فأعظم الناس خذلانا من تعلق بغير الله. فإن ما فاته من مصالحه وسعادته وفلاحه، أعظم مما حصل له ممن تعلق به، وهو معرض للزوال والفوات..". (تهذيب مدارج السالكين) ص207:208
فإن من تعلق قلبه بغير الله فإن الله - عز و جل - يجعل ذلك سبب عذابه و شقائه فهذا فرعون تعلق بملكه، فكان سبب شقائه...و هذا هامان تعلق بوزارته فكانت سبب شقائه و هذا قارون تعلق بماله (فَخَسَفْنَا بِهِ وَ بِدَارِهِ الْأَرْضَ) سورة القصص: 81
وهذا أمية بن خلف تعلق بتجارته، فلم يسلك طريق الهداية...و هذا أبو لهب تعلق بنسبه...،و هذا أبو جهل تعلق بجاهه و مكانته...و هذا...و هذا...فالأمثلة كثيرة و كلها تدل أنه من تعلق بالله، أعزه الله، و من تعلق بغير الله، جعل الله ذلك سبب عذابه و شقائه. (لا تحزن و ابتسم للحياة) للشيخ محمود المصري ص:45
*و من صور التعلق بغير الله التعلق بالأشخاص أو العشق و هو من أشهر صور التعلق و يعد مرضا مضاد للتوحيد، قال تعالى: (وَ مِنَ النَّاسِ مَن يَتَخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادَاً يُحِبُونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَ الَّذِينَ ءَامَنُوآ أَشَدُّ حُبَّاً لله ) سورة البقرة: 165.
و لذلك سمي أيضا بشرك المحبة.
و ليس في هذه الدنيا و هذا الكون شيء يحب لذاته إلا الله سبحانه و تعالى. حتى المخلوقين تقول: أنا أحب فلانا لأنه عبد لله، لأن القرب منه يؤدي إلى القرب من الله، لكن ليس لذات الشخص، لكن لأن محبة الشخص و التقرب منه تؤدي إلى تحصيل أجر مثلا، فأنت تحبه، لكن الذي يحب لذاته فقط، هو الله عزوجل، فإليه منتهى المحبة و التعظيم سبحانه و تعالى.
(قاعدة في المحبة) لشيخ الإسلام ابن تيمية -من القاعدة العشرين- تلخيص الشيخ
محمد بن صالح المنجد
ولعلكِ تقولين وما ذنبى فى تعلق قلبى بخاطبى
أذكركِ بأنه مازال رجلا أجنبيا عنكِ
وحتى وان صار زوجك فالقلب ملك لربه لا شريك له فيه
يقول ابن القيم رحمه الله في "روضة المحبين" (147) :
" فمتى كان السبب واقعا باختياره لم يكن معذورا فيما تولد عنه بغير اختياره ، فمتى كان السبب محظورا لم يكن السكران معذورا ، ولا ريب أن متابعة النظر واستدامة الفكر بمنزلة شرب المسكر ، فهو يلام على السبب " انتهى .
والعلاج:
قال ابن القيم: ودواء هذا الداء القتال أن يعرف أن ما اُبتُليَ به من هذا الداء المضاد للتوحيد ؛ إنما هو مِن جهله وغفلة قلبه عن الله، فَعَلَيْهِ أن يعرف توحيد ربِّه وسُننه وآياته أولا ، ثم يأتي من العبادات الظاهرة والباطنة بما يشغل قلبه عن دوام الفكرة فيه ويُكثر اللجأ والتضرع إلى الله سبحانه في صرف ذلك عنه ، وأن يرجع بقلبه إليه وليس لـه دواء أنفع من الإخلاص لله ، وهو الدواء الذي ذكره الله في كتابه حيث قال : ( كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ) (يوسف:24) (الداء و الدواء) ص304
لذلك أختنا فاعملى ابتداء على قلبك فطهريه من التعلق
وعندما يكون زوجا لكِ فدربى نفسك ان تكون محبتك له فى الله وحده
لكونه يعينك على طاعة الله
وبالنسبة لأمر حساب الفيس الخاص بخطيبك
فلعله يظن فعلا ان هذا من الدعوة
فلا تتعجلى بأخذ قرار لمجرد الظن طالما رضيتِ دينه وخلقه
بل اجعلى أحد محارمك يكلمه فى هذا الأمر ويفهم منه ويوجهه
ونسأل الله أن ييسر لكما أمركما ويبارك لكما وعليكما
تعليق