فإن الله جل وعلا قد خلق الإنسان وركب في طبيعته العضوية الأجهزة التي تحفظ عليه صحته وتقوم بدفع المضار عنه، فهو مع كونه جل وعلا قد خلق أعضاء الإنسان على هذه الخلقة البديعة العظيمة فقد ركب فيها أيضًا ما يحفظها وما يجعلها تعمل بصورة طبيعية على حفظ نفسها، فمثلاً ركب طبيعة الإنسان على أن تكون مفتقرة إلى الغذاء وجعل أعضاء الإنسان مشعرة بحاجتها إلى هذا الغذاء، ومن هنا يحصل للإنسان الشعور بالجوع والعطش عند حاجة الجسم إليه
ثم ركب بعد ذلك هذه الأجهزة على طريقة تجعلها تنتفع أتم الإنتفاع فتمتص النافع منه بحيث يستفيد منه الإنسان وبعد ذلك تطرد الفضلات تلقائيًا إلى موضعها اللائق بها حتى يشعر الإنسان بحاجته إلى إخراج هذه الفضلات، ومن هذا المعنى خروج دم الحيض من النساء، فإنه دم يرخيه الرحم لحكمة التركيب الأنثوي للمرأة الذي يتطلب هذا الإخراج لهذا الدم الذي هو دم جبلة وطبيعة، ولذلك إذا حملت المرأة انقطع الدم عنها في المعتاد الغالب لأنه يتحول إلى غذاء للطفل، فإذا ولدت وانتهى النفاس تحول إلى لبن ترضعه طفلها، قال تعالى: { الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى}.
إذا علم هذا فإن الاحتلام من هذا المعنى، فإن المني مادة موجودة في الرجل والمرأة والطريق المعهود الذي يخرج به يكون بطريق المعاشرة الزوجية وقد يحصل تأخر للزواج او ان تطلق المرأة مع وجود أسباب الشهوة لدى الإنسان سواء كان رجلاً أو امرأة فيحتاج الجسم إلى إخراج هذه المادة ( المني ) التي ثارت في البدن بسبب الشهوة، فحينئذ يصرفها الخالق العظيم بطريق الاحتلام، وهو خروج المني أثناء النوم مع دواعي الشهوة وصورتها سواء كان ذلك بوجود صورة المعاشرة الجنسية أو غيرها.
فثبت بهذا أن الاحتلام ليس أمرًا مذمومًا، بل هو نعمة من الله تعالى يفرج بها عن الإنسان ويخفف عليه بها حتى يتمكن من الزواج الذي يغنيه بعد ذلك عن الاحتلام.
وأما عن حكمه، فقد استبان لك أن هذا لا مدخل فيه للإثم أو الذنب، فإنه أمر يتم دون إرادة من الإنسان، والرجل والمرأة في ذلك سواء، وقد ثبت في الصحيحين عن أم سُليم – رضي الله عنها – أنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن الله لا يستحي من الحق فهل على المرأة الغسل إذا احتلمت؟ قال: ( نعم إذا رأت الماء ) فضحكت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها فقالت: أتحتلم المرأة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( فبما يشبه الولد )؟..
فلا حرج عليك من ذلك، فإن هذا أمر طبيعي في الرجال والنساء
ومن الناحية العلمية ما يحدث خلال النوم هو أن كل أجهزة الجسم ترتاح وتسترخي وتجدد خلاياها، فتزداد كمية الدم فيها، ويحدث الاحتقان، وهذا الاحتقان يحدث أيضا في الأعضاء التناسلية.
وبنفس الوقت يكون الدماغ قد قام بتخزين كل ما مر على الإنسان من خبرات وأفكار، أو مشاهدات جالت بخاطره، أو شاهدها طوال اليوم، وخلال النوم وفي مرحلة من النوم نسميها مرحلة - rem - تحدث الأحلام، والتي ماهي إلا ترجمة لهذه الأفكار والمشاهدات التي تمت خلال اليوم.
أي أن الاحلام وفي غالب الأحيان ما هي إلا عبارة عن انعكاس أو مرآة لما مر بالذهن من أفكار مشاهدات في حالة الصحو، ولما شغل البال من أحداث.
فبعض الأفكار يكون الإنسان قادرا على كبتها والتحكم فيها خلال الوعي، ويظن أنه قد تخلص منها ونسيها، لكن عند النوم تزول هذه الآلية في التحكم، ويتحرر الدماغ من أي رقابة، فيترجم الأفكار على شكل الأحلام.
ولأن أنسجة الجهاز التناسلي تكون أصلا محتقنة بفعل النوم - كما سبق وذكرت -فسيسهل جدا حدوث تقلصات فيها، يشبه ما يحدث في العملية الجنسية، لكن عند الفتاة قد يترافق هذا الإحداث مع خروج بعض الإفرازات أو قد لا تترافق، لأن الإفراز ليس إفرازا خارجيا من الغدد التي يتم إثارتها في الجماع العادي لترطيب الفرج، وإنما هو إفراز طبيعي متواجد في عنق الرحم تختلف كميته وشكله حسب أيام الدورة.
ومعنى هذا يا ابنتى بأن الفتاة عندما تعرض نفسها سواء عن قصد أو غير قصد لمشاهدة أو سماع، أو قراءة ما يثير الغريزة الجنسية خلال النهار، فحتى لو كبتت هذه الأفكار فإن هذه الأحداث قد تترجم في اللاوعي، على شكل أحلام جنسية، وتكون بشكل عشوائي وغير منتظم، بل وغير واضح، فتشاهد أماكن مختلفة وأناس مختلفين.
القاعدة أن هذه الأحلام نادرة في الفتاة الطبيعية التي لا تشغل تفكيرها هذه الأمور، والدليل أنه لو مرت على الإنسان ظروف صعبة – لا قدر الله - فسيكون تفكيره، وبالتالي أحلامه مرتبطة بهذا الحدث، ولن يشاهد أحلاما جنسية إلا في حالات نادرة جدا.
على كل حال إن كانت الأحلام الجنسية قليلة ومتباعدة فهذا أمر يعتبر طبيعيا ومقبولا، لكن إن أصبحت تتكرر وشبه دائمة، فهنا نقول بأن الأمر غير طبيعي ويعكس اضطرابا أو ظرفا ما تعيش فيه الفتاة.
بالنسبة لك فقد مررت بتجربة، وللأسف كانت فاشلة، لم تحقق لك الاستقرار العاطفي ولا النفسي، فانعكس الأمر عليك على شكل معاناة وإحساس دائم بعدم الاكتفاء العاطفي والجنسي، ولعلك بالغت في التفكير في الأمر، فأصبحت تبحثين عنه في اللاوعي.
نصيحتي لك- أيتها الأخت الفاضلة- هي بأن تقومي بإعادة برمجة أفكارك، فالهدف من الزواج ليس العملية الجنسية بحد ذاتها، الهدف من الزواج بالدرجة الأولى هو استمرار الحياة والتناسل، ضمن جو من المودة والألفة والسكينة بين الزوجين.
وأقول لك أيضا أن الغريزة الجنسية عند الأنثى- وإن كانت هامة - إلا أنها غريزة ثانوية نسبيا، وهي ليست بنفس الطبيعة والقوة كما في الرجل، فالملاحظات والدراسات العلمية تقول بأن الأنثى، وفي حالتها الطبيعية - أي بدون التعرض للمثيرات الجنسية كالأفلام والأغاني وما شابه، مما يكثر في هذه الأيام - لا تفكر بالجنس كثيرا، ولا تزداد لديها الرغبة الجنسية بشكل واضح إلا في فترة التبويض من الدورة الشهرية، ولعل لهذا التغير وزيادة الرغبة في فترة التبويض حكمة إلهية عظيمة، وهي جعل الأنثى راغبة في الجنس أكثر في هذه الفترة؛ مما يساعد على حدوث الحمل، وبمعنى آخر أن الرغبة الجنسية عند الأنثى وظفت بشكل دقيق لخدمة الهدف الأساسي من العلاقة الجنسية، وهو التكاثر، أما بعد ذلك فهي غريزة ثانوية يمكنها التحكم فيها والعيش بدونها.
أنصحك بألا تفكري في الماضي، وألا تستحضريه أمامك، وأن لا تتعاملي مع نفسك على أنك كنت ضحية.
تجاوزي الماضي، واستبدلي الأفكار السلبية بأخرى إيجابية، وابحثي في داخلك عن طاقات وقدرات جديدة واستفيدي منها، وهنا فقط ستشعرين بمتع أخرى كثيرة في هذه الحياة أجمل وأدوم.
تعليق