وسَبَب هذا الاهْتِمَام مِنَ الشَّرْعِ أنَّ المُسْلِمَ مَطْلُوبٌ مِنْهُ التَّمَيُّز في كُلِّ الأُمُور، حتى في مِثْلِ هذه الأُمُور التي قَدْ يَسْتَقِلّهَا بَعْض النَّاس، ويُنْظَر أجْوِبَة الأسْئِلَة (7180) و(1692) و(101401) فَفِيهَا ضَوَابِط تَسْمِيَة الذُّكُور والإنَاث وإطْلاَق الألْقَاب، وفِيهَا بَيَان الأسْمَاء المُحَرَّمَة والمَكْرُوهَة.
ثَانِيًا: الَّذِي يَظْهَر: أنَّ التَّسْمِيَةَ بـ (القُرْآنُ والسُّنَّةُ)، أو (القُرْآن طَرِيقِي)، أو (القُرْآنُ حَيَاةُ القُلُوبِ)، أو (القُرْآنُ مَنْهَجِي) لا تَصِحُّ، وذَلِكَ لأسْبَابٍ:
1. سَبَقَ في الأجْوِبَةِ المُحَال عَلَيْهَا أنَّهُ مِنَ الأسْمَاءِ المَكْرُوهَة التي تَشْتَهِر في بَعْضِ بِلاَد المُسْلِمِين؛ الأسْمَاء المُضَافَة إلى لَفْظِ (الدِّين) أو (الإسْلاَم)، مِثْل (نُورُ الدِّينِ، عِمَادُ الدِّينِ، نُورُ الإسْلاَم)، ونَحْو ذَلِكَ، فَقَدْ كَرِهَهَا أهْلُ العِلْمِ للذُّكُورِ والإنَاثِ، لِمَا فِيهَا مِنْ تَزْكِيَةِ صَاحِبهَا تَزْكِيَةً عَظِيمَةً، قَالَ الشَّيْخُ بَكْر أبُو زَيْد رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ [ وذَلِكَ لعَظِيمِ مَنْزِلَة هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ (الدِّين) و(الإسْلاَم)، فَالإضَافَة إلَيْهِمَا عَلَى وَجْهِ التَّسْمِيَة فِيهَا دَعْوَى فَجَّة تُطُلّ عَلَى الكَذِبِ ] تَسْمِيَةُ المَوْلُودِ (ص22)، فهذا الكَاتِب وذَاكَ: لَيْسَا هُمَا الكِتَاب ولا السُّنَّة، لا حَقِيقَةً ولا حَالاً، ومَثَلُهُ بَلْ أشَدُّ مِنْهُ في المَنْعِ التَّلَقُّب بـ (سُبْحَانَ الله)، أو (سُبْحَانَ الله وبحَمْدِهِ)، سُئِلَ عُلَمَاءُ اللَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ (مُقَدَّم لسَعَادَتِكُم السَّيِّد: سُبْحَانَ الله مِيَانقل، بَاكِسْتَانِي الجِنْسِيَّة، والمُقِيمُ بالمَمْلَكَةِ العَرَبِيَّة السُّعُودِيَّة، بمَدِينَةِ جَدَّة، وأعْمَلُ مُؤَذِّنًا في وَزَارَةِ الأوْقَاف، ولَقَدْ تَمَّ الاعْتِرَاض مِنْ قِبَلِ إدَارَة الحَجّ والأوْقَاف بخُصُوصِ اسْمِي، وكُلّ مَا أرْجُوه مِنْ سَعَادَتِكُم هُوَ إفْتَاؤنَا عَنْ هذا الاسْمِ مِنَ النَّاحِيَةِ الإسْلاَمِيَّةِ والشَّرْعِيَّةِ، هَلْ هُوَ اسْمٌ جَائِزٌ أمْ لا؟ وإنْ كَانَ غَيْرُ جَائِزٍ: فَالرَّجَاء إفَادَتنَا بمَعْرُوضٍ مِنْ قِبَلِكُم حتى يَتَسَنَّى لِي تَغْيِير الاسْم مِنَ الجَوَازَات، ولَكُم جَزِيل الشُّكْر والعِرْفَان)، فَأجَابُوا [ يَجِبُ عَلَيْكَ تَغْيِير هذا الاسْم؛ لأنَّ شَخْصَكَ لَيْسَ هُوَ سُبْحَانَ الله، وإنَّمَا (سُبْحَانَ الله) ذِكْرٌ مِنَ الأذْكَارِ الشَّرْعِيَّةِ، ويَجِبُ أنْ يُغَيَّرَ إلى اسْمٍ جَائِزٍ شَرْعًا، كعَبْد الله، ومُحَمَّد، وأحْمَد، ونَحْوهَا ] فَتَاوَى اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ (11/477، 478). 2. أنَّ في تِلْكَ الأسْمَاء تَزْكِيَة للمُتَسَمِّي أو المُتَلَقِّب بِهَا، وقَدْ نَهَى اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى عَنْ تَزْكِيَةِ النَّفْس، وقَدْ ذَكَرْنَا التَّفْصِيل في الأجْوِبَةِ المُحَال عَلَيْهَا، وقَدْ سُئِلَ الشَّيْخ مُحَمَّد بْن صَالِح العُثَيْمِين رَحْمَةُ الله عَلَيْهِ (مَا حُكْم هذه الألْقَاب: حُجَّةُ اللهِ، حُجَّةُ الإسْلاَمِ، آيَةُ الله؟)، فَأجَابَ [ هذه الألْقَابُ (حُجَّةُ الله - حُجَّةُ الإسْلاَمِ) ألْقَابٌ حَادِثَةٌ لا تَنْبَغِي؛ لأنَّهُ لا حُجَّة لله عَلَى عِبَادِهِ إلاَّ الرُّسُل ] مَجْمُوع فَتَاوَى الشَّيْخ العُثَيْمِين (3/88). 3. أنَّ فِيهَا مُنَافَاة لأُسْلُوبِ لُغَة العَرَب؛ فَإنَّ هذه العِبَارَات قَدْ وُضِعَت لمَعَانٍ مَقْصُودَةٍ شَرْعًا، مَعْرُوفَةٍ في لُغَةِ العَرَب، ولا يُعْرَف في لُغَةِ العَرَب التَّسَمِّي أو التَّلَقُّب بـ (اللهُ المُسْتَعَان)، أو (اللهُ أعْلَم)، أو (اللهُ رَبِّي)، أو (اللهُ كَرِيمٌ)، ومَثِيلاَتِهَا. 4. أنَّهُ رُبَّمَا يَتَرَتَّب عَلَى أُولَئِكَ الأعْضَاء الَّذِينَ تَسَمُّوا وتَلَقَّبُوا بتِلْكَ الأسْمَاء والألْقَاب: رُدُودٌ؛ وتَعَقُّبَاتٌ؛ فِيهَا إنْقَاصٌ لقَدْرِ القُرْآن والسُّنَّة والرَّبّ تَبَارَكَ وتَعَالَى، كَقَوْلِهِم لَهُم [ أخْطَأتَ يَا (الكِتَاب والسُّنَّة) ]، و[ لَمْ تُصِب يَا (القُرْآن طَرِيقِي) ]، هذا عَدَا عَمَّا يُمْكِن أنْ يَكُونَ مِنْ سَبٍّ وشَتْمٍ، مِمَّا يُؤَدِّي إلى امْتِهَانِ هذه المُسَمَّيَات والقَدْحِ بِهَا. 5. أنَّهُ قَدْ يُذْكَر وَفَاة مَنْ تَسَمَّى أو تَلَقَّبَ بتِلْكَ الألْقَاب، فَمَاذَا سَيُقَال في ذَلِكَ المُنْتَدَى وغَيْره؟! سَيُقَالُ [ وَفَاةُ (الله رَبِّي) ]، وسَيُقَالُ [ تُوُفِّيَ اليَوْم (القُرْآن والسُّنَّة) ]، ولاشَكَّ أنَّ هذا قَبِيح أشَدّ القُبْح، ومُحَرَّم أشَدّ التَّحْرِيم.
تعليق