إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ممكن استفسار بسيط من الشيخ اللى بيكتب بالتشكيل (تفسير حديث: البر حسن الخلق)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ممكن استفسار بسيط من الشيخ اللى بيكتب بالتشكيل (تفسير حديث: البر حسن الخلق)

    السلام عليكم شيخنا الفاضل
    اما بعد
    فنريد من فضيلتكم تفسيراً لهذا الحديث وجزاك الله كل خير

    عن النواس بن سـمعـان رضي الله عـنه، عـن النبي صلى الله عـليه وسلم قـال: { الـبـر حـسـن الـخلق والإثـم ما حـاك في نـفـسـك وكـرهـت أن يـطـلع عــلـيـه الـنـاس }.
    [رواه مسلم:2553].
    التعديل الأخير تم بواسطة فريق استشارات سرك فى بير(الأخوات); الساعة 21-09-2012, 02:56 PM.

  • #2
    رد: ممكن استفسار بسيط من الشيخ اللى بيكتب بالتشكيل(تفسير حديث )

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
    الأَخُ السَّائِلُ - الأُخْتُ السَّائِلَةُ
    السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
    أمَّا بَعْدُ؛
    فَالحَمْدُ للهِ؛
    قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ في شَرْحِ النَّوَوِيّ عَلَى مُسْلِمِ (كِتَابُ البِرِّ والصِّلَةِ والآدَابِ – بَابُ تَفْسِيرِ البِرِّ والإِثْمِ) (16/111) [ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: (البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ، والإِثْمُ مَا حَاكَ في صَدْرِكَ، وكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاس)، قَالَ العُلَمَاءُ: البِرُّ يَكُونُ بمَعْنَى الصِّلَةِ، وبمَعْنَى اللُّطْفِ والمَبَرَّةِ وحُسْنِ الصُّحْبَةِ والعِشْرَةِ، وبمَعْنَى الطَّاعَةِ، وهَذِهِ الأُمُورُ هِيَ مَجَامِعُ الخُلُقِ. ومَعْنَى (حَاكَ في صَدْرِكَ) أَيّ: تَحَرَّكَ فِيهِ، وتَرَدَّدَ، ولَمْ يَنْشَرِحْ لَهُ الصَّدْرُ، وحَصَلَ في القَلْبِ مِنْهُ الشَّكُّ، وخَوْفُ كَوْنِهِ ذَنْبًا. ].

    وقَالَ ابْنُ رَجَب رَحِمَهُ اللهُ في جَامِعِ العُلُومِ والحِكَمِ (ص254) [ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الإِثْمَ: مَا أَثَّرَ في الصَّدْرِ حَرَجًا، وضِيقًا، وقَلَقًا، واضْطِرَابًا، فَلَمْ يَنْشَرِحْ لَهُ الصَّدْرُ، ومَعَ هَذَا: فَهُوَ عِنْدَ النَّاسِ مُسْتَنْكَرٌ، بحَيْثُ يُنْكِرُونَهُ عِنْدَ اطِّلاَعِهِمْ عَلَيْهِ، وهَذَا أَعْلَى مَرَاتِب مَعْرِفَة الإِثْم عِنْدَ الاشْتِبَاهِ ].

    وقَالَ العَلاَّمَةُ ابْنُ عُثَيْمِين رَحِمَهُ اللهُ في شَرْحِ الحَدِيثِ [ قَالَ الحَافِظُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ في كِتَابِهِ رِيَاض الصَّالِحِينَ في بَابِ حُسْن الخُلُق، يَعْنِي بَاب الحَثّ عَلَيْهِ، وفَضِيلَتِهِ، وبَيَان مَنِ اتَّصَفَ بِهِ مِنْ عِبَادِ الله، وحُسْنُ الخُلُقِ يَكُون مَعَ اللهِ ويَكُون مَعَ عِبَادِ اللهِ.
    أَمَّا حُسْنُ الخُلُقِ مَعَ اللهِ: فَهُوَ الرِّضَا بحُكْمِهِ شَرْعًا وقَدَرًا، وتَلَقِّي ذَلِكَ بالانْشِرَاحِ وعَدَمِ التَّضَجُّرِ، وعَدَمِ الأَسَى والحُزْنِ، فَإِذَا قَدَّرَ اللهُ عَلَى المُسْلِمِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ رَضِيَ بذَلِكَ واسْتَسْلَمَ وصَبَرَ، وقَالَ بلِسَانِهِ وقَلْبِهِ: رَضِيتُ باللهِ رَبًّا، وإِذَا حَكَمَ اللهُ عَلَيْهِ بحُكْمٍ شَرْعِيٍّ؛ رَضِيَ واسْتَسْلَمَ، وانْقَادَ لشَرِيعَةِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ بصَدْرٍ مُنْشَرِحٍ ونَفْسٍ مُطْمَئِنَّةٍ، فَهَذَا حُسْنُ الخُلُقِ مَعَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ.
    أَمَّا مَعَ الخَلْقِ: فَيُحْسِنُ الخُلُقَ مَعَهُمْ بِمَا قَالَهُ بَعْضُ العُلَمَاءِ: كَفُّ الأَذَى، وبَذْلُ النَّدَى، وطَلاَقَةُ الوَجْهِ، وهَذَا حُسْنُ الخُلُقِ. كَفُّ الأَذَى: بأَلاَّ يُؤْذِي النَّاس لا بلِسَانِهِ ولا بجَوَارِحِهِ، وبَذْلُ النَّدَى: يَعْنِي العَطَاء، يَبْذُل العَطَاء مِنْ مَالٍ وعِلْمٍ وجَاهٍ وغَيْرِ ذَلِكَ، وطَلاَقَةُ الوَجْهِ: بأَنْ يُلاَقِيَ النَّاس بوَجْهٍ مُنْطَلِقٍ، لَيْسَ بعَبُوسٍ، ولا مُصَعِّرٍ خَدَّهُ، وهَذَا هُوَ حُسْنُ الخُلُقِ.
    ولاَ شَكَّ أَنَّ الَّذِي يَفْعَل هَذَا؛ فَيَكُفّ الأَذَى ويَبْذُل النَّدَى ويَجْعَل وَجْهَهُ مُنْطَلِقًا؛ لا شَكَّ أَنَّهُ سَيَصْبِر عَلَى أَذَى النَّاس أَيْضًا، فَإِنَّ الصَّبْرَ عَلَى أَذَى النَّاس لا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ، فَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُؤْذِي أَخَاهُ، ورُبَّمَا يَعْتَدِي عَلَيْهِ بِمَا يَضُرّهُ؛ بأَكْلِ مَالِهِ، أَوْ جَحْدِ حَقٍّ لَهُ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَيَصْبِر ويَحْتَسِب الأَجْر مِنَ اللهِ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى، والعَاقِبَةُ للمُتَّقِينَ، وهَذَا كُلُّهُ مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ مَعَ النَّاسِ. ].
    ويَسْتَطْرِدُ الشَّيْخُ ويُكْمِلُ الشَّرْحَ قَائِلاً [ أَمَّا حَدِيثُ النَّوَّاس بْن سَمْعَان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَالَ: (البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ)، وقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ هَذِهِ الجُمْلَة، وبَيَّنَّا أَنَّ حُسْنَ الخُلُقِ يَحْصُلُ فِيهِ الخَيْرُ الكَثِيرُ؛ لأَنَّ البِرَّ هُوَ الخَيْرُ الكَثِيرُ.
    وأَمَّا الإِثْمُ فَقَالَ هُوَ: (مَا حَاكَ في نَفْسِكَ وكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ) يَعْنِي بِمَا حَاكَ في النَّفْسِ، يَعْنِي لَمْ تَطْمَئِنّ إِلَيْهِ النَّفْسُ، بَلْ تَرَدَّدَتْ فِيهِ، وكَرِهَتْ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ.
    ولَكِنْ هَذَا خِطَابٌ للمُؤْمِنِ، أَمَّا الفَاسِق فَإِنَّ الإِثْمَ لا يَحِيك في صَدْرِهِ، ولا يَهِمّهُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ؛ بَلْ يُجَاهِر بِهِ ولا يُبَالِى، لَكِنَّ المُؤْمِن لِكَوْنِ اللهِ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى قَدْ أَعْطَاهُ نُورًا في قَلْبِهِ، إِذَا هَمَّ بالإِثْمِ حَاكَ في صَدْرِهِ، وتَرَدَّدَ فِيهِ، وكَرِهَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ، فَهَذَا المِيزَانُ إِنَّمَا هُوَ في حَقِّ المُؤْمِنِينَ.
    أَمَّا الفَاسِقُونَ فَإِنَّهُمْ لا يَهُمّهُمْ أَنْ يَطَّلِعَ النَّاسُ عَلَى آثَامِهِمْ، ولا تَحِيك الآثَام في صُدُورِهمْ؛ بَلْ يَفْعَلُوهَا والعِيَاذُ باللهِ بانْطِلاَقٍ وانْشِرَاحٍ؛ لأَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى يَقُولُ: (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) (فَاطِرُ: 8).
    فَقَدْ يُزَيَّنُ للإِنْسَانِ سُوء العَمَل فَيَنْشَرِحُ لَهُ صَدْرهُ، مِثْل مَا نَرَى مِنْ أَهْلِ الفِسْقِ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الخَمْرَ، وتَنْشَرِح صُدُورهُمْ لَهُ، والَّذِينَ يَتَعَامَلُونَ بالرِّبَا وتَنْشَرِح صُدُورهُمْ لذَلِكَ، والَّذِينَ يَتَعَوَّدُونَ العُهْرَ والزِّنَا وتَنْشَرِح صُدُورهُمْ لذَلِكَ، ولا يُبَالُونَ بهَذَا؛ بَلْ رُبَّمَا إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ سِرًّا ذَهَبُوا يُشِيعُونَهُ ويُعْلِنُونَهُ، مِثْل مَا يُوجَد مِنْ بَعْضِ الفُسَّاقِ إِذَا ذَهَبُوا إِلَى البِلاَدِ الخَارِجِيَّةِ المَاجِنَةِ الفَاجِرَةِ ورَجعُوا، قَامُوا يَتَحَدَّثُونَ: فَعَلْتُ كَذَا وفَعَلْتُ كَذَا، يَعْنِي أَنَّهُمْ زَنوا بكَذَا وزَنوا بكَذَا والعِيَاذُ باللهِ- وشَربُوا الخَمْرَ ومَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
    وفي هَذِهِ الأَحَادِيث بَيَانُ صِفَة الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا ولا مُتَفَحِّشًا، يَعْنِي أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعِيدٌ عَنِ الفُحْشِ طَبْعًا وكَسْبًا، فَلَمْ يَكُنْ فَاحِشًا في نَفْسِهِ ولا في غَرِيزَتِهِ؛ بَلْ هُوَ لَيِّنٌ سَهْلٌ، ولَمْ يَكُنْ مُتَفَحِّشًا أَيّ مُتَطَبِّعًا بالفَحْشَاءِ؛ بَلْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَبْعَدَ النَّاسِ عَنِ الفُحْشِ في مَقَالِهِ وفي فِعَالِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.
    وفِيهِ أَيْضًا الحَثُّ عَلَى حُسْنِ الخُلُقِ، وأَنَّهُ مِنْ أَثْقَل مَا يَكُون في المِيزَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وهَذَا مِنْ بَابِ التَّرْغِيب فِيهِ، فَعَلَيْكَ يَا أَخِي المُسْلِمَ أَنْ تُحَسِّنَ خُلُقَكَ مَعَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ؛ في تَلَقِّي أَحْكَامِهِ الكَوْنِيَّةِ والشَّرْعِيَّةِ، بصَدْرٍ مُنْشَرِحٍ مُنْقَادٍ رَاضٍ مُسْتَسْلِمٍ، وكَذَلِكَ مَعَ عِبَادِ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَي يُحِبُّ المُحْسِنِينَ، واللهُ المُوَفِّقُ. ].
    ولِقِرَاءَةِ شَرْح الشَّيْخ كَامِلاً يُرَاجَع الرَّابِط التَّالِي (هنا)، وشَرْحٌ آخَر (هنا).

    وسُئِلَ الشَّيْخُ عَطِيَّة صَقْررَحِمَهُ اللهُ عَنْ مَعْنَى الحَدِيثِ فَأَجَابَ [ رَوَى أَحْمَدُ عَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِ البِرِّ والإِثْمِ فَقَالَ لَهُ: (يَا وَابِصَةَ، اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، البِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ واطْمَأَنَّ إِلَيْهِ القَلْبُ، والإِثْمُ مَا حَاكَ في القَلْبِ وتَرَدَّدَ في الصَّدْرِ، وإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسَ وأَفْتَوْكَ)، ورَوَاهُ مُسْلِمُ بلَفْظِ (البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ، والإِثْمُ مَا حَاكَ في صَدْرِكَ وكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ)، ورَوَى البَغَوِيُّ في مَصَابِيحَ السُّنَّةِ (مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ).
    تَدُلُّ هَذِهِ الأَحَادِيث عَلَى أَنَّ هُنَاكَ قُوَّةٌ بَاطِنَةٌ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُمَيِّزَ بَيْنَ الخَيْرِ والشَّرِّ، بالاطْمِئْنَانِ إِلَى الأَوَّلِ وعَدَمِ الارْتِيَاحِ إِلَى الثَّانِي، وجَاءَ التَّعْبِيرُ عَنْ هَذِهِ القُوَّةِ مَرَّة بالنَّفْسِ وأُخْرَى بالقَلْبِ، وثَالِثَة بالصَّدْرِ، وقَدْ تَحَدَّثَ عَنْهَا الإِمَامُ الغَزَّالِيُّ في شَرْحِ عَجَائِبَ القَلْبِ، وفى المُرَاقَبَةِ والمُحَاسَبَةِ، ويُعَبَّرُ عَنْ هَذِهِ القُوَّةِ حَدِيثًا باسْمِ الضَّمِير.
    إِنَّ هَذِهِ الأَحَادِيثَ تُبَيِّنُ قِيمَة الضَّمِير الَّذِي تَرَبَّى تَرْبِيَة دِينِيَّة. فَهُوَ يَحسُّ بالخَيْرِ والشَّرِّ عَلَى ضَوْءِ هَذِهِ التَّرْبِيَة. وذَلِكَ مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ والسَّلَفُ الصَّالِح، الَّذِينَ لَمْ تُلَوِّثْ ضَمَائِرَهُمْ فَلْسَفَاتٌ ولا نَزَعَاتٌ أُخْرَى. والضَّمِيرُ الدِّينِيُّ الحَيُّ لا يَسْتَسِيغ الشَّرّ، ويَكْرَهُ أَنْ يَطَّلِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ لَوْ فَعَلَهُ، فَهُوَ يَسْتَحِي مِنْهُ، والحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ شُعَبِ الإِيمَانِ.
    وهَذَا مِقْيَاسٌ لِمَنْ تَرَبَّى ضَمِيرهُ عَلَى الخَيْرِ. أَمَّا مَنْ تَرَبَّى ضَمِيرهُ عَلَى الشَّرِّ والمَبَادِئَ البَعِيدَةِ عَنِ الدِّينِ فَمِقْيَاسُ الخَيْرِ والشَّرِّ عِنْدَهُ غَيْرُ سَلِيمٍ، وأَصْحَابُ الضَّمَائِرِ الحَيَّةِ هُمْ أَصْحَابُ النُّفُوسِ الرَّاضِيَةِ المَرْضِيَّةِ المُطْمَئِنَّةِ الَّتِي وَصَلَتْ إِلَى هَذِهِ الدَّرَجَةِ عِنْدَمَا كَانَت تَحسُّ بالسُّوءِ وتَفْعَلُهُ، فَيَكُونُ اللَّوْمُ والعِتَابُ، ويَكُونُ الحَيَاءُ مِنَ العَوْدِ إِلَيْهِ، قَالَ تَعَالَى (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا 7 فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا 8 قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا 9 وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا 10) (الشَّمْسُ: 7 – 10).
    وقَدْ تَصِلُ قُوَّةُ هَذَا الضَّمِيرِ عِنْدَ ذَوِي المُرُوءَات والهِمَم العَالِيَة والإِحْسَاس المُرْهَف والمَرَاكِز الكَبِيرَة إِلَى دَرَجَةِ أَنَّ بَعْضَ المُبَاحَات الَّتِي تُسْتَسَاغ مِنْ غَيْرِهِمْ يَرَوْنَهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ غَيْرُ لاَئِقَةٍ بِهِمْ، ويَكْرَهُونَ أَنْ يَطَّلِعَ النَّاسُ عَلَيْهِمْ وهُمْ يُزَاوِلُونَهَا، لأَنَّهَا سَتَكُونُ مَوْضِع نَقْدٍ لاَذِعٍ بالنِّسْبَةِ لمَقَامَاتِهِمْ، وذَلِكَ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِمْ: حَسَنَاتُ الأَبْرَارِ سَيِّئَاتُ المُقَرَّبِينَ.
    وأُحَذِّرُ ثُمَّ أُحَذِّرُ مِنْ أَنْ يَتَّخِذَ كُلُّ إِنْسَانٍ هَذَا الإِحْسَاس مِقْيَاسًا لكُلِّ مَا يَصْدُر مِنْهُ، فَذَلِكَ خَاصٌّ بِمَنْ تَرَبُّوا تَرْبِيَة دِينِيَّة سَلِيمَة، ولَمْ يَجِدُوا نَصًّا في أَمْرٍ، فَيَرْجِعُونَ إِلَى ضَمَائِرَهُم الطَّيِّبَةِ لاسْتِفْتَائِهَا في هَذَا الأَمْرِ، أَمَّا أَنْ يَتَّخِذَهُ آخَرُونَ مِمَّنْ يَجْهَلُونَ أَحْكَام الدِّين ولا يُبَالُونَ بِهَا مِقْيَاسًا لِمَا يَصْدُر مِنْهُمْ، فَذَلِكَ اتِّبَاعٌ للهَوَى، وقَدْ يُفَضِّلُونَ هَذَا الإِحْسَاس عَلَى المَنْصُوصِ عَلَيْهِ، وفي ذَلِكَ يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) (الجَاثِيَةُ: 23). ].

    ولمَزِيدٍ مِنَ الفَائِدَةِ تُرَاجَع الشُّرُوحَات التَّالِيَة:
    حديث: البر حسن الخلق
    معنى حديث "والإثم ما حاك في صدرك..."
    معنى حديث (والإثم ما حاك في صدرك)
    معنى حديث: والإثم ما حاك في النفس...
    حديث: (استفت قلبك ولو أفتاك الناس)

    وهَذَا مَا أَعْلَمُ؛ واللهُ تَعَالَى أَعْلَى وأَعْلَمُ
    إِنْ أَخْطَأْتُ فَمِنْ نَفْسِي، وأَسْتَغْفِرُ اللهَ، وإِنْ أَصَبْتُ فَمِنْ عِنْدِ اللهِ، والحَمْدُ للهِ
    والسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ

    زائرنا الكريم نحن معك بقلوبنا
    كلنا آذان صاغيه لشكواك ونرحب بك دائما
    في
    :

    جباال من الحسنات في انتظارك





    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    x
    إدراج: مصغرة صغير متوسط كبير الحجم الكامل إزالة  
    x
    أو نوع الملف مسموح به: jpg, jpeg, png, gif
    x
    x
    يعمل...
    X