إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كيف اصبر على بلائى

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف اصبر على بلائى

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    انا ولله الحمد متزوجة ولكن قدر الله لى تأخر الذرية والمشكلة انى احس بضيق من هذا واحس احيانآ بالياس والقنوط وكثيرآ ما أجهش بالبكاء الشدييييييييييد
    واخاف ان يكون هذا جزع ولكنى لا اقول شىء يغضب ربي فقط غصة فى قلبي
    وعند هدوئى ورجوعى لربي استغفر واحيي الامل من جديد وادعو ربي
    سؤالى هل هذا جزع فعلآ ام ماذا ؟
    وهل التوبة تجزئنى ثواب الصبر ام تمحو عنى ذنب الجزع فقط ؟
    وما الامور التى تساعدنى لأحقق الصبر على الوجه الذى يرضاه ربي ؟
    جزاكم الله خير

  • #2
    رد: كيف اصبر على بلائى

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
    الأُخْتُ السَّائِلَةُ الكَرِيمَةُ
    السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
    أمَّا بَعْدُ؛
    فَالحَمْدُ للهِ؛
    رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمُ في صَحِيحِهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمَّا مَاتَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيم قَالَ [ تَدْمَعُ العَيْنُ ويَحْزَنُ القَلْبُ. ولا نَقُولُ إِلاَّ مَا يُرْضِى رَبّنَا. واللهِ يَا إِبْرَاهِيمَ إِنَّا بِكَ لمَحْزُونُونَ ]، وفي رِوَايَةٍ أُخْرَى بَدَأَ الكَلاَم بقَوْلِهِ [ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ]، فَفَرَّقَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بهَذَا الحَدِيثِ بَيْنَ نَوْعَيْنِ مِنَ الحُزْنِ، الحُزْنُ الفِطْرِيُّ البَشَرِيُّ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُوضَعَ في قَالَبِ الرِّضَا بالقَضَاءِ والقَدَرِ والصَّبْر عَلَى الابْتِلاَء وعَدَم قَوْل أَوْ فِعْل مَا يُغْضِب الله، وبَيْنَ الحُزْنِ الَّذِي هُوَ تَسَخُّطٌ عَلَى قَضَاءِ اللهِ وقَدَرِهِ ورَفْضٌ لَهُ واعْتِرَاضٌ عَلَيْهِ، ومُصَاحَبَةُ ذَلِكَ بأَقْوَالٍ وأَفْعَالٍ مُخَالِفَةٍ لدِينِ اللهِ تُغْضِبُهُ وتَضُرُّ العَبْدَ ولا تَنْفَعُهُ، ومِنْ هُنَا يَبْدَأُ حَلّ المُشْكِلَة، بتَحْدِيدِ نَوْعِ هَذَا الحُزْن وشَكْلِهِ الَّذِي يَتِمُّ بِهِ، ومِنْ ثَمَّ يُعْرَفُ الحُكْم، هَلْ هُوَ حُزْنٌ مُبَاحٌ أَمْ مُحَرَّمٌ، حَتَّى هَذِهِ الغَصَّة الَّتِي تَشْعُرِينَ بِهَا يَجِبُ تَحْدِيد عَلَى أَيِّ شَيْءٍ هِيَ.


    وعَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الغَصَّة وهَذَا الحُزْن في الجَانِبِ المُحَرَّمِ، فَيَلْزَمُهَا تَوْبَةٌ، ثُمَّ صَبْرٌ حَتَّى لا يَتَكَرَّرَا، والتَّوْبَةُ هُنَا لا تُجْزِئُ ثَوَاب الصَّبْر إِذْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَصْلاً، أَمَّا إِنْ كَانَت الغَصَّة والحُزْن في الجَانِبِ المُبَاحِ، فَلاَ شَيْءَ في ذَلِكَ، فَقَطْ يَجِبُ إِحَاطَتهمَا بسِيَاجٍ أَكْبَر مِنَ الصَّبْرِ والرِّضَا حَتَّى لا يَنْفُذُ الشَّيْطَانُ إِلَيْهِمَا ويُحَوِّلُهُمَا للجَانِبِ المُحَرَّمِ.


    أَمَّا الأُمُورُ الَّتِي تُسَاعِدُكِ عَلَى الصَّبْرِ والرِّضَا؛ فيُمْكِنُ مَعْرِفَتهَا بمَعْرِفَةِ الأُمُور التَّالِيَة:
    - حَقٌّ أَمْ هِبَةٌ؟
    - مَنِ الأَعْلَمُ بِمَا يَصْلُحُ ويُصْلِحُ؟
    - الابْتِلاَءُ سُنَّةٌ مَاضِيَةٌ.
    - خِدْعَةٌ إِبْلِيسِيَّةٌ.
    أَوَّلاً: حَقٌّ أَمْ هِبَةٌ: هَلِ الذُّرِّيَّة حَقٌّ للإِنْسَانِ يَجِب انْتِظَاره كَانْتِظَارِ الرِّزْق، أَمْ أَنَّهَا هِبَة مِنَ اللهِ لَهُ؛ إِنْ جَاءَتْهُ حَمِدَ وشَكَرَ وإِنْ لَمْ تَجِئْهُ صَبَرَ وشَكَرَ؟ إِجَابَةُ هَذَا السُّؤَالُ في قَوْلِهِ تَعَالَى [ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ 49 أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ 50 ] (الشورى: 49، 50)، فَالذُّرِّيَّةُ هِبَةٌ، ونَوْعُ الذُّرِّيَّةِ هِبَةٌ أُخْرَى، والأَمْرُ كُلّهُ بيَدِ اللهِ العَلِيمِ القَدِيرِ، يَقُولُ الإِمَامُ ابْنُ كَثِير رَحِمَهُ اللهُ في تَفْسِيرِ الآيَاتِ [ يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ خَالِق السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ ومَالِكهُمَا والمُتَصَرِّف فِيهِمَا، وأَنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ ومَا لَمْ يَشَأ لَمْ يَكُنْ، وأَنَّهُ يُعْطِي مَنْ يَشَاء ويَمْنَع مَنْ يَشَاء، ولا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى ولا مُعْطِي لِمَا مَنَعَ، وأَنَّهُ يَخْلُق مَا يَشَاء. (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا) أي يَرْزُقهُ البَنَات فَقَطْ، ومِنْهُم لُوط عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، (وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ) أي يَرْزُقهُ البَنِينَ فَقَطْ، قَالَ البَغَوِيُّ: (كَإِبْرَاهِيم الخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، لَمْ يُولَدْ لَهُ أُنْثَى)، (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا) أي ويُعْطِي لِمَنْ يَشَاء مِنَ النَّاسِ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ والأُنْثَى، أي مِنْ هَذَا وهَذَا، قَالَ البَغَوِيُّ: (كَمُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ)، (وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا) أي لا يُولَد لَهُ، قَالَ البَغَوِيُّ: (كَيَحْيَى وعِيسَى عَلَيْهِمَا الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ)، فَجَعَلَ النَّاس أَرْبَعَة أَقْسَامٍ، مِنْهُمْ مَنْ يُعْطِيه البَنَات ومِنْهُمْ مَنْ يُعْطِيه البَنِين ومِنْهُمْ مَنْ يُعْطِيه النَّوْعَيْنِ ذُكُورًا وإِنَاثًا ومِنْهُمْ مَنْ يَمْنَعهُ هَذَا وهَذَا فَيَجْعَلهُ عَقِيمًا لا نَسْلَ لَهُ ولا وَلَدَ لَهُ، (إِنَّهُ عَلِيمٌ) أي بمَنْ يَسْتَحِقّ كُلّ قِسْمٍ مِنْ هَذِهِ الأَقْسَامِ، (قَدِيرٌ) أي عَلَى مَنْ يَشَاء مِنْ تَفَاوُتِ النَّاس في ذَلِكَ ]، ولَمَّا كَانَ لا يَعْلَمُ الغَيْبَ إِلاَّ الله، ومِنَ الغَيْبِ أَنَّهُ كُتِبَ لكُلِّ شَخْصٍ هَلْ سَيُرْزَق بأَوْلاَدٍ أَمْ لا، وإِنْ رُزِقَ فَمَا نَوْعُهُمْ ومَا عَدَدُهُمْ، وبِمَا أَنَّنَا لا نَعْلَمُ الغَيْبَ مِنْ جِهَةٍ، والأَمْرُ لَيْسَ حَقًّا مَفْرُوضًا لَنَا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، فَلاَ يَجِب عَلَيْنَا الجَزَع مِنْهُ إِنْ لَمْ يَتَحَقَّقَ أَوْ تَحَقَّقَ بغَيْرِ مَا نُرِيد –كَأَنْ أَرَدْنَا الذُّرِّيَّة سَرِيعًا وتَأَخَّرَت، أَوْ أَرَدْنَاهَا إِنَاثًا فَجَاءَتْ ذُكُورًا أَوِ العَكْس، أَوْ أَرَدْنَاهَا كَثِيرَة وجَاءَت قَلِيةَ، أَوْ أَرَدْنَاهَا ولَمْ تَكُنْ أَبَدًا-، بَلْ لاَبُدَّ في جَمِيعِ الأَحْوَالِ مِنَ الصَّبْرِ والحَمْدِ والشُّكْرِ، فَغَيْر ذَلِكَ يَكُون الخُسْرَان، وقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ هَذَا الصِّنْفِ مِنَ النَّاسِ الدَّائِم الحَمْد والشُّكْر والصَّبْر عِنْدَ العَطَاءِ وعِنْدَ المَنْعِ وَاصِفًا إِيَّاهُمْ بصِفَةِ الإِيمَان مُتَعَجِّبًا مِنْ فَضْلِ الله عَلَيْهمْ [ عَجَبًا لأمْرِ المُؤْمِن، إنَّ أمْرَهُ كُلّهُ خَيْر، ولَيْسَ ذَاكَ لأحَدٍ إلاَّ للمُؤْمِنِ، إنْ أصَابَتْهُ سَرَّاء شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وإنْ أصَابَتْهُ ضَرَّاء صَبَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ]، ولِذَلِكَ سَبَقَتْ بُشْرَى الله لَهُمْ بقَوْلِهِ تَعَالَى [ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ 155 الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ 156 أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ 157 ] (البَقَرَةُ: 155-157).


    ثَانِيًا: مَنِ الأَعْلَمُ بِمَا يَصْلُحُ ويُصْلِحُ؟ قَدْ يَتَمَنَّى المَرْءُ مِنَّا شَيْئًا، يَرَاهُ بعِلْمِهِ القَاصِر أَنَّهُ نَافِعُهُ، وهُوَ في الحَقِيقَةِ سَيَضُرُّهُ إِذَا وَقَعَ، ومِنْ هُنَا نَفْهَمُ رَحْمَة اللهِ بِنَا لَمَّا كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ إِجَابَة الدُّعَاء لا تَلْبِيَة الدُّعَاء، فَإِجَابَة الدُّعَاء لا تَعْنِي أَنَّهُ سَيَتَحَقَّق في كُلِّ مَرَّةٍ كَمَا يُرِيد الدَّاعِي ولا في الوَقْتِ الَّذِي يُرِيدهُ، ولَكِنْ بِمَا أَنَّ الدَّاعِي يُرِيد لنَفْسِهِ الخَيْر مِنْ وَرَاءِ هَذَا الدُّعَاء، فَاللهُ يَسْمَعُ دُعَاءَهُ ثُمَّ يُحَقِّقُ لَهُ مَا فِيهِ الخَيْر حَتَّى لَوْ كَانَ مُخَالِفًا لِمَا دَعَا بِهِ وفي وَقْتٍ غَيْر الَّذِي أَرَادَ، وهَذَا هُوَ مَعْنَى الإِجَابَة، أَمَّا التَّلْبِيَة فَهِيَ التَّنْفِيذُ الفَوْرِيُّ للدُّعَاءِ كَمَا هُوَ، فَلَوْ أَنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ التَّلْبِيَة لَهَلَكْنَا بجَهْلِنَا بأُمُورٍ سَتَضُرّنَا ونَحْنُ لا نَعْلَم ونَدْعُو بِهَا عَلَى أَنَّهَا سَتَنْفَعنَا، وبالتَّالِي فَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يَصْلُح لَنَا في حَيَاتِنَا الدُّنْيَا وفي آخِرتِنَا، ويَعْلَمُ مَا يُصْلِح لَنَا إِيمَاننَا وشَأْننَا، فَيَرْزُقنَا مِنَ الرِّزْقِ –بمُخْتَلَفِ أَنْوَاعِهِ- مَا يُصْلِح لَنَا بِهِ نُفُوسنَا ودِيننَا، فَقَدْ يَرْزُقنِي اللهُ المَالَ ويَرْزُق غَيْرِي الذُّرِّيَّةَ، لأَنَّهُ يَعْلَم أَنَّ المَالَ مَعِي سَيُصْلِحُنِي، ولَوْ جَاءَتْنِي الذُّرِّيَّة سَتُفْسِدُنِي، وكَذَلِكَ مَعَ غَيْرِي، الذُّرِّيَّةُ مَعَهُ تُصْلِحُهُ والمَالُ يُفْسِدُهُ، وذَلِكَ مِصْدَاقًا لقَوْلِهِ تَعَالَى [ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ] (الأَنْفَالُ: 28)، ولَنَا في قِصَّةِ مُوسَى والخِضْر المِثَالُ الحَيّ عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى [ فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا 65 قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا 66 قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا 67 وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا 68 قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا 69 قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا 70 فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا 71 قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا 72 قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا 73 فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا 74 قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا 75 قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا 76 فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا 77 قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا 78 أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا 79 وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا 80 فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا 81 وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا 82 ] (الكَهْفُ: 65-82)، ولِذَلِكَ فَإِنَّ أَفْضَلَ دُعَاءٍ يُمْكِنُ أَنْ نَدْعُوَ بِهِ اللهَ هُوَ دُعَاءُ الاسْتِخَارَةِ، الَّذِي فِيهِ حُسْنُ التَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ وسُؤَالِهِ الخَيْر الَّذِي يَعْلَمُهُ لَنَا لا الَّذِي نَظُنُّهُ لأَنْفُسِنَا، رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ [ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُعَلِّمَنَا الاسْتِخَارَةَ في الأُمُورِ كَمَا يُعَلِّمنَا السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ، يَقُولُ: إِذَا هَمَّ أَحَدُكُم بالأَمْرِ، فَلْيَرْكَع رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَة، ثُمَّ ليَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ، وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأَسْألُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ ولا أَقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولا أَعْلَمُ، وأَنْتَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَم أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي في دِينِي ومَعَاشِي وعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وآجِلِهِ - فَاقْدِرْهُ لِي ويَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وإِنْ كُنْتَ تَعْلَم أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي في دِينِي ومَعَاشِي وعَاقِبَةِ أَمْرِي – أَوْ قَالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ - فَاصْرِفْهُ عَنِّي واصْرِفْنِي عَنْهُ، واقْدِرْ لِيَ الخَيْر حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ. قَالَ: ويُسَمِّي حَاجَتَهُ ].


    ثَالِثًا: الابْتِلاَءُ سُنَّةٌ مَاضِيَةٌ: تَمْضِي عَلَى كُلِّ النَّاسِ في كُلِّ زَمَانٍ ومَكَانٍ، فَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى [ الم 1 أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ 2 وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ 3 أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ 4 مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ 5 وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ 6 وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ 7 ] (العَنْكَبُوتُ: 1-7)، وقَالَ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى [ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ 155 الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ 156 أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ 157 ] (البَقَرَةُ: 155-157)، فَمَا مِنْ مُسْلِمٍ إِلاَّ ولاَبُدَّ أَنْ يُبْتَلَى، والسَّعِيدُ مَنْ يَنْجَح في نَتِيجَةِ الاخْتِبَارِ مِنْ هَذَا الابْتِلاَءِ، والنَّجَاحُ يَسْتَلْزِمُ الصَّبْر والحَمْد والرِّضَا والتَّوَكُّل واليَقِين وحُسْن الظَّنّ باللهِ والأَخْذ بالأَسْبَابِ –كَالسَّعْي، والدُّعَاء، والتَّوْبَة، والاسْتِغْفَار، والبُعْد عَنِ المُحَرَّمَاتِ، والإِكْثَار مِنَ الطَّاعَاتِ-، ثُمَّ الصَّبْر والحَمْد والرِّضَا بالنَّتَائِج.


    رَابِعًا: خِدْعَةٌ إِبْلِيسِيَّةٌ: يَقَعُ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي، فَعِنْدَمَا يَشْغَلُهُمْ أَمْرٌ مَا، يَبْدَأُ اللَّعِينُ في إِبْعَادِهِمْ عَنِ الطَّرِيقِ الصَّحِيحِ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يَسْلُكُوهُ، وأَشْهَرُ حِيَلِهِ في ذَلِكَ أَنْ يُحْزِنَهُمْ كَمَا هِيَ سُنَّتِهِ الدَّائِمَة [ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ ]، ثُمَّ يَجْعَلَهُمْ يَنْشَغِلُونَ بهَذَا الحُزْنِ وتَبِعَاته، ويُخْرِجَهُمْ مِنَ الحُزْنِ إِلَى اليَأْسِ، ومِنَ اليَأْسِ إِلَى القُنُوطِ، ومِنَ القُنُوطِ إِلَى البِدَعِ، ومِنَ البِدَعِ إِلَى الشِّرْكِ عِيَاذًا باللهِ، فَكَمْ مِنْ وَاحِدَةٍ تَوَهَّمَتْ أَنَّ الإِنْجَابَ تَأَخَّرَ –وكَأَنَّ اللهَ وَعَدَهَا بالإِنْجَابِ في مَوْعِدٍ مُحَدَّدٍ وتَأَخَّرَ عَنْهُ، سُبْحَانَ الله-، فَحَزِنَتْ وانْشَغَلَتْ بحُزْنِهَا، ولَمَّا اشْتَدَّ حُزْنُهَا دَخَلَتْ في اليَأْسِ، ولَمَّا طَالَ يَأْسُهَا بَدَأَت تَقْنُط مِنْ رَحْمَةِ الله، فَاسْتَلَمَهَا أَهْلُ البِدَعِ بالخُرَافَاتِ والدَّجَلِ، حَتَّى زَارَتِ الأَضْرِحَة وتَوَسَّلَت بالأَحْيَاءِ والأَمْوَاتِ، وفَعَلَتِ السِّحْر والكهَانَة، بَلْ وزَارَت الرُّهْبَان في الكَنَائِس ليُصَلِّبُوا عَلَيْهَا ويُعَالِجُوهَا، فَوَقَعَتْ في الشِّرْكِ، وأَيُّ مُبْتَغًى للشَّيْطَانِ أَسْعَد لَهُ مِنْ ذَلِكَ، فَلْيُحْذَر مِنْ هَذِهِ الخِدْعَةِ الإِبْلِيسِيَّةِ.


    خُلاَصَةُ الأَمْرِ يَا أُخْتَاهُ:
    - لَيْسَ هُنَاكَ مَا يُسَمَّى بتَأَخُّرِ الحَمْل، إِذْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَقْتًا مُحَدَّدًا، وإِنَّمَا هُوَ هِبَةٌ مِنَ اللهِ، يُؤْتِيهَا مَنْ يَشَاء وَقْتَمَا يَشَاء، فَهُوَ تَأَخُّرٌ في ظَنِّنَا نَحْنُ ولَيْسَ في قَدَرِ اللهِ المَكْتُوب.
    - الذُّرِّيَّةُ هِبَةٌ مِنَ اللهِ ولَيْسَتْ حَقًّا مُكْتَسَبًا، إِنْ مَنَحَهَا فَالحَمْدُ والرِّضَا، وإِنْ مَنَعَهَا فَالصَّبْرُ والحَمْدُ والرِّضَا.
    - الجَزَعُ والحُزْنُ والبُكَاءُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اعْتِرَاضًا عَلَى قَضَاءِ الله، فَلاَ شَيْءَ فِيهِ، لَكِنْ يَجِب أَنْ يُضْبَطَ حَتَّى لا يَتَحَوَّل للجَانِبِ المُحَرَّمِ.
    - التَّوَكُّلُ عَلَى اللهِ والرِّضَا بقَضَائِهِ وقَدَرِهِ لا يَعْنِي عَدَم الأَخْذِ بالأَسْبَابِ ولا يَتَعَارَض مَعَهُ، ومِنَ السَّعْيِ والأَخْذِ بالأَسْبَابِ زِيَارَة الطَّبِيبَة الثِّقَة والتَّدَاوِي بِمَا تَنْصَح بِهِ.
    - الأَخْذُ بأَسْبَابِ الإِنْجَابِ الشَّرْعِيَّة، كَكَثْرَةِ الاسْتِغْفَار، قَالَ تَعَالَى [ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا 10 يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا 11 وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا 12 مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا 13 ] (نُوحُ: 10-13)، ودَعْوَةِ نَبِيّ الله زَكَرِيَّا، قَالَ تَعَالَى [ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ 89 فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ 90 ] (الأَنْبِيَاءُ: 89، 90).
    - احْتِسَابُ الأَجْرِ عِنْدَ اللهِ فِيمَا نُرِيدُهُ ولا يَتَحَقَّقَ.
    - القَالبُ العَامُّ لكُلِّ ذَلِكَ هُوَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى [ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ] (البَقَرَةُ: 216).
    ولمَزِيدٍ مِنَ الفَائِدَةِ تُرَاجَع الفَتَاوَى التَّالِيَة:
    موقف المؤمن من الابتلاء
    كيف يعرف المصاب إن كانت مصيبته عقوبة أو ابتلاء لرفع درجاته؟
    للشعور بالكآبة عند عدم الإنجاب حدٌّ معتدلٌ وحدٌّ فيه إسرافٌ ومغالاة ... فانتبهي لذلك
    حكم التداوي وهل فعل الأسباب ينافي التوكل؟













    وهَذَا مَا أَعْلَمُ؛ واللهُ تَعَالَى أَعْلَى وأَعْلَمُ
    إِنْ أَخْطَأْتُ فَمِنْ نَفْسِي، وأَسْتَغْفِرُ اللهَ، وإِنْ أَصَبْتُ فَمِنْ عِنْدِ اللهِ، والحَمْدُ للهِ
    والسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
    التعديل الأخير تم بواسطة فريق استشارات سرك فى بير(الأخوات); الساعة 05-09-2012, 02:36 PM.

    زائرنا الكريم نحن معك بقلوبنا
    كلنا آذان صاغيه لشكواك ونرحب بك دائما
    في
    :

    جباال من الحسنات في انتظارك





    تعليق


    • #3
      رد: كيف اصبر على بلائى

      جزاكم الله خير

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      x
      إدراج: مصغرة صغير متوسط كبير الحجم الكامل إزالة  
      x
      أو نوع الملف مسموح به: jpg, jpeg, png, gif
      x
      x
      يعمل...
      X