الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على إمام المرسلين وقائد الغُرِّ المحجَّلين
نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد:
انتبهى
احذرى
ليل ونهار مركز عليكِ
عارف امكانياتك ونقاط ضعفك
انه يعرفك أكثر من نفسك
انه لا ينام ولا لحظة متربص بكِ لينصب لكِ فخ
حتى يوقعك فى خطواته ليأخذكِ معه
انه
عدوُّك العنيد وخصمك العتيد
الذي لا يزال يكيد لكِ منذ ولادتك وحتى موتك
والشيطان يريد إهلاكك
كما قال - تعالى:
{إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}[فاطر: 6]
فهو يوسوس تارةً
ويُزَيِّن المعاصي والمخالفات تارةً
ويَصُدُّ عن الطَّاعة والعبادة تارة أخرى.
أولاً تعرفى على عدوك
من هو الشيطـــــان
لمَّا خلق اللهُ آدمَ - عليه السلام
أَمَرَ الملائكةَ بالسُّجود له فسجدوا جميعًا إلا إبليس أبى أن يسجد لآدم عليه السلام
وقال:{أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}[الأعراف: 12]
ففسق بذلك وكفر ولُعن وطُرد من رحمة الله
قال تعالى
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ}[الكهف: 50]
وقال سبحانه: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا}[البقرة: 102]
وقال – سبحانه: {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ}[الحجر: 34، 35]
فازداد بذلك حَسَدُه وحقده على آدم وذريَّته
فطلب من الله تعالى أن يُنْظره إلى يوم القيامة
لا ليتوب وإنما لينتقم من آدم وذُرِّيَّته
ويعمل على غوايتهم وفتنتهم
وجعلهم من أتباعه وأعوانه؛ بل ومن عُبَّاده كذلك
كما قال تعالى
{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}[يس: 60]،
وتَبَجَّحَ الشيطانُ في مخاطبة الرَّبِّ تعالى
وأعلن خُطَّتَه القذرةَ دون أي خوف أو نظر في عاقبة
{قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}[الحجر: 39، 40].
وقد حذَّر اللهُ الناسَ جميعًا من طاعة الشَّيطان واتِّباعه
وأخبرهم أنَّ عاقبةَ ذلك وخيمةٌ
وبَيَّنَ لهم ما يدعو إليه الشيطان من فساد وضلال
ليهلك من هلك عن بيِّنة ويحيى من حيَّ عن بيِّنة.
ومن ذلك قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا
وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِإِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ *
إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِوَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[البقرة: 168، 169]
تعرفى على حيل الشيطــان ومكائده
هل تعلمى ما هو هدف الشيطان منكِ
هدف مُحَدَّدٌ يسعى إليه
وهو إدخالكِ في جهنم وحرمانكِ من الجنة
ومن اهم الأمور التى يدعو اليها الشيطان
الدعوة الى الكفر والشرك
قال تعالى: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ}[الحشر: 16]
...............................
والشيطان لا يدعو المؤمنَ إلى الكفر مرةً واحدة؛
ولكن
يستخدم في سبيل ذلك أسلوبَ التَّدَرُّج
من الدعوة إلى ترك الفاضل والاهتمام بالمفضول
ثم العمل على تزيين الصغائر وتهوينها
ومن الصَّغائر يستطيع إيقاعَ العبد في الكبائر
فإذا وقع العبدُ في الكبائر
كان قريبًا من الكفر والعياذ بالله.
وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ اللهَ تعالى قال:
«.. خَلَقْتُ عبادي حنفاء كلَّهم، وإنهم أَتَتْهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحَرَّمَتْ عليهم ما أحللت لهم، وأَمَرَتْهم أن يشركوا بي ما لم أُنَزِّلْ به سلطانًا رواه مسلم
التشكيك فى أصول الدين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
«يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقول: مَنْ خَلَقَ كذا؟ مَنْ خَلَقَ كذا؟ حتى يقول: مَنْ خَلَقَ ربَّك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولْيَنْتَه»رواه أحمد وصححه الألباني
.فعلاجُ تشكيك الشَّيطان في عقيدة الإنسان
أن يلجأَ إلى الله - عز وجل - ويستعيذَ به من الشيطان، ولا يسترسل في تلك الوساوس والشُّبُهات.
الصد عن طاعــة الله
فعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:
«إنَّ الشيطان قَعَدَ لابن آدم بأطرقه، فقعد له بطريق الإسلام،
فقال: تُسْلم وتَذَرُ دينَك ودينَ آبائك وآباءَ آبائك؟!
فعصاه فأسلم، ثم قعد له بطريق الهجرة
فقال: تهاجر وتدع أرضك وسماءك؟
فعصاه فهاجر، ثم قعد له بطريق الجهاد
فقال: تجاهد؟! فهو جهد النفس والمال فتقاتل فتقتل؟!
فتنكح المرأة ويقسم المال؟!
فعصاه فجاهد
فمن فعل ذلك كان حقًّا على الله أن يدخله الجنة
ومن قتل كان حقًّا على الله أن يدخله الجنة
وإن غرق كان حقًا على الله أن يدخله الجنة
وإن وقصته دابَّتُه كان حقًّا على الله أن يدخله الجنة
رواه أحمد وصححه الألباني.
الحث على ارتكـاب المعاصى
وقد ظهر ذلك جَليًّا حينما أغرى آدمَ عليه السلام
بالأكل من الشجرة التي حَرَّمها الله تعالى عليه
ودَفَعَه بذلك إلى ارتكاب المعصية
التي كانت سببًا في إخراجه وذرِّيَّتَه من الجنة
قال تعالى
{فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى *
فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى}[طه: 120،121]
قال تعالى:{إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 169]
وقال تعالى:{فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا} [الأعراف: 20].
افســاد ذات البين
قال تعالى:{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ}[المائدة: 91].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الشيطانَ قد يَئس أن يَعْبدَه المصلُّون في جزيرة العرب؛ ولكن في التَّحريش بينهم»رواه مسلم.
نسيان ذكـر الله
الشيطانُ
يعلم أنَّ ذكرَ الله تعالى حياةُ القلوب وغذاءُ الألباب
لذا فإنه يحرص على إدخال العبد في زمرة الغافلين
حتى تموت قلوبهم وتظلم أفئدتهم
قال تعالى
{اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ}[المجادلة: 19]
وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف: 36، 37].
ترك الصلاة والتهاون بهــا
لمَّا كانت الصلاةُ من أعظم أركان الإسلام العملية
ومن أعظم أنواع الذكر لله عز وجل
حرص الشيطان على صدِّ العباد عنها
فأغرى كثيرًا من الناس بتركها بالكلية
وأغرى آخرين بالتَّهاون بمواقيتها
وواجباتها وسُنَنها والخشوع فيها
قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 91].
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
«إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط
حتى لا يسمع التَّأذين
فإذا قضي الأذان أقبل، فإذا ثوب أدبر،
فإذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه؛
اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكر من قبل حتى يظل الرجل ما يدري كم صلى»رواه مسلم.
وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التَّلفُّت في الصَّلاة فقال: «اختلاسٌ يختلسه الشيطان من صلاة العبد»متفق عليه.
تزيين الباطــل فى صورة الحق
وقد صرَّح الشيطان بذلك بعد أن لُعن وطُرد من رحمة الله
{قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}[الحجر: 39].
الغضب والعجلة
والغضب والعجلة من الشيطان؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
«إنَّ الغضبَ من الشيطان»رواه أبو داود.
وذكر ابن الجوزي أن الشيطانَ لما قيل له
أي أخلاق بني آدم أعون لك عليهم قال:
الحدة - أي الشِّدَّة والغضب ؛ إنَّ العبدَ إذا كان حديدًا قَلَّبْناه كما يُقَلِّبُ الصِّبْيانُ الكرةَ.
أما العجلة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الأناةُ من الله والعجلةُ من الشيطان».رواه الترمذي.
فتنة الانسان عند الموت
لما كانت الأعمال بالخواتيم
حرص الشيطان على ألا يُختم للإنسان بخير
ولذلك فإنَّه يزيد من وَسْوَسَته عند الموت
حتى يموت على سوء الخاتمة
ولذلك كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يدعو قائلاً:
«اللهم إني أعوذ بك من التردي والهدم والغرق والحريق، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت»رواه الترمذي وصححه الألباني.
فعلى العبد المسلم أن يُحْسنَ العملَ في هذه الدُّنيا
حتى يعصمه الله من إغواء الشيطان
فإن الإنسانَ يموت على ما كان عليه
فإذا كان من أهل التقوى والاستقامة والطاعة
مات على ذلك
وإذا كان من أهل التفريط والإضاعة
تَخَبَّطَهُ الشيطان
وأغواه عند الموت وصرفه عن الخاتمة الحسنة.
والآن بعد كل هذا
كيف تنجو من مكائد الشيطان؟
لا تنسوا الدعاء لصاحبة الموضوع
م ن ق و ل
تعليق