قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن من البيان لسحرًا" [رواه الإمام البخاري في "صحيحه" من حديث ابن عمر رضي الله عنهما]
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
ممكن تفسير مبسط لهذا الحديث وجزاكم الله خير
تقليص
X
-
رد: ممكن تفسير مبسط لهذا الحديث وجزاكم الله خير
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الأخُ السَّائِلُ – الأُخْتُ السَّائِلَةُ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
بِقِرَاءَةِ الرِّوَايَة كَامِلَة يَتَّضِحُ مَعْنَى الحَدِيث وإجَابَة السُّؤَال، فَلَقَدْ رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ الله بْن عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا [ أنَّهُ قَدِمَ رَجُلاَنِ مِنَ المَشْرِقِ فَخَطَبَا، فَعَجِبَ النَّاسُ لبَيَانِهِمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: إنَّ مِنَ البَيَانِ لسِحْرًا، أو: إنَّ بَعْضَ البَيَانِ لسِحْرٍ ]، ويُفْهَم مِنَ الحَدِيثِ أنَّ النَّاسَ أُخِذُوا بالدَّهْشَةِ مِنْ بَيَانِ الرَّجُلَيْنِ، فَأخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُعَلِّمًا النَّاس: أنَّ مِنَ البَيَانِ مَا هُوَ كَالسِّحْرِ، فَلاَ يَجِب عَلَى المَرْءِ أنْ يَجْعَلَ عَقْلهُ في أُذُنَيْهِ فَقَط، لأنَّ هُنَاكَ مَنْ تَخَصَّصُوا وبَرَعُوا في عُلُومِ الكَلاَم، فَإنْ أنْتَ أعْطَيْتَ لَهُم أُذُنَيْكَ سَحَرُوكَ بكَلاَمِهِم، فَلاَ تَسْتَطِيع إلاَّ الإعْجَاب بِهِ ولَوْ كَانَ أبْطَلُ البَاطِل.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَر في فَتْحِ البَارِي [ قَوْلُهُ (فَخَطَبَا، فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا)، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْبَيَانُ اثْنَانِ: أَحَدُهُمَا: مَا تَقَعُ بِهِ الإِبَانَةُ عَنِ الْمُرَادِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ، وَالآخَرُ: مَا دَخَلَتْهُ الصَّنْعَةُ بِحَيْثُ يَرُوقُ لِلسَّامِعِينَ وَيَسْتَمِيلُ قُلُوبَهُمْ، وَهُوَ الَّذِي يُشَبَّهُ بِالسِّحْرِ إِذَا خَلَبَ الْقَلْبَ وَغَلَبَ عَلَى النَّفْسِ حَتَّى يُحَوِّلَ الشَّيْءَ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَيَصْرِفَهُ عَنْ جِهَتِهِ، فَيَلُوحُ لِلنَّاظِرِ في مَعْرِضِ غَيْرِهِ. وَهَذَا إِذَا صُرِفَ إِلَى الْحَقِّ يُمْدَحُ، وَإِذَا صُرِفَ إِلَى الْبَاطِلِ يُذَمُّ. قَالَ: فَعَلَى هَذَا فَالَّذِي يُشَبَّهُ بِالسِّحْرِ مِنْهُ هُوَ الْمَذْمُومُ. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لاَ مَانِعَ مِنْ تَسْمِيَةِ الآخَرِ سِحْرًا، لأَنَّ السِّحْرَ يُطْلَقُ عَلَى الاسْتِمَالَةِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ في أَوَّلِ بَابِ السِّحْرِ، وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُهُمُ الْحَدِيثَ عَلَى الْمَدْحِ وَالْحَثِّ عَلَى تَحْسِينِ الْكَلاَمِ وَتَحْبِيرِ الأَلْفَاظِ، وَهَذَا وَاضِحٌ إِنْ صَحَّ أَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ في قِصَّةِ عَمْرِو بْنِ الأَهْتَمِ، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الذَّمِّ لِمَنْ تَصَنَّعَ في الْكَلامِ وَتَكَلَّفَ لِتَحْسِينِهِ وَصَرَفَ الشَّيْءَ عَنْ ظَاهِرِهِ، فَشُبِّهَ بِالسِّحْرِ الَّذِي هُوَ تَخْيِيلٌ لِغَيْرِ حَقِيقَةٍ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ مَالِكٌ حَيْثُ أَدْخَلَ الْحَدِيثَ في الْمُوَطَّأِ في (بَابِ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْكَلاَمِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ) وَتَقَدَّمَ في (بَابِ الْخِطْبَةِ) مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ في الْكَلاَمِ عَلَى حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ قَوْلِ صَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ في تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ،وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الرَّجُلُ يَكُونُ عَلَيْهِ الْحَقُّ؛ وَهُوَ أَلْحَنُ بِالْحُجَّةِ مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ؛ فَيَسْحَرُ النَّاسَ بِبَيَانِهِ فَيَذْهَبُ بِالْحَقِّ، وَحَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى هَذَا صَحِيحٌ، لَكِنْ لاَ يَمْنَعُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَعْنَى الآخَرِ إِذَا كَانَ في تَزْيِينِ الْحَقِّ، وَبِهَذَا جَزَمَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَغَيْرُهُ مِنْ فُضَلاَءِ الْمَالِكِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: أَحْسَنُ مَا يُقَالُ في هَذَا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَيْسَ ذَمًّا لِلْبَيَانِ كُلِّهِ وَلاَ مَدْحًا لِقَوْلِهِ مِنَ الْبَيَانِ، فَأَتَى بِلَفْظَةٍ مِنَ الَّتِي لِلتَّبْعِيضِ قَالَ: وَكَيْفَ يُذَمُّ الْبَيَانُ وَقَدِ امْتَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ حَيْثُ قَالَ (خَلَقَ الإِنْسَانَ 3 عَلَّمَهُ الْبَيَانَ 4) انْتَهَى. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَيَانِ فِي الآيَةِ الْمَعْنَى الأَوَّلُ الَّذِي نَبَّهَ عَلَيْهِ الْخَطَّابِيُّ، لاَ خُصُوصَ مَا نَحْنُ فِيهِ. وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَدْحِ الإِيجَازِ، وَالإِتْيَانِ بِالْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ بِالأَلْفَاظِ الْيَسِيرَةِ، وَعَلَى مَدْحِ الإِطْنَابِ فِي مَقَامِ الْخَطَابَةِ بِحَسَبِ الْمَقَامِ، وَهَذَا كُلُّهُ مِنَ الْبَيَانِ بِالْمَعْنَى الثَّانِي. نَعَمِ الإِفْرَاطُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَذْمُومٌ، وَخَيْرُ الأُمُورِ أَوْسَطُهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ ].
وسُئِلَ الشَّيْخ صَالِح الفَوْزَان - نَقْلاً عَنْ مَوْقِعِهِ - (هَلْ يُفْهَم مِنْ قَوْلِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ «إنَّ مِنَ البَيَانِ لسِحْرًا» التَّحْذِير مِنَ المُبَالَغَةِ في أسَالِيب الكَلاَم والتَّقَعُّر في الكَلِمَات واخْتِيَار الألْفَاظ؟) فَأجَابَ [ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ « إنَّ مِنَ البَيَانِ لسِحْرًا» رَوَاهُ الإمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْن عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فَهِمَ مِنْهُ بَعْضُ العُلَمَاءِ أنَّهُ مِنْ بَابِ الذَّمّ لبَعْضِ الفَصَاحَة، وذَهَبَ أكْثَرُ العُلَمَاءِ إلى أنَّهُ مِنْ بَابِ المَدْح، قَالَ الشَّيْخُ سُلَيْمَان بْن عَبْد الله في (شَرْحِ كِتَابِ التَّوْحِيد): قُلْتُ والأوَّلُ أصَحُّ، وأنَّهُ خَرَجَ مَخْرَج الذَّمّ لبَعْضِ البَيَان لا كُلّه وهُوَ الَّذِي فِيهِ تَصْوِيبُ البَاطِل وتَحْسِينُهُ حَتَّى يَتَوَهَّم السَّامِع أنَّهُ حَقّ أو يَكُون فِيهِ بَلاَغَة زَائِدَة عَنِ الحَدِّ أو قُوَّة في الخُصُومَةِ حَتَّى يَسْحِر القَوْم ببَيَانِهِ فَيَذْهَب بالحَقِّ ونَحْوِ ذَلِكَ فَسَمَّاهُ سِحْرًا؛ لأنَّهُ يَسْتَمِيل القُلُوب كَالسِّحْرِ، ولهذا لَمَّا جَاءَهُ رَجُلاَنِ مِنَ المَشْرِقِ فَخَطَبَا فَعَجِبَ النَّاسُ لبَيَانِهِمَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ «إنَّ مِنَ البَيَانِ لسِحْرًا» رَوَاهُ الإمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْن عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، كَمَا رَوَاهُ مَالِكُ والبُخَارِيُّ وغَيْرُهُمَا، وأمَّا جِنْسُ البَيَانِ فَمَحْمُودٌ بخِلاَفِ الشِّعْر فَجِنْسُهُ مَذْمُومٌ إلاَّ مَا كَانَ حِكَمًا، ولَكِنْ لا يُحْمَد البَيَان إلاَّ إذا لَمْ يَخْرُج إلى حَدِّ الإسْهَابِ والإطْنَابِ أو تَصْوِيرِ البَاطِل في صُورَةِ الحَقّ، فَإذَا خَرَجَ إلى هذا الحَدِّ فَمَذْمُومٌ، وعَلَى هذا تَدُلُّ الأحَادِيث، كَقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ «إنَّ اللهَ يَبْغَضُ البَلِيغ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي يَتَخَلَّل بلِسَانِهِ كَمَا تَتَخَلَّلُ البَقَرَةُ بلِسَانِهَا» رَوَاهُ الإمَامُ أحْمَدُ في مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْد الله بْن عَمْرُو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، وعَلَيْهِ فَإنَّهُ يَنْبَغِي للمُسْلِمِ أنْ يَتَكَلَّمَ بالكَلاَمِ المُتَوَسِّطِ المُعْتَادِ والَّذِي يَفْهَمُهُ السَّامِع ويَحْصُل بِهِ المَقْصُود، ويُكْرَه التَّقَعُّر في الكَلاَمِ، وفي الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ «هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ» رَوَاهُ الإمَامُ مُسْلِمُ في صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْد الله رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَهَا ثَلاَثًا، قَالَ أبُو السَّعَادَات: هُم المُتَعَمِّقُونَ في الكَلاَمِ المُتَكَلِّمُونَ بأقْصَى حُلُوقهم، وقَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ كَرَاهَة التَّقَعُّر في الكَلاَمِ بالتَّشَدُّقِ وتَكَلُّف الفَصَاحَة واسْتِعْمَال وَحْشِيّ اللُّغَة ودَقَائِق الإعْرَاب في مُخَاطَبَةِ العَوَامّ ].
وقَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِين في القَوْلِ المُفِيدِ عَلَى كِتَابِ التَّوْحِيدِ [ قَوْلُهُ (إنَّ مِنَ البَيَانِ)؛ إنَّ: حَرْفُ تَوْكِيدٍ، يَنْصِبُ الاسْمَ ويَرْفَعُ الخَبَرَ، ومِنَ: يُحْتَمَل أنْ تَكُونَ للتَّبْعِيضِ، ويُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ لبَيَانِ الجِنْسِ، فَعَلَى الأوَّل يَكُون المَعْنَى: إنَّ بَعْضَ البَيَانِ سِحْرٌ وبَعْضَهُ لَيْسَ بسِحْرٍ، وعَلَى الثَّانِي يَكُون المَعْنَى: إنَّ جِنْسَ البَيَانِ كُلّهُ سِحْرٌ.
قَوْلُهُ (لَسِحْرًا)؛ اللاَّمُ للتَّوْكِيدِ، وسِحْرًا: اسْمُ إنَّ.
والبَيَانُ: هُوَ الفَصَاحَةُ والبَلاَغَةُ، وهُوَ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ عَلَى الإنْسَانِ، قَالَ تَعَالَى (خَلَقَ الإِنْسَانَ 3 عَلَّمَهُ الْبَيَانَ 4) (الرَّحْمَنُ: 3، 4)، والبَيَانُ نَوْعَانِ:
الأوَّلُ: بَيَانٌ لاَبُدَّ مِنْهُ، وهذا يَشْتَرِكُ فِيهِ جَمِيع النَّاس، فَكُلُّ إنْسَانٍ إذا جَاعَ قَالَ: إنِّي جُعْتُ، وإذا عَطشَ قَالَ: إنِّي عَطشْتُ، وهَكَذَا.
الثَّانِي: بَيَانٌ بمَعْنَى الفَصَاحَة التَّامَّة الَّتِي تُسْبِي العُقُول وتُغَيِّر الأفْكَار، وهي الَّتِي قَالَ فِيهَا الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ (إنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا).
وعَلَى هذا التَّقْسِيمِ تَكُون (مِنَ) للتَّبْعِيضِ، أي: بَعْضُ البَيَانِ - وهُوَ البَيَانُ الكَامِلُ الَّذِي هُوَ الفَصَاحَة - سِحْرٌ.
أمَّا إذا جَعَلْنَا البَيَان بمَعْنَى الفَصَاحَة فَقَط، صَارَت (مِنَ) لبَيَانِ الجِنْس.
ووَجْهُ كَوْن البَيَان سِحْرًا: أنَّهُ يَأخُذ بلُبِّ السَّامِع، فَيَصْرِفُهُ أو يَعْطِفُهُ، فَيَظُنّ السَّامِع أنَّ البَاطِلَ حَقٌّ لقُوَّةِ تَأثِيرِ المُتَكَلِّم، فَيَنْصَرِف إلَيْهِ، ولهذا إذا أتَى إنْسَانٌ يَتَكَلَّم بكَلاَمٍ مَعْنَاهُ بَاطِل لَكِنْ لقُوَّةِ فَصَاحَته وبَيَانه يَسْحِر السَّامِع حَقًّا، فَيَنْصَرِف إلَيْهِ، وإذا تَكَلَّمَ إنْسَانٌ بَلِيغٌ يُحَذِّر مِنْ حَقٍّ، ولفَصَاحَتِهِ وبَيَانِهِ يَظُنّ السَّامِع أنَّ هذا الحَقَّ بَاطِلٌ، فَيَنْصَرِف عَنْهُ، وهذا مِنْ جِنْسِ السِّحْر الَّذِي يُسَمُّونَهُ العَطْف والصَّرْف، والبَيَانُ يَحْصُلُ بِهِ عَطْفٌ وصَرْفٌ، فَالبَيَانُ في الحَقِيقَةِ بمَعْنَى الفَصَاحَة، ولا شَكَّ أنَّهَا تَفْعَل فِعْل السِّحْر، وابْنُ القَيِّم يَقُولُ عَنِ الحُورِ: حَدِيثُهَا السِّحْر الحَلاَل.
وقَوْلُهُ (إنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا)، وهَلْ هذا عَلَى سَبِيلِ الذَّمِّ، أو عَلَى سَبِيلِ المَدْحِ، أو لبَيَانِ الوَاقِع ثُمَّ يُنْظَر إلى أثَرِهِ؟ الجَوَابُ: الأخِيرُ هُوَ المُرَادُ، فَالبَيَانُ مِنْ حَيْثُ هُوَ بَيَانٌ لا يُمْدَح عَلَيْهِ ولا يُذَمّ، ولَكِنْ يُنْظَر إلى أثَرِهِ، والمَقْصُودِ مِنْهُ، فَإنْ كَانَ المَقْصُودُ مِنْهُ رَدّ الحَقّ وإثْبَات البَاطِل، فَهُوَ مَذْمُوم، لأنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لنِعْمَةِ الله في مَعْصِيَتِهِ، وإنْ كَانَ المَقْصُودُ مِنْهُ إثْبَات الحَقّ وإبْطَال البَاطِل، فَهُوَ مَمْدُوح، وإذا كَانَ البَيَانُ يُسْتَعْمَلُ في طَاعَةِ الله وفي الدَّعْوَةِ إلى اللهِ، فَهُوَ خَيْر مِنَ العِيِّ، لَكِنْ إذا ابْتُلِيَ الإنْسَان ببَيَانٍ ليَصُدّ النَّاس عَنْ دِينِ الله، فَهَذَا لا خَيْرَ فِيهِ، والعِيُّ خَيْرٌ مِنْهُ، والبَيَانُ مِنْ حَيْثُ هُوَ لا شَكَّ أنَّهُ نِعْمَةٌ، ولهذا امْتَنَّ اللهُ بِهِ عَلَى الإنْسَانِ، فَقَالَ تَعَالَى (عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) (الرَّحْمَنُ: 4) ].
وهذا مَا أعْلَمُ؛ واللهُ تَعَالَى أعْلَى وأعْلَمُ
والسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
- اقتباس
تعليق
تعليق