إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ضحايا كارثه بورسعيد شهداء ام اموات

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ضحايا كارثه بورسعيد شهداء ام اموات

    السلام عليكم لو سمحت انا كنت بستفسر عن الكارثه اللى حصلت فى بورسعيد وبسال هل الشباب اللى اتوفى ده ضحايا ولا شهداء

  • #2
    رد: ضحايا كارثه بورسعيد شهداء ام اموات

    ِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
    الأخُ السَّائِلُ - الأُخْتُ السَّائِلَةُ
    السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
    بِدَايَةً أقُولُ: إنَّا للهِ وإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ، رَحِمَ اللهُ إخْوَاننَا ورَزَقَ أهْلِيهم الصَّبْرَ والسُّلْوَانَ والثَّبَاتَ، وجَعَلَ عَلَى مَنْ تَسَبَّبَ في قَتْلِهِم مَا يَسْتَحِقّ مِنَ العَذَابِ في الدُّنْيَا والآخِرَة، اللَّهُمَّ آمِينَ.

    أمَّا رَدًّا عَلَى سُؤَالِكُم فَأقُولُ: يَخْلِطُ الكَثِيرُونَ في أمْرِ القَتْلَى والأمْوَات، فَيَظُنُّونَ أنَّ كُلَّ مَنْ مَاتَ في مَوْقِفٍ مَا فَهُوَ شَهِيد، وهذا غَيْرُ صَحِيح، فَالشُّهَدَاء أقْسَام، مِنْهُم مَنْ يُقَالُ عَنْهُ شَهِيد ويُعَامَل في الدُّنْيَا مُعَامَلَة شَهِيد، ومِنْهُم مَنْ يَأخُذَ فَقَط أجْر شَهِيد ولَكِنْ لا يُقَالُ عَنْهُ شَهِيد، ومِنْهُم مَنْ يُعَامَل في الدُّنْيَا مُعَامَلَة شَهِيد ولا يَأخُذ ثَوَابهم في الآخِرَة، ومِنْهُم مَنْ لا يُعَامَل مُعَامَلَة شَهِيد ولا يُقَالُ عَنْهُ شَهِيد لا في الدُّنْيَا ولا في الآخِرَة: قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ [ واعْلَم أنَّ الشَّهِيدَ ثَلاَثَة أقْسَامٍ:
    أحَدُهَا: المَقْتُولُ في حَرْبِ الكُفَّار بسَبَبٍ مَنْ أسْبَابِ القِتَال، فهذا لَهُ حُكْم الشُّهَدَاء في ثَوَابِ الآخِرَة وفى أحْكَامِ الدُّنْيَا، وهُوَ أنَّهُ لا يُغَسَّل ولا يُصَلَّى عَلَيْهِ.
    والثَّانِي: شَهِيدٌ في الثَّوَابِ دُونَ أحْكَام الدُّنْيَا، وهُوَ المَبْطُون والمَطْعُون وصَاحِب الهَدْم ومَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ وغَيْرهم مِمَّنْ جَاءَت الأحَادِيث الصَّحِيحَة بتَسْمِيَتِهِ شَهِيدًا، فَهَذَا يُغَسَّل ويُصَلَّى عَلَيْهِ, ولَهُ في الآخِرَةِ ثَوَاب الشُّهَدَاء، ولا يَلْزَم أنْ يَكُونَ مِثْل ثَوَاب الأوَّل.
    والثَّالِثُ: مَنْ غُلَّ في الغَنِيمَةِ وشُبَهِهِ مِمَّنْ وَرَدَت الآثَار بنَفْي تَسْمِيَتِهِ شَهِيدًا إذا قُتِلَ في حَرْبِ الكُفَّار، فهذا لَهُ حُكْم الشُّهَدَاء في الدُّنْيَا فَلاَ يُغَسَّل ولا يُصَلَّى عَلَيْهِ, ولَيْسَ لَهُ ثَوَابهم الكَامِل في الآخِرَة ] شَرْحُ النَّوَوِيّ عَلَى مُسْلِم (2/164).

    والَّذِي يُسَبِّبُ هذا الاخْتِلاَف في الأحْكَامِ والدَّرَجَات هُوَ النِّيَّة، لذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ [ مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ صَادِقًا أُعْطِيَهَا وَلَوْ لَمْ تُصِبْهُ ] رَوَاهُ مُسْلِمُ، وقَالَ [ مَنْ سَأَلَ اللهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ ] رَوَاهُ مُسْلِمُ، وقَالَ أيْضًا [ مَنْ سَأَلَ اللهَ الْقَتْلَ مِنْ نَفْسِهِ صَادِقًا ثُمَّ مَاتَ أَوْ قُتِلَ فَإِنَّ لَهُ أَجْرَ شَهِيدٍ ] رَوَاهُ أبُو دَاوُد والتِّرْمِذِيُّ وقَالَ (حَسَنٌ صَحِيحٌ)، وصَحَّحَهُ ابْنُ دَقِيق العِيد في الاقْتِرَاح (ص 123) والألْبَانِيُّ في صَحِيحِ أبِي دَاوُد.
    ومَعْلُومٌ أنَّ النِّيَّةَ لاَبُدَّ لَهَا مِنْ عَمَلٍ يُوَافِقُهَا ويُثْبِتُهَا حَتَّى يُحْتَسَب الأجْر عَلَيْهَا، فَإنَّ العَمَلَ الفَاسِدَ يُفْسِدُ النِّيَّةَ الصَّالِحَةَ، لذَلِكَ فَمَنِ اتَّخَذَ الأسْبَاب الَّتِي يَمْلُكهَا لنَيْلِ الشَّهَادَة، وسَعَى للمُشَارَكَةِ في الجِهَادِ في سَبِيلِ الله، وسَبَقَ ذَلِكَ عَزِيمَةٌ صَادِقَةٌ، وسَألَ اللهَ بإخْلاَصٍ أنْ يَكْتُبَ لَهُ هذه المَرْتَبَة، غَيْرَ أنَّهُ حِيلَ بَيْنَهُ وبَيْنَ المُشَارَكَةِ الفِعْلِيَّةِ في الجِهَادِ: فَهَذَا يَكْتبُ اللهُ لَهُ أجْر الشَّهِيد، ويُعْطِيه مِنْ سِعَةِ فَضْلِهِ سُبْحَانَهُ مَا يَبْلُغ بِهِ أجْر الشُّهَدَاء، وأمَّا مَنْ نَوَى الجِهَاد في سَبِيلِ الله نِيَّةً مُجَرَّدَةً عَنِ اتِّخَاذِ الأسْبَاب والسَّعْي التَّامّ لنَيْلِ الشَّهَادَة، فهذا لَهُ أجْر نِيَّته فَقَط، ولَيْسَ لَهُ أجْر الشَّهِيد الَّذِي قُتِلَ في المَعْرَكَةِ، ومَعَ ذَلِكَ نُنَبِّهُ هُنَا إلى أنَّهُ لَيْسَ المَقْصُود أنَّ اللهَ يَكْتُبُ لِمَنْ سَألَ الشَّهَادَة بصِدْقٍ جَمِيع مَا للشَّهِيدِ الَّذِي قُتِلَ في المَعْرَكَةِ مِنَ الأجْرِ والكَرَامَة؛ وإنَّمَا يَكْتُبُ لَهُ قَدْرَ أجْر الشَّهَادَة مُجَرَّدَة عَنْ كُلِّ أُجُورِ الأعْمَال المُقْتَرِنَة بالعَمَلِ الجِهَادِيّ مِنْ تَعَبٍ ونَصَبٍ وجِرَاحٍ وبَذْلِ مَالٍ ونَحْوِ ذَلِكَ، فَالشَّهِيدُ وسَائِلُ الشَّهَادَةِ بصِدْقٍ يَسْتَوِيَانِ في أصْلِ الأجْر ولَيْسَ في نَوْعِهِ ومُتَعَلّقَاتِهِ.

    ومِنَ التَّفْصِيلِ السَّابِقِ نَفْهَمُ أنَّهُ لَيْسَ كُلّ مَنْ قُتِلَ أو مَاتَ يُقَالُ عَنْهُ شَهِيد، لِذَا بَوَّبَ البُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللهُ بَابًا بعُنْوَانِ (لا يُقَالُ فُلاَن شَهِيد) أيّ عَلَى سَبِيلِ الجَزْم، ولَكِنْ يُقَالُ في العُمُومِ عَلَى الحَالَةِ نَفْسهَا، واسْتَدَلَّ رَحِمَهُ اللهُ بقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ [اللهُ أعْلَمَ بِمَنْ يُجَاهِد في سَبِيلِهِ، واللهُ أعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَم في سَبِيلِهِ ]، وبمَوْقِفِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ رَجُلٍ قُتِلَ في المَعْرَكَةِ وقَالَ النَّاس عَنْهُ شَهِيد وأخْبَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أنَّهُ في النَّارِ، لنَتَعَلَّم القَاعِدَة السَّابِقَة، أنَّ اللهَ أعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَم في سَبِيلِهِ، فَنَقَلَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَة؛ حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن عَبْد الرَّحْمَن؛ عَنْ أبِي حَازِم؛ عَنْ سَهْل بْن سَعْد بْن سَعْد السَّاعِدِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ [ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْتَقَى هُوَ والمُشْرِكُونَ فَاقْتَتَلُوا، فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إلى عَسْكَرِهِ، ومَالَ الآخَرُونَ إلى عَسْكَرِهِم، وفي أصْحَابِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَجُلٌ لا يَدَعُ لَهُم شَاذَّة ولا فَاذَّة إلاَّ اتْبَعَهَا يَضْرِبُهَا بسَيْفِهِ، فَقَالُوا: مَا أجْزَأ مِنَّا اليَوْم أحَد كَمَا أجْزَأ فُلاَن، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: أمَا إنَّهُ مِنْ أهْلِ النَّار، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: أنَا صَاحِبُهُ، قَالَ: فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ، وإذا أسْرَعَ أسْرَعَ مَعَهُ، قَالَ: فَجُرِحَ الرَّجُل جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ المَوْت، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بالأرْضِ، وذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَخَرَجَ الرَّجُل إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ: أشْهَدُ أنَّكَ رَسُولُ اللهِ، قَالَ: ومَا ذَاكَ؟ قَالَ: الرَّجُل الَّذِي ذَكَرْتَ آنِفًا أنَّهُ مِنْ أهْلِ النَّار، فَأعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: أنَا لَكُم بِهِ، فَخَرَجْتُ في طَلَبِهِ، ثُمَّ جُرِحَ جَرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ المَوْت، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ في الأرْضِ، وذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: إنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أهْلِ الجَنَّة، فِيمَا يَبْدُو للنَّاسِ، وهُوَ مِنْ أهْلِ النَّار، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أهْلِ النَّار، فِيمَا يَبْدُو للنَّاسِ، وهُوَ مِنْ أهْلِ الجَنَّة ].

    وعَلَى ذَلِكَ: فَإنَّنَا نَقُولُ في العُمُومِ عَلَى المَوَاقِف الَّتِي يُنَالُ فِيهَا أجْر الشَّهِيد، ولَكِنْ دُونَ أنْ نُسَمِّيَ رَجُلاً بعَيْنِهِ أنَّهُ شَهِيد، لأنَّ هذا الأمْر لا يَعْلَمهُ إلاَّ الله، ورَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمَّا كَانَ يُسَمِّي شَخْصًا بعَيْنِهِ أنَّهُ شَهِيد كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ بوَحْيٍ، ولَيْسَ لأحَدٍ مِنَّا أنْ يُسَمِّيَ شَخْصًا بعَيْنِهِ أنَّهُ شَهِيد، فَقَط نَرْجُو لَهُ أنْ يَكُونَ شَهِيدًا لوُجُودِهِ في مَوْقِفٍ يُنَالُ فِيهِ أجْرَ الشُّهَدَاء.
    سُئِلَ الشَّيْخ ابْن عُثَيْمِين رَحِمَهُ اللهُ (مَنْ مَاتَ مِنْ رِجَالِ الدِّفَاع المَدَنِيّ؛ حَيْثُ احْتَرَقَ بالنَّارِ وهُوَ يُحَاوِل إطْفَاءهَا؛ هَلْ يُعْتَبَر مِنَ الشُّهَدَاءِ؟) فَأجَابَ [ كُلّ مَنْ مَاتَ بحَرِيقٍ وهُوَ مُسْلِمٌ فَإنَّهُ مِنَ الشُّهَدَاءِ؛ لأنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَالَ (الحَرِيقُ شَهِيدٌ)، لَكِنْ مَا نَقُولُ: فُلاَنٌ شَهِيدٌ لأنَّهُ مَاتَ بالحَرْقِ، مَا نَدْرِي، لَكِنْ عَلَى سَبِيلِ العُمُومِ نَقُول: كُلُّ مَنْ مَاتَ بالحَرِيقِ فَإنَّهُ شَهِيد، وإذا كَانَ مِنْ رِجَالِ الإطْفَاء كَانَ أشَدٌّ ثَوَابًا؛ لأنَّ هذا الرَّجُل الَّذِي مَاتَ بالإطْفَاءِ جَمَعَ بَيْنَ أمْرَيْنِ: بَيْنَ الحَرِيق وبَيْنَ الدِّفَاع عَنْ إخْوَانِهِ، فَهُوَ في الحَقِيقَةِ اكْتَسَبَ أجْرَيْنِ: أجْرُ الدِّفَاعِ عَنْ إخْوَانِهِ المُسْلِمِينَ، وأجْرُ شَهَادَة الحَرِيق، لَكِنْ لاَحِظُوا أنَّنَا لا نَشْهَد لشَخْصٍ بعَيْنِهِ، يَعْنِي: مَثَلاً إنْسَانٌ أحْرَقَتْهُ النَّار أمَامنَا، نَقُولُ: الحَرِيقُ شَهِيدٌ، لَكِنْ مَا نَقُول: هذا الرَّجُل شَهِيد، وقَدْ تَرْجَمَ البُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللهُ في صَحِيحِهِ لهذه المَسْألَةِ وقَالَ (بَابٌ: لا يُقَالُ فُلاَنٌ شَهِيدٌ)، ثُمَّ اسْتَدَلَّ لذَلِكَ بقَوْلِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ (مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَم في سَبِيلِ اللهِ واللهُ أعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَم في سَبِيلِهِ) فَقَالَ: واللهُ أعْلَمُ، إذا كَانَ اللهُ يَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَم في سَبِيلِهِ؛ إذًا: لا نَشْهَدُ عَلَى أحَدٍ، لَكِنْ نَقُولُ عَلَى العُمُومِ: مَنْ قُتِلَ في سَبِيلِ اللهِ فَهُوَ شَهِيد، فَيُفَرَّق بَيْنَ العُمُومِ وبَيْنَ الخُصُوصِ ] مَجْمُوعُ فَتَاوَى ابْن عُثَيْمِين (25/ 448).

    فَإنْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ كُلّهُ، وَصَلْنَا إلى أصْلِ سُؤَالِكُم، ونُجِيبُ عَلَيْهِ بالفَتْوَى التَّالِيَةِ:
    السُّؤَالُ: أعْرِفُ أنَّ المُسْلِمَ الَّذِي يَمُوتُ دِفَاعًا عَنْ نَفْسِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، ولَوْ مَاتَ غَرِيقًا أو مَاتَ ببَطْنِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ أيْضًا، لَكِنْ مَا هُوَ حَال مَنْ مَاتَ عَلَى غِرَّةٍ، ولَمْ يَكُنْ قَدْ مُنِحَ الوَقْت ليَأخُذَ قَرَار الدِّفَاع عَنِ النَّفْسِ، كَمَنْ قُتِلَ مِنَ الخَلْفِ، فَهَلْ يُعَدُّ هذا شَهِيدًا أيْضًا؟ ومَا حَال مَنْ سَقَطَتِ المُتَفَجِّرَات عَلَى بُيُوتِهِم مِثْل النَّاس في غَزَّة دُونَ تَوَقُّعٍ مِنْهُم، ولَمْ يُعْطوا الفُرْصَة للدِّفَاعِ عَنْ أنْفُسِهِم، فَهَلْ هُمْ أيْضًا في عِدَادِ الشُّهَدَاء؟
    الجَوَابُ:
    الحَمْدُ للهِ؛
    أوَّلاً: كُلُّ مُسْلِمٍ يُقْتَل ظُلْمًا فَلَهُ أجْر الشَّهِيد في الآخِرَةِ، وأمَّا في الدُّنْيَا: فَإنَّهُ يُغَسَّل ويُصَلَّى عَلَيْهِ ولا يُعَامَل مُعَامَلَة قَتِيل المَعْرَكَة، جَاءَ في المَوْسُوعَةِ الفِقْهِيَّةِ (29/174) [ ذَهَبَ الفُقَهَاءُ إلى أنَّ للظُّلْمِ أثَرًا في الحُكْمِ عَلَى المَقْتُولِ بأنَّهُ شَهِيد، ويُقْصَد بِهِ غَيْر شَهِيد المَعْرَكَة مَعَ الكُفَّار، ومِنْ صُوَرِ القَتْل ظُلْمًا: قَتِيلُ اللُّصُوصِ والبُغَاةِ وقُطَّاعِ الطُّرُق، أو مَنْ قُتِلَ مُدَافِعًا عَنْ نَفْسِهِ أو مَالِهِ أو دَمِهِ أو دِينِهِ أو أهْلِهِ أو المُسْلِمِينَ أو أهْلِ الذِّمَّة، أو مَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلَمَةٍ أو مَاتَ في السِّجْنِ وقَدْ حُبِسَ ظُلْمًا، واخْتَلَفُوا في اعْتِبَارِهِ شَهِيد الدُّنْيَا والآخِرَة أو شَهِيد الآخِرَة فَقَط؟ فَذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاء إلى أنَّ مَنْ قُتِلَ ظُلْمًا يُعْتَبَرُ شَهِيد الآخِرَة فَقَط، لَهُ حُكْم شَهِيد المَعْرَكَة مَعَ الكُفَّارِ في الآخِرَةِ مِنَ الثَّوَابِ، ولَيْسَ لَهُ حُكْمه في الدُّنْيَا، فَيُغَسَّل ويُصَلَّى عَلَيْهِ ].
    ولا يُشْتَرَط لتَحْصِيلِ ثَوَاب الشُّهَدَاء أنْ يُوَاجِهَ المَظْلُوم أُولَئِكَ المُعْتَدِينَ، فَإنْ قَتَلُوه عَلَى حِينِ غِرَّة: كَانَ مُسْتَحِقًّا لثَوَابِ الشُّهَدَاء إنْ شَاءَ اللهُ، ومِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: أنَّ عُمَرَ بْن الخَطَّاب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ طَعَنَهُ أبُو لُؤْلُؤَة المَجُوسِيّ وهُوَ يُصَلِّي الفَجْر بالمُسْلِمِينَ، وعُثْمَان بْن عَفَّان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَتَلَهُ الخَارِجُونَ عَلَيْهِ ظُلْمًا، وقَدْ وَصَفَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بأنَّهُمَا شُهَدَاء، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ [ صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ بِهِمْ، فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ، قَالَ: اثْبُتْ أُحُدُ، فَمَا عَلَيْكَ إِلاَّ نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شَهِيدَانِ ] رَوَاهُ البُخَارِيُّ، قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّد بْن صَالِح العُثَيْمِين رَحِمَهُ اللهُ [ (فَالنَّبِيُّ) هُوَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، و(الصِّدِّيقُ): أبُو بَكْر، و(الشَّهِيدَان): عُمَر وعُثْمَان، وكِلاَهُمَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قُتِلَ شَهِيدًا، أمَّا عُمَر: فَقُتِلَ وهُوَ مُتَقَدِّمٌ لصَلاَةِ الفَجْر بالمُسْلِمِينَ، قُتِلَ في المِحْرَابِ، وأمَّا عُثْمَان: فَقُتِلَ في بَيْتِهِ، فَرَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، وألْحَقَنَا وصَالِح المُسْلِمِين بِهمَا في دَارِ النَّعِيم المُقِيم ] شَرْحُ رِيَاضِ الصَّالِحِينَ (4/129، 130).

    ثَانِيًا: أمَّا إخْوَاننَا في غَزَّة الَّذِينَ تَهَدَّمَت عَلَيْهم بُيُوتهم، فَإنَّنَا نَرْجُو أنْ يَكُونُوا شُهَدَاء، وذَلِكَ لأُمُورٍ:
    1- أنَّهُم قُتِلُوا مَظْلُومِينَ.
    2- أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَالَ [ صَاحِبُ الْهَدْمِ شَّهِيدُ ] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ومُسْلِمُ.
    3- أنَّهُم قُتِلُوا عَلَى أيْدِي الكُفَّار المُحَارِبِينَ لَهُم.
    قَالَ الأُسْتَاذُ عَبْد الرَّحْمَن بْن غرْمَان بْن عَبْد الله حَفِظَهُ اللهُ [ ذَهَبَ الجُمْهُورُ مِنَ الحَنَفِيَّةِ والحَنَابِلَةِ والصَّحِيح مِنْ مَذْهَبِ المَالِكِيَّةِ وقَوْل عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: إلى أنَّ مَقْتُولَ الحَرْبِيّ بغَيْرِ مَعْرَكَة: شَهِيدٌ عَلَى الإطْلاَقِ، بأيِّ صُورَةٍ كَانَ ذَلِكَ القَتْل، سَوَاء كَانَ غَافِلاً أو نَائِمًا، نَاصَبَهُ القِتَال أو لَمْ يُنَاصِبهُ...؛ والَّذِي يَظْهَرُ لِي - واللهُ تَعَالَى أعْلَمُ - رُجْحَان قَوْل الجُمْهُور؛ لأنَّ اشْتِرَاطَ القَتْل في المُعْتَرَكِ: لَيْسَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ بَيِّنٌ ] أحْكَامُ الشَّهِيدِ في الفِقْهِ الإسْلاَمِيِّ (103 - 106).
    نَسْألُ اللهَ تَعَالَى أنْ يَتَقَبَّلَهُم شُهَدَاء، وأنْ يَجْعَلَ الدَّائِرَة عَلَى اليَهُودِ الغَاصِبِينَ. انْتَهَتِ الفَتْوَى

    مِنْ كُلِّ مَا تَقَدَّمَ: فَإنَّ قَتْلَى بُورْسَعِيد وغَيْرَهُم:
    - مَنْ قُتِلَ مِنْهُم ظُلْمًا: فَهُوَ في الدُّنْيَا قَتِيل، لا يُقَالُ عَنْهُ شَهِيد، يُغَسَّل ويُكَفَّن ويُصَلَّى عَلَيْهِ، وفي الآخِرَةِ نَرْجُو لَهُ ثَوَاب الشَّهِيد.
    - ومَنْ قُتِلَ مِنْهُم وهُوَ ظَالِم: فَلاَ هُوَ بالشَّهِيدِ في الدُّنْيَا ولا في الآخِرَةِ، فَإنْ كَانَ مِنَ المُسْلِمِينَ، يُغَسَّل ويُكَفَّن ويُصَلَّى عَلَيْهِ ويُدْفَن في مَدَافِن المُسْلِمِينَ، أمَّا إنْ كَانَ مُرْتَدًّا أو مُنَافِقًا، فَلاَ يُصَلَّى عَلَيْهِ ولا يُدْفَن في مَدَافِن المُسْلِمِينَ:
    أمَّا المُرْتَدُّ: فَهُوَ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ إسْلاَمِهِ، كَمَنْ أشْرَكَ باللهِ، كَالَّذِي يَعْبُد أصْحَاب القُبُور أو يَسْتَغِيث بهم أو يَدْعُوهُم مِنْ دُونِ الله، أو جَحَدَ القُرْآن كُلّهُ أو بَعْضهُ، ولَوْ كَلِمَة مِنْهُ، أو اعْتَقَدَ حِلّ شَيْءٍ مُجْمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ كَالزِّنَا وشُرْبِ الخَمْر، أو أنْكَرَ أمْرًا مَعْلُومًا مِنَ الدِّينِ بالضَّرُورَةِ، أو اسْتَهْزَأ باللهِ أو آيَاتِهِ أو رَسُولِهِ أو أحْكَامِ دِينِهِ، أو ادَّعَى أنَّهُ يَعْلَم الغَيْب، وأمْثَال هَؤُلاَء، قَالَ الشَّيْخ ابْن عُثَيْمِين رَحِمَهُ اللهُ [ المُرْتَدُّ بأيِّ نَوْعٍ مِنْ أنْوَاعِ الرِّدَّة لا يُعَامَل كَمَا يُعَامَل الكَافِر الأصْلَيّ، بَلْ إنَّهُ يُلْزَم بالرُّجُوعِ إلى الإسْلاَمِ، فَإنْ أسْلَمَ فَذَاكَ، وإنْ لَمْ يُسْلِم فَإنَّهُ يُقْتَل كُفْرًا، ولا يُدْفَن مَعَ المُسْلِمِينَ ولا يُصَلَّى عَلَيْهِ ] فَتَاوَى نُورٌ عَلَى الدَّرْبِ (14/6).
    وأمَّا المُنَافِقُ: فَهُوَ الَّذِي يُبْطِنُ الكُفْرَ ويُظْهِرُ الإسْلاَمَ، فَمَنْ عُلِمَ نِفَاقهُ فَلاَ يُصَلَّى عَلَيْهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى [ وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ ] (التَّوْبَةُ: 84)، قَالَ شَيْخُ الإسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّة رَحِمَهُ اللهُ [ فَمَنْ عُلِمَ نِفَاقه لَمْ تَجُزِ الصَّلاَة عَلَيْهِ والاسْتِغْفَار لَهُ، ومَنْ لَمْ يُعْلَم ذَلِكَ مِنْهُ صُلِّيَ عَلَيْهِ، وإذا عَلِمَ شَخْصٌ نِفَاقَ شَخْصٍ لَمْ يُصَلِّ هُوَ عَلَيْهِ، وصَلَّى عَلَيْهِ مَنْ لَمْ يَعْلَم نِفَاقه، وكَانَ عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لا يُصَلِّي عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ حُذَيْفَة؛ لأنَّهُ كَانَ في غَزْوَةِ تَبُوك قَدْ عَرَفَ المُنَافِقِينَ الَّذِينَ عَزمُوا عَلَى الفَتْكِ برَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ] مِنْهَاجُ السُّنَّةِ (5/160).

    وهذا مَا أعْلَمُ؛ واللهُ تَعَالَى أعْلَى وأعْلَمُ.
    والسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ

    زائرنا الكريم نحن معك بقلوبنا
    كلنا آذان صاغيه لشكواك ونرحب بك دائما
    في
    :

    جباال من الحسنات في انتظارك





    تعليق


    • #3
      رد: ضحايا كارثه بورسعيد شهداء ام اموات

      جزاك الله خيرا ياشيخنا وربنا يحفظنا من شر الفتن والكوارث اللى احنا فيها

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      x
      إدراج: مصغرة صغير متوسط كبير الحجم الكامل إزالة  
      x
      أو نوع الملف مسموح به: jpg, jpeg, png, gif
      x
      x
      يعمل...
      X