إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

شخص عليه صيام شهرين متتابعين

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شخص عليه صيام شهرين متتابعين

    هل إذا أفطر يوم بعذر شرعي مثل المرض والسفر
    هل يُعيد الصيام من البداية ؟؟

  • #2
    رد: شخص عليه صيام شهرين متتابعين

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
    الأخُ السَّائِلُ - الأُخْتُ السَّائِلَةُ
    السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
    مَنْ صَامَ أيَّامًا مِنَ الكَفَّارَةِ، ثُمَّ حَصَلَ لَهُ عُذْر شَرْعِيّ كَمَرَضٍ أو سَفَرٍ أو حَاضَت المَرْأة أو نَفسَت...؛ فَأفْطَرَ، لَمْ يَنْقَطِع التَّتَابُع، فإذا شُفِيَ مِنْ مَرَضِهِ أو طَهُرَت المَرْأة مِنْ حَيْضِهَا...؛ أكْمَلَ مَا قَدْ صَامَهُ أوَّلاً، ولا يَلْزَمهُ الاسْتِئْنَاف.

    قَالَ الشَّيْخُ ابْن عُثَيْمين رَحِمَهُ اللهُ [ إذا أفْطَرَ لعُذْرٍ يُبِيح الفِطْر، كَمَرَضٍ غَيْر مخوف أو سَفَرٍ فَإنَّهُ لا يَنْقَطِع التَّتَابُع، فإذا قُدِّرَ أنَّ هذا الرَّجُل الَّذِي شَرَعَ في صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، سَوَاء في كَفَّارَةِ الظِّهَار، أو كَفَّارَة الوَطْء في نَهَارِ رَمَضَان، أو كَفَّارَة القَتْل، إذا سَافَرَ فَأفْطَرَ لَمْ يَنْقَطِع التَّتَابُع؛ لأنَّ هذا السَّفَرَ مُبِيحٌ للفِطْرِ، ولَكِنْ لَوْ تَحَيَّلَ بالسَّفَرِ عَلَى الإفْطَارِ قُلْنَا لَهُ: لا يَحِلّ لَكَ، ويَلْزَمكَ الإمْسَاك؛ لأنَّ الوَاجِبَات لا تَسْقُط بالحِيَل، فَإنْ لَمْ تَفْعَل وَجَبَ عَلَيْكَ الاسْتِئْنَاف ] الشَّرْحُ المُمْتِعُ (13/273).

    وجَاءَ في فَتَاوَى اللَّجْنَة الدَّائِمَة (21/320) [ الأصْلُ في صِفَةِ أدَاء كَفَّارَة القَتْل خَطَأ أنْ يَكُونَ الصِّيَام مُتَتَابِعًا، والَّذِي لا يَقْطَع التَّتَابُع يَكُون اضْطِرَارِيًّا، كَالمَرَضِ الَّذِي لا يَسْتَطِيع الصِّيَام مَعَهُ، وكَالحَيْضِ بالنِّسْبَةِ للمَرْأة، وهذا لا يَقْطَع التَّتَابُع بَلْ يُبْنَى عَلَى مَا مَضَى ].

    وعَلَى ذَلِكَ:
    - فَإنْ كَانَ الفِطْرُ لمَرَضٍ يُخْشَى عَلَى الفَرْدِ فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ إذا صَامَ (ويَكُون باسْتِشَارَةِ الطَّبِيب) أو لحَيْضٍ أو نفَاسٍ، فَالفِطْر هُنَا لا يَقْطَع التَّتَابُع، وبَعْدَ أنْ يُشْفَى أو تَطْهُر يَتِمّ اسْتِكْمَال الصَّوْم دُونَ إعَادَتِهِ مِنَ البِدَايَة.
    - أمَّا إنْ كَانَ المَرَضُ يَسِيرًا ويَجُوزُ مَعَهُ الصَّوْم، فَلاَ يَجُوز لَهُ الفِطْر، وإنْ أفْطَرَ انْقَطَعَ التَّتَابُع ولَزِمَهُ البَدْء مِنْ جَدِيدٍ.
    - أمَّا حَالَة السَّفَر، فَفِيهَا تَفْصِيلٌ كَالتَّالِي:
    ذَهَبَ الأَئِمَّةُ الأَرْبَعَةُ, وَجَمَاهِيرُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إلَى أَنَّ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ جَائِزٌ صَحِيحٌ مُنْعَقِدٌ, وَإِذَا صَامَ وَقَعَ صِيَامُهُ وَأَجْزَأَهُ، وأمَّا الأفْضَلِيَّةُ فَعَلى التَّفْصِيلِ التَّالِي:
    الحَال الأُولَى: إذا كَانَ الصَّوْمُ والفِطْرُ سَوَاء، بمَعْنَى أنَّ الصَّوْمَ لا يُؤَثِّر عَلَيْهِ، فَفِي هذه الحَالَة يَكُون الصَّوْم أفْضَل، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ [ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ؛ حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ؛ وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلاَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ ] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ومُسْلِمُ.
    الحَال الثَّانِيَة: أنْ يَكُونَ الفِطْر أرْفَق بِهِ، فَهُنَا نَقُولُ: إنَّ الفِطْرَ أفْضَل، وإذا شَقَّ عَلَيْهِ بَعْض الشَّيْء صَارَ الصَّوْم في حَقِّهِ مَكْرُوهًا؛ لأنَّ ارْتِكَاب المَشَقَّة مَعَ وُجُودِ الرُّخْصَة يُشْعِر بالعُدُولِ عَنْ رُخْصَةِ الله عَزَّ وجَلَّ.
    الحَال الثَّالِثَة: أنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ مَشَقَّة شَدِيدَة غَيْر مُحْتَمَلَة، فَهُنَا يَكُون الصَّوْم في حَقِّهِ حَرَامًا، والدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مُسْلِم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا [ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ ثُمَّ شَرِبَ، فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ: فَقَالَ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ ] وفي رِوَايَةٍ [ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمْ الصِّيَامُ وَإِنَّمَا يَنْظُرُونَ فِيمَا فَعَلْتَ، فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ الْعَصْرِ ] فَوَصَفَ مَنْ صَامَ مَعَ المَشَقَّةِ الشَّدِيدَةِ بالعُصَاة، قَالَ النَّوَوِيُّ والْكَمَالُ بْنُ الْهُمَامِ [ إنَّ الأَحَادِيثَ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْفِطْرِ, مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ يَتَضَرَّرُ بِالصَّوْمِ, وَفِي بَعْضِهَا التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ, وَلاَبُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ, لِيَجْمَعَ بَيْنَ الأَحَادِيثِ, وَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِ بَعْضِهَا, أَوْ ادِّعَاءِ النَّسْخِ, مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ قَاطِعٍ، وَاَلَّذِينَ سَوَّوْا بَيْنَ الصَّوْمِ وَبَيْنَ الْفِطْرِ اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا (أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِيَّ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: أَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ -وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ- فَقَالَ: إنْ شِئْت فَصُمْ, وَإِنْ شِئْت فَأَفْطِرْ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ].

    ويَجِبُ مَعَ ذَلِكَ مُرَاعَاة أنَّ مَنْ سَيُفْطِر في السَّفَرِ، فَإنَّهُ لا يُفْطِر وهُوَ في البَلَدِ، بَلْ لاَبُدَّ أنْ يَكُونَ قَدْ خَرَجَ مِنَ البَلَدِ، قَالَ الشَّيْخُ ابْن عُثَيْمِين في الشَّرْحِ المُمْتِعِ (6/218) [ إذا سَافَرَ أثْنَاء اليَوْم فَلَهُ الفِطْر، ولَكِنْ هَلْ يُشْتَرَط أنْ يُفَارِقَ قَرْيَته؟ أو إذا عَزمَ عَلَى السَّفَرِ وارْتَحَلَ فَلَهُ أنْ يُفْطِر؟ الجَوَابُ: في هذا قَوْلاَنِ عَنِ السَّلَفِ، والصَّحِيحُ أنَّهُ لا يُفْطِر حَتَّى يُفَارِقَ القَرْيَة، لأنَّهُ لَمْ يَكُنِ الآن عَلَى سَفَرٍ ولَكِنَّهُ نَاوٍ للسَّفَرِ, ولذَلِكَ لا يَجُوز أنْ يقْصِرَ حَتَّى يَخْرُج مِنَ البَلَدِ، فَكَذَلِكَ لا يَجُوز أنْ يُفْطِرَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ البَلَدِ ].

    وهذا في صِيَامِ الكَفَّارَات، وقَدِ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِيمَنْ نَذَرَ صِيَام أيَّام مُتَتَابِعَة ثُمَّ قَطَعَ التَّتَابُع بسَبَبِ مَرَضٍ أو سَفَرٍ، هَلْ يَلْزَمهُ إعَادَة الصِّيَام أمْ يَكْفِيهِ أنْ يُكْمِلَ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ أيَّامٍ ولا يَكُون الإفْطَار لعُذْرٍ قَاطِعًا للتَّتَابُعِ؟ والَّذِي يَظْهَر أنَّ كُلَّ مَا أُبِيحَ الفِطْر مِنْ أجْلِهِ في رَمَضَان فَإنَّهُ لا يَقْطَع التَّتَابُع، وهُوَ قَوْلُ الحَنَابِلَةِ خِلاَفًا للجُمْهُورِ، فَمَنْ أفْطَرَ في صَوْمِ التَّتَابُع لعُذْرٍ: لَمْ يَنْقَطِعْ تَتَابُعه، ومَنْ أفْطَرَ لغَيْرِ عُذْرٍ: انْقَطَعَ تَتَابُعه، ولَزِمَهُ الاسْتِئْنَاف مِنْ جَدِيدٍ، ولا كَفَّارَة عَلَيْهِ.
    وسُئِلَ الشَّيْخ صَالِح الفَوْزَان حَفِظَهُ اللهُ (إذا نَذَرْتُ صِيَام شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، وبَعْدَ مُضِيّ خَمْسَة وأرْبَعِينَ يَوْمًا مِنَ الصِّيَامِ أفْطَرْتُ لعُذْرٍ شَرْعِيٍّ، وبَعْدَ أنْ أرَدْت أنْ أُتِمَّ بَقِيَّة الشَّهْرَيْنِ بَعْدَ انْقِضَاء العُذْر وَقَعْتُ في خِلاَفٍ بَيْنَ النَّاس: فَمِنْهُم مَنْ قَالَ: يَجِبُ عَلَيْكَ إعَادَة الصِّيَام، ومِنْهُم مَنْ قَالَ: أتْمِم صَوْمكَ، والآن وقَدْ مَضَى وَقْت طَوِيل بَيْنَ الخَمْسَة والأرْبَعِينَ يَوْمًا وبَقِيَّة الشَّهْرَيْنِ، مَاذَا عَلَيَّ أنْ أفْعَلَ؟) فَأجَابَ [ إذا كَانَ الإفْطَارُ بعُذْرٍ شَرْعِيٍّ كَالحَيْضِ والنِّفَاس وغَيْرِهمَا: فَإنَّهُ لا يَقْطَع التَّتَابُع، لَكِنْ بِمَا أنَّهُ قَدْ مَضَى وَقْت طَوِيل بَعْدَ انْقِطَاع العُذْر -حَسْبَمَا ذَكَرْتَ-، ولَمْ تَصُمْ خِلاَله: فَإنَّ التَّتَابُعَ قَدِ انْقَطَعَ، وعَلَيْكَ باسْتِئْنَاف صِيَام الشَّهْرَيْن المُتَتَابِعَيْن مِنْ جَدِيدٍ؛ لأنَّ التَّتَابُعَ مَشْرُوطٌ في النَّذْرِ كَمَا ذَكَرْتَ؛ فَلاَبُدَّ مِنْهُ ] المُنْتَقَى مِنْ فَتَاوَى الفَوْزَان (3/152، 153، السُّؤَالُ رَقْم 233).

    ولَوْ رَاعَى الخِلاَف في المَسْألَةِ واسْتَأنَفَ الصَّوْم مِنْ أوَّله كَانَ ذَلِكَ أوْلَى وأحْوَط وأبْرَأ للذِّمَّةِ.

    مَلْحُوظَة أخِيرَة: إنْ كَانَ الصِّيَامُ صِيَام كَفَّارَة وَطْء الزَّوْجَة في نَهَارِ رَمَضَان، فَإنَّهُ لا يَجُوز إلاَّ إذا تَعَذَّرَت الكَفَّارَة الأُولَى، وهي عِتْقُ رَقَبَة مُؤْمِنَة، فَإنْ لَمْ يَجِدْ رَقَبَة أو لَمْ يَجِدْ ثَمَنهَا، انْتَقَلَ إلى الصِّيَامِ، وإنْ تَعَذَّرَ الصِّيَام انْتَقَلَ إلى إطْعَامِ سِتِّين مِسْكِينًا، أي أنَّهُ لا يَجُوز الصِّيَام وهُوَ قَادِر عَلَى العِتْقِ، ولا يَجُوز لَهُ الإطْعَام وهُوَ قَادِر عَلَى الصِّيَام، والكَفَّارَة في هذه الحَالِ تَكُون عَلَى كُلٍّ مِنَ الزَّوْجِ والزَّوْجَة إذا كَانَت قَدْ طَاوَعَتْهُ ولَمْ تَكُنْ نَاسِيَة أو جَاهِلَة بالحُكْمِ أو مُكْرَهَة، وهذا هُوَ الرَّاجِح مِنْ قَوْلَيّ العُلَمَاء في حَقِّ المَرْأة ومَا عَلَيْهِ الجُمْهُور.

    كَمَا أنَّ مَنْ أكَلَ أو شَربَ نَاسِيًا أثْنَاءِ الصِّيَام، أو أكَلَ وشَربَ أو جَامَعَ زَوْجَتهُ ظَنًّا مِنْهُ أنَّ الفَجْرَ لَمْ يَطْلع، فَلاَ إثْمَ عَلَيْهِ، ويُتِمّ صَوْمه، وصِيَامهُ صَحِيح لا كَفَّارَة عَلَيْهِ ولا قَضَاء، وهذا في صِيَامِ الفَرْض والكَفَّارَة والنَّافِلَة سَوَاء، إذْ لا دَلِيلَ يُفَرِّق بَيْنَ مَنْ أكَلَ نَاسِيًا في صِيَامِ الفَرْض والنَّافِلَة.

    وهذا مَا أعْلَمُ؛ واللهُ تَعَالَى أعْلَى وأعْلَمُ.
    والسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
    التعديل الأخير تم بواسطة فريق استشارات سرك فى بير(الأخوات); الساعة 26-01-2012, 09:43 AM.

    زائرنا الكريم نحن معك بقلوبنا
    كلنا آذان صاغيه لشكواك ونرحب بك دائما
    في
    :

    جباال من الحسنات في انتظارك





    تعليق


    • #3
      للتوضيح

      المشاركة الأصلية بواسطة فريق استشارات سرك فى بير مشاهدة المشاركة
      بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
      الأخُ السَّائِلُ - الأُخْتُ السَّائِلَةُ
      السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
      مَنْ صَامَ أيَّامًا مِنَ الكَفَّارَةِ، ثُمَّ حَصَلَ لَهُ عُذْر شَرْعِيّ كَمَرَضٍ أو سَفَرٍ أو حَاضَت المَرْأة أو نَفسَت...؛ فَأفْطَرَ، لَمْ يَنْقَطِع التَّتَابُع، فإذا شُفِيَ مِنْ مَرَضِهِ أو طَهُرَت المَرْأة مِنْ حَيْضِهَا...؛ أكْمَلَ مَا قَدْ صَامَهُ أوَّلاً، ولا يَلْزَمهُ الاسْتِئْنَاف.

      قَالَ الشَّيْخُ ابْن عُثَيْمين رَحِمَهُ اللهُ [ إذا أفْطَرَ لعُذْرٍ يُبِيح الفِطْر، كَمَرَضٍ غَيْر مخوف أو سَفَرٍ فَإنَّهُ لا يَنْقَطِع التَّتَابُع، فإذا قُدِّرَ أنَّ هذا الرَّجُل الَّذِي شَرَعَ في صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، سَوَاء في كَفَّارَةِ الظِّهَار، أو كَفَّارَة الوَطْء في نَهَارِ رَمَضَان، أو كَفَّارَة القَتْل، إذا سَافَرَ فَأفْطَرَ لَمْ يَنْقَطِع التَّتَابُع؛ لأنَّ هذا السَّفَرَ مُبِيحٌ للفِطْرِ، ولَكِنْ لَوْ تَحَيَّلَ بالسَّفَرِ عَلَى الإفْطَارِ قُلْنَا لَهُ: لا يَحِلّ لَكَ، ويَلْزَمكَ الإمْسَاك؛ لأنَّ الوَاجِبَات لا تَسْقُط بالحِيَل، فَإنْ لَمْ تَفْعَل وَجَبَ عَلَيْكَ الاسْتِئْنَاف ] الشَّرْحُ المُمْتِعُ (13/273).

      وجَاءَ في فَتَاوَى اللَّجْنَة الدَّائِمَة (21/320) [ الأصْلُ في صِفَةِ أدَاء كَفَّارَة القَتْل خَطَأ أنْ يَكُونَ الصِّيَام مُتَتَابِعًا، والَّذِي لا يَقْطَع التَّتَابُع يَكُون اضْطِرَارِيًّا، كَالمَرَضِ الَّذِي لا يَسْتَطِيع الصِّيَام مَعَهُ، وكَالحَيْضِ بالنِّسْبَةِ للمَرْأة، وهذا لا يَقْطَع التَّتَابُع بَلْ يُبْنَى عَلَى مَا مَضَى ].

      وعَلَى ذَلِكَ:
      - فَإنْ كَانَ الفِطْرُ لمَرَضٍ يُخْشَى عَلَى الفَرْدِ فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ إذا صَامَ (ويَكُون باسْتِشَارَةِ الطَّبِيب) أو لحَيْضٍ أو نفَاسٍ، فَالفِطْر هُنَا لا يَقْطَع التَّتَابُع، وبَعْدَ أنْ يُشْفَى أو تَطْهُر يَتِمّ اسْتِكْمَال الصَّوْم دُونَ إعَادَتِهِ مِنَ البِدَايَة.
      - أمَّا إنْ كَانَ المَرَضُ يَسِيرًا ويَجُوزُ مَعَهُ الصَّوْم، فَلاَ يَجُوز لَهُ الفِطْر، وإنْ أفْطَرَ انْقَطَعَ التَّتَابُع ولَزِمَهُ البَدْء مِنْ جَدِيدٍ.
      - أمَّا حَالَة السَّفَر، فَفِيهَا تَفْصِيلٌ كَالتَّالِي:
      ذَهَبَ الأَئِمَّةُ الأَرْبَعَةُ, وَجَمَاهِيرُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إلَى أَنَّ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ جَائِزٌ صَحِيحٌ مُنْعَقِدٌ, وَإِذَا صَامَ وَقَعَ صِيَامُهُ وَأَجْزَأَهُ، وأمَّا الأفْضَلِيَّةُ فَعَلى التَّفْصِيلِ التَّالِي:
      الحَال الأُولَى: إذا كَانَ الصَّوْمُ والفِطْرُ سَوَاء، بمَعْنَى أنَّ الصَّوْمَ لا يُؤَثِّر عَلَيْهِ، فَفِي هذه الحَالَة يَكُون الصَّوْم أفْضَل، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ [ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ؛ حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ؛ وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلاَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ ] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ومُسْلِمُ.
      الحَال الثَّانِيَة: أنْ يَكُونَ الفِطْر أرْفَق بِهِ، فَهُنَا نَقُولُ: إنَّ الفِطْرَ أفْضَل، وإذا شَقَّ عَلَيْهِ بَعْض الشَّيْء صَارَ الصَّوْم في حَقِّهِ مَكْرُوهًا؛ لأنَّ ارْتِكَاب المَشَقَّة مَعَ وُجُودِ الرُّخْصَة يُشْعِر بالعُدُولِ عَنْ رُخْصَةِ الله عَزَّ وجَلَّ.
      الحَال الثَّالِثَة: أنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ مَشَقَّة شَدِيدَة غَيْر مُحْتَمَلَة، فَهُنَا يَكُون الصَّوْم في حَقِّهِ حَرَامًا، والدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مُسْلِم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا [ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ ثُمَّ شَرِبَ، فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ: فَقَالَ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ ] وفي رِوَايَةٍ [ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمْ الصِّيَامُ وَإِنَّمَا يَنْظُرُونَ فِيمَا فَعَلْتَ، فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ الْعَصْرِ ] فَوَصَفَ مَنْ صَامَ مَعَ المَشَقَّةِ الشَّدِيدَةِ بالعُصَاة، قَالَ النَّوَوِيُّ والْكَمَالُ بْنُ الْهُمَامِ [ إنَّ الأَحَادِيثَ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْفِطْرِ, مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ يَتَضَرَّرُ بِالصَّوْمِ, وَفِي بَعْضِهَا التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ, وَلاَبُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ, لِيَجْمَعَ بَيْنَ الأَحَادِيثِ, وَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِ بَعْضِهَا, أَوْ ادِّعَاءِ النَّسْخِ, مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ قَاطِعٍ، وَاَلَّذِينَ سَوَّوْا بَيْنَ الصَّوْمِ وَبَيْنَ الْفِطْرِ اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا (أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِيَّ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: أَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ -وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ- فَقَالَ: إنْ شِئْت فَصُمْ, وَإِنْ شِئْت فَأَفْطِرْ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ].

      ويَجِبُ مَعَ ذَلِكَ مُرَاعَاة أنَّ مَنْ سَيُفْطِر في السَّفَرِ، فَإنَّهُ لا يُفْطِر وهُوَ في البَلَدِ، بَلْ لاَبُدَّ أنْ يَكُونَ قَدْ خَرَجَ مِنَ البَلَدِ، قَالَ الشَّيْخُ ابْن عُثَيْمِين في الشَّرْحِ المُمْتِعِ (6/218) [ إذا سَافَرَ أثْنَاء اليَوْم فَلَهُ الفِطْر، ولَكِنْ هَلْ يُشْتَرَط أنْ يُفَارِقَ قَرْيَته؟ أو إذا عَزمَ عَلَى السَّفَرِ وارْتَحَلَ فَلَهُ أنْ يُفْطِر؟ الجَوَابُ: في هذا قَوْلاَنِ عَنِ السَّلَفِ، والصَّحِيحُ أنَّهُ لا يُفْطِر حَتَّى يُفَارِقَ القَرْيَة، لأنَّهُ لَمْ يَكُنِ الآن عَلَى سَفَرٍ ولَكِنَّهُ نَاوٍ للسَّفَرِ, ولذَلِكَ لا يَجُوز أنْ يقْصِرَ حَتَّى يَخْرُج مِنَ البَلَدِ، فَكَذَلِكَ لا يَجُوز أنْ يُفْطِرَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ البَلَدِ ].

      وهذا في صِيَامِ الكَفَّارَات، وقَدِ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِيمَنْ نَذَرَ صِيَام أيَّام مُتَتَابِعَة ثُمَّ قَطَعَ التَّتَابُع بسَبَبِ مَرَضٍ أو سَفَرٍ، هَلْ يَلْزَمهُ إعَادَة الصِّيَام أمْ يَكْفِيهِ أنْ يُكْمِلَ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ أيَّامٍ ولا يَكُون الإفْطَار لعُذْرٍ قَاطِعًا للتَّتَابُعِ؟ والَّذِي يَظْهَر أنَّ كُلَّ مَا أُبِيحَ الفِطْر مِنْ أجْلِهِ في رَمَضَان فَإنَّهُ لا يَقْطَع التَّتَابُع، وهُوَ قَوْلُ الحَنَابِلَةِ خِلاَفًا للجُمْهُورِ، فَمَنْ أفْطَرَ في صَوْمِ التَّتَابُع لعُذْرٍ: لَمْ يَنْقَطِعْ تَتَابُعه، ومَنْ أفْطَرَ لغَيْرِ عُذْرٍ: انْقَطَعَ تَتَابُعه، ولَزِمَهُ الاسْتِئْنَاف مِنْ جَدِيدٍ، ولا كَفَّارَة عَلَيْهِ.
      وسُئِلَ الشَّيْخ صَالِح الفَوْزَان حَفِظَهُ اللهُ (إذا نَذَرْتُ صِيَام شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، وبَعْدَ مُضِيّ خَمْسَة وأرْبَعِينَ يَوْمًا مِنَ الصِّيَامِ أفْطَرْتُ لعُذْرٍ شَرْعِيٍّ، وبَعْدَ أنْ أرَدْت أنْ أُتِمَّ بَقِيَّة الشَّهْرَيْنِ بَعْدَ انْقِضَاء العُذْر وَقَعْتُ في خِلاَفٍ بَيْنَ النَّاس: فَمِنْهُم مَنْ قَالَ: يَجِبُ عَلَيْكَ إعَادَة الصِّيَام، ومِنْهُم مَنْ قَالَ: أتْمِم صَوْمكَ، والآن وقَدْ مَضَى وَقْت طَوِيل بَيْنَ الخَمْسَة والأرْبَعِينَ يَوْمًا وبَقِيَّة الشَّهْرَيْنِ، مَاذَا عَلَيَّ أنْ أفْعَلَ؟) فَأجَابَ [ إذا كَانَ الإفْطَارُ بعُذْرٍ شَرْعِيٍّ كَالحَيْضِ والنِّفَاس وغَيْرِهمَا: فَإنَّهُ لا يَقْطَع التَّتَابُع، لَكِنْ بِمَا أنَّهُ قَدْ مَضَى وَقْت طَوِيل بَعْدَ انْقِطَاع العُذْر -حَسْبَمَا ذَكَرْتَ-، ولَمْ تَصُمْ خِلاَله: فَإنَّ التَّتَابُعَ قَدِ انْقَطَعَ، وعَلَيْكَ باسْتِئْنَاف صِيَام الشَّهْرَيْن المُتَتَابِعَيْن مِنْ جَدِيدٍ؛ لأنَّ التَّتَابُعَ مَشْرُوطٌ في النَّذْرِ كَمَا ذَكَرْتَ؛ فَلاَبُدَّ مِنْهُ ] المُنْتَقَى مِنْ فَتَاوَى الفَوْزَان (3/152، 153، السُّؤَالُ رَقْم 233).

      ولَوْ رَاعَى الخِلاَف في المَسْألَةِ واسْتَأنَفَ الصَّوْم مِنْ أوَّله كَانَ ذَلِكَ أوْلَى وأحْوَط وأبْرَأ للذِّمَّةِ.

      مَلْحُوظَة أخِيرَة: إنْ كَانَ الصِّيَامُ صِيَام كَفَّارَة وَطْء الزَّوْجَة في نَهَارِ رَمَضَان، فَإنَّهُ لا يَجُوز إلاَّ إذا تَعَذَّرَت الكَفَّارَة الأُولَى، وهي عِتْقُ رَقَبَة مُؤْمِنَة، فَإنْ لَمْ يَجِدْ رَقَبَة أو لَمْ يَجِدْ ثَمَنهَا، انْتَقَلَ إلى الصِّيَامِ، وإنْ تَعَذَّرَ الصِّيَام انْتَقَلَ إلى إطْعَامِ سِتِّين مِسْكِينًا، أي أنَّهُ لا يَجُوز الصِّيَام وهُوَ قَادِر عَلَى العِتْقِ، ولا يَجُوز لَهُ الإطْعَام وهُوَ قَادِر عَلَى الصِّيَام، والكَفَّارَة في هذه الحَالِ تَكُون عَلَى كُلٍّ مِنَ الزَّوْجِ والزَّوْجَة إذا كَانَت قَدْ طَاوَعَتْهُ ولَمْ تَكُنْ نَاسِيَة أو جَاهِلَة بالحُكْمِ أو مُكْرَهَة، وهذا هُوَ الرَّاجِح مِنْ قَوْلَيّ العُلَمَاء في حَقِّ المَرْأة ومَا عَلَيْهِ الجُمْهُور.

      كَمَا أنَّ مَنْ أكَلَ أو شَربَ نَاسِيًا أثْنَاءِ الصِّيَام، أو أكَلَ وشَربَ أو جَامَعَ زَوْجَتهُ ظَنًّا مِنْهُ أنَّ الفَجْرَ لَمْ يَطْلع، فَلاَ إثْمَ عَلَيْهِ، ويُتِمّ صَوْمه، وصِيَامهُ صَحِيح لا كَفَّارَة عَلَيْهِ ولا قَضَاء، وهذا في صِيَامِ الفَرْض والكَفَّارَة والنَّافِلَة سَوَاء، إذْ لا دَلِيلَ يُفَرِّق بَيْنَ مَنْ أكَلَ نَاسِيًا في صِيَامِ الفَرْض والنَّافِلَة.

      وهذا مَا أعْلَمُ؛ واللهُ تَعَالَى أعْلَى وأعْلَمُ.
      والسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
      جزاك الله خير

      هل يلزم صيام سهرين مثلاً من بداية شهر هجري مثلاً نقول ربيع و ربيع أخر

      أنا بدأت من يوم الإثنين الموافق 29 / صفر / 1433 هـ الموافق 23 / 1 / 2012 م

      كيف الحساب هل مثلاً أصوم ستون يوماً

      أم ماذا ؟

      وبعتذر على الإزعاج
      التعديل الأخير تم بواسطة فريق استشارات سرك فى بير(الأخوات); الساعة 26-01-2012, 09:43 AM.

      تعليق


      • #4
        رد: للتوضيح

        المشاركة الأصلية بواسطة هااااااااام مشاهدة المشاركة
        جزاك الله خير

        هل يلزم صيام سهرين مثلاً من بداية شهر هجري مثلاً نقول ربيع و ربيع أخر

        أنا بدأت من يوم الإثنين الموافق 29 / صفر / 1433 هـ الموافق 23 / 1 / 2012 م

        كيف الحساب هل مثلاً أصوم ستون يوماً

        أم ماذا ؟

        وبعتذر على الإزعاج
        بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
        الأخُ السَّائِلُ - الأُخْتُ السَّائِلَةُ
        السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
        سُئِلَ الشَّيْخ صَالِح الفَوْزَان حَفِظَهُ اللهُ (أنَا عَلَيَّ صِيَام شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؛ يَعْنِي صِيَام كَفَّارَة، وإذا صُمْتُ ونَقَصَ الشَّهْر في الحِسَابِ يَوْمًا؛ فَهَلْ عَلَيَّ إكْمَال سِتِّينَ يَوْمًا أمْ لا، أمْ أصُومُ شَهْرَيْنِ حَسْبَ مَا يَأتِي حِسَابهَا؟ أفِيدُونِي بَارَكَ اللهُ فِيكُم؟) فَأجَابَ [ إذا كُنْتَ بَدَأتَ الصِّيَام مِنَ الهِلاَلِ فَإنَّكَ تَصُوم شَهْرَيْنِ بالأهِلَّةِ سَوَاء كَانَت تَامَّة أو نَاقِصَة، أمَّا إذا بَدَأتَ الصِّيَام في أثْنَاءِ الشَّهْر فَإنَّهُ يَجِبُ عَلَيْكَ صِيَام سِتِّينَ يَوْمًا لأنَّكَ تَصُوم شَهْرَيْنِ بالعَدَدِ: سِتِّينَ يَوْمًا ].

        وأجَابَ مَرْكَزُ الفَتْوَى بمَوْقِعِ الإسْلاَم وِيب عَلَى سُؤَالٍ مُشَابِهٍ فَقَالَ [ ويَصِحُّ أنْ تَبْدَأ بالصَّوْمِ مِنْ أوَّلِ الشَّهْر أو مِنْ أثْنَائِهِ، كَمَا قَالَ ابْنُ قُدَامَة في المُغْنِي (ويَجُوزُ أنْ يَبْتَدِئَ صَوْم الشَّهْرَيْن مِنْ أوَّلِ شَهْرٍ أو مِنْ أثْنَائِهِ، لا نَعْلَمُ في هذا خِلاَفًا، لأنَّ الشَّهْرَ اسْمٌ لِمَا بَيْنَ الهِلاَلَيْنِ؛ والثَّلاَثِينَ يَوْمًا، فَأيُّهُمَا صَامَ فَقَدْ أدَّى الوَاجِب، فَإنْ بَدَأ مِنْ أوَّلِ شَهْرٍ فَصَامَ شَهْرَيْنِ بالأهِلَّةِ أجْزَأهُ ذَلِكَ -تَامَّيْنِ كَانَا أو نَاقِصَيْنِ- إجْمَاعًا، وبهذا قَالَ الثَّوْرِيُّ، وأهْلُ العِرَاقِ ومَالِك في أهْلِ الحِجَاز، والشَّافِعِيُّ وأبُو ثَوْر وأبُو عُبَيْد وغَيْرُهُم، لأنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ (فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) وهَذَانِ شَهْرَانِ مُتَتَابِعَانِ، وإنْ بَدَأ مِنْ أثْنَاءِ شَهْرٍ فَصَامَ سِتِّينَ يَوْمًا أجْزَأهُ بغَيْرِ خِلاَفٍ أيْضًا، قَالَ ابْنُ المُنْذِر (أجْمَعَ عَلَى هذا مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أهْلِ العِلْم)، فَأمَّا إنْ صَامَ شَهْرًا بالهِلاَلِ وشَهْرًا بالعَدَدِ؛ فَصَامَ خَمْسَة عَشَرَ يَوْمًا مِنَ المُحَرَّمِ وصَفَر جَمِيعهُ وخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ رَبِيع، فَإنَّهُ يُجْزِئهُ، سَوَاء كَانَ صَفَرًا تَامًّا أو نَاقِصًا، لأنَّ الأصْلَ اعْتِبَار الشُّهُور بالأهِلَّةِ، لَكِنْ تَرَكْنَاهُ في الشَّهْرِ الَّذِي بَدَأ مِنْ وَسَطِهِ لتَعَذُّرِهِ، فَفِي الشَّهْر الَّذِي أمْكَنَ اعْتِبَاره يَجِبُ أنْ يُعْتَبَر، وهذا مَذْهَبُ الشَّافِعِيُّ وأصْحَابُ الرَّأي، ويَتَوَجَّهُ أنْ يُقَال لا يُجْزِئهُ إلاَّ شَهْرَانِ بالعَدَدِ، لأنَّنَا لَمَّا ضَمَمْنَا إلى الخَمْسَةِ عَشَر مِنَ المُحَرَّم خَمْسَةَ عَشَر مِنْ صَفَر، فَصَارَ ذَلِكَ شَهْرًا؛ صَارَ ابْتِدَاء صَوْم الشَّهْر الثَّانِي مِنْ أثْنَاءِ شَهْرٍ أيْضًا، وهذا قَوْلُ الزُّهْرِيّ)، ومَذْهَبُ الشَّافِعِيّ وأصْحَاب الرَّأي أقْرَب إلى الصَّوَابِ ].

        وعَلَى ذَلِكَ، فَكَوْن الصَّوْم بَدَأ يَوْم 29 صَفَر، وفي حَالَةِ كَوْن التَّتَابُع لَمْ يَنْقَطِع والصِّيَام مُتَّصِل، فَإنَّ الأيَّام المُتَبَقِّيَة مِنْ شَهْرِ صَفَر تُحْتَسَب بعَدَدِهَا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ رَبِيع أوَّل كُلّه (كَشَهْرٍ هِلاَلِيٍّ تَمَّ أو نَقُصَ) ثُمَّ بَقِيَّة الأيَّام مِنْ شَهْرِ رَبِيع ثَانِي، أمَّا في حَالِ كَوْن الصِّيَام تَوَقَّفَ لعُذْرٍ ويُسْتَكْمَلَ دُونَ اسْتِئْنَاف، فَيَكُون الحِسَاب بالعَدَدِ سِتِّينَ يَوْمًا.

        ولاسْتِكْمَالِ الفَائِدَة أقُولُ: صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لَهُ ثَلاَث حَالاَت كَالتَّالِي:
        الحَالَةُ الأُولَى: القَتْلُ الخَطَأ، فَمَنْ قَتَلَ نَفْسًا بغَيْرِ حَقٍّ، ولَمْ يَجِد الرَّقَبَة المُؤْمِنَة، وَجَبَ عَلَيْهِ صِيَام الشَّهْرَيْنِ لقَوْلهِ تَعَالَى [ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ] (النِّسَاءُ: 92).
        الحَالَةُ الثَّانِيَةُ: الظِّهَارُ، فَمَنْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ ولَمْ يَجِد أيْضًا الرَّقَبَة؛ وَجَبَ عَلَيْهِ صِيَام شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، قَالَ تَعَالَى [ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ 3 فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ 4 ] (المُجَادِلَةُ: 3، 4).
        الحَالَةُ الثَّالِثَةُ: الجِمَاعُ في نَهَارِ رَمَضَان؛ فَمَنْ جَامَعَ أهْلَهُ في نَهَارِ رَمَضَان ولَمْ يَسْتَطِعِ العِتْق، وَجَبَ عَلَيْهِ صِيَام شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، ودَلِيلُ ذَلِكَ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ [ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ قَالَ: لا، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لا، قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لا، قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بعِرْقٍ فِيهِ تَمْر، فَقَالَ: تَصَدَّقَ بهذا، قَالَ: أفْقَر مِنَّا؟ فَمَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أهْل بَيْتٍ أحْوَج إلَيْهِ مِنَّا، فَضَحكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى بَدَت أنْيَابه ثُمَّ قَالَ: اذْهَب فَأطْعِمْهُ أهْلَكَ ] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ومُسْلِمُ، واللَّفْظُ لمُسْلِم.

        أمَّا مَنْ نَذَرَ أنْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَفِي نَذْرِهِ كَلاَم وتَفْصِيل قَبْلَ أنْ يُنَفِّذَ صَوْمه، وكَذَا إنْ حَنَثَ فِيهِ، ويُرَاجَع في ذَلِكَ المَوْضُوع التَّالِي فَفِيهِ بَيَان وتَفْصِيل لمَسْألَةِ النَّذْر:
        https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=160886

        وهذا مَا أعْلَمُ؛ واللهُ تَعَالَى أعْلَى وأعْلَمُ.
        والسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ

        زائرنا الكريم نحن معك بقلوبنا
        كلنا آذان صاغيه لشكواك ونرحب بك دائما
        في
        :

        جباال من الحسنات في انتظارك





        تعليق


        • #5
          رد: للتوضيح

          المشاركة الأصلية بواسطة فريق استشارات سرك فى بير مشاهدة المشاركة
          بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
          الأخُ السَّائِلُ - الأُخْتُ السَّائِلَةُ
          السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
          سُئِلَ الشَّيْخ صَالِح الفَوْزَان حَفِظَهُ اللهُ (أنَا عَلَيَّ صِيَام شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؛ يَعْنِي صِيَام كَفَّارَة، وإذا صُمْتُ ونَقَصَ الشَّهْر في الحِسَابِ يَوْمًا؛ فَهَلْ عَلَيَّ إكْمَال سِتِّينَ يَوْمًا أمْ لا، أمْ أصُومُ شَهْرَيْنِ حَسْبَ مَا يَأتِي حِسَابهَا؟ أفِيدُونِي بَارَكَ اللهُ فِيكُم؟) فَأجَابَ [ إذا كُنْتَ بَدَأتَ الصِّيَام مِنَ الهِلاَلِ فَإنَّكَ تَصُوم شَهْرَيْنِ بالأهِلَّةِ سَوَاء كَانَت تَامَّة أو نَاقِصَة، أمَّا إذا بَدَأتَ الصِّيَام في أثْنَاءِ الشَّهْر فَإنَّهُ يَجِبُ عَلَيْكَ صِيَام سِتِّينَ يَوْمًا لأنَّكَ تَصُوم شَهْرَيْنِ بالعَدَدِ: سِتِّينَ يَوْمًا ].

          وأجَابَ مَرْكَزُ الفَتْوَى بمَوْقِعِ الإسْلاَم وِيب عَلَى سُؤَالٍ مُشَابِهٍ فَقَالَ [ ويَصِحُّ أنْ تَبْدَأ بالصَّوْمِ مِنْ أوَّلِ الشَّهْر أو مِنْ أثْنَائِهِ، كَمَا قَالَ ابْنُ قُدَامَة في المُغْنِي (ويَجُوزُ أنْ يَبْتَدِئَ صَوْم الشَّهْرَيْن مِنْ أوَّلِ شَهْرٍ أو مِنْ أثْنَائِهِ، لا نَعْلَمُ في هذا خِلاَفًا، لأنَّ الشَّهْرَ اسْمٌ لِمَا بَيْنَ الهِلاَلَيْنِ؛ والثَّلاَثِينَ يَوْمًا، فَأيُّهُمَا صَامَ فَقَدْ أدَّى الوَاجِب، فَإنْ بَدَأ مِنْ أوَّلِ شَهْرٍ فَصَامَ شَهْرَيْنِ بالأهِلَّةِ أجْزَأهُ ذَلِكَ -تَامَّيْنِ كَانَا أو نَاقِصَيْنِ- إجْمَاعًا، وبهذا قَالَ الثَّوْرِيُّ، وأهْلُ العِرَاقِ ومَالِك في أهْلِ الحِجَاز، والشَّافِعِيُّ وأبُو ثَوْر وأبُو عُبَيْد وغَيْرُهُم، لأنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ (فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) وهَذَانِ شَهْرَانِ مُتَتَابِعَانِ، وإنْ بَدَأ مِنْ أثْنَاءِ شَهْرٍ فَصَامَ سِتِّينَ يَوْمًا أجْزَأهُ بغَيْرِ خِلاَفٍ أيْضًا، قَالَ ابْنُ المُنْذِر (أجْمَعَ عَلَى هذا مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أهْلِ العِلْم)، فَأمَّا إنْ صَامَ شَهْرًا بالهِلاَلِ وشَهْرًا بالعَدَدِ؛ فَصَامَ خَمْسَة عَشَرَ يَوْمًا مِنَ المُحَرَّمِ وصَفَر جَمِيعهُ وخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ رَبِيع، فَإنَّهُ يُجْزِئهُ، سَوَاء كَانَ صَفَرًا تَامًّا أو نَاقِصًا، لأنَّ الأصْلَ اعْتِبَار الشُّهُور بالأهِلَّةِ، لَكِنْ تَرَكْنَاهُ في الشَّهْرِ الَّذِي بَدَأ مِنْ وَسَطِهِ لتَعَذُّرِهِ، فَفِي الشَّهْر الَّذِي أمْكَنَ اعْتِبَاره يَجِبُ أنْ يُعْتَبَر، وهذا مَذْهَبُ الشَّافِعِيُّ وأصْحَابُ الرَّأي، ويَتَوَجَّهُ أنْ يُقَال لا يُجْزِئهُ إلاَّ شَهْرَانِ بالعَدَدِ، لأنَّنَا لَمَّا ضَمَمْنَا إلى الخَمْسَةِ عَشَر مِنَ المُحَرَّم خَمْسَةَ عَشَر مِنْ صَفَر، فَصَارَ ذَلِكَ شَهْرًا؛ صَارَ ابْتِدَاء صَوْم الشَّهْر الثَّانِي مِنْ أثْنَاءِ شَهْرٍ أيْضًا، وهذا قَوْلُ الزُّهْرِيّ)، ومَذْهَبُ الشَّافِعِيّ وأصْحَاب الرَّأي أقْرَب إلى الصَّوَابِ ].

          وعَلَى ذَلِكَ، فَكَوْن الصَّوْم بَدَأ يَوْم 29 صَفَر، وفي حَالَةِ كَوْن التَّتَابُع لَمْ يَنْقَطِع والصِّيَام مُتَّصِل، فَإنَّ الأيَّام المُتَبَقِّيَة مِنْ شَهْرِ صَفَر تُحْتَسَب بعَدَدِهَا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ رَبِيع أوَّل كُلّه (كَشَهْرٍ هِلاَلِيٍّ تَمَّ أو نَقُصَ) ثُمَّ بَقِيَّة الأيَّام مِنْ شَهْرِ رَبِيع ثَانِي، أمَّا في حَالِ كَوْن الصِّيَام تَوَقَّفَ لعُذْرٍ ويُسْتَكْمَلَ دُونَ اسْتِئْنَاف، فَيَكُون الحِسَاب بالعَدَدِ سِتِّينَ يَوْمًا.

          ولاسْتِكْمَالِ الفَائِدَة أقُولُ: صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لَهُ ثَلاَث حَالاَت كَالتَّالِي:
          الحَالَةُ الأُولَى: القَتْلُ الخَطَأ، فَمَنْ قَتَلَ نَفْسًا بغَيْرِ حَقٍّ، ولَمْ يَجِد الرَّقَبَة المُؤْمِنَة، وَجَبَ عَلَيْهِ صِيَام الشَّهْرَيْنِ لقَوْلهِ تَعَالَى [ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ] (النِّسَاءُ: 92).
          الحَالَةُ الثَّانِيَةُ: الظِّهَارُ، فَمَنْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ ولَمْ يَجِد أيْضًا الرَّقَبَة؛ وَجَبَ عَلَيْهِ صِيَام شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، قَالَ تَعَالَى [ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ 3 فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ 4 ] (المُجَادِلَةُ: 3، 4).
          الحَالَةُ الثَّالِثَةُ: الجِمَاعُ في نَهَارِ رَمَضَان؛ فَمَنْ جَامَعَ أهْلَهُ في نَهَارِ رَمَضَان ولَمْ يَسْتَطِعِ العِتْق، وَجَبَ عَلَيْهِ صِيَام شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، ودَلِيلُ ذَلِكَ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ [ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ قَالَ: لا، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لا، قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لا، قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بعِرْقٍ فِيهِ تَمْر، فَقَالَ: تَصَدَّقَ بهذا، قَالَ: أفْقَر مِنَّا؟ فَمَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أهْل بَيْتٍ أحْوَج إلَيْهِ مِنَّا، فَضَحكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى بَدَت أنْيَابه ثُمَّ قَالَ: اذْهَب فَأطْعِمْهُ أهْلَكَ ] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ومُسْلِمُ، واللَّفْظُ لمُسْلِم.

          أمَّا مَنْ نَذَرَ أنْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَفِي نَذْرِهِ كَلاَم وتَفْصِيل قَبْلَ أنْ يُنَفِّذَ صَوْمه، وكَذَا إنْ حَنَثَ فِيهِ، ويُرَاجَع في ذَلِكَ المَوْضُوع التَّالِي فَفِيهِ بَيَان وتَفْصِيل لمَسْألَةِ النَّذْر:
          https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=160886

          وهذا مَا أعْلَمُ؛ واللهُ تَعَالَى أعْلَى وأعْلَمُ.
          والسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
          جزاك الله خير على الإجابة الوافية وبارك الله في المنتدئ والشبكة

          تعليق

          المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
          حفظ-تلقائي
          x
          إدراج: مصغرة صغير متوسط كبير الحجم الكامل إزالة  
          x
          أو نوع الملف مسموح به: jpg, jpeg, png, gif
          x
          x
          يعمل...
          X