وصية لقمان لإبنه
قال لقمان لابنه: يا بني، أكثر من ذكر الله عز وجل، فإنَّ الله ذاكرُ من ذكرهُ، قال جل وعلا وتقدس: ]فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ[.
يا بُني، لتكنُ ذُنوبُكَ بين عَينَيْكَ، وعملك خلف ظهرك، وفرَّ من ذنوبكَ إلى الله، ولا تستكثر عملك.
يا بني، إذا رأيتَ الخاطئ فلا تُعَيِّرْهُ واذْكُرْ ذُنُوبَكَ فإنما تسأل عن عَمَلِك.
يا بُني، أطعْ الله فإنَهُ من أطاعَ الله كفاهُ ما أهمَّهُ وعصَمَهُ مِن خَلْقِهِ.
يا بُنيَّ، لا تَرْكَنْ إلى الدنيا ولا تُشْغِلْ قَلبَكَ بحبها فإنَك لم تخلق لها وما خلق الله خلقًا أهون عليه منها؛ لأنه لم يجعل نعمتها ثوابًا للمطيعين ولم يجعل بلاها عُقُوبةً للعاصين.
وحقيقة الزهد خروج حب الدنيا والرغبة فيها من القلب.
وهوان الدنيا على العبد حتى يكون إدبار الدنيا وقلة الشيء أحب إليه وآثر عنده من إقبالها وكثرتها هذا من حيث الباطن.
وأما من حيث الظاهر فيكون متجافيًا عنها مع القدرة عليها.
ويكون مقتصرًا من سائر أمتعتها مأكلاً وملبسًا ومسكنًا وغير ذلك على ما لابد نه، قلت: هذا في عصرنا نادرًا الوجود كالكبريت الأحمر.
كما قال صلى الله عليه وسلم «ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب».
يا بُني، لا تَفْرَحْ بطول العافية، واكتم البلوى فإنه من كنوز البر، واصبر عليها فإنَّهُ ذُخْرٌ لك في المعاد.
يا بُنيَّ، عليك بالصبر واليقين ومجاهدة نفسك، واعلم أنَّ الصبر فيه الشوقُ (أي الشرف)، وفيه الشفقةُ والزهادةُ والترَقُب.
فإذا صبرت عن محارم الله وزهدت في الدنيا وتهاوَنْتَ بالمصائب (أي مصائب الدنيا) لم يكنْ أحبَّ إليكَ مِن الموت وأنْتَ تترقبُه.
وإيَّاك والغفْلةَ، خَفِ الله ولا تُعْلِمْ بذلك الناسَ، ولا يغُرنَّك الناسُ بما لا تعلم من نفسك، لا تغتر بقول الجاهل إن في يَدَكَ لُؤْلُؤةً وأنت تعلم أنَّها بَعْرَةٌ.
يا بني، كنْ لَيْن الجانب، قريْبِ المعروف، كثيرَ التفكر قليلَ الكلام إلا في الحق، كثير البُكاء قليل الفرح.
ولا تمازحْ ولا تصَاخبْ ولا تمارِ، و إذا سَكَتَّ فاسكُتْ في تفكرُ، وإذا تكلمتَ فتكلم بِحِكَمٍ.
يا بني، لا تُضَيِّعْ مالكَ وتصلحْ مالَ غيركَ، فإن مالكَ مَا قدَّمتَ لِنفْسِكَ، ومالَ غيركَ ما تركْتَ وراء ظَهْركَ.
يا بني، اجْعَلْ هَمَّكَ فيما كُلفْتَ ولا تجعل همَّك فيما كُفيت، لا تهْتَمَّ للدُنيا فتشغلكَ عن الآخرة.
وقال: يا بنيَّ، إذا أنعم الله عليك نعمة فيرَ أثرُهَا عليكَ في شُكْركَ وتواضُعكَ وإحْسَانكَ إلى مَن هُو دُونك.
وقال: لكل شيء آفة وآفة العمل العُجبُ، لا تُرائي الناس بما يعلم الله منك غيرهُ.
ولا تعجبن بما تعمل وإن كثر، فإنَّك لا تدري أيقبل الله منك أم لا؟ والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وسلم.
يا بُني، أداءُ صلاتك التي فُرضت عليك أفضلُ من كُل ما تعمل.
يا بُني: جالس قومًا يذكرون الله، إن كُنت عالمًا نفعك علمك، وإن كنت جاهلاً عَلَّمُوك، وإن نزلت عليهم رحمةٌ أو رزقٌ شركتهمُ فيه.
يا بُني، لا تجالس قومًا لا يذكرون الله، فإن كنت جاهلاً زادوك، وإن كنت عالمًا لم ينفعك علمك شيئًا، وإن نزلت عليهم لعنةٌ أو سخطٌ شركتهم فيها.
وقال: اعتزلوا شرار الناس تصلحْ لكم قلوبكُم وتسترح أبدانُكُم وتطبْ نُفوسُكم.
وقال: اشكر لمن أنعم عليك وأنعم على من شكرك، فإنه لا بقاء للنعمة إذا كُفرت، ولا زوال لها إذا شكرت.
وقال: لقاء أهل الخير عمارة القلوب.
وقال: يا بني، إن الدنيا بحرٌ عميقٌ وقد غرق فيها ناسٌ كثير، فاجعل سفينتك فيها تقوى الله، والأعمال الصالحة بضاعتك التي تحملُ فيها، والحرصَ عليها ريحُكَ، والأيام موجُها، وكتاب الله دليلها، وردُّ النفس عن الهوى حبالها، والموت ساحلها، والقيامة أرض المتجر التي تخرج إليها، والله مالكُها.
فيقال لهم: هذه التي تفاخرتُم وتحاربتُم عليها، ثم يُؤمَرُ بها إلى النار، فتقولُ: يا ربِّ أين أتباعي وأصحابي وأحبابي؟ فيلحقونَهَا.
ووجه إلقائها في النار لينظر إليها أهلها فيرون هوانها على الله جلَّ وعَلا.
وذكر في الخبر عن عيسى ـ عليه السلام ـ: أنه كان ذاتَ يومٍ ماشيًا إذْ نظر إلى امرأةٍ عليها من كل زينةٍ فذهب ليُغطي وجههُ عنها، فقالت: اكشف عن وجهكَ فلستُ بامرأة أنا الدنيا، فقال لها: ألكِ زوجٌ؟ فقالت لهُ: لي أزواجٌ كثير، فقال: أكل طلَّقَكِ أم كلاً قتلتِ؟ فقالت: بلْ كُلاً قتلتُ، فقال: حزنت على أحد منهم؟ فقالت: هم يحزنون عليَّ ولا أحزنُ عليهم ويبكون علي ولا أبكي عليهم.
قال لقمان لابنه: يا بني، أكثر من ذكر الله عز وجل، فإنَّ الله ذاكرُ من ذكرهُ، قال جل وعلا وتقدس: ]فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ[.
يا بُني، لتكنُ ذُنوبُكَ بين عَينَيْكَ، وعملك خلف ظهرك، وفرَّ من ذنوبكَ إلى الله، ولا تستكثر عملك.
يا بني، إذا رأيتَ الخاطئ فلا تُعَيِّرْهُ واذْكُرْ ذُنُوبَكَ فإنما تسأل عن عَمَلِك.
يا بُني، أطعْ الله فإنَهُ من أطاعَ الله كفاهُ ما أهمَّهُ وعصَمَهُ مِن خَلْقِهِ.
يا بُنيَّ، لا تَرْكَنْ إلى الدنيا ولا تُشْغِلْ قَلبَكَ بحبها فإنَك لم تخلق لها وما خلق الله خلقًا أهون عليه منها؛ لأنه لم يجعل نعمتها ثوابًا للمطيعين ولم يجعل بلاها عُقُوبةً للعاصين.
ميَّزْتُ بين جمالها وفعالَها
حَلَفَتْ لنا أن لا تخونَ عُهُودَنَا
فإذا الملاحةُ بالقباحةِ لا تَفِي
فكَأنمَّا حَلَفَتْ لَنَا أنْ لا تفي
وقال الله جل وعلا: ]وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلاَ تَعْقِلُونَ[، وقال تعالى: ]بَلْ تُؤْثِرُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى[، وقال صلى الله عليه وسلم: «من أصبح وهمه الآخرة جمع الله عليه أمره وحفظ عليه ضيعته وأتته الدنيا وهي راغمة» الحديث.حَلَفَتْ لنا أن لا تخونَ عُهُودَنَا
فإذا الملاحةُ بالقباحةِ لا تَفِي
فكَأنمَّا حَلَفَتْ لَنَا أنْ لا تفي
وحقيقة الزهد خروج حب الدنيا والرغبة فيها من القلب.
وهوان الدنيا على العبد حتى يكون إدبار الدنيا وقلة الشيء أحب إليه وآثر عنده من إقبالها وكثرتها هذا من حيث الباطن.
وأما من حيث الظاهر فيكون متجافيًا عنها مع القدرة عليها.
ويكون مقتصرًا من سائر أمتعتها مأكلاً وملبسًا ومسكنًا وغير ذلك على ما لابد نه، قلت: هذا في عصرنا نادرًا الوجود كالكبريت الأحمر.
كما قال صلى الله عليه وسلم «ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب».
يا بُني، لا تَفْرَحْ بطول العافية، واكتم البلوى فإنه من كنوز البر، واصبر عليها فإنَّهُ ذُخْرٌ لك في المعاد.
يا بُنيَّ، عليك بالصبر واليقين ومجاهدة نفسك، واعلم أنَّ الصبر فيه الشوقُ (أي الشرف)، وفيه الشفقةُ والزهادةُ والترَقُب.
فإذا صبرت عن محارم الله وزهدت في الدنيا وتهاوَنْتَ بالمصائب (أي مصائب الدنيا) لم يكنْ أحبَّ إليكَ مِن الموت وأنْتَ تترقبُه.
وإيَّاك والغفْلةَ، خَفِ الله ولا تُعْلِمْ بذلك الناسَ، ولا يغُرنَّك الناسُ بما لا تعلم من نفسك، لا تغتر بقول الجاهل إن في يَدَكَ لُؤْلُؤةً وأنت تعلم أنَّها بَعْرَةٌ.
يا بني، كنْ لَيْن الجانب، قريْبِ المعروف، كثيرَ التفكر قليلَ الكلام إلا في الحق، كثير البُكاء قليل الفرح.
ولا تمازحْ ولا تصَاخبْ ولا تمارِ، و إذا سَكَتَّ فاسكُتْ في تفكرُ، وإذا تكلمتَ فتكلم بِحِكَمٍ.
يا بني، لا تُضَيِّعْ مالكَ وتصلحْ مالَ غيركَ، فإن مالكَ مَا قدَّمتَ لِنفْسِكَ، ومالَ غيركَ ما تركْتَ وراء ظَهْركَ.
يا بني، اجْعَلْ هَمَّكَ فيما كُلفْتَ ولا تجعل همَّك فيما كُفيت، لا تهْتَمَّ للدُنيا فتشغلكَ عن الآخرة.
وقال: يا بنيَّ، إذا أنعم الله عليك نعمة فيرَ أثرُهَا عليكَ في شُكْركَ وتواضُعكَ وإحْسَانكَ إلى مَن هُو دُونك.
وقال: لكل شيء آفة وآفة العمل العُجبُ، لا تُرائي الناس بما يعلم الله منك غيرهُ.
ولا تعجبن بما تعمل وإن كثر، فإنَّك لا تدري أيقبل الله منك أم لا؟ والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وسلم.
يا بُني، أداءُ صلاتك التي فُرضت عليك أفضلُ من كُل ما تعمل.
يا بُني: جالس قومًا يذكرون الله، إن كُنت عالمًا نفعك علمك، وإن كنت جاهلاً عَلَّمُوك، وإن نزلت عليهم رحمةٌ أو رزقٌ شركتهمُ فيه.
يا بُني، لا تجالس قومًا لا يذكرون الله، فإن كنت جاهلاً زادوك، وإن كنت عالمًا لم ينفعك علمك شيئًا، وإن نزلت عليهم لعنةٌ أو سخطٌ شركتهم فيها.
وقال: اعتزلوا شرار الناس تصلحْ لكم قلوبكُم وتسترح أبدانُكُم وتطبْ نُفوسُكم.
وقال: اشكر لمن أنعم عليك وأنعم على من شكرك، فإنه لا بقاء للنعمة إذا كُفرت، ولا زوال لها إذا شكرت.
وقال: لقاء أهل الخير عمارة القلوب.
وقال: يا بني، إن الدنيا بحرٌ عميقٌ وقد غرق فيها ناسٌ كثير، فاجعل سفينتك فيها تقوى الله، والأعمال الصالحة بضاعتك التي تحملُ فيها، والحرصَ عليها ريحُكَ، والأيام موجُها، وكتاب الله دليلها، وردُّ النفس عن الهوى حبالها، والموت ساحلها، والقيامة أرض المتجر التي تخرج إليها، والله مالكُها.
يا مَنْ تَمَسَّكَ بالدنيا وزُخرُفها
هَلَّا عَمَرتَ لِدَارٍ أنتَ تسْكُنُهَا
فَعَنْ قَلِيلٍ تراهَا وهْيَ دائرةٌ
وجدَّ في جمعهَا بالكَدِّ والتَّعَبِ
دَار القَرارِ وفيها مَعْدِنُ الطَّلَبِ
وقَدْ تَمزَّقَ ما جَمَّعْتَ مِن نَشَب
وروي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال: يُؤتى بالدنيا يوم القيامة على صُورةٍ عجوزٍ شمطاء زرقاء، أنيابُها باديةٌ مُشَوَّهَةُ الخلقة لا يراها أحدٌ إلا كرِهَهَا، فتُشْرِفُ على الخلائقِ، فيُقال لَهُمْ: أتعرفُون هذه؟هَلَّا عَمَرتَ لِدَارٍ أنتَ تسْكُنُهَا
فَعَنْ قَلِيلٍ تراهَا وهْيَ دائرةٌ
وجدَّ في جمعهَا بالكَدِّ والتَّعَبِ
دَار القَرارِ وفيها مَعْدِنُ الطَّلَبِ
وقَدْ تَمزَّقَ ما جَمَّعْتَ مِن نَشَب
فيقال لهم: هذه التي تفاخرتُم وتحاربتُم عليها، ثم يُؤمَرُ بها إلى النار، فتقولُ: يا ربِّ أين أتباعي وأصحابي وأحبابي؟ فيلحقونَهَا.
ووجه إلقائها في النار لينظر إليها أهلها فيرون هوانها على الله جلَّ وعَلا.
وذكر في الخبر عن عيسى ـ عليه السلام ـ: أنه كان ذاتَ يومٍ ماشيًا إذْ نظر إلى امرأةٍ عليها من كل زينةٍ فذهب ليُغطي وجههُ عنها، فقالت: اكشف عن وجهكَ فلستُ بامرأة أنا الدنيا، فقال لها: ألكِ زوجٌ؟ فقالت لهُ: لي أزواجٌ كثير، فقال: أكل طلَّقَكِ أم كلاً قتلتِ؟ فقالت: بلْ كُلاً قتلتُ، فقال: حزنت على أحد منهم؟ فقالت: هم يحزنون عليَّ ولا أحزنُ عليهم ويبكون علي ولا أبكي عليهم.
ولو كانَتِ الدُنْيَا عَرُوْسًا وجَدْتَها
بما قَتَلَتْ أوْلَادَهَا لا تَزَوَّجُ
آخر: بما قَتَلَتْ أوْلَادَهَا لا تَزَوَّجُ
ولو كانَتِ الدُنْيَا من الإنْسِ لم تكُنْ
سِوَى مُوْمِسٍ أفْنَتْ بِمَا سَاء عُمْرَهَا
ورُوي أن رجُلاً قدم على النبي صلى الله عليه وسلم من أرض، فسأله عن أرضهم، فأخبرهُ عن سعتها وكثرة النَّعيم فيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف تفعلون؟» قال: إنا نتخذ ألوانًا من الطعام ونأكلها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثم تصير إلى ماذا؟» قال: إلى ما تعلم يا رسول الله، يعني بولاً وغائطًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «فكذلك مثلُ الدنيا». سِوَى مُوْمِسٍ أفْنَتْ بِمَا سَاء عُمْرَهَا
قَدْ نَادَت الدُنْيَا على نَفْسهَا
كَمْ واثِقِ بالعُمْر أفنيتُهُ
لَو كانَ في العَالَم مَن يَسْمَع
وجَامِعٍ بَددْتُ ما يجمعُ
والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
كَمْ واثِقِ بالعُمْر أفنيتُهُ
لَو كانَ في العَالَم مَن يَسْمَع
وجَامِعٍ بَددْتُ ما يجمعُ
تعليق