إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

"اغتنام الأوقات في الباقيات الصالحات قبل هجوم هادم اللذات ومشتت الشمل ومفرق الجماعات"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "اغتنام الأوقات في الباقيات الصالحات قبل هجوم هادم اللذات ومشتت الشمل ومفرق الجماعات"

    "اغتنام الأوقات في الباقيات الصالحات قبل هجوم هادم اللذات ومشتت الشمل ومفرق الجماعات". تكلم أحد العلماء في صفة يوم القيامة ودواهيه وأساميه فقال: فاستعد يا مسكين لهذا اليوم العظيم شأنه المديد زمانه القاهر سلطانه القريب أوانه يوم ترى السماء فيه قد انفطرت، والكواكب قد انتثرت، والبحار قد سجرت، والنجوم قد انكدرت، والشمس قد كورت، والجبال قد سيرت، والعشار قد عطلت، والوحوش قد حشرت، والنفوس قد زوجت، والجحيم قد سعرت، والجنة قد أزلفت، والجبال قد نسفت، والأرض قد مدت.
    يوم ترى الأرض فيه قد زلزلت زلزالها، يوم فيه تخرج الأرض أثقالها، وتحدث أخبارها يومئذ يصدر الناس أشتاتًا ليروا أعمالهم، يوم تحمل الأرض والجبال فدكتا دكةً واحدة.
    ]فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ[.
    يومٌ فيه تسير الجبال وترى الأرض بارزة، يوم ترج فيه الأرض رجًا، وتبس فيه الجبال بسًا، فكانت هباءًا منبثًا، يوم يكون فيه الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المفنوش.
    يوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حملٍ حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار.
    يوم تنسف الجبال فيه نسفًا فتترك قاعًا صفصفًا لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا، يوم ترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب، يوم تنشق فيه السماء فتكون وردةً كالدهان، فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنسٌ ولا جان يوم فيه يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام، يوم تعلم فيه كل نفسٍ ما أحضرت، يوم تنطق فيه الجوارح.
    يوم شيب ذكره سيد المرسلين إذا قال له الصديق رضي الله عنه أراك قد شبت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيبتني هود وأخواتها" وهي الواقعة والمرسلات وعم يتسألون، وإذا الشمس كورت.

    وقال القحطاني رحمه الله:
    يَوْمُ القِيَامَةِ لَوْ عَلِمْتَ بِهَوْلِهِ
    يَوْمٌ تَشَقَّقَتِ السَّمَاءُ لِهَولِهِ
    يَوْمٌ عَبُوْسٌ قَمْطَريْرٌ شَرُهُ
    يَوْمَ يَجِيءُ المُتَقُونَ لِرَبهم
    ويَجِيءُ فِيه المُجْرِمُونَ إِلى لَظَى


    لَفَرَرْتَ مِن أهْلٍ ومِن أوْطَانِ
    وتشيبُ مِنه مَفَارِقُ الوِلَدَانِ
    في الخَلْقِ مُنْتَشِرٌ عَظِيْم الشَّأنِ
    وَفْدًا عَلَى نُجُبٍ مِن العِقْيَانِ
    يَتَلَمَّظُونَ تَلَمُظَ العَطْشَانِ


    "موعظة"
    فيا أيها المهملون الغافلون تيقظوا فإليكم يوجه الخطاب ويا أيها النائمون انتبهوا قبل أن تناخ للرحيل الركاب قبل هجوم هادم اللذات ومفرق الجماعات ومذل الرقاب، ومشتت الأحباب، فيا له من زائر لا يعوقه عائق ولا يضرب دونه حجاب، ويا له من نازل لا يستأذن على الملوك ولا يلج من الأبواب، ولا يرحم صغيرًا ولا يوقر كبيرًا ولا يخاف عظيمًا ولا يهاب ألا وإن بعده ما هو أعظم منه من السؤال والجواب، ووراءه هول البعث والحشر وأحواله الصعاب من طول المقام والازدحام في الأجسام والميزان والصراط والحساب والجنة أو النار.
    اللهم انظمنا في سلك الفائزين برضوانك، واجعلنا من المتقين الذين أعددت لهم فسيح جناتك، وأدخلنا برحمتك في دار أمانك، وعافنا يا مولانا في الدنيا والآخرة من جميع البلايا، وأجزل لنا من مواهب فضلك وهباتك ومتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

    إعلم وفقنا الله وإياك أن الموت أعاننا الله وإياك وجميع المسلمين على شدائده وسكراته وغمومه هو الخطب الأفظع، والأمر الأشنع، والكأس التي طعمها أكره وأبشع.
    وإنه الحادث الهائل العظيم، الهادم للذات، والأقطع للراحات، والأجلب للكريهات، وإن أمرًا يقطع أوصالك، ويفرق أعضاءك، ويفتت أعضادك، ويهدد أركانك، لهو الأمر العظيم، والخطب الجسيم، وإن يومه لهو اليوم العقيم.
    وما ظنك رحمك الله بنازل ينزل بك، فيذهب رونقك وبهاءك، ويغير منظرك وحسنك ويمحو صورة جمالك، ويمنعك من اجتماعك واتصالك.
    ويردك بعد النعمة والنظرة والسطوة والقدرة والنخوة والعزة إلى حالة يبادر أحب الناس لك وأرحمهم بك وأعطفهم عليك فيقذفك في حفرة من الأرض قريبة أنحاؤها مظلمة أرجاؤها محكم عليك طينها وأحجارها متحكم فيك هوامها وديدانها.
    ثم بعد ذلك يتمكن منك الإعدام، وتختلط بالرغام، وتصير ترابا توطؤ بالأقدام، وربما ضرب منك إناء فخار أو أحكم منك بناء جدار أو طلي منك محبس ماء أمو موقد نار.


    ثم اعلم وفقنا الله وإياك للاستعداد لما أمامنا من الأهوال والشدائد والكروب والأمور المزعجات.
    أنه جدير بمن الموت مصرعه، والتراب مضجعه، والدود أنيسه ومنكر ونكير جليسه، والقبر مقره، وبطن الأرض مستقره، والقيامة موعده، والجنة أو النار مورده.
    أن لا يكون له فكر إلا في الموت، ولا ذكر إلا له، ولا استعداد إلا لأجله، ولا تدبير إلا فيه، ولا تطلع إلا إليه، ولا تأهب إلا له، ولا تعريج إلا عليه، ولا اهتمام إلا به، ولا انتظار ولا تربص إلا له.
    وحقيق بالعاقل أن يعد نفسه من الموتى ويراها من أصحاب القبور، فإن كل ما هو آت قريب قال الله جل وعلا: ]اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ[ وقال تبارك وتعالى: ]أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ[ وقال صلى الله عليه وسلم "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت" الحديث.
    واعلم أنه لو لم يكن في الموت إلا الإعدام وانحلال الأجسام ونسيانك أخرى الليالي والأيام، لكان والله لأهل اللذات مكدرًا، ولأصحاب النعيم منغصًا ومغيرًا، ولأرباب العقول الراجحة عن الرغبة في هذه الدار زاجرًا ومنفرًا، وللمنهمك في الدنيا وزخارفها منذرًا ومزعجا ومخدرًا.
    قال مطرف بن الشخير: إن هذا الموت نغص على أهل النعيم نعيمهم، فاطلبوا نعيما لا موت فيه، فكيف ووراءه يوم يعد فيه الجواب وتدهش فيه الألباب، وتفنى في شرحه الأقلام والكتاب.



    ومن كلام بعضهم يا ابن آدم لو رأيت ما حل بك وما أحاط بأرجائك لبقيت مصروعًا لما بك، مذهولاً عن أهلك وأصحابك.
    يا ابن آدم أما علمت أن بين يديك يومًا يصم سماعه الآذان، ويشيب لروعه الولدان، ويترك فيه ما عز وما هان، ويهجر له الأهلون والأوطان.
    يا ابن آدم أما ترى مسير الأيام بجسمك، وذهابها بعمرك، وإخراجها لك من سعة قصرك إلى مضيق قبرك، وبعد ذلك ما لذكر بعضه تتصدع القلوب، وتنضج له الجوانح وتذوب، ويفر المرء على وجهه فلا يرجع ولا يؤوب، ويود الرجعة وأنى له المطلوب.
    قال تبارك وتعالى: ]وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ[.


    اللهم ألهمنا ذكرك ووفقنا للقيام بحقك وبارك لنا في الحلال من رزقك ولاتفضحنا بين خلقك يا خير من دعاه داع وأفضل من رجاه راج يا قاضي الحاجات ومجيب الدعوات هب لنا ما سألناه وحقق رجاءنا فيما تمنيناه يا من يملك حوائج السائلين ويعلم ما في ضمائر الصامتين أذقنا برد عفوك وحلاوة مغفرتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمدٍ وآله وصحبه أجمعين.











يعمل...
X