من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه ويطلع عليه من إخواني المسلمين وفقني الله وإياهم لما يرضيه وجنبني وإياهم مساخطه ومعاصيه آمين .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد .
فإن وصيتي لكل مسلم تقوى الله سبحانه وتعالى في جميع الأحوال وأن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاما ظهرت فيه المصلحة ؛ لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه ، وذلك كثير بين الناس قال الله سبحانه وتعالى : سورة ق الآية 18 مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ وقال تعالى : سورة الإسراء الآية 36 وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه : صحيح البخاري الأدب (6018) ، صحيح مسلم الإيمان (47) ، مسند أحمد بن حنبل (2/267). من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت .
وهناك أشياء قد يجرها الكلام ينبغي التنبيه عليها والتحذير منها لكونها من الكبائر التي توجب غضب الله وأليم عقابه ، وقد فشت في بعض المجتمعات من هذه الأشياء :
1 - الغيبة : وهي ذكرك أخاك بما يكره لو بلغه ذلك سواء ذكرته بنقص في بدنه أو نسبه أو خلقه أو فعله أو قوله أو في دينه أو دنياه بل وحتى في ثوبه
وداره ودابته . فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2589) ، سنن الترمذي البر والصلة (1934) ، سنن أبو داود الأدب (4874) ، مسند أحمد بن حنبل (2/458) ، سنن الدارمي الرقاق (2714). أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ذكرك أخاك بما يكره ، قال : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته رواه مسلم .
والغيبة محرمة لأي سبب من الأسباب سواء كانت لشفاء غيظ أو مجاملة للجلساء ومساعدتهم على الكلام أو لإرادة التصنع أو الحسد أو اللعب أو الهزل وتمشية الوقت فيذكر عيوب غيره بما يضحك . وقد نهى الله سبحانه وتعالى عنها وحذر منها عباده في قوله عز وجل : سورة الحجرات الآية 12 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ
وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2564) ، سنن ابن ماجه الفتن (3933). كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه رواه مسلم . وقال صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع : صحيح البخاري الحج (1739) ، مسند أحمد بن حنبل (1/230). إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، ألا هل بلغت رواه البخاري ومسلم . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سنن أبو داود الأدب (4877). من أربأ الربا استطالة المرء في عرض أخيه رواه البزار وأبو داود . والأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحريم الغيبة وذمها ، والتحذير منها كثيرة جدا .
2 - مما ينبغي اجتنابه والابتعاد عنه والتحذير منه ( النميمة ) التي هي نقل الكلام من شخص إلى آخر . أو من جماعة إلى جماعة . أو من قبيلة إلى قبيلة
لقصد الإفساد والوقيعة بينهم وهي كشف ما يكره كشفه سواء أكره المنقول عنه أو المنقول إليه . أو كره ثالث ، وسواء أكان ذلك الكشف بالقول أو الكتابة أو الرمز أو بالإيماء ، وسواء أكان المنقول من الأقوال أو الأعمال ، وسواء كان ذلك عيبا أو نقصا في المنقول عنه أو لم يكن . فيجب أن يسكت الإنسان عن كل ما يراه من أحوال الناس إلا ما في حكايته منفعة لمسلم أو دفع لشر .
والباعث على النميمة إما إرادة السوء للمحكي عنه أو إظهار الحب للمحكي عليه أو الاستمتاع بالحديث والخوض في الفضول والباطل وكل هذا حرام ، وكل من حملت إليه النميمة بأي نوع من أنواعها يجب عليه عدم التصديق ؛ لأن النمام يعتبر فاسقا مردود الشهادة قال الله تعالى : سورة الحجرات الآية 6 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ وعليه أن ينهاه عن ذلك وينصحه ويقبح فعله لقوله تعالى : سورة لقمان الآية 17 وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وأن يبغضه في الله وألا يظن بأخيه المنقول عنه السوء بل يظن به خيرا لقوله تعالى : سورة الحجرات الآية 12 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري النكاح (5144) ، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2563) ، سنن الترمذي البر والصلة (1988) ، مسند أحمد بن حنبل (2/465) ، موطأ مالك الجامع (1684). إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث متفق على صحته .
وعليه ألا يتجسس على من حكي له عنه وألا يرضى لنفسه ما نهى عنه النمام فيحكي النميمة التي وصلته .
وأدلة تحريم النميمة كثيرة من الكتاب والسنة منها قوله تعالى : سورة القلم الآية 10 وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ سورة القلم الآية 11 هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ وقوله تعالى : سورة الهمزة الآية 1 وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ
(الج
وعن حذيفة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري الأدب (6056) ، صحيح مسلم الإيمان (105) ، سنن الترمذي البر والصلة (2026) ، سنن أبو داود الأدب (4871) ، مسند أحمد بن حنبل (5/391). لا يدخل الجنة نمام متفق عليه . وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2606) ، مسند أحمد بن حنبل (1/437). ألا أنبئكم ما العضه ؟ هي النميمة القالة بين الناس رواه مسلم . والنميمة من الأسباب التي توجب عذاب القبر لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال : صحيح البخاري الوضوء (216) ، صحيح مسلم الطهارة (292) ، سنن الترمذي الطهارة (70) ، سنن النسائي الجنائز (2068) ، سنن أبو داود الطهارة (20) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (347) ، مسند أحمد بن حنبل (1/225) ، سنن الدارمي الطهارة (739). إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير ، ثم قال : بلى . كان أحدهما لا يستتر من بوله وكان الآخر يمشي بالنميمة متفق عليه . وإنما حرمت الغيبة والنميمة لما فيهما من السعي بالإفساد بين الناس وإيجاد الشقاق والفوضى وإيقاد نار العداوة والغل والحسد والنفاق وإزالة كل مودة وإماتة كل محبة بالتفريق والخصام والتنافر بين الأخوة المتصافين ، ولما فيهما أيضا من الكذب والغدر والخيانة والخديعة وكيل التهم جزافا للأبرياء وإرخاء العنان للسب والشتائم وذكر القبائح ، ولأنهما من عناوين الجبن والدناءة والضعف ، هذا إضافة إلى أن أصحابهما يتحملون ذنوبا كثيرة تجر إلى غضب الله وسخطه وأليم عقابه .
3 - ومما يجب اجتنابه والبعد عنه الخصلة الذميمة ألا وهي الحسد ، وهي أن يتمنى الإنسان زوال النعمة عن أخيه في الله سبحانه سواء أكانت نعمة دين أو دنيا . وهذا اعتراض على ما قضاه الله وقسمه بين عباده وتفضل به عليهم ، وظلم من الحاسد لنفسه فينقص إيمانه بذلك ويجلب المصائب والهموم لنفسه ويفتك بها فتكا ذريعا . قال الله سبحانه وتعالى : سورة النساء الآية 54 أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صحيح البخاري الأدب (6066) ، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2564) ، سنن الترمذي النكاح (1134) ، سنن النسائي النكاح (3239) ، سنن ابن ماجه التجارات (2172) ، مسند أحمد بن حنبل (2/394) ، موطأ مالك البيوع (1391). لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا تناجشوا ولا يبع
بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا رواه مسلم . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سنن أبو داود الأدب (4903). إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب رواه أبو داود .
4 - كما أنه ينبغي الابتعاد عن الظلم وهو الجور ووضع الشيء في غير موضعه الشرعي ، وأكبره الشرك بالله سبحانه وتعالى ومبارزته بالمخالفة والمعصية قال الله سبحانه وتعالى : سورة لقمان الآية 13 إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وقال عز وجل : سورة البقرة الآية 254 وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ وكذا أخذ مال الغير بغير حق أو اغتصاب شيء من أرضه أو الاعتداء عليه وهو أيضا كبيرة من الكبائر ومعصية لله ، وهو والعياذ بالله ناشئ عن ظلمة في القلب لأنه لو استنار قلبه بنور الهدى لاعتبر قال الله سبحانه وتعالى : سورة غافر الآية 18 مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ وقال تعالى : سورة الحج الآية 71 وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ وقال تعالى : سورة إبراهيم الآية 42 وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ وقال تعالى : سورة الفرقان الآية 19 وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا وفي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2577) ، مسند أحمد بن حنبل (5/160). يقول الله تعالى : يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا الحديث . وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2578) ، مسند أحمد بن حنبل (3/323). اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة الحديث . وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله
عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صحيح البخاري الإيمان (10) ، صحيح مسلم الإيمان (40) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (4996) ، سنن أبو داود الجهاد (2481) ، مسند أحمد بن حنبل (2/192) ، سنن الدارمي الرقاق (2716). المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه متفق عليه . وهذه الأحاديث وما جاء في معناها تدل على وجوب الحذر من الظلم في الأنفس والأعراض والأموال لما في ذلك من الشر العظيم والفساد الكبير والعواقب الوخيمة ، كما تدل على وجوب التوبة إلى الله سبحانه مما سلف من ذلك والتواصي بترك ما حرم الله من الظلم وغيره من سائر المعاصي .
وفقني الله وإياكم لمحاسن الأخلاق وصالح الأعمال وجنبنا مساوئ الأخلاق ومنكرات الأعمال وهدانا صراطه المستقيم إنه جواد كريم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
منقول للأمانه
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد .
فإن وصيتي لكل مسلم تقوى الله سبحانه وتعالى في جميع الأحوال وأن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاما ظهرت فيه المصلحة ؛ لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه ، وذلك كثير بين الناس قال الله سبحانه وتعالى : سورة ق الآية 18 مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ وقال تعالى : سورة الإسراء الآية 36 وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه : صحيح البخاري الأدب (6018) ، صحيح مسلم الإيمان (47) ، مسند أحمد بن حنبل (2/267). من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت .
وهناك أشياء قد يجرها الكلام ينبغي التنبيه عليها والتحذير منها لكونها من الكبائر التي توجب غضب الله وأليم عقابه ، وقد فشت في بعض المجتمعات من هذه الأشياء :
1 - الغيبة : وهي ذكرك أخاك بما يكره لو بلغه ذلك سواء ذكرته بنقص في بدنه أو نسبه أو خلقه أو فعله أو قوله أو في دينه أو دنياه بل وحتى في ثوبه
وداره ودابته . فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2589) ، سنن الترمذي البر والصلة (1934) ، سنن أبو داود الأدب (4874) ، مسند أحمد بن حنبل (2/458) ، سنن الدارمي الرقاق (2714). أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ذكرك أخاك بما يكره ، قال : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته رواه مسلم .
والغيبة محرمة لأي سبب من الأسباب سواء كانت لشفاء غيظ أو مجاملة للجلساء ومساعدتهم على الكلام أو لإرادة التصنع أو الحسد أو اللعب أو الهزل وتمشية الوقت فيذكر عيوب غيره بما يضحك . وقد نهى الله سبحانه وتعالى عنها وحذر منها عباده في قوله عز وجل : سورة الحجرات الآية 12 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ
وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2564) ، سنن ابن ماجه الفتن (3933). كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه رواه مسلم . وقال صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع : صحيح البخاري الحج (1739) ، مسند أحمد بن حنبل (1/230). إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، ألا هل بلغت رواه البخاري ومسلم . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سنن أبو داود الأدب (4877). من أربأ الربا استطالة المرء في عرض أخيه رواه البزار وأبو داود . والأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحريم الغيبة وذمها ، والتحذير منها كثيرة جدا .
2 - مما ينبغي اجتنابه والابتعاد عنه والتحذير منه ( النميمة ) التي هي نقل الكلام من شخص إلى آخر . أو من جماعة إلى جماعة . أو من قبيلة إلى قبيلة
لقصد الإفساد والوقيعة بينهم وهي كشف ما يكره كشفه سواء أكره المنقول عنه أو المنقول إليه . أو كره ثالث ، وسواء أكان ذلك الكشف بالقول أو الكتابة أو الرمز أو بالإيماء ، وسواء أكان المنقول من الأقوال أو الأعمال ، وسواء كان ذلك عيبا أو نقصا في المنقول عنه أو لم يكن . فيجب أن يسكت الإنسان عن كل ما يراه من أحوال الناس إلا ما في حكايته منفعة لمسلم أو دفع لشر .
والباعث على النميمة إما إرادة السوء للمحكي عنه أو إظهار الحب للمحكي عليه أو الاستمتاع بالحديث والخوض في الفضول والباطل وكل هذا حرام ، وكل من حملت إليه النميمة بأي نوع من أنواعها يجب عليه عدم التصديق ؛ لأن النمام يعتبر فاسقا مردود الشهادة قال الله تعالى : سورة الحجرات الآية 6 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ وعليه أن ينهاه عن ذلك وينصحه ويقبح فعله لقوله تعالى : سورة لقمان الآية 17 وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وأن يبغضه في الله وألا يظن بأخيه المنقول عنه السوء بل يظن به خيرا لقوله تعالى : سورة الحجرات الآية 12 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري النكاح (5144) ، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2563) ، سنن الترمذي البر والصلة (1988) ، مسند أحمد بن حنبل (2/465) ، موطأ مالك الجامع (1684). إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث متفق على صحته .
وعليه ألا يتجسس على من حكي له عنه وألا يرضى لنفسه ما نهى عنه النمام فيحكي النميمة التي وصلته .
وأدلة تحريم النميمة كثيرة من الكتاب والسنة منها قوله تعالى : سورة القلم الآية 10 وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ سورة القلم الآية 11 هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ وقوله تعالى : سورة الهمزة الآية 1 وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ
(الج
وعن حذيفة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري الأدب (6056) ، صحيح مسلم الإيمان (105) ، سنن الترمذي البر والصلة (2026) ، سنن أبو داود الأدب (4871) ، مسند أحمد بن حنبل (5/391). لا يدخل الجنة نمام متفق عليه . وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2606) ، مسند أحمد بن حنبل (1/437). ألا أنبئكم ما العضه ؟ هي النميمة القالة بين الناس رواه مسلم . والنميمة من الأسباب التي توجب عذاب القبر لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال : صحيح البخاري الوضوء (216) ، صحيح مسلم الطهارة (292) ، سنن الترمذي الطهارة (70) ، سنن النسائي الجنائز (2068) ، سنن أبو داود الطهارة (20) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (347) ، مسند أحمد بن حنبل (1/225) ، سنن الدارمي الطهارة (739). إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير ، ثم قال : بلى . كان أحدهما لا يستتر من بوله وكان الآخر يمشي بالنميمة متفق عليه . وإنما حرمت الغيبة والنميمة لما فيهما من السعي بالإفساد بين الناس وإيجاد الشقاق والفوضى وإيقاد نار العداوة والغل والحسد والنفاق وإزالة كل مودة وإماتة كل محبة بالتفريق والخصام والتنافر بين الأخوة المتصافين ، ولما فيهما أيضا من الكذب والغدر والخيانة والخديعة وكيل التهم جزافا للأبرياء وإرخاء العنان للسب والشتائم وذكر القبائح ، ولأنهما من عناوين الجبن والدناءة والضعف ، هذا إضافة إلى أن أصحابهما يتحملون ذنوبا كثيرة تجر إلى غضب الله وسخطه وأليم عقابه .
3 - ومما يجب اجتنابه والبعد عنه الخصلة الذميمة ألا وهي الحسد ، وهي أن يتمنى الإنسان زوال النعمة عن أخيه في الله سبحانه سواء أكانت نعمة دين أو دنيا . وهذا اعتراض على ما قضاه الله وقسمه بين عباده وتفضل به عليهم ، وظلم من الحاسد لنفسه فينقص إيمانه بذلك ويجلب المصائب والهموم لنفسه ويفتك بها فتكا ذريعا . قال الله سبحانه وتعالى : سورة النساء الآية 54 أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صحيح البخاري الأدب (6066) ، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2564) ، سنن الترمذي النكاح (1134) ، سنن النسائي النكاح (3239) ، سنن ابن ماجه التجارات (2172) ، مسند أحمد بن حنبل (2/394) ، موطأ مالك البيوع (1391). لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا تناجشوا ولا يبع
بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا رواه مسلم . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سنن أبو داود الأدب (4903). إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب رواه أبو داود .
4 - كما أنه ينبغي الابتعاد عن الظلم وهو الجور ووضع الشيء في غير موضعه الشرعي ، وأكبره الشرك بالله سبحانه وتعالى ومبارزته بالمخالفة والمعصية قال الله سبحانه وتعالى : سورة لقمان الآية 13 إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وقال عز وجل : سورة البقرة الآية 254 وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ وكذا أخذ مال الغير بغير حق أو اغتصاب شيء من أرضه أو الاعتداء عليه وهو أيضا كبيرة من الكبائر ومعصية لله ، وهو والعياذ بالله ناشئ عن ظلمة في القلب لأنه لو استنار قلبه بنور الهدى لاعتبر قال الله سبحانه وتعالى : سورة غافر الآية 18 مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ وقال تعالى : سورة الحج الآية 71 وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ وقال تعالى : سورة إبراهيم الآية 42 وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ وقال تعالى : سورة الفرقان الآية 19 وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا وفي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2577) ، مسند أحمد بن حنبل (5/160). يقول الله تعالى : يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا الحديث . وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2578) ، مسند أحمد بن حنبل (3/323). اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة الحديث . وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله
عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صحيح البخاري الإيمان (10) ، صحيح مسلم الإيمان (40) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (4996) ، سنن أبو داود الجهاد (2481) ، مسند أحمد بن حنبل (2/192) ، سنن الدارمي الرقاق (2716). المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه متفق عليه . وهذه الأحاديث وما جاء في معناها تدل على وجوب الحذر من الظلم في الأنفس والأعراض والأموال لما في ذلك من الشر العظيم والفساد الكبير والعواقب الوخيمة ، كما تدل على وجوب التوبة إلى الله سبحانه مما سلف من ذلك والتواصي بترك ما حرم الله من الظلم وغيره من سائر المعاصي .
وفقني الله وإياكم لمحاسن الأخلاق وصالح الأعمال وجنبنا مساوئ الأخلاق ومنكرات الأعمال وهدانا صراطه المستقيم إنه جواد كريم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
منقول للأمانه
تعليق