في ذاك البرنامج المشهور, حل الصحافي اللامع والكاتب الكبير في الأهرام (عبد الباري نيازي) ضيفا, يحاوره المذيع المحنك (حامد سعيد), وكان الحوار حول تلك الطائفة العريضة الآخذة في الانتشار, التي اصطلح المذيع ومحاوره على نعتها (بالمتحجرة عقولهم), وكان عنوان الحلقة:
(العائدون إلى الظلام في زمن العولمة)..
ودار الحوار حول عدة محاور, فتجاذبا أطراف الحديث حول مظاهر انتشار هذه الطائفة وأبرز سماتهم وكيفية مواجهتهم!
وكان من أبرز الصفات التي دأب المذيع ومحاوره على تكرار وصف الشباب بها: الاهتمام (بالفرعيات) –على حد تعبيرهما- وإضاعة الأوقات والجهود وشغل الأذهان بمسائل لا تليق بما نعيشه من الواقع.
وكان مما قاله الأستاذ نيازي:
"خذ مثالا على ذلك..ما يسمى السواك..قطعة من الخشب لا تفارق جيب الواحد منهم, ما أن يصطفوا للصلاة, إلا وتجد كلا منهم يخرج تلك الخشبة ويحك بها أسنانه, وكأن الواحد منهم لم يسمع يوما بما يسمى: (فرشاة الأسنان!), و غيرنا الآن قد ضرب بأوفر سهم في المياكرو تكنولوجي!!"
وفي نهاية الحلقة, جاء اتصال من الشيخ (أبي حسان البحيري), وكانت له هذه المداخلة:
"في الحقيقة أنا أتعجب والله!
منذ أن أخبرني أحد الإخوة عن هذه الحلقة ونقل لي كلام ضيفك, وأنا أسأل نفسي: لمصلحة من هذا الانتقاص الصريح من سنة النبي صلى الله عليه وسلم على شاشة يتابعها ملايين المواطنين؟!
كيف تسمح لضيفك أن يتفوه بما تفوه به دون أن تنكر عليه؟!
السواك سنة عن النبي, لم نقل بفرضيته ولا بتضليل تاركه! , ولكن ما الذي يضيره ويضيرك أن يلتزم الشباب هذه السنة؟!
ثم من أدراه أننا لا نهتم (بالأصول) إن صح تعبيره؟
وهل يستطيع الأستاذ أن يضع لنا ضابطا نستطيع أن نفرق من خلاله بين ما ينبغي التخلي عنه وبين ما ينبغي الاهتمام به من شرائع الدين؟
و أين التعارض بين الاستياك و بين المايكروتكنولوجي؟! لا وجود لهذا التعارض إلا في ذهن ضيفك أصلحه الله, ومن لف لفيفه ممن ساءهم رؤية متبعي السنة في تزايد!
"
فعقب الأستاذ نيازي:
" لأجل (خلة الأسنان), تقوم الدنيا و لا تقعد عندهم..شكرا للشيخ الذي أثبت وجهة نظري للسادة المشاهدين"
في اليوم التالي: يكتب الأستاذ محمد مقالا في الأهرام, بعنوان:
"لا تنكروا علينا إغلاظنا على: (الرجعيين في زمان الانفتاح)"..
وعناوين الجرائد الرسمية وغير الرسمية:
(من أجل السواك: معركة بين شيخ سلفي والأستاذ نيازي..و الأزهر يلتزم الصمت!)
وبعد أربعة أيام: قرار يتوقيف الشيخ فلان, و منعه من الظهور على الفضائيات.
و بعد شهر من الحادثة:
قرار بمنع بيع السواك ومنع استعماله في البلاد.
!!!
= = = = = = =
ذهب أحد الآباء صباح ذلك اليوم ليشتري الجريدة كعادته, فوقعت عيناه على الخبر, فقال على الفور: (ياللمصيبة..هل نحن بحاجة إلى مزيد من المضايقات؟!), ذلك أن ابنه شاب في العشرين من عمره, ملتزم بشرع الله محب للسنة, لا يكاد السواك يفارق جيبه!!
عاد الأب مسرعا إلى البيت, فوجد ابنه يستعد للخروج إلى الجامعة, فنظر أول ما نظر إلى جيب قميصه, فإذا بالسواك في موضعه المعتاد!
الأب: هل سمعت بالخبر.
الابن:أي خبر يا أبي الحبيب؟
الأب لابنه: منعوا استخدام السواك أو حمله! عجب والله..لا أدري أي تفاهة وصل إليها أولئك القوم!
الابن: منعوا السواك؟! إلى هذا الحد؟!
__________________
تعليق