أقبل ولا تخف ... فربك ينتظرك
كان في بلد من البلدان في زمن بني إسرائيل رجل يُدعى " الكفل " وكان يفعل ما يريد ، ولا يبالي بحلال أو حرام ، وكان أهل بلدته يعرفون عنه هذا ، وإذا ما جاء اسمه على لسان بعضهم لا تجد أحد منهم يذكره بخير.
وفي ليلة من الليالي وبعد أن دخل كل واحد بيته ،وأغلق بابه ، إذا بالكفل يسمع طرقاً على بابه فقام ليفتح ، فإذا به يفاجأ بامرأةيقطر منها الحياء ، ويذوب وجهها خجلاً ، فسألها عن سر مجيئها فأخبرته بأنها تمربضائقة مالية شديدة ، ولم تجد أمامها أحداً سواه لتقترض منه ...
وجد الكفل الفرصة سانحة أمامه ... امرأة جاءته إلىداره بمحض إرادتها ، وفي سكون الليل ، ولا يراهما أحد من الناس ، فتلطف معهاوأدخلها داره ، وأخبرها بأنه لا مانع لديه من إقراضها المال ولكن لديه شرط ... أنتمكنه من نفسها.
ألحت المرأة عليه ألا يفعل ، فلم يلتفت إلى إلحاحهاوتوسلاتها ، فوافقت مرغمة ، وهي تتقطع من داخلها ، وعندما اقترب منها وجد فرائصهاترتعد ، فسألها عن السبب ، فأخبرته بأنها لم تفعل هذا الفعل من قبل ، وأنها تخاف الله عز وجل وتخشى عقوبته وغضبه.
هنا توقف الكفل ، وابتعد عنها ، فقد وقعت تلك الكلمات موقعها في نفسه ، ولبث هنيهة ، ثم قال لها : أنت تقولين هذا القول مع أنك مضطرة لذلك ، فماذا علىَّ إذن أن أقول ؟! ألست أنا أحق بالخوف من الله منك ؟ ... ثم تركها تنصرف بعد أن أعطاها ما طلبته من مال.
تركها لتذهب وهو يعيش في لحظات من الذهول ... الألم يعتصره ، والندم على ما فعله في حياته يسيطر عليه ، لقد كانت كلمات المرأة عن اللهكالزلزل الذي هز كيانه ، واستخرج من ذاكرته شريط أحداث ماضيه ، ذكرى أفعال سابقة ،نسى فيها الله ، وكلما تذكر موقفاً من مواقفه المخزية ازداد ندمه ، واشتد ألمه ،وعلا بكائه.
في هذه الأثناء ، وبينما هو في هذه الحالة ، حدثأمر لم يكن في الحسبان ... لقد جاء للكفل ضيف آخر .. لم يكن ذاك الضيف من بني البشرلقد جاءه ملك الموت ليقبض روحه وهو في أشد لحظات الندم والتوبة ... جاءه ملك الموت ومعه الملائكة يزفون إليه بشرىمغفرة الله له ورضاه عنه.
لقد قبل الله ندمه وعفا عنه ، وفوق هذا الجود لميتركه ليعيش بعد ذلك فقد يعود إلى سابق عهده من الظلم والطغيان ، فقبض روحه في هذاالوقت لتكون النهاية السعيدة.
نعم - أخي – حدث هذا ، فربك رؤوف رحيم ، يريدأن يعفو عنا جميعاً ... "والله يريد أن يتوب عليكم" [النساء:27] ... يريد أن يُدخل الجميعالجنة .. "والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه" [البقرة:221[
لا تتعجب أخي مما حدث مع الكفل، فكل واحد من البشر يحمل بين جنبيه نفخة من روح الله القدسية ، ولا يوجد مخلوق فيه هذه النفخةسوى البشر ، فلا تستغرب ما حدث للكفل ، فالله عز وجل ينتظر من جميع عباده أي التفاتة صادقة إليه ليقبل عليهم ويعفو عنهم ويدخلهم الجنة.
ولكن ، هل انتهت قصة الكفل عند ذلك ؟!
لا ، فقد حدث أمر عجيب لم يكن في الحسبان ، فقداستيقظ الناس في الصباح وخرجوا من بيوتهم كعادتهم يلتمسون معايشهم ، وأرزاقهم، فمربعضهم بجوار بيت الكفل ، فلفت نظره كلام مكتوب بخط واضح على بابه ، فاقترب منه ليقرأه ، ففغر فاه ، ووقف مشدوهاً لا يكاد يصدق ما يراه ، فقد وجد عبارة تقول "إنالله قد غفر للكفل "
تجمع الناس وقرؤوا العبارة وهم غير مصدقين ... طرقوا الباب فلم يفتح لهم أحد ، ففتحوه عنوة ليجدوا الكفل قد مات ، فازداد عجبهموحيرتهم ، فهرعوا إلى نبيهم ليسألوه عن أمر الكفل ، فأوحى الله إليه بما حدث.
فاشتد بكاء الناس ونحيبهم ، وازداد حبهم لربهم ،وتعلقاً برحمته ، بل ومسارعة إلى التوبة إليه .
كان من الممكن أن تمر هذه الحادثة ولا يعلم بها أحد، فالناس يموتون ولا يدري أحد بماذا ختم لهم ، ولكن الرب الودود الذي يريد أن يطمئنالجميع ويدفعهم للفرار إليه أنزل هذه الآية لينتفع بها الناس ، ويتفكروا في مغزاها، وما تدل عليه من سعة رحمة الله ومدى حبه لعباده ، وأنه سبحانه ينتظر منهم أيبادرة صادقة للتوبة إليه فيقبل عليهم ويقبلهم ويمحو كل سيء فعلوه .
فماذا تريد أكثر من ذلك ... أقبل ولا تخف فربك ينتظرك.
د. مجدي الهلالي
كان في بلد من البلدان في زمن بني إسرائيل رجل يُدعى " الكفل " وكان يفعل ما يريد ، ولا يبالي بحلال أو حرام ، وكان أهل بلدته يعرفون عنه هذا ، وإذا ما جاء اسمه على لسان بعضهم لا تجد أحد منهم يذكره بخير.
وفي ليلة من الليالي وبعد أن دخل كل واحد بيته ،وأغلق بابه ، إذا بالكفل يسمع طرقاً على بابه فقام ليفتح ، فإذا به يفاجأ بامرأةيقطر منها الحياء ، ويذوب وجهها خجلاً ، فسألها عن سر مجيئها فأخبرته بأنها تمربضائقة مالية شديدة ، ولم تجد أمامها أحداً سواه لتقترض منه ...
وجد الكفل الفرصة سانحة أمامه ... امرأة جاءته إلىداره بمحض إرادتها ، وفي سكون الليل ، ولا يراهما أحد من الناس ، فتلطف معهاوأدخلها داره ، وأخبرها بأنه لا مانع لديه من إقراضها المال ولكن لديه شرط ... أنتمكنه من نفسها.
ألحت المرأة عليه ألا يفعل ، فلم يلتفت إلى إلحاحهاوتوسلاتها ، فوافقت مرغمة ، وهي تتقطع من داخلها ، وعندما اقترب منها وجد فرائصهاترتعد ، فسألها عن السبب ، فأخبرته بأنها لم تفعل هذا الفعل من قبل ، وأنها تخاف الله عز وجل وتخشى عقوبته وغضبه.
هنا توقف الكفل ، وابتعد عنها ، فقد وقعت تلك الكلمات موقعها في نفسه ، ولبث هنيهة ، ثم قال لها : أنت تقولين هذا القول مع أنك مضطرة لذلك ، فماذا علىَّ إذن أن أقول ؟! ألست أنا أحق بالخوف من الله منك ؟ ... ثم تركها تنصرف بعد أن أعطاها ما طلبته من مال.
تركها لتذهب وهو يعيش في لحظات من الذهول ... الألم يعتصره ، والندم على ما فعله في حياته يسيطر عليه ، لقد كانت كلمات المرأة عن اللهكالزلزل الذي هز كيانه ، واستخرج من ذاكرته شريط أحداث ماضيه ، ذكرى أفعال سابقة ،نسى فيها الله ، وكلما تذكر موقفاً من مواقفه المخزية ازداد ندمه ، واشتد ألمه ،وعلا بكائه.
في هذه الأثناء ، وبينما هو في هذه الحالة ، حدثأمر لم يكن في الحسبان ... لقد جاء للكفل ضيف آخر .. لم يكن ذاك الضيف من بني البشرلقد جاءه ملك الموت ليقبض روحه وهو في أشد لحظات الندم والتوبة ... جاءه ملك الموت ومعه الملائكة يزفون إليه بشرىمغفرة الله له ورضاه عنه.
لقد قبل الله ندمه وعفا عنه ، وفوق هذا الجود لميتركه ليعيش بعد ذلك فقد يعود إلى سابق عهده من الظلم والطغيان ، فقبض روحه في هذاالوقت لتكون النهاية السعيدة.
نعم - أخي – حدث هذا ، فربك رؤوف رحيم ، يريدأن يعفو عنا جميعاً ... "والله يريد أن يتوب عليكم" [النساء:27] ... يريد أن يُدخل الجميعالجنة .. "والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه" [البقرة:221[
لا تتعجب أخي مما حدث مع الكفل، فكل واحد من البشر يحمل بين جنبيه نفخة من روح الله القدسية ، ولا يوجد مخلوق فيه هذه النفخةسوى البشر ، فلا تستغرب ما حدث للكفل ، فالله عز وجل ينتظر من جميع عباده أي التفاتة صادقة إليه ليقبل عليهم ويعفو عنهم ويدخلهم الجنة.
ولكن ، هل انتهت قصة الكفل عند ذلك ؟!
لا ، فقد حدث أمر عجيب لم يكن في الحسبان ، فقداستيقظ الناس في الصباح وخرجوا من بيوتهم كعادتهم يلتمسون معايشهم ، وأرزاقهم، فمربعضهم بجوار بيت الكفل ، فلفت نظره كلام مكتوب بخط واضح على بابه ، فاقترب منه ليقرأه ، ففغر فاه ، ووقف مشدوهاً لا يكاد يصدق ما يراه ، فقد وجد عبارة تقول "إنالله قد غفر للكفل "
تجمع الناس وقرؤوا العبارة وهم غير مصدقين ... طرقوا الباب فلم يفتح لهم أحد ، ففتحوه عنوة ليجدوا الكفل قد مات ، فازداد عجبهموحيرتهم ، فهرعوا إلى نبيهم ليسألوه عن أمر الكفل ، فأوحى الله إليه بما حدث.
فاشتد بكاء الناس ونحيبهم ، وازداد حبهم لربهم ،وتعلقاً برحمته ، بل ومسارعة إلى التوبة إليه .
كان من الممكن أن تمر هذه الحادثة ولا يعلم بها أحد، فالناس يموتون ولا يدري أحد بماذا ختم لهم ، ولكن الرب الودود الذي يريد أن يطمئنالجميع ويدفعهم للفرار إليه أنزل هذه الآية لينتفع بها الناس ، ويتفكروا في مغزاها، وما تدل عليه من سعة رحمة الله ومدى حبه لعباده ، وأنه سبحانه ينتظر منهم أيبادرة صادقة للتوبة إليه فيقبل عليهم ويقبلهم ويمحو كل سيء فعلوه .
فماذا تريد أكثر من ذلك ... أقبل ولا تخف فربك ينتظرك.
د. مجدي الهلالي
تعليق