إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

يا ذات الحاجة، يا صاحبة الذنب، أسرعي وأدخلي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يا ذات الحاجة، يا صاحبة الذنب، أسرعي وأدخلي

    الحمد لله الذي جعل الصلاة راحة للمؤمنين، ومفزعاً للخائفين، ونوراً للمستوحشين، والصلاة والسلام على إمام المصلين المتهجدين، وسيد الراكعين والساجدين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانإلى يوم الدين... أما بعد:

    فإن قيام الليل هو دأب الصالحين، وتجارةالمؤمنين، وعمل الفائزين، ففي الليل يخلو المؤمنون بربهم، ويتوجهون إلى خالقهموبارئهم، فيشكون إليه أحوالهم، ويسألونه من فضله، فنفوسهم قائمة بين يدي خالقها،عاكفة على مناجاة بارئها، تتنسم من تلك النفحات، وتقتبس من أنوار تلك القربات،وترغب وتتضرع إلى عظيم العطايا والهبات.


    ثمرات قيام الليل:
    من ثمراته: دعوة تُستجاب.. وذنب يُغفر.. ومسألة تُقضى.. وزيادة في الإيمان والتلذذ بالخشوع للرحمن.. وتحصيل للسكينة.. ونيل الطمأنينة.. واكتساب الحسنات.. ورفعة الدرجات.. والظفر بالنضارة والحلاوة والمهابة.. وطرد الأدواء منالجسد.

    فمن منَّا مستغن عن مغفرة الله وفضله؟! ومن منَّا لا تضطره الحاجة؟! ومن منَّا يزهد في تلك الثمرات والفضائل التي ينالها القائم في ظلمات الليللله؟!


    فياذات الحاجة
    ها هو الله جلَّ وعلا ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة.. يقترب منا.. ويعرض علينا رحمته واستجابته.. وعطفه ومودته.. وينادينا نداء حنوناً مشفقاً: هل من مكروب فيفرج عنه.. فأين نحن من هذا العرض السخي!

    قومي أيتها المكروبة.. في ثلث الليل الأخير.. وقولي: لبيك وسعديك.. أنا يا مولايالمكروبةُ وفرجك دوائي.. وأنا المهمومة وكشفك سنائي.. وأنا الفقيرة وعطاؤك غنائي.. وأنا الموجوعة وشفاؤك رجائي..

    قومي.. وأحسني الوضوء.. ثم أقيمي ركعات خاشعة.. أظهري فيها لله ذلَّكِ واستكانتكِ له.. وأطلعيه على نية الخير والرجاء فيقلبك.. فلا تدعي في سويدائه شوب إصرار.. ولا تبيتي فيه سوء نية.. ثم تضرَّعي وابتهلي إلى ربكِ شاكيةً إليه كربك.. راجيةً منه الفرج.. وتيقَّني أنكِ موعودة بالاستجابة.. فلا تعجلي ولا تَدَعي الإنابة.. فإنَّ الله قد وعدكِ إن دعوته أجابك، فقال سبحانه: )أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ..( ثم وعدك أنَّه أقرب إليكِ في الثلث الأخير، فتمَّ ذلك وعدان، والله جلَّ وعلا لايخلف الميعاد.

    أتهـــــزأ بالدعــاء وتزدريه

    ولا تدري ما صنع الدعاء
    سهام الليل لا تخطيء ولكن

    لها أمـــد وللأمـــد انقضاء

    قومي يا ذات الحاجة.. ولا تستكبري عن السؤال.. فقد دعاكِ مولاك إلىالتعبد له بالدعاء فقال سبحانه: ) وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ..(.. وخير وقت تسألينه فيه هو ثلث الليل الأخير.

    قومي.. ولا تيأسي مهما اشتدَّ اضطراركِ.. فربَّكِ قدير لا يعجزه شيء، وإنَّما أمره إذا قضى شيئاً أن يقول له كن فيكون.. وتذكري أنَّ الله سبحانه من جميل رحمته قد حرَّم عليكِ سوء الظن به، كما حرَّم عليكِ اليأس من رحمته، فقال سبحانه: )إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ(.

    قومي.. وأحسني الظن بربكِ.. وتحنني إليه بجميل أوصافه.. وسعة رحمته.. وجميل عفوه.. وعظيم عطفه ورأفته.. فحاجتكِ ستقضى.. وكربكِ سيزول.. وليلك سيفجر.. فلا تيأسي واطلبي في محاريب القيامالفرج!

    ويا صاحبة الذنب
    قد جاءتكِ فرصةالغفران.. تعرض كل ليلة.. بل هي أمامكِ كل حين، ولكنها في الثلث الأخير أقرب إلىالظفر والنيل.

    فعن أبي موسى بن قيس الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهارليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها" (رواه مسلم).

    وقد تقدم في الحديث أنَّ الله جلَّ وعلا ينزل في الثلث الأخير من الليل إلى سماء الدنيا فيقول: "من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له" (رواه البخاريومسلم).

    ويد الله سبحانه مبسوطة للمستغفرين بالليل والنهار.. ولكن استغفارالليل يفضل استغفار النهار بفضيلة الوقت وبركة السحر؛ ولذلك مدح الله جلّ وعلاالمستغفرين بالليل فقال سبحانه: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ..}.

    وذلك لأنَّ الاستغفار بالسحر فيه من المشقة ما يكون سبباً لتعظيم الله له.. وفيه من عنت ترك الفراش ولذاذة النوم والنعاس ما يجعله أولى بالاستجابة والقبول.. لا سيما مع مناسبة نزول المولى جلَّ وعلا إلى سماء الدنياوقربه من المستغفرين.. فلا شكَّ أنَّ لهذا النزول بركة تفيض على دعوات السائلين وتوبة المستغفرين وابتهالات المبتهلين.

    فيا من أسرفت على نفسها بالذنوب.. حتى ضاقت بها نفسها.. وشقّ عليها طلب العفو والغفران؛ لما تراه من نفسها في نفسها من عظيم العيوب.. وكبائر السيئات.. قومي لربكِ في ركعتين خاشعتين.. فقد عرض عليكِ بهما الغفران.. فقال لك: "من يستغفرني فأغفر له".

    قومي.. واهمسي في سجودكِ بخضوع وخشوع تقولي: "أستغفرك اللهمَّ وأتوب إليك.. ربَّ اغفر لي وارحمني وأنت خيرالراحمين.. لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.. اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرةً من عندك، وارحمني إنك أنت الغفورالرحيم".

    ويا صاحبة النعمة
    أقبلي على ربكِ بالليل وأديِّ حقّ الشكر له، فإنَّ قيام الليل أنسب أوقات الشكر، وهل الشكر إلا حفظ النعمة وزيادتها؟!

    تأمَّلي في رسول الله، لمَّا قام حتى تفطَّرت قدماه، فقيلله: يا رسول الله، أما غفر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر؟ قال: "أفلا أكون عبداً شكوراً" (رواه البخاري).

    ففي هذا الحديث دلالة قوية على أنَّ قيامالليل من أعظم وسائل الشكر على النعم.. ومن منَّا لم ينعم الله عليه؟! فنعمه سبحانه تلوح في الآفاق..
    وتظهر علينا في كل صغيرة وكبيرة؛ في رزقنا وعافيتنا وأولادنا وحياتنا بكلّ مفرداتها، وما خفي علينا أكثر وأكثر.. ولذلك فإنَّ حق شكرها واجبعليها لزاماً في كل وقت وحين، وأحقّ الناس بالزيادة في النعمة هم أهل الشكر.. وأنسب أوقات الشكر حينما يقترب المنعم وينزل إلى السماء الدنيا.. ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلل قيامه ويقول: "أفلا أكون عبداً شكوراً". أي: أفلا أشكر الله عزَّ وجلَّ.

    فقومي ـ أختي ـ ليلك.. بنية ذكر الله.. ونية الاستغفار.. ونيةالشكر.. تبسط لكِ النعم.. ويبارك لك في مالك وعافيتك وأهلك وولدك وبيتك وشأنككله.

    ما يعينك على القيام:
    أولاً: الإقلال من الطعام:
    فإنَّ كثرة الطعام مجلبة للنوم، ولا يخف قيام الليل إلا على من قلَّ طعامه،ولقد بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدود الشبع وآدابه، فقال: "ما ملأ آدم يوعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محاولة فثلث لطعامه،وثلث لشرابه، وثلث لنفسه" (رواه أحمد والترمذي، وهو في صحيح الجامع برقم: 5550).

    قال عبد الواحد بن زيد: "من قوي على بطنه قوي على دينه، ومن قوي على بطنه قوي على الأخلاق الصالحة، ومن لم يعرف مضرَّته في دينه من قبل بطنه فذاك رجلمن العابدين أعمى".

    وقال وهب بن منبه: "ليس من بني آدم أحبّ إلى الشيطان من الأكول النوَّام".

    وقال سفيان الثوري: "عليكم بقلة الأكل تملكوا قيام الليل".

    وجدت الجوع يطرده رغيف

    وملء الكفء من ماءالفرات

    وقِلُّ الطُّعْمِ عـــــون للمصلي

    وكثر الطعم عون للسُّــــــبات

    ثانياً: الاستعانة بالقيلولة:
    فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وجَّه إلى الاستعانة بها ومخالفة الشياطين بها، فقالوا: "قيلوا فإن الشياطين لا تقيل" (رواه الطبراني وهو في السلسلة الصحيحة برقم: 2647).

    ومرَّ الحسن بقوم في السوق فرأى صخبهم ولغطهم، فقال: أما يقيل هؤلاء؟ قالوا: لا، قال: "إني لأرى ليلهم ليل سوء".

    وقال إسحاق بن عبدالله بن أبي فروة: "القائلة من عمل أهل الخير، وهي مجمَّة للفؤاد، مقواة على قيامالليل".

    ثالثاً: الاقتصاد في الكدّ نهاراً:
    والمقصود به عدم إتعاب النفس بمالا ضرورة منه، ولا مصلحة راجحة، كفضول الأعمال والأقوال ونحوها، أمَّا ما يستوجبها لكسب والحياة من الضروريات، ولا غنى للمرء عن الكد لأجله؛ فيقتصد فيه بحسب ماتتحقق به المصالح.

    رابعاً: اجتناب المعاصي وتركها:
    فالمعصية تقعس عن الطاعة،وتوجب التشاغل عن العبادات، وتحرم المؤمن التوفيق إلى النوافل والفضائل، ولذلك تواتر عن السلف القول بأنَّ المعاصي تحرم العبد من القيام.

    قال رجل للحسن البصري: يا أبا سعيد: إني أبيت معافى، وأحبّ قيام الليل، وأعد طهوري، فما بالي لاأقوم؟ فقال: "ذنوبك قيدتك".

    وقال الثوري: "حرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته". قيل: وماهو؟ قال: رأيت رجلاً يبكي، فقلت في نفسي: "هذامُراء".

    وقال رجل لإبراهيم بن أدهم: إني لا أقدر على قيام الليل فصف لي دواء؟ قال:" لا تعصه بالنهار، وهو يقيمك بين يديه بالليل، فإنَّ وقوفك بين يديه فيالليل من أعظم الشرف، والعاصي لا يستحق ذلك الشرف".

    خامساً: سلامة القلب عنالأحقاد على المسلمين ومن البدع وفضول هموم الدنيا، فإنَّ ذلك يشغل القلب ويضغط عليه فلا يكاد يهتم بشيء سواه.

    سادساً: خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل،فإنَّه إذا تفكَّر أهوال الآخرة ودركات جهنَّم طار نومه وعظم حذره.

    سابعاً: الوقوف على فضائل القيام وثمراته فإنَّها تهيج الشوق وتعلي الهمة وتحيي في النفس الطمع في رضوان الله وثوابه، وقد تقدَّم ذكر أهمها.

    ثامناً: وهو أشرف البواعث:
    حبَّ الله وقوة الإيمان؛ لأنَّه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج بهربه ومطلع عليه، مع مشاهدة ما يخطر بقلبه، وأنَّ تلك الخطرات من الله تعالى خطاب معه، فإذا أحببت الله تعالى أحبّ لا محالة الخلوة به وتلذذ بالمناجاة؛ فتحمله لذةالمناجاة للحبيب على طول القيام.
    التعديل الأخير تم بواسطة ام نظام; الساعة 11-05-2010, 08:50 PM. سبب آخر: تكبير الخط جزاك الله خيراً
    إلهــي أنــت تعـلـم كيـــف حــــــالـي
    فهـــل يـا ســيـدي فــرجٌ قريــــــــب؟
    فيـــا ديــــان يـوم الديــن فـــــــــرج
    همـــومـاً في الفـــؤاد لهـا دبيـــــــبُ
    وصـل حبـلي بحبـل رضـــــــــــــــاك
    وانظر إليَّ ، وتب عليَّ، عسى أتـوبُ


  • #2
    رد: يا ذات الحاجة، يا صاحبة الذنب، أسرعي وأدخلي

    وجزاكِ الله خيراً أختي ونفع الله بكِ
    موضوع طيب لا تحرمينا جديدك


    قال الشيخ الألباني رحمه الله: إن هذا الطريق طويل ونحن نمشي فيه مشي السلحفاة لايهمنا أن نصل المهم أن نموت علي الطريق

    تعليق


    • #3
      رد: يا ذات الحاجة، يا صاحبة الذنب، أسرعي وأدخلي

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
      وخيراً جزاكِ الله أختي الغالية
      وما حرمنا الله من تعديلاتك لنا وتصويب أخطاؤنا
      بارك الله فيكِ ونفع الله بكِ ورزقكِ وإياي الإخلاص والسداد والقبول
      إلهــي أنــت تعـلـم كيـــف حــــــالـي
      فهـــل يـا ســيـدي فــرجٌ قريــــــــب؟
      فيـــا ديــــان يـوم الديــن فـــــــــرج
      همـــومـاً في الفـــؤاد لهـا دبيـــــــبُ
      وصـل حبـلي بحبـل رضـــــــــــــــاك
      وانظر إليَّ ، وتب عليَّ، عسى أتـوبُ

      تعليق

      يعمل...
      X