في الحياة غصص و آلام و مآسي و أحزان تعكر صفوها تقل و تكثر و تصغر و تكبر و هكذا طبع الدنيا :
جبلت على كدرٍ و أنت تريدها *** صفواً من التنغيص و الأكدار
و مكلف الأيام فوق طباعها *** متطلبٌ في الماء جذوة نار
استميحكم العذر إخوتي الكرام لعرض مأساة من مآسي هذه الحياة و ليس ذلك رغبة في تدير صفوكم و لا تنغيص فرحكم و لكن لأننا في بعض الأحيان من يصنع هذا التكدير أو يسهم فيه فهاكم هذه القصة التي تكلم الفؤاد و تطيل السهاد و تمنع العين الغمض و الرقاد .
قصة تحمل من الأسى أعظمه و من الحزن أجله و أدومه , قصة فتاة تفتحت على الدنيا وحيدة فريدة دون أم أو أب أو أخ أو أخت حرمت من جميع القرابات ، الأسئلة تحاصرها فمرة يشدهها طول التفكير و مرة ترتسم الدموع على خديها ترسم خريطة من الأسى و الأحزان و مرة تشد شعرها علّها تجد جواباً لتلك الأسئلة التي تحاصرها أين أبي ؟ أين أمي ؟ أين أخي ؟ أين أختي ؟ من هم قرابتي ؟ هل سأبقى طوال حياتي حبيسة بين هذه الجدران دونما عطفٍ أو حنان أو رأفة و إحسان ؟
مسكينة تلك الفتاة قتلت في نفسها الآمال ، و أحاطت بها الهموم الآلام ، تقطن في دار قد امتلأت بالفتيات أمثالها كلهن يعشن نفس المأساة ، و يتساءلن نفس التساؤلات .
كم مرة وجهت السؤال تلو السؤال إلى المشرفة على الدار من جاء بي إلى هنا ؟ من جاء بي و من أنا ؟ أين أهلي ؟ أين قرابتي ؟ لماذا أنا وحيدة في هذه الدار دونما قريب ؟ لماذا لم أجد حضن أم أرتمي بين جنباته فأنسى كل همومي و أحزاني ؟ لماذا لم أجد كنف أب يحرسني و يرعاني ؟ لماذا ... ؟ لماذا ... ؟ لماذا ... ؟ أسئلة كثيرة لا تجد جواباً إلا صدى ترددها بين جدران تلك الدار .
إخوتي الكرام لعلي أفصح لكم عن قصة هذه الفتاة و بداية مأساتها إنها نتاج شهوة محرمة ممن قست قلوبهم فعدم فيها العطف و الحنان و الرحمة , لم يفكروا إلا في قضاء وطرهم و إشباع شهوتهم دون تفكير في الضحية .
لقد وُجدة هذه الفتاة قبل سنين عديدة أمام باب أحد المساجد و هي طفلة رضيعة في أول أيام حياتها كانت نتاج الزنا و العلاقات المحرمة قضى كلٌ و طره من الحرام و كانت المأساة هي حياة هذه الفتاة و مثلها الكثير و الكثير .
لقد كانت المفاجأة المبكية عندما سمع أحد الداخلين إلى المسجد في صلاة الفجر صراخ رضيع ينبعث من كرتون بقرب الباب فإذ هو برضيعة عمرها يوم واحد تكاد تفارق الحياة من كثر البكاء فلم يتمالك نفسه من هول الموقف فشاركها البكاء , يا لله ما أعظم قسوة بعض القلوب , ترى كم قضت من الساعات تلك الصغير و تبكي ؟ أين الرحمة و الشفقة ؟ أين الخوف من الله ؟
و هكذا نسجت خيوط المأساة من بوابة ذلك المسجد إلى مخفر الشرطة و الذي دخلته دون جرم أو خطيئة لينتهي بها المطاف إلى دار الراعية .
إنه الظلم العظيم إنها الجريمة النكراء إنها الفاحشة و البلاء و أي بلاء {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً }الإسراء32
اعلمي أيتها الفتاة أنك مظلومة و أن دعوة المظلوم تفتح لها أبواب السماء .
أيتها الفتاه لقد توعد الله من يحب إشاعة الفاحشة بقوله سبحانه : {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }النور19
عذاب في الدنيا من الهموم و الغموم و حياة الضنك و الأمراض النفسية و البدنية و أشد من ذلك أن يبتلى في أهله و محارمه فالجزاء من جنس العمل و استمعي أيتها الفتاة إلى الإمام ابن القيم رحمه الله و يذكر بعض عقوبات الزنا : [ الزنا يجمع خلال الشر كلها من قلة الدين وذهاب الورع وفساد المروءة وقلة الغيرة فلا تجد زانيا معه ورع ولا وفاء بعهد ولا صدق في حديث ولا محافظة على صديق ولا غيرة تامة على أهله فالغدر والكذب والخيانة وقلة الحياء وعدم المراقبة وعدم الأنفة للحرم وذهاب الغيرة من القلب من شعبه وموجباته ومن موجباته غضب الرب بإفساد حرمه وعياله .
ومنها : سواد الوجه وظلمته وما يعلوه من الكآبة والمقت الذي يبدو عليه للناظرين
ومنها ظلمة القلب وطمس نوره وهو الذي أوجب طمس نور الوجه وغشيان الظلمة له
ومنها الفقر اللازم وفي أثر يقول الله تعالى أنا الله مهلك الطغاة ومفقر الزناة
ومنها أنه يذهب حرمة فاعله ويسقطه من عين ربه ومن أعين عباده
ومنها الوحشة التي يضعها الله سبحانه وتعالى في قلب الزاني وهي نظير الوحشة التي تعلو وجهه فالعفيف على وجهه حلاوة وفي قلبه أنس ومن جالسه استأنس به والزاني تعلو وجهه الوحشة ومن جالسه استوحش به
ومنها قلة الهيبة التي تنزع من صدور أهله وأصحابه وغيرهم له وهو أحقر شيء في نفوسهم وعيونهم بخلاف العفيف فإنه يرزق المهابة والحلاوة
ومنها ضيقة الصدر وحرجه فإن الزناة يعاملون بضد قصودهم فإن من طلب لذة العيش وطيبه بما حرمه الله عليه عاقبه بنقيض قصده فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته ولم يجعل الله معصيته سببا إلى خير قط ولو علم الفاجر ما في العفاف من اللذة والسرور وانشراح الصدر وطيب العيش لرأى أن الذي فاته من اللذة أضعاف أضعاف ما حصل له دع ربح العاقبة والفوز بثواب الله وكرامته.
ومنها أنه يعرض نفسه لفوات الاستمتاع بالحور العين في المساكن الطيبة في جنات عدن وقد تقدم أن الله سبحانه وتعالى إذا كان قد عاقب لابس الحرير في الدنيا بحرمانه لبسه يوم القيامة وشارب الخمر في الدنيا بحرمانه إياها يوم القيامة فكذلك من تمتع بالصور المحرمة في الدنيا ] روضة المحبين ج1 صـ360ـ361
عذراً أيتها الفتاه فلا أملك جواباً لأسئلتك و دواء لحيرتك إلا الدعاء لك بأن يبدل الله همك و حزنك إلى فرح و مسرات .
أيتها الفتاة شقي طريقك في الحياة واثقة بالله راجية ما عنده متوكلة عليه مستعينة به فهو سبحانه دواء الأحزان و شفاء الأسقام
و إذا العناية لاحظتك عيونها *** نم فالمخاوف كلهن أمان
جبلت على كدرٍ و أنت تريدها *** صفواً من التنغيص و الأكدار
و مكلف الأيام فوق طباعها *** متطلبٌ في الماء جذوة نار
استميحكم العذر إخوتي الكرام لعرض مأساة من مآسي هذه الحياة و ليس ذلك رغبة في تدير صفوكم و لا تنغيص فرحكم و لكن لأننا في بعض الأحيان من يصنع هذا التكدير أو يسهم فيه فهاكم هذه القصة التي تكلم الفؤاد و تطيل السهاد و تمنع العين الغمض و الرقاد .
قصة تحمل من الأسى أعظمه و من الحزن أجله و أدومه , قصة فتاة تفتحت على الدنيا وحيدة فريدة دون أم أو أب أو أخ أو أخت حرمت من جميع القرابات ، الأسئلة تحاصرها فمرة يشدهها طول التفكير و مرة ترتسم الدموع على خديها ترسم خريطة من الأسى و الأحزان و مرة تشد شعرها علّها تجد جواباً لتلك الأسئلة التي تحاصرها أين أبي ؟ أين أمي ؟ أين أخي ؟ أين أختي ؟ من هم قرابتي ؟ هل سأبقى طوال حياتي حبيسة بين هذه الجدران دونما عطفٍ أو حنان أو رأفة و إحسان ؟
مسكينة تلك الفتاة قتلت في نفسها الآمال ، و أحاطت بها الهموم الآلام ، تقطن في دار قد امتلأت بالفتيات أمثالها كلهن يعشن نفس المأساة ، و يتساءلن نفس التساؤلات .
كم مرة وجهت السؤال تلو السؤال إلى المشرفة على الدار من جاء بي إلى هنا ؟ من جاء بي و من أنا ؟ أين أهلي ؟ أين قرابتي ؟ لماذا أنا وحيدة في هذه الدار دونما قريب ؟ لماذا لم أجد حضن أم أرتمي بين جنباته فأنسى كل همومي و أحزاني ؟ لماذا لم أجد كنف أب يحرسني و يرعاني ؟ لماذا ... ؟ لماذا ... ؟ لماذا ... ؟ أسئلة كثيرة لا تجد جواباً إلا صدى ترددها بين جدران تلك الدار .
إخوتي الكرام لعلي أفصح لكم عن قصة هذه الفتاة و بداية مأساتها إنها نتاج شهوة محرمة ممن قست قلوبهم فعدم فيها العطف و الحنان و الرحمة , لم يفكروا إلا في قضاء وطرهم و إشباع شهوتهم دون تفكير في الضحية .
لقد وُجدة هذه الفتاة قبل سنين عديدة أمام باب أحد المساجد و هي طفلة رضيعة في أول أيام حياتها كانت نتاج الزنا و العلاقات المحرمة قضى كلٌ و طره من الحرام و كانت المأساة هي حياة هذه الفتاة و مثلها الكثير و الكثير .
لقد كانت المفاجأة المبكية عندما سمع أحد الداخلين إلى المسجد في صلاة الفجر صراخ رضيع ينبعث من كرتون بقرب الباب فإذ هو برضيعة عمرها يوم واحد تكاد تفارق الحياة من كثر البكاء فلم يتمالك نفسه من هول الموقف فشاركها البكاء , يا لله ما أعظم قسوة بعض القلوب , ترى كم قضت من الساعات تلك الصغير و تبكي ؟ أين الرحمة و الشفقة ؟ أين الخوف من الله ؟
و هكذا نسجت خيوط المأساة من بوابة ذلك المسجد إلى مخفر الشرطة و الذي دخلته دون جرم أو خطيئة لينتهي بها المطاف إلى دار الراعية .
إنه الظلم العظيم إنها الجريمة النكراء إنها الفاحشة و البلاء و أي بلاء {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً }الإسراء32
اعلمي أيتها الفتاة أنك مظلومة و أن دعوة المظلوم تفتح لها أبواب السماء .
أيتها الفتاه لقد توعد الله من يحب إشاعة الفاحشة بقوله سبحانه : {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }النور19
عذاب في الدنيا من الهموم و الغموم و حياة الضنك و الأمراض النفسية و البدنية و أشد من ذلك أن يبتلى في أهله و محارمه فالجزاء من جنس العمل و استمعي أيتها الفتاة إلى الإمام ابن القيم رحمه الله و يذكر بعض عقوبات الزنا : [ الزنا يجمع خلال الشر كلها من قلة الدين وذهاب الورع وفساد المروءة وقلة الغيرة فلا تجد زانيا معه ورع ولا وفاء بعهد ولا صدق في حديث ولا محافظة على صديق ولا غيرة تامة على أهله فالغدر والكذب والخيانة وقلة الحياء وعدم المراقبة وعدم الأنفة للحرم وذهاب الغيرة من القلب من شعبه وموجباته ومن موجباته غضب الرب بإفساد حرمه وعياله .
ومنها : سواد الوجه وظلمته وما يعلوه من الكآبة والمقت الذي يبدو عليه للناظرين
ومنها ظلمة القلب وطمس نوره وهو الذي أوجب طمس نور الوجه وغشيان الظلمة له
ومنها الفقر اللازم وفي أثر يقول الله تعالى أنا الله مهلك الطغاة ومفقر الزناة
ومنها أنه يذهب حرمة فاعله ويسقطه من عين ربه ومن أعين عباده
ومنها الوحشة التي يضعها الله سبحانه وتعالى في قلب الزاني وهي نظير الوحشة التي تعلو وجهه فالعفيف على وجهه حلاوة وفي قلبه أنس ومن جالسه استأنس به والزاني تعلو وجهه الوحشة ومن جالسه استوحش به
ومنها قلة الهيبة التي تنزع من صدور أهله وأصحابه وغيرهم له وهو أحقر شيء في نفوسهم وعيونهم بخلاف العفيف فإنه يرزق المهابة والحلاوة
ومنها ضيقة الصدر وحرجه فإن الزناة يعاملون بضد قصودهم فإن من طلب لذة العيش وطيبه بما حرمه الله عليه عاقبه بنقيض قصده فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته ولم يجعل الله معصيته سببا إلى خير قط ولو علم الفاجر ما في العفاف من اللذة والسرور وانشراح الصدر وطيب العيش لرأى أن الذي فاته من اللذة أضعاف أضعاف ما حصل له دع ربح العاقبة والفوز بثواب الله وكرامته.
ومنها أنه يعرض نفسه لفوات الاستمتاع بالحور العين في المساكن الطيبة في جنات عدن وقد تقدم أن الله سبحانه وتعالى إذا كان قد عاقب لابس الحرير في الدنيا بحرمانه لبسه يوم القيامة وشارب الخمر في الدنيا بحرمانه إياها يوم القيامة فكذلك من تمتع بالصور المحرمة في الدنيا ] روضة المحبين ج1 صـ360ـ361
عذراً أيتها الفتاه فلا أملك جواباً لأسئلتك و دواء لحيرتك إلا الدعاء لك بأن يبدل الله همك و حزنك إلى فرح و مسرات .
أيتها الفتاة شقي طريقك في الحياة واثقة بالله راجية ما عنده متوكلة عليه مستعينة به فهو سبحانه دواء الأحزان و شفاء الأسقام
و إذا العناية لاحظتك عيونها *** نم فالمخاوف كلهن أمان
تعليق