كيف يكون العيش مع الله لماذا أغلق الباب
ما ألذ ، وأطيب ، وأحلى ، وأرقى ، وأجمل العيش مع الله .. لا إله إلا الله ...
·هـل أنت تعيش مع الله في حياتك كلها ، في قلبك وجوارحك ، وسرك ، وعلانيتك ، في الشدة والرخاء ، وفي ليلك ونهارك ، وفي ظاهرك وباطنك ؟
·إن العيش مع الله سعادة ، وراحة ، وطمأنينة ، وسرور { ألا بذكر الله تطمئن القلوب } .
·للأسف الشديد : إن بعض الناس يعيش مع الشيطان أكثر من عيشه مع الرحمن { ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين } .
·قال الشيخ أبو بكر الجزائري :
{ ومن يعش عن ذكر الرحمن } : أي يعرض متعاميا متغافلاً عن ذكر الرحمن الذي هو القرآن متجاهلاً .
{ نقيض له شيطاناً } : أي نجعل له شيطاناً يلازمه لإِضلاله وإغوائه .
{ فهو له قرين } : أي فهو أي من عشا عن ذكر الرحمن قرين للشيطان .
{ وإنهم ليصدُّونهم عن السبيل } : أي وإن الشياطين المقارنين لهم ليصدونهم عن طريق الهدى .
{ ويحسبون أنهم مهتدون } : أي ويحسب العاشون عن القرآن وحججه وعن ذكر الرحمن وطاعته أنهم مهتدون أي أنهم على الحق والصواب وذلك بتزيين القرين لهم .
·كيف لا نعيش مع الله وهو الذي خلقنا ورزقنا وأعطانا من النعم التي لا تعد ولا تحصى ، وهو أرحم الرحمين وأكرم الأكرمين ، وبيده سعادتنا في الدنيا والآخرة .
·قال ابن الجوزي رحمه الله:ينبغي أن يكون العمل كله لله،ومعه،ومن أجله،وقد كفاك كل مخلوق وجلب لك كل خير .
·وإياك أن تميل عنه بموافقة هوى وإرضاء مخلوق ، فإنه يعكس عليك الحال ، ويفوتك المقصود .
وفي الحديث: من أرضى الناس بسخط الله عاد حامده من الناس ذاماً .
·وأطيب العيش عيش من يعيش مع الخالق سبحانه.
فإن قيل: كيف يعيش معه ؟ قلت:
1-بامتثال أمره، واجتناب نهيه، ومراعاة حدوده .
2-والرضا بقضائه .
3-وحسن الأدب في الخلوة .
4-وكثرة ذكره .
5-وسلامة القلب من الاعتراض في أقداره .
فإن احتجب سألتَه ، فإن أعطى وإلا رضيتَ بالمنع ، وعلمت أنه لم يمنع بخلاً ، وإنما نظراً لك .
·ولا تنقطع عن السؤال لأنك تتعبد به ، ومتى دمت على ذلك رزقك محبته وصدق التوكل عليه، فصارت المحبة تدلك على المقصود ، وأثمرت لك محبته إياك ، فتعيش عيشة الصديقين .
·ولا خير في عيش إن لم يكن كذا ، فإن أكثر الناس مخبط في عيشه ، يداري الأسباب ويميل إليها بقلبه، ويتعب في تحصيل الرزق بحرص زائد على الحد ، ويرغبه إلى الخلق ، ويعترض عند انكسار الأغراض .
والقدر يجري ولا يبالي بسخط، ولا يحصل له إلا ما قدر . اهـ
لماذا أغلق الباب ؟
·عن أنسٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه متفقٌ عليه.
¨ومعنى ينسأ له في أثره، أي: يؤخر له في أجله وعمره.
¨وفي الاثر: أن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه.
¨قيل: أن يحرم الحلال ولا يوفق له بوقوعه في المعصية .
¨وقيل: يحرم مجالسة العلماء ولا ينشرح قلبه لصحبة أهل الخير.
¨وقيل: يمقته الصالحون وأهل العلم باللّه تعالى فيعرضون عنه.
¨وقيل: يحرم العلم الذي لا صلاح للعمل إلا به لأجل إقامته على الجهل، ولا تنكشف له الشبهات بإقامته على الشهوات بل تلتبس عليه الأمور فيتحير فيها بغير عصمة من اللّه تعالى ولا يوفق للأصوب والأفضل.
¨وقد كان الفضيل يقول: ما أنكرت من تغير الزمان وجفاء الإخوان فذنوبك أورثتك ذلك.
¨وقد قيل: الرزق من الحرام من قلة التوفيق للأعمال الصالحة.
¨وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: إني لأحسب أن العبد ينسى العلم بالذنب يصيبه ولو لم يكن من بركة التوبة والعلم والاستقامة على الطاعة إلا أن كل ما يصيب العبد فهو خير له إن: كان سعة فهو رفق من الله تعالى به عليه ولطف له منه وإن كان ضيقاً فهو اختبار من اللّه تعالى.
-ويقال: نسيان القرآن بعد حفظه من أشد العقوبات والمنع من تلاوته وضيق الصدر بقراءته والاشتغال عنه بضده عقوبة الإصرار على الذنب .
-وقال بعض العلماء : من كان فيه خصلتان لم يفتح له بشيء من هذا العلم: بدعة، أو كبر. قال بعض العلماء : إذا أراد الله بعبد خيراً فتح له باب العمل وأغلق عنه باب الجدل وإذا أراد اللّه بعبد سوءًا أغلق عنه باب العمل وفتح عليه باب الجدل.
·قال شقيق بن إبراهيم أغلق باب التوفيق عن الخلق من ستة أشياء :
1-اشتغالهم بالنعمة عن شكرها .
2-ورغبتهم في العلم وتركهم العمل .
3-والمسارعة إلى الذنب وتأخير التوبة .
4-والاغترار بصحبة الصالحين وترك الإقتداء بفعالهم .
5-وإدبار الدنيا عنهم وهم يتبعونها .
6-وإقبال الآخرة عليهم وهم معرضون عنها .
·قال ابن القيم رحمه الله في تعليقه على هذا الكلام :
-أنه أصل ذلك عدم الرغبة والرهبة .
-وأصله ضعف اليقين .
-وأصله ضعف البصيرة .
-واصله مهانة النفس ودناءتها واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير وإلا فلو كانت النفس شريفة كبيرة لم ترض بالدون .
·فيا أخي الكريم ويا أختي الفاضلة. إذا وجدت نفسك غير موفقة في كثير من العبادات ، والطاعات ..فراجع نفسك في هذه الأمور ، لعلك قد وقعت في واحدة منها .
تعليق