منقووووووول
قال الإمام الحافظ شمس الدين ابن قيم الجوزية رحمه الله :
الهوى ميل الطبع إلى ما يلائمه ، وهذا الميل خلق في الإنسان لضرورة بقائه فإنه لولا ميله إلى المطعم والمشرب والمنكح ما أكل ولا شرب ولا نكح فالهوى مستحث له لما يريده كما أن القضب دافع عنه ما يؤذيه ، فلا ينبغي ذم الهوى مطلقاً ، ولا مدحه مطلقاً كما أن الغضب لا يذم مطلقاً ولا يحمد مطلقاً ، ولما كان الغالب من مطيع هواء وشهوته وغضبه أنه لا يقف فيه على حد المنتفع به أطلق ذم الهوى والشهوة والغضب لعموم غلبة الضرر لأنه يندر من يقصد العدل في ذلك ويقف عنده كما أنه يندر في الأمزجة المزاج المعتدل من كل وجه ، بل لابد من غلبة أحد الأخلاط والكيفيات عليه فحرص الناصح على تعديل قوى الشهوة ، والغضب من كل وجه وهذا أمر يتعذر وجوده إلا في حق أفراد من العالم ، فلذلك لم يذكر الله تعالى الهوى في كتابة إلا ذمة ، وكذلك في السنة لم يجئ إلا مذموما إلا ما جاء منه مقيدا كقوله صلى الله عليه وسلم (( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به )) وقد قيل الهوى كمين لا يؤمن .
قال الشعبي : " وسمي هوى لأنه يهوي بصاحبه ، ومطلقة يدعو إلى اللذة الحاضرة من غير فكر في العاقبة ، ويحث على نيل الشهوات عاجلاً وإن كانت سبباً لأعظم الآلام عاجلا وآجلا فلدينا عاقبة قبل عاقبة الآخرة ، والهوى يحمي صاحبها من ملاحظتها والمروءة والدين والعقل ينهي عن لذة تعقب الماء وشهوة تورث ندماً فكل منها يقول للنفس إذا ارادت ذلك لا تفعلي والطاعة لمن غلب .ألا ترى أن الطفل يؤثر ما يهوى وان أداه إلى التلف لضعف ناهي العقل عنده ومن لا دين له يؤثر ما يهواه وإن أداه إلى هلاكه في الآخرة لضعف ناهي الدين ومن لا مروءة له يؤثر ما يهواه وإن ثلم مروءته أو عدمها لضعف ناهي المروءة
فأين هذا من قول الشافعي رحمه الله تعالي : لو علمت أن الماء البارد يثلم مروءتي لما شربته
ولما امتحن المكلف بالهوى من بين سائر البهائم وكان كل وقت تحدث عليه حوادث جعل فيه حاكمان : حاكم العقل وحاكم الدين ، وأمر أن يرفع حوادث الهوى دائماً إلى هذين الحاكمين وأن ينقاد لحكمهما وينبغي أن يتمرن على دفع الهوى المأمون العواقب ليتمرن بذلك على ترك ما تؤذي عواقبه . فإن قيل : فكيف يتخلص من هذا من قد وقع فيه ؟ قيل : يمكنه التخلص بعون الله وتوفيقه له بأمور :
أحدهما : عزيمة حر يغادر لنفسه وعليها
الثاني :جرعة صبر يصبر نفسه على مرارتها تلك الساعة
الثالث : قوة نفس تشجعه على شرب تلك الجرعة ، والشجاعة كلها صبر ساعة وخير عيش أدركه العبد بصبره
الرابع : ملاحظته حسن موقع العاقبة والشفاء بتلك الجرعة .
الخامس : ملاحظته الألم الزائد على لذة طاعة هواه
السادس : إبقاؤه على منزلته عند الله تعالى وفي قلوب عباده ، وهو خير وأنفع له من لذة موافقة الهوى .
السابع : إيثارة لذة العفة وعزتها وحلاوتها على لذة المعصية .
الثامن : فرحة بغلبة عدوه ورده خاسئاً بغيظه وهمه وغمه وهمه حيث لم ينل منه أمنيته والله تعالى يحب من عبده يراغم عدوه ويغيظه كما قال الله تعالى في كتابه العزيز ( ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح ) [ التوبة : 120 ] ، وقال ( ليغيظ بهم الكفار ) [ الفتح : 29 ٍ] وقال تعالى : ( ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة ) [النساء 100 ] أي مكانا يراغم فيه أعداء الله وعلامة المحبة الصادقة مغايظة اعداء المحبوب ومراقمتهم
التاسع : التفكر في أنه لم يخلق للهوى وإنما هي لأمر عظيم لا يناله إلا بمعصيته للهوى كما قيل .
قد هيأوك لأمر لو فطنت له فأربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
العاشر : ألا يختار لنفسه ان يكون الحيوان البهيم أحسن حالاً منه فإن الحيوان يميز بطبعه بين مواقع ما يضره وما ينفعه فيؤثر النافع على الضار والإنسان أعطي العقل لهذا المعنى فإذا لم يميز به بين ما يضره وما ينفعه أو عرف ذلك وأثر ما يضره كان حال الحيوان البهيم أحسن منه .
الحادي عشر : أن يسير بقلبه في عواقب الهوى فيتأمل كم أفاتت معصيته من فضيلة وكم أوقعت في رذيلة وكم أكلة منعت أكلات وكم من لذة فوتت لذات وكم من شهوة كسرت جاها ونكست رأسا وقبحت ذكرا وأورثت ذماً ،وأعقبت ذلا وألزمت عارا لا يغسله الماء غير أن عين صاحب الهوى عمياء
الثاني عشر : أن يتصور العاقل انقضاء غرضه ممن يهواه ثم يتصور حاله بعد قضاء الوطر وما فاته وما حصل له .
الثالث عشر : أن يتصور ذلك في حق غيره حق التصور ثم ينزل نفسه تلك المنزلة فحكم الشئ حكم نظيره .
الرابع عشر : أن يتفكر فيما تطالبه به نفسه من ذلك ويسأل عنه عقله ودينه يخبرانه بأنه ليس بشء
الخامس عشر : أن يانف لنفسه من ذل طاعة الهوى فإنه ما أطاع أحد هواه إلا وجد في نفسه ذلا ولا يقتر بصولة اتباع الهوى وكبرهم فهم أذل الناس بواطن قد جمعوا بين فصيلتي الكبر والذل
السادس عشر : أن يوازن بين سلامة الدين والعرض والمال والجاه ونيل اللذة المطلوبة ، فإنه لا يجد بينهما نسبة البتة ، فليعلم أنه من أسفه الناس ببيعه هذا بهذا
السابع عشر : أن يأنف لنفسه أن يكون تحت قهر عدوه فإن الشيطان إذا رأى من العبد ضعف عزيمة وهمه وميلاً إلى هواه – طمع فيه وصرعه وألجمه بلجام الهوى وساقه حيث أراد ومتى أحس منه بقوة عزم وشرف نفس وعلو همة لم يطمع فيه إلا اختلاساً وسرقة .
الثامن عشر : أن يعلم أن الهوى ما خالط شيئا إلا أفسده فان وقع في العلم أخرجه إلى البدعة والضلالة وصار صاحبه من جملة أهل الأهواء وإن وقع في الزهد أخرج صاحبه إلى الرياء ومخالفة السنة ، وإن وقع في الحكم أخرج صاحبة إلى الظلم وصده عن الحق ، وإن وقع في القسمة خرجت عن قسمة العدل إلى قسمة الجور وإن وقع في الولاية و العزل أخرج صاحبه إلى خيانة الله والمسلمين حيث يولى بهواه وبعزل بهواه وإن وقع في العبادة خرحت عن أن تكون طاعة وقربة ، فما قارن شيئا إلا أفسده .
التاسع عشر : أن يعلم أن الشيطان ليس له مدخل على إبن آدم إلا من باب هواه ، فإنه يطيف يه من أين يدخل عليه حتى يفسد عليه قلبه وأعماله فلا يجد مدخلا إلا من باب الهوى ، فسيرى معه سريان السم في الأعضاء ,
العشرون : أن الله سبحانه وتعالى جعل الهوى مضاداً لما أنزله على رسوله وجعل إتباعه مقابلا لمتابعة رسله ، وقسم الناس إلى قسمين : أتباع الوحي ، وأتباع الهوى ، وذكر كثير في القرآن الكريم كقوله تعالى : ( فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ) [ القصص : 50 ] وقوله تعالى ( ولئن اتبعت أهوائهم بعد الذى جاءك من العلم ) [ البقرة : 120 ] .
قال الإمام الحافظ شمس الدين ابن قيم الجوزية رحمه الله :
الهوى ميل الطبع إلى ما يلائمه ، وهذا الميل خلق في الإنسان لضرورة بقائه فإنه لولا ميله إلى المطعم والمشرب والمنكح ما أكل ولا شرب ولا نكح فالهوى مستحث له لما يريده كما أن القضب دافع عنه ما يؤذيه ، فلا ينبغي ذم الهوى مطلقاً ، ولا مدحه مطلقاً كما أن الغضب لا يذم مطلقاً ولا يحمد مطلقاً ، ولما كان الغالب من مطيع هواء وشهوته وغضبه أنه لا يقف فيه على حد المنتفع به أطلق ذم الهوى والشهوة والغضب لعموم غلبة الضرر لأنه يندر من يقصد العدل في ذلك ويقف عنده كما أنه يندر في الأمزجة المزاج المعتدل من كل وجه ، بل لابد من غلبة أحد الأخلاط والكيفيات عليه فحرص الناصح على تعديل قوى الشهوة ، والغضب من كل وجه وهذا أمر يتعذر وجوده إلا في حق أفراد من العالم ، فلذلك لم يذكر الله تعالى الهوى في كتابة إلا ذمة ، وكذلك في السنة لم يجئ إلا مذموما إلا ما جاء منه مقيدا كقوله صلى الله عليه وسلم (( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به )) وقد قيل الهوى كمين لا يؤمن .
قال الشعبي : " وسمي هوى لأنه يهوي بصاحبه ، ومطلقة يدعو إلى اللذة الحاضرة من غير فكر في العاقبة ، ويحث على نيل الشهوات عاجلاً وإن كانت سبباً لأعظم الآلام عاجلا وآجلا فلدينا عاقبة قبل عاقبة الآخرة ، والهوى يحمي صاحبها من ملاحظتها والمروءة والدين والعقل ينهي عن لذة تعقب الماء وشهوة تورث ندماً فكل منها يقول للنفس إذا ارادت ذلك لا تفعلي والطاعة لمن غلب .ألا ترى أن الطفل يؤثر ما يهوى وان أداه إلى التلف لضعف ناهي العقل عنده ومن لا دين له يؤثر ما يهواه وإن أداه إلى هلاكه في الآخرة لضعف ناهي الدين ومن لا مروءة له يؤثر ما يهواه وإن ثلم مروءته أو عدمها لضعف ناهي المروءة
فأين هذا من قول الشافعي رحمه الله تعالي : لو علمت أن الماء البارد يثلم مروءتي لما شربته
ولما امتحن المكلف بالهوى من بين سائر البهائم وكان كل وقت تحدث عليه حوادث جعل فيه حاكمان : حاكم العقل وحاكم الدين ، وأمر أن يرفع حوادث الهوى دائماً إلى هذين الحاكمين وأن ينقاد لحكمهما وينبغي أن يتمرن على دفع الهوى المأمون العواقب ليتمرن بذلك على ترك ما تؤذي عواقبه . فإن قيل : فكيف يتخلص من هذا من قد وقع فيه ؟ قيل : يمكنه التخلص بعون الله وتوفيقه له بأمور :
أحدهما : عزيمة حر يغادر لنفسه وعليها
الثاني :جرعة صبر يصبر نفسه على مرارتها تلك الساعة
الثالث : قوة نفس تشجعه على شرب تلك الجرعة ، والشجاعة كلها صبر ساعة وخير عيش أدركه العبد بصبره
الرابع : ملاحظته حسن موقع العاقبة والشفاء بتلك الجرعة .
الخامس : ملاحظته الألم الزائد على لذة طاعة هواه
السادس : إبقاؤه على منزلته عند الله تعالى وفي قلوب عباده ، وهو خير وأنفع له من لذة موافقة الهوى .
السابع : إيثارة لذة العفة وعزتها وحلاوتها على لذة المعصية .
الثامن : فرحة بغلبة عدوه ورده خاسئاً بغيظه وهمه وغمه وهمه حيث لم ينل منه أمنيته والله تعالى يحب من عبده يراغم عدوه ويغيظه كما قال الله تعالى في كتابه العزيز ( ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح ) [ التوبة : 120 ] ، وقال ( ليغيظ بهم الكفار ) [ الفتح : 29 ٍ] وقال تعالى : ( ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة ) [النساء 100 ] أي مكانا يراغم فيه أعداء الله وعلامة المحبة الصادقة مغايظة اعداء المحبوب ومراقمتهم
التاسع : التفكر في أنه لم يخلق للهوى وإنما هي لأمر عظيم لا يناله إلا بمعصيته للهوى كما قيل .
قد هيأوك لأمر لو فطنت له فأربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
العاشر : ألا يختار لنفسه ان يكون الحيوان البهيم أحسن حالاً منه فإن الحيوان يميز بطبعه بين مواقع ما يضره وما ينفعه فيؤثر النافع على الضار والإنسان أعطي العقل لهذا المعنى فإذا لم يميز به بين ما يضره وما ينفعه أو عرف ذلك وأثر ما يضره كان حال الحيوان البهيم أحسن منه .
الحادي عشر : أن يسير بقلبه في عواقب الهوى فيتأمل كم أفاتت معصيته من فضيلة وكم أوقعت في رذيلة وكم أكلة منعت أكلات وكم من لذة فوتت لذات وكم من شهوة كسرت جاها ونكست رأسا وقبحت ذكرا وأورثت ذماً ،وأعقبت ذلا وألزمت عارا لا يغسله الماء غير أن عين صاحب الهوى عمياء
الثاني عشر : أن يتصور العاقل انقضاء غرضه ممن يهواه ثم يتصور حاله بعد قضاء الوطر وما فاته وما حصل له .
الثالث عشر : أن يتصور ذلك في حق غيره حق التصور ثم ينزل نفسه تلك المنزلة فحكم الشئ حكم نظيره .
الرابع عشر : أن يتفكر فيما تطالبه به نفسه من ذلك ويسأل عنه عقله ودينه يخبرانه بأنه ليس بشء
الخامس عشر : أن يانف لنفسه من ذل طاعة الهوى فإنه ما أطاع أحد هواه إلا وجد في نفسه ذلا ولا يقتر بصولة اتباع الهوى وكبرهم فهم أذل الناس بواطن قد جمعوا بين فصيلتي الكبر والذل
السادس عشر : أن يوازن بين سلامة الدين والعرض والمال والجاه ونيل اللذة المطلوبة ، فإنه لا يجد بينهما نسبة البتة ، فليعلم أنه من أسفه الناس ببيعه هذا بهذا
السابع عشر : أن يأنف لنفسه أن يكون تحت قهر عدوه فإن الشيطان إذا رأى من العبد ضعف عزيمة وهمه وميلاً إلى هواه – طمع فيه وصرعه وألجمه بلجام الهوى وساقه حيث أراد ومتى أحس منه بقوة عزم وشرف نفس وعلو همة لم يطمع فيه إلا اختلاساً وسرقة .
الثامن عشر : أن يعلم أن الهوى ما خالط شيئا إلا أفسده فان وقع في العلم أخرجه إلى البدعة والضلالة وصار صاحبه من جملة أهل الأهواء وإن وقع في الزهد أخرج صاحبه إلى الرياء ومخالفة السنة ، وإن وقع في الحكم أخرج صاحبة إلى الظلم وصده عن الحق ، وإن وقع في القسمة خرجت عن قسمة العدل إلى قسمة الجور وإن وقع في الولاية و العزل أخرج صاحبه إلى خيانة الله والمسلمين حيث يولى بهواه وبعزل بهواه وإن وقع في العبادة خرحت عن أن تكون طاعة وقربة ، فما قارن شيئا إلا أفسده .
التاسع عشر : أن يعلم أن الشيطان ليس له مدخل على إبن آدم إلا من باب هواه ، فإنه يطيف يه من أين يدخل عليه حتى يفسد عليه قلبه وأعماله فلا يجد مدخلا إلا من باب الهوى ، فسيرى معه سريان السم في الأعضاء ,
العشرون : أن الله سبحانه وتعالى جعل الهوى مضاداً لما أنزله على رسوله وجعل إتباعه مقابلا لمتابعة رسله ، وقسم الناس إلى قسمين : أتباع الوحي ، وأتباع الهوى ، وذكر كثير في القرآن الكريم كقوله تعالى : ( فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ) [ القصص : 50 ] وقوله تعالى ( ولئن اتبعت أهوائهم بعد الذى جاءك من العلم ) [ البقرة : 120 ] .
تعليق