أين نحن من الزهد ؟؟؟
أخوانى يا عباد الله
ان الزهد أصبح من العبادات المنسية المفقودة فى هذا الزمان ، فنجد ان الزاهد فى هذا الزمان أصبح درويشاً مجنوناً فاقداً لصوابه ، ففى زمان كثر فيه الطرف و الرفاهية أصبحت فى كل مكان ، لذلك نجد ان الناس معظمهم قد توجهوا للدنيا و طلبوها بكل الطرق المسموحة منها و الممنوعة .
فالزهد من العبادات التى تقرب العبد من ربه ، فما اعظم الزهد لله ، وما أجلها من عبادة ، فالزهد تفريغ القلب من حب الدنيا وشهواتها، وامتلاؤه بحب الله ومعرفته. وعلى قدر تخلص القلب من تعلقاته بزخارف الدنيا ومشاغلها يزداد لله تعالى حباً و تقرباً، ولهذا اعتبر العارفون الزهد وسيلة للوصول إلى الله تعالى، وشرطاً لنيل حبه ورضاه
فأين نحن من الزهد اليوم ؟؟؟
أسأل نفسك يا عبد الله
أين الزهد فى المأكل و المشرب و الملبس ؟؟؟
الزهد لغةً
لزهد لغة: هو القلة في كل شيء، والشيء الزهيد هو القليل، وإنسان مُزهد أي قليل المال، والزهيد هو قليل المطعم، ومنه قول الله عز وجل{:وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين {يوسف: 20
الزهد إصطلاحاً
هو بغض الدنيا والإعراض عنها، وهو ترك راحة الدنيا طلبًا لراحة الآخرة، وعرفه الجرجاني فقال: «هو أن يخلو قلبك مما خلت منه يدك».
ويعرفه ابن تيمية فيقول: «الزهد ترك الرغبة فيما لا ينفع في الدار الآخرة وهو فضول المباح فيما يستعان به على طاعة الله»
ويعرفه ابن الجوزي فيقول: «هو عبارة عن انصراف الرغبة عن الشيء إلى ما هو خير منه».
ومثال ذلك ترك الدنيا لحقارتها بالنسبة إلى نفاسة الآخرة، ومعنى ذلك أن من رغب عن شيء وليس مرغوبًا فيه ولا مطلوبًا في نفسه لا يسمى زاهدًا، ويقول ابن القيم عنه: «الزهد سفر القلب من وطن الدنيا وأخذه منازل الآخرة».
هذا هو الزهد
فهل وجدت نفسك يا عبد الله
من الزاهدين ....
تعالى الان ننظر فى ماذا يمكن ان نزهد
و فيما يكون
الزهد فى المال
لا نقول لكِ أخى المسلم ارفض المال ، و لكن نقول أستخدم مالكِ فيما يرضى الله عنكِ ،فتكون فى هذة الحالة من أتقى العباد الزاهدين مثل عثمان بن عفان رضى الله عنه و عبد الرحمن بن
عوف رضى الله عنه كانوا من أصحاب الأموال وكانوا يستخدمون ذلك المال في طاعة ربهم.
الزهد فى السلطان
اى يكون المسلم فى منصب من المناصب لكن مسلم مؤمن قلبه غير متعلق بهذا المنصب ، بل يقوم بمساعدة الآخرين و ينشر العدل و الخير من خلال هذا المنصب ، و الافضل ان لا يطلب المنصب و السلطان لله .
الزهد فى الملبس
فلا نقول أرتدى الممزق و البالى بل ارتدى ما هو يسترك و يظهرك بالمظهر اللائق ولا تصرف و لا تترف فى ملبسك فليس من الزهد أن يكون الرجل أشعث أغبر، لا يحسن ما يلبس، ففي الحديث: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر». قال رجل: يا رسول الله، إني أحب أن يكون ثوبي نظيفًا ونعلي نظيفةً أذاك من الكبر! قال: «لا، الكبر بطر الحق وغمط الناس». [رواه مسلم]
الزهد فيما فى ايدى الناس
اى لا تتطلع اخى فيما ليس فى مقدرتك و أستعفف و أستغنى ليغنيك الله و يزيدك رفعهً و عزاً بهذا الزهد
يقول صلى الله عليه وسلم : «ازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس»، فإن جاء من الناس للعبد شيء بدون استشراف نفس فلا بأس به.
زهد النفس
لا تعجب بنفسك يا عبد الله ، و لا تظن نفسك من أفضل الناس و أشرفهم و أعلمهم و لا تظن بنفسك أنك
ستخرق الأرض، أو تبلغ الجبال طولاً، فتواضع أخى و أخفض جناحك للمؤمنين و لا تغتر بمالك و لا منصبك و لا جاهك، كما أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم (:واخفض جناحك للمؤمنين )الحجر:88
ما يعين عباد الله على الزهد
أ- علم العبد أن الدنيا ظل زائل وخيال زائر، فهي كما قال تعالى:( اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور)[الحديد:20].
ب- علم العبد أن وراء الدنيا دارًا أعظم منها قدرًا وأجل وهي دار البقاء.
جـ- معرفة العبد وإيمانه الحق بأن زهده في الدنيا لا يمنعه شيئًا كتب له منها وأن حرصه عليها لا يجلب له ما لم يُقْضَ له منها.
آيات في الزهد
وقوله تعالى: {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى} [طه: 131].
وقوله تعالى: {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى} [طه: 131].
وقوله تعالى:{ من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب} [الشورى: 20].
{يا أيُّها الناسُ إنَّ وَعْدَ اللهِ حقٌّ فلا تغُرَّنَّكُم الحياةُ الدنيا ولا يَغُرَّنَّكُم بالله الغَرورُ} [الروم: 60]
{وما هذه الحياة الدنيا إلا لهوٌ ولَعِبٌ وإنَّ الدارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الحيوانُ لو كانوا يعلمونَ} [العنكبوت: 64].
أيضًا الزهد في كثير من الأحاديث:
ما رواه البخاري ومسلم من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : «اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة، فاغفر للأنصار والمهاجرة».
ما رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن الشخير رضيالله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ:( ألهاكم التكاثر) قال: «يقول ابن آدم: مالي مالي، قال: وهل لك يا ابنآدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت».
ما رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : «تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة، إن أعطي رَضِيَ، وإن لم يُعطى لم يرضَ».
ما رواه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل»، وقد كان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك.
ما رواه ابن ماجه في سننه وصححه الألباني من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجل وقال له: دلني على عمل إذا أنا عملته أحبني الله وأحبني الناس؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : «ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس».
ما رواه ابن ماجه في سننه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تزهد في الدنيا وتذكر في الآخرة».
أمثلة تطبيقية في الزهد من حياة سيد الزاهدين
الرسول صلى الله عليه وسلم :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : «اللهم اجعل رزق آل محمد قوتًا».
من أقوال سلف الائمة عن الزهد :
قال ابن مسعود رضي الله عنه: الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ولها جمع من لا علم له.
و فى الختام أخوانى يا عباد الله أزهدوا فى الدنيا ، فما عيش الا عيش الاخرة ، ففى الزهد فى الدنيا نجد حياة القلوب و تزكية النفوس ، و ليس معنى هذا ان نعزف عن الدنيا و نترك العمل فيها و الاخذ بالاسباب و لكن نعلم ان لا شئ سوف يحدث لنا الا بمشيئة الله ، و نتعلم الزهد على مراد الله و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم
ختاماً
وصف الإمام النووي رحمه الله تعالى هذه الفئة الصالحة من الأمة فقال :
إنَّ لله عباداً فُطَنا طلَّقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا أنها ليس لحيٌّ سَكنا
جعلوها لُجَّةً واتخذوا صالح الأعمال فيها سُفنا
"رياض الصالحين" للإمام النووي
تعليق