تعالوا وشوفوه .. إزاي غيروة .. وحولوه من مسلم أثـــــري لمسلم عصـــــري .. !!!!
’م’’ شخص طيب جدا وملتزم وبالرغم من إن علمه الشرعي علي قده يعني مش بيحضر دروس علم ولا بيقرأ كتب دينية كثير .. لكن كل اللي بيوصل له من الدين بيحاول يطبقه بإلتزام .. فهو مصلي صوام قوام مكثر من أفعال البر وينأي عن كل الشبهات .. حياته بسيطة جميلة ما بين بيته وأسرته والصحبة الصالحة وسعادته كاملة بيلاقيها مع القرآن وقراءة سيرة الصحابة والسلف الصالح .. وبيحاول قدر الإمكان يبعد عن مناطق الاختلاط والمنكرات ..
ومشيت حياة ’’م’’ بالشكل دة فترة طويلة لغاية ما فجأة قابل ’’ش’’ صديق قديم انقطعت أخباره عنه لفترة طويلة .. وبعد السؤال عن الحال والأحوال ..
نظر ’’ش’’ لصاحبه شذرا وقال له .. ’’إيه البهدلة اللي أنت مبهدلها في نفسك دي ؟؟.. إيه دقنك الطويلة أوي دي وإيه الجلبية القصيرة دي .. مالك يا ابني إيه اللي دهولك كدة؟؟"..
’’ ابتسم ’’م’’ وقال له ’’ الحمدلله ربنا أنعم عليا بالإلتزام وبأحاول أطبق السُنة في مظهري وأفعالي’’ .. تأفف ’’ش’’ وأظهر امتعاضه قائلا .. ’’وهي السُنة يعني متطبقش إلا لما الواحد يهمل في مظهره .. دا أنت شكلك بقي أكبر من سنك الحقيقي يا أخي ؟؟.. ليه متعيش حياتك وتعيش سنك ..؟؟ .. لحيتك دي ليه متقصرهاش وتخليها روشة شوية .. وتبقي جمعت ’’الحسنيين’’ سنة وعصرية .. الجلباب دة مش شرط ولا لازم يعني .. وحتي بيقيد حركتك ويخلي الكل ينفر منك .. طيب ما أنا أهو لا سايب لحيتي ولا بألبس جلاليب .. وزيي زيك مسلم وملتزم بأصلي وبأدي الفروض وبأرضي ربي بس عايش حياتي .. وبأدعوا لديني والناس بتتقبل كلامي .. مش قافل علي نفسي زيك وتلاقي الناس كمان بتهرب منك ’’
أخونا ’’م’’ قال لصاحبه "لكن اللحية والجلباب دول سُنة ودة كان مظهر النبي صلي الله عليه وسلم .. واللي بيحب حد أكيد بيقلده" ..
بدأ ’’ش’’ يتعصب وقال "كلنا بنحب النبي بس اللحية واللبس دي حاجات شكلية ملهاش لازمة وربك رب قلوب .. أنت يا إبني ما تفوق م الغيبوبة اللي أنت فيها دي .. المسلمين بتدبح في كل مكان وأنت لسة قاعد تردد كلام الكل زهق منه عن اللحية والجلباب .. وبعدين يا سيدي مش بنقول لك احلق لحيتك بس قصرها شويتين تلاتة .. أنت مشوفتش الشيخ "x" والشيخ "o".. منهم اللي من غير لحية ومنهم اللي لحيته خفيفة .. يعني أنت مثلاً هتطلع أفضل من دول واللا بتفهم في الدين أكثر منهم؟؟ .. طيب تعالي اركب معايا أوصلك بعربيتي ونكمل كلامنا دا أنت باين عليك حكايتك حكاية" ..
ركب أخونا ’’م’’ مع صاحبه ولقاه بيحط شريط في كاسيت العربية وفجأة لقي أغاني وموسيقي عالية .. استنكر ’’م’’ علي صاحبه وقال له "أنت مش عارف إن الموسيقي حرام ؟؟"..
نفخ ’’ش’’ نفخة قوية وقال له "مش بأقول لك أنك مقفل الدنيا علي نفسك .. أنت فاكر أن الكلمتين اللي أنت حفظتهم عن أن الأغاني حرام مفيش حد رد عليهم وعرفنا إن الموضوع فيه آراء واحنا بناخد برأي الشيخ "o" اللي أباح فيها الأغاني مادامت أغاني هادفة ولها معاني كويسة .. وأنا بأشغل أغاني هادفة عن محبة النبي أو عن اللي بيجرا في فلسطين .. وفيه أغاني كثيرة لها معاني هادفة .. أبقي أنا كدة أجرمت أو عملت شيئ وحش .. اسمع وبعدين قول رأيك متبقاش تحكم علي الشيئ من غير ما تفهم".. أخونا ’’م’’ كان علمه علي قده .. معرفش يرد .. وفعلا سمع .. ولقي كلمات جميلة .. وحس أن ’’ش’’ عنده حق .. وفي طريقهم قابلوا مجموعة من أصحاب ’’ش’’ شباب شكلهم محترم وكلامهم بذوق وأدب وراحوا مع بعض للنادي يدردشوا شوية .. ’’م’’ لقي الشلة دي شعلة نشاط وبيرتبوا مع بعض لأعمال خيرية كثير وفعلا كان مبهور بأفكارهم وفاعليتهم ..
افترق ’’ش’’ و ’’م’’ علي وعد بزيارة أسرية للتعارف بين الأسرتين ظل ’’م’’ طوال اليوم يفكر في كلام صاحبه .. وميعرفش ليه في اليوم دة حس ببعض الملل .. بيته هادئ وأصحابه الهاديين وكلامهم المعروف المعتاد .. وافتكر صاحبه’’ش’’ ومظهره الشبابي الأنيق ..وكمان أصحابه اللي كلهم حيوية ونشاط وكلامهم الجديد الجذاب .. ونظر لنفسه في المراية وكان ماسك لحيته وكأنه بيشاور عقله .. لكن سرعان ما هز رأسه وكانه ينفض الفكرة من رأسه ..
مرت أيام .. وبعد اتفاق ..
استقبل ’’م’’ صديقه ’’ش’’ وزوجته .. وكانت زوجته محجبة حجاب عادي .. وكانت زوجة ’’م’’ منتقبة,, ..
وظهر الضيق علي وجه ’’ش’’ وسأل صاحبه "ليه زوجتك أخدت زوجتي وقعدوا جوة .. ليه مقعدوش معانا’’ ..
استغرب ’’م’’ من صاحبه وقال له "المفروض ميكونش فيه اختلاط" ..
رفع ’’ش’’ حاجبيه ونظر باشمئناط لصاحبه وقال له "حرام عليك يا شيخ دا أنت مخلي الدنيا ظلمة أوي .. خايف شوية كدة تقول لي أن النفس اللي أنا بأتنفسه حرام .. زوجتك وبحجابها وأنت معاها .. وزوجتي نفس الشيئ يبقي إيه اللي يحرم جلسة نتبادل فيها كلام وحوار عادي جدا؟؟.. فيه إيه مالك خنقة كدة ليه ؟؟"..
وأخرج ’’ش’’ شنطة مليئة بكتيبات ومطويات وسي ديهات وجميعها لمجموعة معينة من المشايخ والدعاة عن موضوعات شتي .. عن الموسيقي وعن الاختلاط وعن اللحية وعن النقاب وعن التعامل مع أهل الكتاب ...... إلخ .. وقعد ’’ش’’ طول الجلسة يشرح ويقول مبررات وأدلة لوجهة نظره المخالفة لـ ’’م’’ في كل شيئ .. أما ’’م’’ فقد قضي الجلسة مستمع مرتبك ومشوش خاصة وأن ’’ش’’ كان يقول الكلام بأدلة ويأكد أن الأمر أوسع من التضييق وإننا لازم نتخطي منطقة الخلافات دي ونكون أوسع أفق عشان عندنا قضايا أمة ومصالح مجتمع ..
كان كلام ’’ش’’ جذاب جدا ومقنع جداً بالنسبة لـ ’’م’’ وبدأ ’’م’’ فعلاً يقتنع ويتفاعل مع صاحبه ويوافقه في آراؤه .. وكان ’’ش’’ بيدلل علي كلامه بكتب لعلماء كبار .. فسأل ’’م’’ صاحبه "أنت إزاي قدرت تقرا الكتب اللي أنت بتحكي لي عنها دي كلها .. دا أنت أيام الجامعة كنت بتنام بعد ما تقرا سطرين من أي كتاب وكنت بتكره القراءة والكتب .. قريت الكتب دي إزاي وإمتي ؟؟" .. انزعج ’’ش’’ وتلعثم وحاول التهرب من الرد ..
ننقل المشهد دلوقتي لزوجة ’’ش’’ وزوجة ’’م’’ اللي كانوا قاعدين في الغرفة التانية .. وكانت زوجة ’’ش’’ بدأت تشعر بالملل من زوجة ’’م’’ وكانت حاسة أنها منغلقة وأفكارها فيها جمود بدون أي وعي أو فهم .. وحبيت تفتح معاها موضوع للنقاش وسألتها عن النقاب اللي هي لبساه وهل هي مقتنعة بأدلة وجوبه ؟؟.. كانت ردود زوجة ’’م’’ محدودة وقالت أنها بتحب النقاب وشايفة أنه فرض .. وهنا انقضت زوجة’’ش’’ بمنتهي القوة تفند وتأتي بمقتطفات من هنا وهناك وتذكر كلام مشايخ وفتاوي وكتب لمشايخ .. ولم تملك زوجة ’’م’’ إلا "التتنيح" !!! .. فلم يكن لديها لا علم ولا دليل ولا قدرة علي رد تلك القذائف .. فلاذت بالصمت .. ولم تترك زوجة’’ش’’ الفرصة بل استمرت في خطبتها العصماء وقد أعطاها انكماش صاحبتها ثقة وانطلاقاً فأخذت تعيد وتزيد حتي لقد كادت أن تصل لحافة القول بأن النقاب منكر محرم وأنه رجز من عمل الشيطان ..
انقضت الزيارة علي وعد بتكرارها .. ولكن البيت الذي خرج منه ’’ش’’ وزوجته لم يكن هو البيت الذي دخلاه .. فقد كان واضحاً انهما تركا بصمة قوية تكاد تكون ضربة قاضية لكل الأسس والمبادئ التي قام عليها هذا البيت ..
استمرت الاتصالات والزيارات بين الأسرتين ورويداً رويداً أصبح ’’م’’ عضو في شلة ’’ش’’ رغم شكله الشاذ وسطهم .. وكذا أصبحت زوجته صديقة لصديقات زوجة ’’ش’’ ..رغم شكلها المخالف .. وحلت تلك الصحبة محل صحبتهم القديمة التي لم يعد لها وقت ولا مكان في ظل مفاهيم وأفكار جديدة بدأت تحل بتلك الأسرة الصغيرة .. فقد كان العمل التطوعي والخيري مع تلك الشلة يأخذ معظم اليوم ولا يترك لهم وقت فراغ ..
ورويداً رويداً .. تآكلت لحية ’’م’’ واختفي جلبابه .. ولم تلبث أن بدأت الزوجة تبدي تبرمها من النقاب .. ’’أشعر بالاختناق .. الجو حر جدا .. بأحس بكتمة نفس’’ .. إلي أن اختفي النقاب ولم يعد له أثر وبررت ذلك لزوجها أنها اقتنعت بأدلة عدم وجوب النقاب .. ولم يستطع ’’م’’ الاعتراض فقد كان سباقاً في هذا الميدان ..وأصبح للبيت شكل جديد .. مسلسلات ’’هادفة’’ .. أغاني ’’هادفة’’ .. اختلاط ’’هادف’’ ..
وفي يوم من الأيام أخبر ’’ش’’ صديقه أن الشلة كلها هتروح رحلة لأحد الشواطئ وأنه لازم يكون معاهم ..
انزعج ’’م’’ ورد علي صاحبه .. "إزاي نروح البحر وأنت عارف المناظر اللي هناك شكلها إيه؟؟".. فضرب ’’ش’’ كف بكف وقال له "حقيقي مفيش فايدة فيك .. مهما نحاول نطورك هتفضل متحنط كدة طول عمرك .. !!.. إحنا مالنا ومال المناظر اللي هناك .. وبعدين ما المناظر دي بتلاقيها في الشغل وفي الشارع وفي المواصلات .. هل دة معناه إنك تقعد في بيتكم ومتخرجش؟؟"..
’’م’’ قال "لكن في الشارع والشغل والمواصلات أنت مضطر لأنك خارج لضرورة .. لكن لما تروح للبحر عشان تتفسح مفيش ضرورة لكن فيه ضرر" ..
وكان رد ’’ش’’ .. "إحنا ناس ملتزمين نخرج بالتزامنا لأي مكان وملناش دعوة باللي حوالينا بالعكس إحنا ممكن نكون بالتزامنا قدوة لغيرنا" ..
وطبعاً وكالعادة بعد حوار قصير كان ’’م’’ سريع الذوبان .. أقصد سريع الاقتناع..
المهم .. سافرت المجموعة لأحد المدن الساحلية ونزلوا في فندق قريب م البحر .. واجتمعت النساء ترتب السندويتشات والأكل ليوم كامل علي البحر .. ولما قربوا ينزلوا زوجة ’’م’’ شافت واحدة منهم بتحط ميك آب .. فراحت لها وقالت لها "هو مش دة حرام وانتي خارج البيت؟".. فردت عليها "لآلآلآلآ.. أصل أنا مرهقة ووشي مصفر شوية وسمعت من الدكتورة "a"أن الواحدة ممكن تحط ميك آب خفيف عشان بس تغطي أي ارهاق أو اصفرار .. مفيش مشاكل يعني" ..
نزلت المجموعة كلها علي الشاطئ وكانت المناظر في كل مكان ’’مقرفة’’ بمعني الكلمة ..
حاول ’’م’’ يغض بصره شمال .. يمين .. يحط وشه في الأرض .. لغاية ما لقي النجدة في السماء فلم يجد فيها إلا الطيور .. ولكنه بقي معظم اليوم متململ ومنزعج من وجوده في هذا المكان .. وكانت حوارات الشلة هزار وضحك وشوية كلام عن مشاريعهم الخيرية المقبلة ..
وبدأ ’’م’’ يشعر بالإختناق من كل شيئ حوله .. فتسلل من بين الجميع وانطلق ناحية البحر يقف أمامه لعل أمواجه تطفئ مشاعر الغضب والحنق والحزن التي اجتاحته فجأة .. فتذكر حياته السابقة وكيف كانت حياة راكدة لكنها كانت هادئة وهانئة وراضية .. وراجع حياته التي يحياها الآن .. وكيف أن السعي هنا وهناك وجلوسه مع تلك الصحبة قد استنزف كثير من وقته وجهده ولكنه يجد نفسه بعد كل هذا الجهد والوقت لم يقدم شيئ حقيقي لنفسه لم يرقي في طاعاته وقربه من ربه فانشغاله بالخلق أشغله عن نفسه وعن خالقه .. بل لربما يكون "إلف العادة" قد أنساه الاحتساب فيما يفعل من أعمال خير ..
نظر حوله للمكان الذي هو فيه الآن .. كيف أتي لمثل هذا المكان الموبوء ؟ كيف رضي أن يأتي بزوجته لمكان يمتلئ بالقذارة من الرجال والنساء علي الشواطئ ..
وفجأة شاهد ’’م’’ موجة مرتفعة تسارع نحو الشاطئ والناس سعيدة بتلك الأمواج المرتفعة .. ولا يدري لماذا تذكر ’’تسونامي’’ تلك الأمواج التي لم تترك طفلاً ولا شيخاً ولا ضعيفاً .. ولم تغادر صالح من طالح .. فقد ابتلع تسونامي الجميع .. فالعذاب إذا نزل علي أهل الفساد فسيعم الجميع .. {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} .. فكيف إذاً بمن سعي ليتواجد في مناطق الفساد بدعوي الترفيه والتنزه.. ؟؟.. فماذا لو نزل غضب الله تعالي علي مستحقيه في هذا المكان وكان هو وزوجته ممن يحل عليهم هذا الغضب لتواجدهم في هذا المكان بلا ضرورة ؟؟.. ماذا سيقول لربه ؟؟..
راجع حياته وسأل نفسه ..
هل كان يتمني أن يلقي ربه وهو في حياته الأولي الراكدة لكنها آمنة لأنها خارج نطاق الشبهات ؟؟..
أم يلقاه الآن وقد أوحلته الشبهات حول الحمي يوشك أن يقع فيها؟؟..
وتذكر كل ما مر به منذ دخل ’’ش’’ حياته .. وكيف أوقعته مصاحبته له في طريق يقذفه إلي الحرام قذفاً لأنه أورده طريق الشبهات فلم يعد بينه وبين الحرام وقاية ..
وتذكر أن ’’ش’’ الذي كان كثيراَ ما يُدعم أقواله بكلمات لعلماء بل وكتب لعلماء أجلاء من السلف ويؤكد أن تلك الكتب أباحت هذا القول أو ذاك .. لكنه عندما اشتري تلك الكتب ليبحث فيها ويستزيد علماً .. وسأل ’’ش’’ أين قول العالم الفلاني في الكتاب الفلاني .. فكان ’’ش’’ يتلعثم ويرتبك واضطر في النهاية أن يخبره أنه لا يعلم وأنه عندما ذكر له تلك الكتب .. كانت فقط لأنه استمع شيخه ’’الثقة’’ يذكرها لكنه في الحقيقة لم يطلع عليها بل كان يزين بها أقواله ليوحي بأحقيته ..
واكتشف أن ادعاءات ’’ش’’ لم تكن إلا اجتزاءات وتحريفات وفي أفضل أحوالها اقتفاء لزلات ..
وتذكر كيف أنه شاهد ’’ش’’ يستمع لأغاني عاطفية وعندما حدثه بأن ذلك يخرج عن نطاق الغناء ’’الهادف’’ المتفق عليه .. رد ’’ش’’ بأن هذه الأغنية معانيها يحملها ويعني بها زوجته فلا ضير في ذلك .. وبالتالي بدأ مسلسل التنازل ’’بالهادف’’ واستمر حتي ’’الحضيض’’ ومن يدري التبريرات التي يمكن أن يسمعها لإباحة أي فساد آخر ..
وتذكر كيف كانت تلك المجموعة تتعمد التشكيك وازدراء العلماء والمشايخ الربانيين ولم يتركوا نقيصة إلا وألحقوها بهم .. بدء من مشايخ النفط وانتهاء باتهامهم بالتطاول والعصبية والتعصب .. وما نقموا منهم إلا أنهم قالوا ’’هذا قول ربنا وهذا فعل نبينا’’ ولم يتمسكوا بأقوال بشر ولا زلات علماء ..
وتذكر كيف أن ’’ش’’ عنفه بشكل قاسي عندما وجده يستمع لأحد هؤلاء العلماء وسخر منه وأخبره أن السماع لهؤلاء سيعيده ’’للكهف’’ الذي كان يعيش فيه قبل أن يعرفهم ..
انتفض ’’م’’ وحاول إفاقة نفسه وانطلق يجري ولكنه كان قد قرر أن يعود ..
لآلآلآلآلآ .. لن يعود لحياته الأولي كما كانت .. فبالرغم من أنها كانت حياة آمنة لدينه لكنها أوقعته فيما هو فيه الآن .. فقلة العلم كادت أن تورده المهالك .. فلو كان عنده علم شرعي لحماه من الزلل ولأمكنه من صد كل شبهات ’’ش’’ .. لآلآلآلآلآ .. لن يعود لانغلاقه وانعزاله .. فالمسلم يجب أن يتعلم العلم وينشره بثبات ويقين .. لا أن ينغلق به وينعزل عن الناس ..
و .......
لآلآلآلآلآ .. لن يعود لحياته الثانية .. فحياة ’’ش’’ حياة أناس يحبون الحياة ويريدونها كما هي بكل مباهجها وزينتها مع ’’لمسة’’ أو ’’رتوش’’ دينية .. ويعلنوا بذلك أنهم دخلوا عالم الإلتزام ويجعلوا من أنفسهم عنوان للملتزمين وللوسطية .. والحقيقة أنهم متقفي آثار الشبهات .. مقتنصي زلات العلماء ..
انطلق ’’م’’ لزوجته وجذبها من يدها وانطلق بها فيما كان الجميع ينادون عليه متسائلين عما حدث له .. وكانت زوجته مذهولة من حاله متسائلة .. فكان جوابه .. "لازم نفوق م اللي احنا فيه ونكون مسلمين بجد .. لازم نعرف ديننا صح ولازم ننشره صح .. مش هنقفل علي نفسنا زي ما كنا زمان .. ومش هنسعي في الأرض من غير علم حقيقي زي ما انخدعنا مع ’’ش’’ وشلته .. حقيقي ’’ش’’ وأمثاله قدروا يفتنوا الناس لأنهم متفاعلين معاهم ومليين حياتهم بمشاريع لصالح الناس .. فالناس أتأثرت بيهم وجعلتهم رمز للإلتزام والتدين .. مش عشان تدينهم لكن عشان أنشطتهم وتفاعلهم .. وحقيقي فيه ناس عندهم العلم الحقيقي لكن انعزالهم في صومعة العلم وفقط .. جعلهم بعيد عن التفاعل مع الناس وبالتالي كثير من الناس بيرفضهم ولا يقبل الحق الذي بين أيديهم .. عشان كدة لازم تحقيق التوازن لمعادلة العلم الحقيقي والعمل الاجتماعي..
وبكدة بدأت حياة جديدة في حياة ’’م’’ وزوجته .. لكنها المرة دي حياة صح لأنها بدأت صح .. بدأت بنور العــلم الحقيقي ونية العمــل به ..
الخلاصــــة ..
خطي خطوة لتحت ..
7
7
كماااان خطوة تحت ..
7
7
إيه المانع من خطوات كمان لغاية ما نسقط في هاوية ..
خطي خطوة لفوق ..
8
8
كمان خطوة فوووق ..
8
8
إيه المانع من استمرار الصعود ..
الخلاصـــة مرة تانية ...
عزلة من غير علم ولا عمل ----> مش المسلم صح ..
انطلاق وتفاعل من غير علم ----> مش المسلم الصح ..
علم مع عزلة ----> مش المسلم الصح ..
الصح اللي فيه الخير للمسلم ولمجتمعه .. العلم والعمل والتفاعل ..
مش لازم أقضي عمري في طلب العلم وبس .. فالعلم بحر لا يشبع شاربه .. ورحم الله زماناً كان الرجال فيه لا يتعلمون إلا بقدر ما يعملون ..
ومش لازم أقضي عمري أدور في دايرة الخدمات والبحث عن مشاكل المجتمع من غير ما أقف مع نفسي وأعلمها العلم بحق عشان تعرف تتحرك صح .. ومش للدرجة اللي تنسيني نفسي وترقيتها في الطاعة لأن في النهاية {وكلكم آتيه يوم القيامة فردا}
لازم موازنة بين العلم والعمل .. لازم تقف علي أساس متين وبعدين تنطلق
ومشيت حياة ’’م’’ بالشكل دة فترة طويلة لغاية ما فجأة قابل ’’ش’’ صديق قديم انقطعت أخباره عنه لفترة طويلة .. وبعد السؤال عن الحال والأحوال ..
نظر ’’ش’’ لصاحبه شذرا وقال له .. ’’إيه البهدلة اللي أنت مبهدلها في نفسك دي ؟؟.. إيه دقنك الطويلة أوي دي وإيه الجلبية القصيرة دي .. مالك يا ابني إيه اللي دهولك كدة؟؟"..
’’ ابتسم ’’م’’ وقال له ’’ الحمدلله ربنا أنعم عليا بالإلتزام وبأحاول أطبق السُنة في مظهري وأفعالي’’ .. تأفف ’’ش’’ وأظهر امتعاضه قائلا .. ’’وهي السُنة يعني متطبقش إلا لما الواحد يهمل في مظهره .. دا أنت شكلك بقي أكبر من سنك الحقيقي يا أخي ؟؟.. ليه متعيش حياتك وتعيش سنك ..؟؟ .. لحيتك دي ليه متقصرهاش وتخليها روشة شوية .. وتبقي جمعت ’’الحسنيين’’ سنة وعصرية .. الجلباب دة مش شرط ولا لازم يعني .. وحتي بيقيد حركتك ويخلي الكل ينفر منك .. طيب ما أنا أهو لا سايب لحيتي ولا بألبس جلاليب .. وزيي زيك مسلم وملتزم بأصلي وبأدي الفروض وبأرضي ربي بس عايش حياتي .. وبأدعوا لديني والناس بتتقبل كلامي .. مش قافل علي نفسي زيك وتلاقي الناس كمان بتهرب منك ’’
أخونا ’’م’’ قال لصاحبه "لكن اللحية والجلباب دول سُنة ودة كان مظهر النبي صلي الله عليه وسلم .. واللي بيحب حد أكيد بيقلده" ..
بدأ ’’ش’’ يتعصب وقال "كلنا بنحب النبي بس اللحية واللبس دي حاجات شكلية ملهاش لازمة وربك رب قلوب .. أنت يا إبني ما تفوق م الغيبوبة اللي أنت فيها دي .. المسلمين بتدبح في كل مكان وأنت لسة قاعد تردد كلام الكل زهق منه عن اللحية والجلباب .. وبعدين يا سيدي مش بنقول لك احلق لحيتك بس قصرها شويتين تلاتة .. أنت مشوفتش الشيخ "x" والشيخ "o".. منهم اللي من غير لحية ومنهم اللي لحيته خفيفة .. يعني أنت مثلاً هتطلع أفضل من دول واللا بتفهم في الدين أكثر منهم؟؟ .. طيب تعالي اركب معايا أوصلك بعربيتي ونكمل كلامنا دا أنت باين عليك حكايتك حكاية" ..
ركب أخونا ’’م’’ مع صاحبه ولقاه بيحط شريط في كاسيت العربية وفجأة لقي أغاني وموسيقي عالية .. استنكر ’’م’’ علي صاحبه وقال له "أنت مش عارف إن الموسيقي حرام ؟؟"..
نفخ ’’ش’’ نفخة قوية وقال له "مش بأقول لك أنك مقفل الدنيا علي نفسك .. أنت فاكر أن الكلمتين اللي أنت حفظتهم عن أن الأغاني حرام مفيش حد رد عليهم وعرفنا إن الموضوع فيه آراء واحنا بناخد برأي الشيخ "o" اللي أباح فيها الأغاني مادامت أغاني هادفة ولها معاني كويسة .. وأنا بأشغل أغاني هادفة عن محبة النبي أو عن اللي بيجرا في فلسطين .. وفيه أغاني كثيرة لها معاني هادفة .. أبقي أنا كدة أجرمت أو عملت شيئ وحش .. اسمع وبعدين قول رأيك متبقاش تحكم علي الشيئ من غير ما تفهم".. أخونا ’’م’’ كان علمه علي قده .. معرفش يرد .. وفعلا سمع .. ولقي كلمات جميلة .. وحس أن ’’ش’’ عنده حق .. وفي طريقهم قابلوا مجموعة من أصحاب ’’ش’’ شباب شكلهم محترم وكلامهم بذوق وأدب وراحوا مع بعض للنادي يدردشوا شوية .. ’’م’’ لقي الشلة دي شعلة نشاط وبيرتبوا مع بعض لأعمال خيرية كثير وفعلا كان مبهور بأفكارهم وفاعليتهم ..
افترق ’’ش’’ و ’’م’’ علي وعد بزيارة أسرية للتعارف بين الأسرتين ظل ’’م’’ طوال اليوم يفكر في كلام صاحبه .. وميعرفش ليه في اليوم دة حس ببعض الملل .. بيته هادئ وأصحابه الهاديين وكلامهم المعروف المعتاد .. وافتكر صاحبه’’ش’’ ومظهره الشبابي الأنيق ..وكمان أصحابه اللي كلهم حيوية ونشاط وكلامهم الجديد الجذاب .. ونظر لنفسه في المراية وكان ماسك لحيته وكأنه بيشاور عقله .. لكن سرعان ما هز رأسه وكانه ينفض الفكرة من رأسه ..
مرت أيام .. وبعد اتفاق ..
استقبل ’’م’’ صديقه ’’ش’’ وزوجته .. وكانت زوجته محجبة حجاب عادي .. وكانت زوجة ’’م’’ منتقبة,, ..
وظهر الضيق علي وجه ’’ش’’ وسأل صاحبه "ليه زوجتك أخدت زوجتي وقعدوا جوة .. ليه مقعدوش معانا’’ ..
استغرب ’’م’’ من صاحبه وقال له "المفروض ميكونش فيه اختلاط" ..
رفع ’’ش’’ حاجبيه ونظر باشمئناط لصاحبه وقال له "حرام عليك يا شيخ دا أنت مخلي الدنيا ظلمة أوي .. خايف شوية كدة تقول لي أن النفس اللي أنا بأتنفسه حرام .. زوجتك وبحجابها وأنت معاها .. وزوجتي نفس الشيئ يبقي إيه اللي يحرم جلسة نتبادل فيها كلام وحوار عادي جدا؟؟.. فيه إيه مالك خنقة كدة ليه ؟؟"..
وأخرج ’’ش’’ شنطة مليئة بكتيبات ومطويات وسي ديهات وجميعها لمجموعة معينة من المشايخ والدعاة عن موضوعات شتي .. عن الموسيقي وعن الاختلاط وعن اللحية وعن النقاب وعن التعامل مع أهل الكتاب ...... إلخ .. وقعد ’’ش’’ طول الجلسة يشرح ويقول مبررات وأدلة لوجهة نظره المخالفة لـ ’’م’’ في كل شيئ .. أما ’’م’’ فقد قضي الجلسة مستمع مرتبك ومشوش خاصة وأن ’’ش’’ كان يقول الكلام بأدلة ويأكد أن الأمر أوسع من التضييق وإننا لازم نتخطي منطقة الخلافات دي ونكون أوسع أفق عشان عندنا قضايا أمة ومصالح مجتمع ..
كان كلام ’’ش’’ جذاب جدا ومقنع جداً بالنسبة لـ ’’م’’ وبدأ ’’م’’ فعلاً يقتنع ويتفاعل مع صاحبه ويوافقه في آراؤه .. وكان ’’ش’’ بيدلل علي كلامه بكتب لعلماء كبار .. فسأل ’’م’’ صاحبه "أنت إزاي قدرت تقرا الكتب اللي أنت بتحكي لي عنها دي كلها .. دا أنت أيام الجامعة كنت بتنام بعد ما تقرا سطرين من أي كتاب وكنت بتكره القراءة والكتب .. قريت الكتب دي إزاي وإمتي ؟؟" .. انزعج ’’ش’’ وتلعثم وحاول التهرب من الرد ..
ننقل المشهد دلوقتي لزوجة ’’ش’’ وزوجة ’’م’’ اللي كانوا قاعدين في الغرفة التانية .. وكانت زوجة ’’ش’’ بدأت تشعر بالملل من زوجة ’’م’’ وكانت حاسة أنها منغلقة وأفكارها فيها جمود بدون أي وعي أو فهم .. وحبيت تفتح معاها موضوع للنقاش وسألتها عن النقاب اللي هي لبساه وهل هي مقتنعة بأدلة وجوبه ؟؟.. كانت ردود زوجة ’’م’’ محدودة وقالت أنها بتحب النقاب وشايفة أنه فرض .. وهنا انقضت زوجة’’ش’’ بمنتهي القوة تفند وتأتي بمقتطفات من هنا وهناك وتذكر كلام مشايخ وفتاوي وكتب لمشايخ .. ولم تملك زوجة ’’م’’ إلا "التتنيح" !!! .. فلم يكن لديها لا علم ولا دليل ولا قدرة علي رد تلك القذائف .. فلاذت بالصمت .. ولم تترك زوجة’’ش’’ الفرصة بل استمرت في خطبتها العصماء وقد أعطاها انكماش صاحبتها ثقة وانطلاقاً فأخذت تعيد وتزيد حتي لقد كادت أن تصل لحافة القول بأن النقاب منكر محرم وأنه رجز من عمل الشيطان ..
انقضت الزيارة علي وعد بتكرارها .. ولكن البيت الذي خرج منه ’’ش’’ وزوجته لم يكن هو البيت الذي دخلاه .. فقد كان واضحاً انهما تركا بصمة قوية تكاد تكون ضربة قاضية لكل الأسس والمبادئ التي قام عليها هذا البيت ..
استمرت الاتصالات والزيارات بين الأسرتين ورويداً رويداً أصبح ’’م’’ عضو في شلة ’’ش’’ رغم شكله الشاذ وسطهم .. وكذا أصبحت زوجته صديقة لصديقات زوجة ’’ش’’ ..رغم شكلها المخالف .. وحلت تلك الصحبة محل صحبتهم القديمة التي لم يعد لها وقت ولا مكان في ظل مفاهيم وأفكار جديدة بدأت تحل بتلك الأسرة الصغيرة .. فقد كان العمل التطوعي والخيري مع تلك الشلة يأخذ معظم اليوم ولا يترك لهم وقت فراغ ..
ورويداً رويداً .. تآكلت لحية ’’م’’ واختفي جلبابه .. ولم تلبث أن بدأت الزوجة تبدي تبرمها من النقاب .. ’’أشعر بالاختناق .. الجو حر جدا .. بأحس بكتمة نفس’’ .. إلي أن اختفي النقاب ولم يعد له أثر وبررت ذلك لزوجها أنها اقتنعت بأدلة عدم وجوب النقاب .. ولم يستطع ’’م’’ الاعتراض فقد كان سباقاً في هذا الميدان ..وأصبح للبيت شكل جديد .. مسلسلات ’’هادفة’’ .. أغاني ’’هادفة’’ .. اختلاط ’’هادف’’ ..
وفي يوم من الأيام أخبر ’’ش’’ صديقه أن الشلة كلها هتروح رحلة لأحد الشواطئ وأنه لازم يكون معاهم ..
انزعج ’’م’’ ورد علي صاحبه .. "إزاي نروح البحر وأنت عارف المناظر اللي هناك شكلها إيه؟؟".. فضرب ’’ش’’ كف بكف وقال له "حقيقي مفيش فايدة فيك .. مهما نحاول نطورك هتفضل متحنط كدة طول عمرك .. !!.. إحنا مالنا ومال المناظر اللي هناك .. وبعدين ما المناظر دي بتلاقيها في الشغل وفي الشارع وفي المواصلات .. هل دة معناه إنك تقعد في بيتكم ومتخرجش؟؟"..
’’م’’ قال "لكن في الشارع والشغل والمواصلات أنت مضطر لأنك خارج لضرورة .. لكن لما تروح للبحر عشان تتفسح مفيش ضرورة لكن فيه ضرر" ..
وكان رد ’’ش’’ .. "إحنا ناس ملتزمين نخرج بالتزامنا لأي مكان وملناش دعوة باللي حوالينا بالعكس إحنا ممكن نكون بالتزامنا قدوة لغيرنا" ..
وطبعاً وكالعادة بعد حوار قصير كان ’’م’’ سريع الذوبان .. أقصد سريع الاقتناع..
المهم .. سافرت المجموعة لأحد المدن الساحلية ونزلوا في فندق قريب م البحر .. واجتمعت النساء ترتب السندويتشات والأكل ليوم كامل علي البحر .. ولما قربوا ينزلوا زوجة ’’م’’ شافت واحدة منهم بتحط ميك آب .. فراحت لها وقالت لها "هو مش دة حرام وانتي خارج البيت؟".. فردت عليها "لآلآلآلآ.. أصل أنا مرهقة ووشي مصفر شوية وسمعت من الدكتورة "a"أن الواحدة ممكن تحط ميك آب خفيف عشان بس تغطي أي ارهاق أو اصفرار .. مفيش مشاكل يعني" ..
نزلت المجموعة كلها علي الشاطئ وكانت المناظر في كل مكان ’’مقرفة’’ بمعني الكلمة ..
حاول ’’م’’ يغض بصره شمال .. يمين .. يحط وشه في الأرض .. لغاية ما لقي النجدة في السماء فلم يجد فيها إلا الطيور .. ولكنه بقي معظم اليوم متململ ومنزعج من وجوده في هذا المكان .. وكانت حوارات الشلة هزار وضحك وشوية كلام عن مشاريعهم الخيرية المقبلة ..
وبدأ ’’م’’ يشعر بالإختناق من كل شيئ حوله .. فتسلل من بين الجميع وانطلق ناحية البحر يقف أمامه لعل أمواجه تطفئ مشاعر الغضب والحنق والحزن التي اجتاحته فجأة .. فتذكر حياته السابقة وكيف كانت حياة راكدة لكنها كانت هادئة وهانئة وراضية .. وراجع حياته التي يحياها الآن .. وكيف أن السعي هنا وهناك وجلوسه مع تلك الصحبة قد استنزف كثير من وقته وجهده ولكنه يجد نفسه بعد كل هذا الجهد والوقت لم يقدم شيئ حقيقي لنفسه لم يرقي في طاعاته وقربه من ربه فانشغاله بالخلق أشغله عن نفسه وعن خالقه .. بل لربما يكون "إلف العادة" قد أنساه الاحتساب فيما يفعل من أعمال خير ..
نظر حوله للمكان الذي هو فيه الآن .. كيف أتي لمثل هذا المكان الموبوء ؟ كيف رضي أن يأتي بزوجته لمكان يمتلئ بالقذارة من الرجال والنساء علي الشواطئ ..
وفجأة شاهد ’’م’’ موجة مرتفعة تسارع نحو الشاطئ والناس سعيدة بتلك الأمواج المرتفعة .. ولا يدري لماذا تذكر ’’تسونامي’’ تلك الأمواج التي لم تترك طفلاً ولا شيخاً ولا ضعيفاً .. ولم تغادر صالح من طالح .. فقد ابتلع تسونامي الجميع .. فالعذاب إذا نزل علي أهل الفساد فسيعم الجميع .. {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} .. فكيف إذاً بمن سعي ليتواجد في مناطق الفساد بدعوي الترفيه والتنزه.. ؟؟.. فماذا لو نزل غضب الله تعالي علي مستحقيه في هذا المكان وكان هو وزوجته ممن يحل عليهم هذا الغضب لتواجدهم في هذا المكان بلا ضرورة ؟؟.. ماذا سيقول لربه ؟؟..
راجع حياته وسأل نفسه ..
هل كان يتمني أن يلقي ربه وهو في حياته الأولي الراكدة لكنها آمنة لأنها خارج نطاق الشبهات ؟؟..
أم يلقاه الآن وقد أوحلته الشبهات حول الحمي يوشك أن يقع فيها؟؟..
وتذكر كل ما مر به منذ دخل ’’ش’’ حياته .. وكيف أوقعته مصاحبته له في طريق يقذفه إلي الحرام قذفاً لأنه أورده طريق الشبهات فلم يعد بينه وبين الحرام وقاية ..
وتذكر أن ’’ش’’ الذي كان كثيراَ ما يُدعم أقواله بكلمات لعلماء بل وكتب لعلماء أجلاء من السلف ويؤكد أن تلك الكتب أباحت هذا القول أو ذاك .. لكنه عندما اشتري تلك الكتب ليبحث فيها ويستزيد علماً .. وسأل ’’ش’’ أين قول العالم الفلاني في الكتاب الفلاني .. فكان ’’ش’’ يتلعثم ويرتبك واضطر في النهاية أن يخبره أنه لا يعلم وأنه عندما ذكر له تلك الكتب .. كانت فقط لأنه استمع شيخه ’’الثقة’’ يذكرها لكنه في الحقيقة لم يطلع عليها بل كان يزين بها أقواله ليوحي بأحقيته ..
واكتشف أن ادعاءات ’’ش’’ لم تكن إلا اجتزاءات وتحريفات وفي أفضل أحوالها اقتفاء لزلات ..
وتذكر كيف أنه شاهد ’’ش’’ يستمع لأغاني عاطفية وعندما حدثه بأن ذلك يخرج عن نطاق الغناء ’’الهادف’’ المتفق عليه .. رد ’’ش’’ بأن هذه الأغنية معانيها يحملها ويعني بها زوجته فلا ضير في ذلك .. وبالتالي بدأ مسلسل التنازل ’’بالهادف’’ واستمر حتي ’’الحضيض’’ ومن يدري التبريرات التي يمكن أن يسمعها لإباحة أي فساد آخر ..
وتذكر كيف كانت تلك المجموعة تتعمد التشكيك وازدراء العلماء والمشايخ الربانيين ولم يتركوا نقيصة إلا وألحقوها بهم .. بدء من مشايخ النفط وانتهاء باتهامهم بالتطاول والعصبية والتعصب .. وما نقموا منهم إلا أنهم قالوا ’’هذا قول ربنا وهذا فعل نبينا’’ ولم يتمسكوا بأقوال بشر ولا زلات علماء ..
وتذكر كيف أن ’’ش’’ عنفه بشكل قاسي عندما وجده يستمع لأحد هؤلاء العلماء وسخر منه وأخبره أن السماع لهؤلاء سيعيده ’’للكهف’’ الذي كان يعيش فيه قبل أن يعرفهم ..
انتفض ’’م’’ وحاول إفاقة نفسه وانطلق يجري ولكنه كان قد قرر أن يعود ..
لآلآلآلآلآ .. لن يعود لحياته الأولي كما كانت .. فبالرغم من أنها كانت حياة آمنة لدينه لكنها أوقعته فيما هو فيه الآن .. فقلة العلم كادت أن تورده المهالك .. فلو كان عنده علم شرعي لحماه من الزلل ولأمكنه من صد كل شبهات ’’ش’’ .. لآلآلآلآلآ .. لن يعود لانغلاقه وانعزاله .. فالمسلم يجب أن يتعلم العلم وينشره بثبات ويقين .. لا أن ينغلق به وينعزل عن الناس ..
و .......
لآلآلآلآلآ .. لن يعود لحياته الثانية .. فحياة ’’ش’’ حياة أناس يحبون الحياة ويريدونها كما هي بكل مباهجها وزينتها مع ’’لمسة’’ أو ’’رتوش’’ دينية .. ويعلنوا بذلك أنهم دخلوا عالم الإلتزام ويجعلوا من أنفسهم عنوان للملتزمين وللوسطية .. والحقيقة أنهم متقفي آثار الشبهات .. مقتنصي زلات العلماء ..
انطلق ’’م’’ لزوجته وجذبها من يدها وانطلق بها فيما كان الجميع ينادون عليه متسائلين عما حدث له .. وكانت زوجته مذهولة من حاله متسائلة .. فكان جوابه .. "لازم نفوق م اللي احنا فيه ونكون مسلمين بجد .. لازم نعرف ديننا صح ولازم ننشره صح .. مش هنقفل علي نفسنا زي ما كنا زمان .. ومش هنسعي في الأرض من غير علم حقيقي زي ما انخدعنا مع ’’ش’’ وشلته .. حقيقي ’’ش’’ وأمثاله قدروا يفتنوا الناس لأنهم متفاعلين معاهم ومليين حياتهم بمشاريع لصالح الناس .. فالناس أتأثرت بيهم وجعلتهم رمز للإلتزام والتدين .. مش عشان تدينهم لكن عشان أنشطتهم وتفاعلهم .. وحقيقي فيه ناس عندهم العلم الحقيقي لكن انعزالهم في صومعة العلم وفقط .. جعلهم بعيد عن التفاعل مع الناس وبالتالي كثير من الناس بيرفضهم ولا يقبل الحق الذي بين أيديهم .. عشان كدة لازم تحقيق التوازن لمعادلة العلم الحقيقي والعمل الاجتماعي..
وبكدة بدأت حياة جديدة في حياة ’’م’’ وزوجته .. لكنها المرة دي حياة صح لأنها بدأت صح .. بدأت بنور العــلم الحقيقي ونية العمــل به ..
الخلاصــــة ..
خطي خطوة لتحت ..
7
7
كماااان خطوة تحت ..
7
7
إيه المانع من خطوات كمان لغاية ما نسقط في هاوية ..
خطي خطوة لفوق ..
8
8
كمان خطوة فوووق ..
8
8
إيه المانع من استمرار الصعود ..
الخلاصـــة مرة تانية ...
عزلة من غير علم ولا عمل ----> مش المسلم صح ..
انطلاق وتفاعل من غير علم ----> مش المسلم الصح ..
علم مع عزلة ----> مش المسلم الصح ..
الصح اللي فيه الخير للمسلم ولمجتمعه .. العلم والعمل والتفاعل ..
مش لازم أقضي عمري في طلب العلم وبس .. فالعلم بحر لا يشبع شاربه .. ورحم الله زماناً كان الرجال فيه لا يتعلمون إلا بقدر ما يعملون ..
ومش لازم أقضي عمري أدور في دايرة الخدمات والبحث عن مشاكل المجتمع من غير ما أقف مع نفسي وأعلمها العلم بحق عشان تعرف تتحرك صح .. ومش للدرجة اللي تنسيني نفسي وترقيتها في الطاعة لأن في النهاية {وكلكم آتيه يوم القيامة فردا}
لازم موازنة بين العلم والعمل .. لازم تقف علي أساس متين وبعدين تنطلق
منقوووووول
تعليق