بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
أما بعد ... أيتها الأخوات الفضليات ..
أسأل الله تعالى أن يثبتكن ، وأن يشرح صدوركنَّ ، وينفس كربكنَّ ، ويجعل من بعد خوف أمنا ، ومن بعد عسر يسرين ، ويرزقكنَّ من اليقين ما يهون به عليكنَّ مصائب الدنيا ، يجعلكنَّ حارسات لهذا الدين ، مدافعات عن أمهات المؤمنين ، وما أعظمها من منة !! وما أجلَّه من شرف .
أخواتي ..
ما لي أراكم هذا بائسات حزينات ، تشتكين ضيق الصدر ، ولسان حال الواحدة منكن : لم يصنع بي هكذا ؟؟ ألسنا على الحق ؟؟ فلم نعطَ الدنية في ديننا ؟؟
هل لم تفهمن بعد عن الله حكمته في الابتلاء ؟؟
هل الالتزام كان عندكن شعارات ؟؟ هل الواحدة منكن لم تسمع عن المطلوب من المؤمن حال البلاء ؟
ألا تعرفن أن الله كتب على عباده جميعا قسطًا من البلاء " إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا "[ الإنسان : 2 ]
ألا تعرفن أنَّ الله يبتلي عباده ليمحصهم وليعلم الصادق منهم من الكاذب :" أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ "[ العنكبوت : 2-3 ]
يا أختاه هذا قدر الله تعالى ، وقدره لا يأتي إلا بالخير ، فعلينا بالثبات ، وعلينا بالصبر والمصابرة ، وحسن الظن بالله تعالى ، وحسن التوكل عليه . قال تعالي: { قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }[ التوبة: 51 ]
عليك أن تكوني في هذا الموقف المؤمنة المحتسبة " مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[التغابن: 11 ]
قولي لربك: أنا لك أمة فافعل بي ما تشاء ، فلن أتزعزع ، ولن أتردد ، أنا راضية فإن تعذبني فأنا لك محبة ، وإن ترحمني فأنا لك محبة .
كان على بن أبي طالب رضي الله عنه يقول : " من رضي بقضاء الله جرى عليه وكان له أجر، ومن لم يرضى بقضاء الله جرى عليه وحبط أجره "
فاعلمي إن حلَّ بنا بلاء أنَّ هذا تقدير الملك القدير ، وأحبُّه إليه أحبُّه لنا .
فاثبتي ولا تنصاعي لكل ما حولك ، ولا تتنازلي ، وقولي : يا رب إن أردت بقوم فتنة فاقبضني إليك غير مفتونة .
وخذي بهذه الوصية الذهبية للإمام ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ وانظري في فقة الابتلاء لتعلمي من أنت ، ولماذا يحدث لك ذلك ؟
قال :" والمؤمن الحق هو من إذا اشتد به البلاء زاد إيماناً، فليس المؤمن بالذي يؤدي فرائض العبادات صورة ويتجنب المحظورات فحسب، إنما المؤمن هو الكامل الإيمان، لا يختلج في قلبه اعتراض ولا يساكن نفسه فيما يجرى وسوسه، وكلما اشتد البلاء عليه زاد إيمانه وقوى تسليمه، وقد يدعو فلا يرى للإجابة أثراً وسره لا يتغير لأنه يعلم أنه مملوك وله مالك يتصرف بمقتضى إرادته فإن احتلج في قلبه اعتراض خرج من مقام العبودية إلى مقام المناظرة كما جرى لإبليس "
فممن أنت ؟
من أولياء الرحمن ، أم من حزب الشيطان ؟
يا أختاه ..
أوصيك باللهج بالدعاء " ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا " قولي : " ربنا اصرف عنا العذاب إنا مؤمنون "
أوصيك بحسن الرجاء : ووالله ربنا لن يضيعنا .
أوصيك بكثرة البكاء فالنجاة في ثلاثة : ابك على خطيئتك وأملك عليك لسانك وليسعك بيتك .
ونلتقي إن شاء الله تعالى مع رسائل الثبات قبل الامتحانات ، يسر الله لكنَّ أموركنّ ودفع عنكن الأذى ....... والله المستعان
تعليق