كنت غافلاً عن الله
كنت غافلا عن الله.. بعيدا غارقا في لجج المعاصي والآثام.. فلما أراد الله لي الهداية قدر لي حادثا أعادني إلى رشدي وردني إلى الصواب..
ففي يوم من الأيام وبعد أن قضينا أياما جميلة في نزهة عائلية.. انطلقت بسيارتي عبر الطريق السريع ومعي أخواتي الثلاث.. وبدل أن أدعو بدعاء السفر المأثور، استفزني الشيطان بصوته وأجلب علي بخيله ورجله وزين لي سماع الأغاني لأظل سادرا غافلا عن الله.. ولم أكن حينذاك أحرص على سماع إذاعة القرآن الكريم أو الأشرطة الإسلامية النافعة للمشايخ والعلماء؛ لأن الحق والباطل لا يجتمعان في وقت واحد أبدا..
إحدى أخواتي كانت صالحة مؤمنة ذاكرة لله حافظة لحدوده.. طلبت مني أن أسكت الأغاني وأستمع إلى صوت الحق ولكنني لم أستجب لذلك وقد استحوذ علي الشيطان وملك علي جوارحي وفؤادي..
فأخذتني العزة بالإثم فرفضت طلبها، وقد شاركني في ذلك أختاي الأخريان.. وكررت أختي
المؤمنة طلبها، فازددت عنادا وإصرارا، وأخذنا نسخر منها ونحتقرها...
بل إني قلت لها ساخرا: إن أعجبك الحال وإلا أنزلتك على قارعة الطريق!!
فصمتت أختي على مضض وقد كرهت هذا العمل بقلبها، وأدت ما عليها والله سبحانه وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها..
وفجأة حصل ما لم يكن في الحسبان وبقدر من الله سبق، انفجرت إحدى عجلات السيارة ونحن نسير بسرعة شديدة فانحرفت السيارة عن الطريق وهوت في منحدر جانبي فأصبح أسفلها أعلاها بعد أن انقلبت عدة مرات.. وأصبحنا في حال لا يعلمها إلا الله العظيم..
فاجتمع الناس حول سيارتنا المنكوبة، وقام أهل الخير بإخراجنا من بين الحطام والزجاج المتناثر... ولكن ما الذي حدث؟.. لقد خرجنا جميعا سالمين، إلا من بعض الإصابات الخفيفة ما عدا أختي المؤمنة الصابرة المحتسبة الطيبة فقد توفيت.. نعم لقد ماتت أختي الحبيبة التي كنا نستهزئ بها واختارها الله إلى جواره، وإني لأرجو أن تكون في عداد الشهداء الأبرار، وأسأل الله أن يرفع منزلتها ويعلي درجتها في جنات النعيم.
أما أنا فقد بكيت على نفسي قبل أن أبكي على أختي...
وانكشف عني الغطاء فأبصرت حقيقة نفسي، وما كنت فيه من الغرور والغفلة والضياع..
وعلمت أن الله جل وعلا قد أراد بي خيرا، وكتب لي عمرا جديدا لأبدأ حياة جديدة ملؤها الإيمان بالله والعمل الصالح.
وكلما تذكرت أختي أذرف دموع الحزن والندم..
وأتساءل في نفسي: هل سيغفر الله لي؟
فأجد الجواب في كتاب الله عز وجل في قوله تعالى: { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم }.
المصدر : من قصص الدكتور عبد الرحمن العريفى
تعليق