السلام عليكــم ورحمة الله وبركاتة
جلس القاضي بين أهل العروسين ليحرّر أوراق عقد الزواج
ثم سأل أين الشهود؟
فسارع عدد من الحاضرين كل منهم قدم هويته،
فأصبح أمر الاختيار محرجاً حتى قال أحدهم:
نأخذ من طرف الزوج شاهداً ومن طرف العروس آخر،
وفعلاً وقع على العقد شاهدان،
هما أصلاً لا يعرفان عن الموضوع
غير أنهما سمعا والد العروس يردد خلف القاضي مخاطباً عروس ابنته: «زوجْتُك موكلتي البكر الرشيد فلانة على المهر المسمى بيننا.. إلخ». وانتهى العرس بالمراسم المعتادة وانصرف الزوجان إلى ليلتهما.
وبعد ساعات شقّ سكون الليل صوت شجار بينهما تجاوز الغرفة إلى البهو ثم إلى بيت أهلها، واجتمع أهله وهي تصيح: «لا تسبني فإني سبق لي الزواج وعند أهلي الأوراق». وقال والدها بعين مكسورة: «إنها لم تتزوج أكثر من ثلاث ليال وطلقت وهذا موضوع قديم ما أحببنا أن نزعجك به!». جُن جنون الزوج والناس بين مُهدِئ ومُشَعْلِل، وتزايد الكلام في أيام قلائل، وسمع الحاضر والبادي وتندر الناس بحاله، فما كان إلا أن ذهب الزوج بنفسه إلى المحكمة وقدّم للنيابة بلاغاً يتهم فيه الزوجة وأهلها بالغش والتزوير.. فماذا فعلت النيابة؟
إنها استدعت القاضي الذي عقد العقد ووكيل الزوجة والشاهدين، أما القاضي فخرج دون مساءلة لأن دوره ينحصر في وضوح العقد، وحضور العاقدين (أو توكيل)، وشاهدين، والتثبت من هوية كل الأطراف وإثبات بياناتهم بالعقد، وقد فعل الرجل. وأما وكيل الزوجة فقد سلّم عقد الزواج والطلاق السابقين وأقر بالإخفاء فتم إيقافه، وأما الشاهدان فقد دار بين كل منهما والنيابة هذا الحوار:
- هذه بياناتك وهذا توقيعك؟
الشاهد: نعم.
- هل تعرف أن شهادتك شرط لصحة العقد ومن دونها لا ينعقد؟ الشاهد: نعم.
- شَهِدْتَ على أن العروس وافقت على الزواج وليس لديها موانع شرعية فهل سمعت منها ذلك أو علمته بطريقة موثقة؟
الشاهد: لا.
- شَهِدْتَ على أنها بكر أي لم يسبق لها الزواج، وها هما عقدا زواج وطلاق موثقان فهل تعلم إن كان سبق لها الزواج أم لا؟
الشاهد: لا.
- شَهِدْتَ على أنها رضيت بالمهر المدون بالعقد وأنها تسلّمته أو فوضت وكيلها في تسلمه فهل علمت منها ذلك؟
قال: لا.
- ألا علمتني جزاك الله خيراً على ماذا شَهِدْتَ؟ الشاهد: إنها مجاملة عرفية؟ بل هي نكبة فقهية، ألم تعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عن الشهادة فقال لسائله: أترى الشمس؟ على مثلها فاشهد وإلا فدع.
- أتعرف يا شاهداً بما جهل ماذا جنيت؟ شهادة زور في الشرع وفي القانون، تستر على عيب لو علمه العاقد ما عقد، فهو غش وتدليس يُفسخ العقد به، ويُسجن فاعله جزاء تزوير في أوراق رسمية.
فما رأيك يا الحبيب لو دعوتك - تكريماً لك - لتشهد على عقد قران ابنتي! أتشهد؟
كتبه المستشار مصطفى عبدالعال
جلس القاضي بين أهل العروسين ليحرّر أوراق عقد الزواج
ثم سأل أين الشهود؟
فسارع عدد من الحاضرين كل منهم قدم هويته،
فأصبح أمر الاختيار محرجاً حتى قال أحدهم:
نأخذ من طرف الزوج شاهداً ومن طرف العروس آخر،
وفعلاً وقع على العقد شاهدان،
هما أصلاً لا يعرفان عن الموضوع
غير أنهما سمعا والد العروس يردد خلف القاضي مخاطباً عروس ابنته: «زوجْتُك موكلتي البكر الرشيد فلانة على المهر المسمى بيننا.. إلخ». وانتهى العرس بالمراسم المعتادة وانصرف الزوجان إلى ليلتهما.
وبعد ساعات شقّ سكون الليل صوت شجار بينهما تجاوز الغرفة إلى البهو ثم إلى بيت أهلها، واجتمع أهله وهي تصيح: «لا تسبني فإني سبق لي الزواج وعند أهلي الأوراق». وقال والدها بعين مكسورة: «إنها لم تتزوج أكثر من ثلاث ليال وطلقت وهذا موضوع قديم ما أحببنا أن نزعجك به!». جُن جنون الزوج والناس بين مُهدِئ ومُشَعْلِل، وتزايد الكلام في أيام قلائل، وسمع الحاضر والبادي وتندر الناس بحاله، فما كان إلا أن ذهب الزوج بنفسه إلى المحكمة وقدّم للنيابة بلاغاً يتهم فيه الزوجة وأهلها بالغش والتزوير.. فماذا فعلت النيابة؟
إنها استدعت القاضي الذي عقد العقد ووكيل الزوجة والشاهدين، أما القاضي فخرج دون مساءلة لأن دوره ينحصر في وضوح العقد، وحضور العاقدين (أو توكيل)، وشاهدين، والتثبت من هوية كل الأطراف وإثبات بياناتهم بالعقد، وقد فعل الرجل. وأما وكيل الزوجة فقد سلّم عقد الزواج والطلاق السابقين وأقر بالإخفاء فتم إيقافه، وأما الشاهدان فقد دار بين كل منهما والنيابة هذا الحوار:
- هذه بياناتك وهذا توقيعك؟
الشاهد: نعم.
- هل تعرف أن شهادتك شرط لصحة العقد ومن دونها لا ينعقد؟ الشاهد: نعم.
- شَهِدْتَ على أن العروس وافقت على الزواج وليس لديها موانع شرعية فهل سمعت منها ذلك أو علمته بطريقة موثقة؟
الشاهد: لا.
- شَهِدْتَ على أنها بكر أي لم يسبق لها الزواج، وها هما عقدا زواج وطلاق موثقان فهل تعلم إن كان سبق لها الزواج أم لا؟
الشاهد: لا.
- شَهِدْتَ على أنها رضيت بالمهر المدون بالعقد وأنها تسلّمته أو فوضت وكيلها في تسلمه فهل علمت منها ذلك؟
قال: لا.
- ألا علمتني جزاك الله خيراً على ماذا شَهِدْتَ؟ الشاهد: إنها مجاملة عرفية؟ بل هي نكبة فقهية، ألم تعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عن الشهادة فقال لسائله: أترى الشمس؟ على مثلها فاشهد وإلا فدع.
- أتعرف يا شاهداً بما جهل ماذا جنيت؟ شهادة زور في الشرع وفي القانون، تستر على عيب لو علمه العاقد ما عقد، فهو غش وتدليس يُفسخ العقد به، ويُسجن فاعله جزاء تزوير في أوراق رسمية.
فما رأيك يا الحبيب لو دعوتك - تكريماً لك - لتشهد على عقد قران ابنتي! أتشهد؟
كتبه المستشار مصطفى عبدالعال
تعليق