إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أدب النفس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أدب النفس

    أدب النفس - للعلامة الشيخ جمال الدين القاسمي -رحمه الله-






    --------------------------------------------------------------------------------







    أدب النفس











    كلّ من أعار الوجود نظرة البصير؛ عَلِمَ أنّ حاجة المرء إلى تأديب نفسه لا تفوقها حاجة؛ لأنّ الإنسان إلى الشر أميل منه إلى الخير، وإلى الشهوات النفسيّة منه إلى الكمالات الروحيّة، فكان من المحتم العناية بتهذيب خلقه، وتحليته بالمحاسن والفضائل، وتطهير نفسه من المساوئ والرذائل، فيصبح محمود الأقوال والأفعال، مثالاً للفضيلة والكمال.



    وهاك شذرة مما يلزمُك أن تتخلق به من آداب نفسك:



    عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، لا تستهن بفاضل شريف، لا تميلنّ إلى سخيف، لا تقولن هجراً لئلا يسقط قدرك، لا تفعلن نكراً لئلا يقبح ذكرك؛ إياك وفضول الكلام فإنه يظهر من عيوبك ما بطن، ويحرك من عدوك ما سكن، فكلام الإنسان بيان فضله، وترجمان عقله، فاقصر على الجميل، واقتصر منه على القليل، وإياك وما يستقبح من الكلام، فإنه ينفر عنك الكرام، ويوثب عليك اللئام.



    إياك واللجاج فإنه يوغر القلوب، وينتج الحروب، فاقتصر من الكلام على ما يثبت حجتك، ويبلغك حاجتك، ومن قال بلا احترام أجيب بلا احتشام، لا تعوّد نفسك إلا ما تحظى بأجره، وتحمد على ذكره، وإياك ومحاجة من يملك قهره، وينفذ فيك أمره.



    يستدل على رزانة الرجل بقلّة نطقه ومقاله، وعلى فضله بفضل علمه واحتماله، فأكرم إخوانك، وأكثر خلانك، واكفهم لسانك، فطعن اللسان أنفذ من طعن السنان.



    تعامَ عمّا تسوؤك رؤيته، وتغابَ عمّا تضرك معرفته، ولا تُشِرْ على ما لا يقبل منك، ولا تجب عمّا لا تسأل عنه، وإذا عاتبت فاسْتَبْقِ، وإذا صنعت معروفاً فاستره، وإذا صُنع إليك فانشره، وإذا أذنبت فاعتذر، وإذا أُذنب إليك فاغتفر، فالمعذرة بيان العقل، والمغفرة بيان الفضل، ولا تزهد في رجل عرف فضله، وجرب عقله، ولا تعن قوياً على ضعيف، ولا تؤثر دنيا على شريف، ولا تشر بما يعقب الوزر والإثم، ولا تفعل ما يقبّح الذكر والاسم.



    كرّم نفسك وعرضك من مضاحكة المُجَّان والمساخرِ، ولا يبالي بما يقابل من ضروب الاستخفافات التي تلحقه، فهو من شرار الناس، واحفظ لسانك من المزاح والسخرية والاستهزاء بالناس؛ فإنّ ذلك يُريق ماء الوجه، ويسقط المهابة، ويستجر من الوحشة، ويؤذي القلوب، وهو مبدأ اللجاج والغضب والتقاطع، ويثير الحقد في القلوب، القَ صديقك وعدوك بوجه الرضا من غير مذلة ولا هيبة منهما، وتوقر من غير كبر، وتواضع من غير مذلّة، ليكن ضالة عقلك التي ينشرها، ونجعته التي يرتادها: الحق، فاحكم به ولو على نفسك، ولا تكن ممن تأخذه العزّة بالإثم، فلا يصغي إلى الحق لكونه صدر عمن هو أدنى على ما يعتقد، بل العاقل يأخذ الحكمة حيث وجدت، وليس في الحق صغير ولا كبير، ولا تحابِ صديقك في الحق؛ بل الحقّ أجدرُ بالصداقة منه.



    اجتهد في محو الخرافات، والأوهام، والتصورات الباطلة، فإنها تفسد الملكات، وتدلّ على الجهل بحقائق الأمور، واطرح المبالاة بكل الناس لما تتوخاه من الحق، فإنّ السلامة من طعن الناس غاية لا تدرك، ومن راضَ نفسه على السكون إلى الحق، وتبين أنّ ألمه في أول صدقه كان اغتباطه بذم الناس إياه أشد من اغتباطه بمدحهم له، ومن لا عدو له لا خير فيه، ولا منزلة أسقط ممن لا عدو له؛ لأنها منزلة من ليس لله –تعالى- عنده نعمة يُحسد عليها، عافانا الله.



    لا تقبل سلطة فكرة إلا بعد فحص دقيق، فإنّ كلّ ما أُبطل ببرهان ضروري فليس بحق، وكلّ ما ثبت ببرهان فمعارضته شغب فاجتنبها، وليكن مرجعك إلى الحق، وفزعك إلى الصدق، فمن أضعفَ الحقَّ وخذله أضعفه الباطلُ.



    عليك بالنشاط في العمل، وترك البطالة والكسل، ولا تكن كَلاً على غيرك، فإنّ الرجل كل الرجل من يأكل من كسبه، ويشرب من وِرْده.



    أقدمْ على جلائل الأعمال مع الصبر والثبات، واحمل نفسك على معالي الأمور، والتشبث بأحسن الأعمال والأمور العظام والتهاون لنيلها بالآلام، فإنّ الكسل من النقائص التي توجب الخسائس والشرور، وتدلّ على ضعف في إدراك صاحبها وحطة في نفسه، ومن رضي بالدون التحف بالخمول، وفاتته معالي الأمور، وَآذَنَ لصبر نفسه، وقصد همته، وضعف غريزته، وقد قيل: «إذا رقدت النفس في فراش الكسل، استغرقت في بحر الحرمان».



    لا ترغب في سرعة العمل وارغب في إتقانه، ولا تؤخرنّ عملاً عن وقته، فإنّ الوقت الذي تؤخره له عمل، ولست تطيق ازدحام الأعمال؛ فإنها إذا ازدحمت دخلها الخلل، ولتكن أوقاتك عندك كلها ربيعاً، فالوقت من أسمى مواهب الخالق التي لا يمكن استعادتها متى فاتت؛ فلا تتصرف فيه بما يؤسفك على فواته.



    من هُم أقلّ منك معرفة وأدنى درجة فينبغي أن لا تكثر معهم اللجاجة، ولا تخالطهم إلا بقدر الحاجة، احذر من صحبة الفارغ فإنه يفتك بوقتك ولا فتك الوباء، فالمخالطة تؤثر، والطبع سراق، فاصحب الأخيار، وما وراء كثير من العفو إلا إضاعة الوقت سدى، وقطع مراحل الحياة على غير هدى.



    الوقت الذي تمضيه في أداء الواجبات الاجتماعية ليس بوقت ضائع؛ لأنّ حبّ الغير، ومعاونته، والعمل على نشر العلم، وتقليل وطأة الفاقة كلها من دلائل السعادة.



    احرص على سعادة غيرك، فإنّ اجتهادك في إسعاد غيرك إسعاد لنفسك، وقصر جهدك على إسعادك لنفسك إشقاء لها؛ لأنه إذا سعى كلٌّ لنفع غيره توفر النفع للجميع، وإذا سعى كلٌّ لمجرد نفع نفسه أضرّ بغيره، فتوفر الضرر للجميع.



    عليك بترتيب أعمالك وأوقاتك، فإنّ الترتيب فضيلة تحمل صاحبها على الاهتمام والعمل بما وثبه لنفسه، وهي تنشط النفوس وتريح البال، ويكون صاحبها مستجمعاً لفكرته، محافظاً على وقته.



    عليك أن تنام باكراً وتستيقظ في وقت السحَر فتؤدي العبادة المفروضة، وتأخذ في التهيؤ للدرس بالمطالعة والحفظ، ولا تشتغل بالمباحث التي لا شيء فيها إلا الحيرة، واعتمد بفحص كل الأمور صغيرها وكبيرها، لا تفرح إلا بما تأتيه من جليل الأعمال، فإنّ النفس إذا كبرت استشعرت الخلود، فعملت من الجميل ما يبقي على الأزمنة المتطاولة، وإذا نقص لم تحفل بما سيقبل من الأزمنة، ولا بجميل من الفعل، فآثرت عاجل الانتفاع على آجل الذكر.



    صُنْ الحكمة عن بثها لمن لا يدريها، وصُنْ درر المعاني عن ابتذالها؛ فإنّ ما تألفه ألسنة الغوغاء يذهب منه رونقه.



    القَ عدوك وصديقك بوجه طلق، وأعط كل ذي منصب حقه من التعظيم، ولا تعظم جاهلاً؛ فإنّ تعظيم الجاهل تقوية له على الجهل، ولا تحضر مجلساً يُبخس فيه حقّ الكريم، ويكرم اللئيم، ولا ترضَ بأن تُنزل منزلة لست بها بأهل، فإنه ليس شيء أضرّ على الدين والدنيا من تصدّر غير الأهل في مكان الأهل.



    ليكن مجلسك هادئاً، وحديثك موزوناً مرتباً، وإذا جلست فلا تستوفز، وتحفّظ من تشبيك أصابعك وفرقعتها والعبث بشاربيك ولحيتك وخاتمك، وتخليل أسنانك، وإدخال إصبعك في أنفك، وكثرة لعابك، وتنحنحك، والتمطي، والتثاؤب في وجوه الناس في الصلاة وغيرها.



    أصغِ إلى الكلام الحق ممن حدثك من غير إظهار تعجب مفرط، ولا تسأله إعادته، واسكت عن المضاحك والحكايات، لا تحدِث عن إعجابك بولدك، وشعرك، وكلامك، وتصنيفك، وسائر ما يخصك، إذا خاصمت فتوقّر وتحفّظ من جهلك، وتفكر في جهتك.



    لتكن سهل اللقاء والبشاشة ولو في حال المرض، وبادر بالتحية والبشر من تلقاه، واكتم بؤسك، واجعل شكواك لمن يقدر على غناك، ولا تحضر منازعة؛ فإنك لا تخلو من قسط من أذاها، ولو بالمطالبة بأداء الشهادة.



    إياك والانبساط فإنه عورة من عوراتك، فلا تبذله إلا لمأمون عليه حقيق به، لا تتصنع تصنع المرأة في التزين، ولا تتبذل تبذل العبد، ولا تلح في الحاجات، ولا تشجع أحداً على ظلم، لا تُعْلِم أحداً من أهلك وولدك فضلاً عن غيرهم مقدار مالك، فإنهم إن رأوه قليلاً هنت عليهم، وإن رأوه كثيراً لم تبلغ رضاهم قط، واجفهم من غير عنف، ولِنْ لهم من غير ضعف، ليكن لك فضل عزلة، فإنّ كثرة الخلطة مجلبة الابتذال.


    أصغ لمن ينتقد عليك، واهجر لمن يطريك بما ليس فيك، فإنّ من أظهر عيبك أراد تهذيبك، ومن عرّفك نقصك أرشدك للفضيلة، ولا تغتر بمن يطريك ولمّا تبلغ الكمال، إذا يئست من التغلب على مناوئك فاسلك معه سبيل المحاسنة دفعاً للشر بالمحاسنة، فليس من الحزم أن تصارع القوي وأنت ضعيف، وتكافح المُسَلّحَ وأنت أعزل، وتعاكس مجرى الظروف، وطبيعتها ما تري


    يُمنع اعلان لمواقع أخري قبل إذن الإدارة

  • #2
    رد: أدب النفس

    جزاكى الله خيرا يا أختى تسنيم
    كلمات رااااائعه
    سعيده بعودتك وفى انتظار جديدك
    التعديل الأخير تم بواسطة لؤلؤه بنقابى; الساعة 24-12-2009, 04:04 PM.

    تعليق

    يعمل...
    X