بِـسْــمِ اللهِ الـرحـمـٰـنِ الـرَّحِــيـم
الحمدُ لله ، والصلاةُ والسّلامُ علىٰ رسولِ الله
وأشهدُ أن لا إلـٰـهَ إلا الله ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا رسولُ الله
الحمدُ لله ، والصلاةُ والسّلامُ علىٰ رسولِ الله
وأشهدُ أن لا إلـٰـهَ إلا الله ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا رسولُ الله
السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتـُه
يقول الحقُّ تباركَ وتعالى :
{ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(125)وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ(126)وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127)إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ(128) } .. [ النحل ] .
{ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(125)وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ(126)وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127)إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ(128) } .. [ النحل ] .
يقول تعالى آمِرًا رسولَهُ محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يدعُوَ الخلقَ إلى اللهِ { بِالْحِكْمَةِ } أي: بما أنزلَهُ عليه من الكتاب والسنة ، {وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} أي: بما فيه من الزواجِرِ والوقائِعِ ليحذَرَ الناسُ بأسَ اللهِ تعالى .
ثم يَأمُرُ الحقُّ عزَّ وجلَّ نبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} أي: من احتاج منهم إلى مناظرةٍ وجدالٍ فليكن بالوجهِ الحسنِ برِفْقٍ ولينٍ وحسنِ خطاب ، كما قال عز وجل: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}[ العنكبوت : 46 ]، فأمرَهُ تعالى بلينِ الجانب ، كما أمرَ موسى وهارون عليهما السلام حين بَعَثَهُما إلى فرعونَ فقال: {فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}[ طه : 44 ].
ثم يُخْبِرُ الحقُّ عزَّ وجلَّ نبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أنهُ تعالى أعلمُ بمن ضلَّ عن الصراطِ السويِّ ، فقال تعالى: { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } أي: إنه عندَهُ سبحانَهُ تَقَدَّمَ عِلْمُ الشقيِّ منهم والسعيد ، وكَتَبَ ذلك عندَهُ وفرغ منه ، فعمَلُكَ يا محمد -صلى الله عليه وسلم- هو التبليغُ وإقامةُ الحُجَّة ، قال تعالى: { لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ } [ البقرة : 272 ] .
ثمَّ يأمُرُ الله تباركَ وتعالى المؤمنين بأن بتعامَلُوا بالعدل في الاقتصاص والمماثلةِ في استيفاءِ الحقّ { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ } ، ويُخبِرُهُم الرَبُّ عز وجل -بأسلوبِ الجَزْمِ والتّأكيد- أنَّ الصبرَ خيرٌ لهم { وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ } .
قوله: { وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ } يؤكِّدُ عزَّ وجلَّ بِهِ على أنَّ الصبرَ خيرٌ من الانتصارِ لغضبِ النَّفْس ، حيث أعاد ذِكْرَ الصبرِ مرةً أخرى ، وبذلك يكون أفضلَ عندَ اللهِ تعالى ، فهو -الصبر- مُهَذِّبٌ للنفسِ مُزيلٌ لِعَنَتِها ، يُرْضِي اللهَ عز وجل ، ولا يُنالُ الصّابرُ المتصبِّرُ ذلكَ إلا بمشيئةِ اللهِ وإعانَتِهِ وحولِهِ وقوتِهِ ، ومن فعلَ ذلك حقيقَةً زالَ هَمُّه .
ثم قال تعالى: { وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ } أي: على من خالفك ، لا تحزن عليهم ، فإن الله قَدَّرَ ذلك ، { وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ } أي: غم { مِمَّا يَمْكُرُونَ} أي: مما يُجهِدُون أنفسهم في عداوتِكَ وإيصالِ الشرِّ إليك ، فإن الله كافيكَ وناصِرُكَ ومُؤَيِّدُكَ ومُظَفِّرُكَ بهم .
وقوله: { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} أي: معهم بتأييده ونصره ومعونته .
ثم يَأمُرُ الحقُّ عزَّ وجلَّ نبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} أي: من احتاج منهم إلى مناظرةٍ وجدالٍ فليكن بالوجهِ الحسنِ برِفْقٍ ولينٍ وحسنِ خطاب ، كما قال عز وجل: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}[ العنكبوت : 46 ]، فأمرَهُ تعالى بلينِ الجانب ، كما أمرَ موسى وهارون عليهما السلام حين بَعَثَهُما إلى فرعونَ فقال: {فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}[ طه : 44 ].
ثم يُخْبِرُ الحقُّ عزَّ وجلَّ نبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أنهُ تعالى أعلمُ بمن ضلَّ عن الصراطِ السويِّ ، فقال تعالى: { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } أي: إنه عندَهُ سبحانَهُ تَقَدَّمَ عِلْمُ الشقيِّ منهم والسعيد ، وكَتَبَ ذلك عندَهُ وفرغ منه ، فعمَلُكَ يا محمد -صلى الله عليه وسلم- هو التبليغُ وإقامةُ الحُجَّة ، قال تعالى: { لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ } [ البقرة : 272 ] .
ثمَّ يأمُرُ الله تباركَ وتعالى المؤمنين بأن بتعامَلُوا بالعدل في الاقتصاص والمماثلةِ في استيفاءِ الحقّ { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ } ، ويُخبِرُهُم الرَبُّ عز وجل -بأسلوبِ الجَزْمِ والتّأكيد- أنَّ الصبرَ خيرٌ لهم { وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ } .
قوله: { وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ } يؤكِّدُ عزَّ وجلَّ بِهِ على أنَّ الصبرَ خيرٌ من الانتصارِ لغضبِ النَّفْس ، حيث أعاد ذِكْرَ الصبرِ مرةً أخرى ، وبذلك يكون أفضلَ عندَ اللهِ تعالى ، فهو -الصبر- مُهَذِّبٌ للنفسِ مُزيلٌ لِعَنَتِها ، يُرْضِي اللهَ عز وجل ، ولا يُنالُ الصّابرُ المتصبِّرُ ذلكَ إلا بمشيئةِ اللهِ وإعانَتِهِ وحولِهِ وقوتِهِ ، ومن فعلَ ذلك حقيقَةً زالَ هَمُّه .
ثم قال تعالى: { وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ } أي: على من خالفك ، لا تحزن عليهم ، فإن الله قَدَّرَ ذلك ، { وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ } أي: غم { مِمَّا يَمْكُرُونَ} أي: مما يُجهِدُون أنفسهم في عداوتِكَ وإيصالِ الشرِّ إليك ، فإن الله كافيكَ وناصِرُكَ ومُؤَيِّدُكَ ومُظَفِّرُكَ بهم .
وقوله: { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} أي: معهم بتأييده ونصره ومعونته .
نَقَلْتُ الكلامَ أعلاهُ من تفسيرِ الإمامِ ابن كثير ( بتصرف ) ..
الدروس المستفادة :
1- تجديدُ النيَّةِ للهِ تعالىٰ وإصلاحُ العملِ والابتغاءُ بِهِ وجهَ اللهِ تعالىٰ .
2- لِيَكُنْ خُلُقُنا قبل قولِِنا داعِيـًا إلى الله تبارك وتعالىٰ ، حين يبحثُ الناسُ في داخلِنا يشاهدون ما هو مماثلٌ للخارجِ تمامًا ، وهذا بيانُ الحكمةِ والموعظةِ الحسنة ، فكلاهما قول ، ولكنْ لا يَنطِقُ بالحكمةِ إلا من كان خُلُقُهُ الحكمة ، فقَدَّمَ تعالى الخُلُقَ على القولِ لاجتنابِ النِّفاقِ عياذًا بالله .
3- الابتعادُ عن الجدلِ العقيمِ والجدالِ المذمومِ ، والحرصُ على المحاورةِ بالآدابِ المُتَّبَعَةِ للحوار ، دونَ تعصّبٍ أو سِبابٍ أو خروجٍ عن أدبِ الحوار .
4- الداعي إلى اللهِ مُكَلَّفٌ بالتبليغِ وليس بفَرْضِ الرأيِ أو بإلزامِ الطرفِ الآخَرِ بالاتباع ، ولكنّهُ يدعو إلى اللهِ تعالى ويُبَيِّنُ سبيلَهُ تعالىٰ ، وليس عليهِ إلزامُ أحدٍ إلا إقامةُ الحجةِ عليهِ ليُبْرِيَ ذِمَّتَهُ أمامَ اللهِ عز وجل ، وبذلك لا يضيقُ صدرُهُ ولا يغتم .
5- أكَّدَ المولىٰ عز وجل على أن الصبرَ خيرٌ للداعي إلى الله ، حيث كرَّرَ الجزمَ بِهِ مرتين ، مرةً على سبيل التأكيدِ وأخرىٰ على سبيل الأمر ، فعلىٰ المحاوِرِ المسلمِ أن يصبرَ على أذىٰ الطرفِ الآخرِ -دون تهاوُنٍ أو تنازُل- ، لأنَّ الرِّفْقَ أفضلُ السُّبُلِ لتحقِيقِ المُبتَغَىٰ ، قال صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لاَ يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ » [ رواه مسلم ].
6- ثِقُوا إِخوَتِي بأنَّ اللهَ تباركَ وتعالىٰ مع المتقين الذين هُم مُحسِنون -الذين هم مراقبون للهِ في السرِّ قبل العلن- ، ومع الصابرين الليّنين الكاظمين غَيظَهُم الداعين إلى اللهِ بأفعالِهم قبل أقوالِهم .
1- تجديدُ النيَّةِ للهِ تعالىٰ وإصلاحُ العملِ والابتغاءُ بِهِ وجهَ اللهِ تعالىٰ .
2- لِيَكُنْ خُلُقُنا قبل قولِِنا داعِيـًا إلى الله تبارك وتعالىٰ ، حين يبحثُ الناسُ في داخلِنا يشاهدون ما هو مماثلٌ للخارجِ تمامًا ، وهذا بيانُ الحكمةِ والموعظةِ الحسنة ، فكلاهما قول ، ولكنْ لا يَنطِقُ بالحكمةِ إلا من كان خُلُقُهُ الحكمة ، فقَدَّمَ تعالى الخُلُقَ على القولِ لاجتنابِ النِّفاقِ عياذًا بالله .
3- الابتعادُ عن الجدلِ العقيمِ والجدالِ المذمومِ ، والحرصُ على المحاورةِ بالآدابِ المُتَّبَعَةِ للحوار ، دونَ تعصّبٍ أو سِبابٍ أو خروجٍ عن أدبِ الحوار .
4- الداعي إلى اللهِ مُكَلَّفٌ بالتبليغِ وليس بفَرْضِ الرأيِ أو بإلزامِ الطرفِ الآخَرِ بالاتباع ، ولكنّهُ يدعو إلى اللهِ تعالى ويُبَيِّنُ سبيلَهُ تعالىٰ ، وليس عليهِ إلزامُ أحدٍ إلا إقامةُ الحجةِ عليهِ ليُبْرِيَ ذِمَّتَهُ أمامَ اللهِ عز وجل ، وبذلك لا يضيقُ صدرُهُ ولا يغتم .
5- أكَّدَ المولىٰ عز وجل على أن الصبرَ خيرٌ للداعي إلى الله ، حيث كرَّرَ الجزمَ بِهِ مرتين ، مرةً على سبيل التأكيدِ وأخرىٰ على سبيل الأمر ، فعلىٰ المحاوِرِ المسلمِ أن يصبرَ على أذىٰ الطرفِ الآخرِ -دون تهاوُنٍ أو تنازُل- ، لأنَّ الرِّفْقَ أفضلُ السُّبُلِ لتحقِيقِ المُبتَغَىٰ ، قال صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لاَ يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ » [ رواه مسلم ].
6- ثِقُوا إِخوَتِي بأنَّ اللهَ تباركَ وتعالىٰ مع المتقين الذين هُم مُحسِنون -الذين هم مراقبون للهِ في السرِّ قبل العلن- ، ومع الصابرين الليّنين الكاظمين غَيظَهُم الداعين إلى اللهِ بأفعالِهم قبل أقوالِهم .
أسالُ اللهَ العليَّ القديرَ أن يجعَلَهُ زادًا إلى حُسْنِ المصيرِ إليه ، وعَتادًا إلى يُمْنِ القدومِ عليه ، إنه بكلِّ جميلٍ كفيل ، هُوَ حَسْبُنا ونِعْمَ الوكيل
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
تعليق