يوم طالبة في الجامعة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
ها هي السنون تمر سريعاً، ويكبر الصغير وينتقل من مرحلة إلى أخرى، ليزداد خبرة ومعرفة بالدنيا من حوله، وها أنتِ الآن واقفة على باب كليتك تترقبين من بعيد ماذا يحدث بالداخل؟ أرى عينيك وقد اختلط فيهما الشك والحيرة مع الخوف والترقب، ماذا عليَّ أن أفعل؟
مجتمع مفتوح، كل شيء فيه مباح: اختلاط، تبرج، أجناس مختلفة من البشر وبيئات عديدة لا رقابة إلا قليل، وغير ذلك مما هو منتشر خبره، ولكن يبقى السؤال: ماذا عليك أن تفعلي؟
دعيني الآن -إذا سمحتِ لي بذلك- أعش معك يوماً في حياتك في الجامعة كما عشناه من قبلك، فكانت الجامعة فاتحة خير علينا.
الآن نحن في المنزل -قبل نزولك- نستيقظ لصلاة الفجر، هيا قومي مسرعة نشيطة، فأمامنا مهام كثيرة وعديدة، بعد الصلاة سنجلس إلى طلوع الشمس، ونقول أذكارنا ونحفظ ما علينا حفظه من كتاب الله، إلى أي جزء وصلتِ؟
ها قد طلعت الشمس، وبدأت أمي في إعداد الفطور -جزاك الله خيراً يا أمي- لا عليك، سأباشر أنا هذه المهمة.
ها قد حان وقت النزول، أمي: ادعي لي كثيراً أن يعصمني الله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، يدك أقبلها يا أمي، سأعود في الرابعة تماماً -إن شاء الله-.
أبي: ماذا تنصحني؟ عليك بتقوى الله يا بنيتي.
أبي هل في ملابسي شيء مخالف للشرع؟
لا يا بنيتي، ملابسك واسعة فضفاضة غير مزينة ولا معطرة تغطي بدنك كله، ولكن يا ابنتي، احذري من رفقاء السوء فلا تصاحبي إلا الطيبات العفيفات، وإياك من إطلاق البصر؛ فغض البصر دليل الإيمان.
أما تريدين يا ابنتي شيئاً آخر؟ ماذا يكفيك من النقود؟
القليل يكفي، المواصلات وفقط؛ فأنا لن أضيع وقتي في التنزه في ساحة الجامعة بحثاً عن مطعم أضيع فيه وقتي أو كافتيريا أختلط فيها مع الشباب. بارك الله فيك يا بنيتي. يدك يا أبي أقبلها، أما تريد مني شيئاً؟ جزاك الله خيراً يا ابنتي.
والآن ها قد وصلتِ إلى الجامعة غاضة الطرف، متأدبة بالآداب الشرعية، خافضة الصوت، ولكن قبل الدخول انتظري قليلاً أريد التحدث معك في شيء هام، لماذا جئت إلى هنا؟ يجب عليك أن تعلمي أنك ما أتيت إلى الجامعة، لأجل تحصيل دنيا فقط، ثم تذهبين لا، بل أتيت إلى هنا لأمور كثيرة منها تحصيل علوم تنتفعين بها، وتنتفع بها أمتك، ومنها براً بأبويك.
وطالما قدر الله أن تدخلي هذا المكان ومع ما ترينه من المنكرات، لا تقفي مكتوفة الأيدي ولسانك يردد: الحمد لله الذي عافاني، فبعد اعتيادك رؤية هذه المنكرات لن يتحرك حتى لسانك بما قلتيه من قبل.
بل سيألف قلبك ومعه جوارحك رؤية تلك المعاصي، ليس هذا فحسب.
بل ويمرض قلبك بأمراض خفية يدخلها إليه الشيطان، وليس ببعيد أن تساورك الوساوس وتختلج الأفكار: هل هم على خطأ أم صواب؟ هل هم الصواب وأنا الخطأ؟ هل كل هؤلاء خطأ وأنا وحدي على الصواب؟ وحينها تكون الكارثة، فما الحل إذاً؟؟؟
الحل كما قال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)(آل عمران:110).
غيِّري المنكر حولك، انصحي هذه، ونبهي تلك بكلمات رقيقة، وأدلة من الكتاب والسنة مع تحبب وتودد وتبسم لمن تنصحينها، فإنها مسكينة قد ضلت الطريق. وبأشياء بسيطة لن تكلفك الكثير لا من الوقت ولا الجهد تفتحين هذه القلوب المغلقة، هذه القلوب التي رانت عليها الذنوب والمعاصي، وعلاها الصدأ لقلة الناصح الأمين.
أما لك في الأنبياء من قدوة حين قال نوح: (إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)(لأعراف:59)، وحين قال هود: (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ)(لأعراف:68)، وكل الأنبياء ما كانت وظيفتهم إلا دعوة الناس كما أمرهم الله -تعالى-.
أما تخافين وأنت في هذا المكان أن ينزل الله غضبه وتكوني معهم؟ فالله -عز وجل- جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ سبباً للنجاة من خزي الدنيا وعذاب الآخرة قال -تعالى-: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)(لأعراف:165).
واعلمي أنك لن تنجحي في هذه المهمة إلا بالإخلاص التام لله -تعالى-، وبتعلم العلم النافع الذي هو زادك في الدعوة إلى الله، ولا تحتجي بقلة العلم، بل تعلمي واحفظي واعملي وانصحي؛ لينتشر الخير من حولك، فلا تعيبي على الزمان وكثرة المعاصي، فربما نكون نحن السبب بتقصيرنا في الدعوة إلى الله -تعالى-.
قال -تعالى-: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(يوسف:108)، والبصيرة هي العلم والفقه في الدين، ضعي أهدافاً لدعوتك، واجتهدي واصبري لتحقيق تلك الأهداف، وليكن هدفك الرئيسي هو تعبيد الناس لله -تبارك وتعالى-.
والآن أختي الغالية:
هيا انطلقي واثقة بموعود الله: (أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(المجادلة:22).
انطلقي ثابتة على منهجك ولا تهتزي بما ترينه أمامك وما يحدث خلفك، ولا تأبهي بقلة السالكين معك وكثرة المعارضين لك...
أغلقي أبواب الفتن، وافتحي أبواب الخير، واعتصمي بالله، وارتبطي برفقة صالحة تعينك على الخير. إياك والانزلاق ولو لخطوة!! فما أكثر الخطوات بعد تلك الخطوة!! اجتهدي في دراستك وحفظ القرآن وطلب العلم الشرعي، واجتهدي في دعوة كل من حولك وتغيير كل منكر من حولك حسب استطاعتك، والله حافظك وراعيكِ.
وأعدك انك ستجدين سعادة بالغة إذا حاولت تنفيذ ذلك وتطبيقه عليك... ولا تنسي أختي الغالية أن تعودي في الساعة الرابعة كما وعدت أمك.
ها هي السنون تمر سريعاً، ويكبر الصغير وينتقل من مرحلة إلى أخرى، ليزداد خبرة ومعرفة بالدنيا من حوله، وها أنتِ الآن واقفة على باب كليتك تترقبين من بعيد ماذا يحدث بالداخل؟ أرى عينيك وقد اختلط فيهما الشك والحيرة مع الخوف والترقب، ماذا عليَّ أن أفعل؟
مجتمع مفتوح، كل شيء فيه مباح: اختلاط، تبرج، أجناس مختلفة من البشر وبيئات عديدة لا رقابة إلا قليل، وغير ذلك مما هو منتشر خبره، ولكن يبقى السؤال: ماذا عليك أن تفعلي؟
دعيني الآن -إذا سمحتِ لي بذلك- أعش معك يوماً في حياتك في الجامعة كما عشناه من قبلك، فكانت الجامعة فاتحة خير علينا.
الآن نحن في المنزل -قبل نزولك- نستيقظ لصلاة الفجر، هيا قومي مسرعة نشيطة، فأمامنا مهام كثيرة وعديدة، بعد الصلاة سنجلس إلى طلوع الشمس، ونقول أذكارنا ونحفظ ما علينا حفظه من كتاب الله، إلى أي جزء وصلتِ؟
ها قد طلعت الشمس، وبدأت أمي في إعداد الفطور -جزاك الله خيراً يا أمي- لا عليك، سأباشر أنا هذه المهمة.
ها قد حان وقت النزول، أمي: ادعي لي كثيراً أن يعصمني الله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، يدك أقبلها يا أمي، سأعود في الرابعة تماماً -إن شاء الله-.
أبي: ماذا تنصحني؟ عليك بتقوى الله يا بنيتي.
أبي هل في ملابسي شيء مخالف للشرع؟
لا يا بنيتي، ملابسك واسعة فضفاضة غير مزينة ولا معطرة تغطي بدنك كله، ولكن يا ابنتي، احذري من رفقاء السوء فلا تصاحبي إلا الطيبات العفيفات، وإياك من إطلاق البصر؛ فغض البصر دليل الإيمان.
أما تريدين يا ابنتي شيئاً آخر؟ ماذا يكفيك من النقود؟
القليل يكفي، المواصلات وفقط؛ فأنا لن أضيع وقتي في التنزه في ساحة الجامعة بحثاً عن مطعم أضيع فيه وقتي أو كافتيريا أختلط فيها مع الشباب. بارك الله فيك يا بنيتي. يدك يا أبي أقبلها، أما تريد مني شيئاً؟ جزاك الله خيراً يا ابنتي.
والآن ها قد وصلتِ إلى الجامعة غاضة الطرف، متأدبة بالآداب الشرعية، خافضة الصوت، ولكن قبل الدخول انتظري قليلاً أريد التحدث معك في شيء هام، لماذا جئت إلى هنا؟ يجب عليك أن تعلمي أنك ما أتيت إلى الجامعة، لأجل تحصيل دنيا فقط، ثم تذهبين لا، بل أتيت إلى هنا لأمور كثيرة منها تحصيل علوم تنتفعين بها، وتنتفع بها أمتك، ومنها براً بأبويك.
وطالما قدر الله أن تدخلي هذا المكان ومع ما ترينه من المنكرات، لا تقفي مكتوفة الأيدي ولسانك يردد: الحمد لله الذي عافاني، فبعد اعتيادك رؤية هذه المنكرات لن يتحرك حتى لسانك بما قلتيه من قبل.
بل سيألف قلبك ومعه جوارحك رؤية تلك المعاصي، ليس هذا فحسب.
بل ويمرض قلبك بأمراض خفية يدخلها إليه الشيطان، وليس ببعيد أن تساورك الوساوس وتختلج الأفكار: هل هم على خطأ أم صواب؟ هل هم الصواب وأنا الخطأ؟ هل كل هؤلاء خطأ وأنا وحدي على الصواب؟ وحينها تكون الكارثة، فما الحل إذاً؟؟؟
الحل كما قال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)(آل عمران:110).
غيِّري المنكر حولك، انصحي هذه، ونبهي تلك بكلمات رقيقة، وأدلة من الكتاب والسنة مع تحبب وتودد وتبسم لمن تنصحينها، فإنها مسكينة قد ضلت الطريق. وبأشياء بسيطة لن تكلفك الكثير لا من الوقت ولا الجهد تفتحين هذه القلوب المغلقة، هذه القلوب التي رانت عليها الذنوب والمعاصي، وعلاها الصدأ لقلة الناصح الأمين.
أما لك في الأنبياء من قدوة حين قال نوح: (إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)(لأعراف:59)، وحين قال هود: (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ)(لأعراف:68)، وكل الأنبياء ما كانت وظيفتهم إلا دعوة الناس كما أمرهم الله -تعالى-.
أما تخافين وأنت في هذا المكان أن ينزل الله غضبه وتكوني معهم؟ فالله -عز وجل- جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ سبباً للنجاة من خزي الدنيا وعذاب الآخرة قال -تعالى-: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)(لأعراف:165).
واعلمي أنك لن تنجحي في هذه المهمة إلا بالإخلاص التام لله -تعالى-، وبتعلم العلم النافع الذي هو زادك في الدعوة إلى الله، ولا تحتجي بقلة العلم، بل تعلمي واحفظي واعملي وانصحي؛ لينتشر الخير من حولك، فلا تعيبي على الزمان وكثرة المعاصي، فربما نكون نحن السبب بتقصيرنا في الدعوة إلى الله -تعالى-.
قال -تعالى-: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(يوسف:108)، والبصيرة هي العلم والفقه في الدين، ضعي أهدافاً لدعوتك، واجتهدي واصبري لتحقيق تلك الأهداف، وليكن هدفك الرئيسي هو تعبيد الناس لله -تبارك وتعالى-.
والآن أختي الغالية:
هيا انطلقي واثقة بموعود الله: (أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(المجادلة:22).
انطلقي ثابتة على منهجك ولا تهتزي بما ترينه أمامك وما يحدث خلفك، ولا تأبهي بقلة السالكين معك وكثرة المعارضين لك...
أغلقي أبواب الفتن، وافتحي أبواب الخير، واعتصمي بالله، وارتبطي برفقة صالحة تعينك على الخير. إياك والانزلاق ولو لخطوة!! فما أكثر الخطوات بعد تلك الخطوة!! اجتهدي في دراستك وحفظ القرآن وطلب العلم الشرعي، واجتهدي في دعوة كل من حولك وتغيير كل منكر من حولك حسب استطاعتك، والله حافظك وراعيكِ.
وأعدك انك ستجدين سعادة بالغة إذا حاولت تنفيذ ذلك وتطبيقه عليك... ولا تنسي أختي الغالية أن تعودي في الساعة الرابعة كما وعدت أمك.
تعليق