إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كيف نربي أبناءنا ، وما هي حقوقهم ؟ راتب النابلسي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف نربي أبناءنا ، وما هي حقوقهم ؟ راتب النابلسي

    الدكتور راتب النابلسي:

    مشكلة تربية الأولاد المشكلة الأولى في المهجر :
    الموضوع خطير جداً، وأكاد أقول: إنه أخطر موضوع متعلق بالجالية الإسلامية في الغرب والشرق، لماذا؟.
    كنت أقول: لو بلغت أعلى منصب في الأرض، ثم حققت أعلى درجة علمية في الأرض، ثم جمعت أكبر ثروة في الأرض، ولم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس، لأن هناك ارتباطاً عضوياً ومصيرياً بين الأب وابنه.






    أضرب لك مثلاً: تمشي في الطريق ترى ثلاثة شباب يدخنون، الأول لا تعرفه والثاني ابن أخيك لا سمح الله ولا قدر، والثالث ابنك، موقفك تجاه ابنك كالمرجل تغلي، أقل غلياناً تجاه ابن أخيك، أما الثالث فلا تهتم لأمره، هذا المثل على دقته يؤكد أن هناك تواصل وتلاحم عضوي بين الأب وابنه.

    لذلك إذا بلغت أعلى منصب في الأرض، وجمعت أعلى ثروة، وارتقيت أعلى درجة علمية، ولم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس، من هنا الدعاء القرآني الدقيق:
    ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ﴾
    [ سورة الفرقان الآية: 74]

    أنت لا تصدق مشاعر الفرح والسعادة التي تنتاب الأب حينما يرى ابنه صالحاً، إنسان متوازن يعمل بجد، له سمعة طيبة، أخلاقه عالية، منضبط، بار.
    فلذلك المشكلة الأولى في المهاجر، الأولى ولا أبالغ مشكلة تربية الأولاد، لأنه حقق بيتاً جميلاً، حقق دخلاً جيداً، حقق رفاهاً من أعلى مستوى، حقق مجتمعاً، حقوق الإنسان مضمونة فيه، إلى آخره، أما حينما يرى ابنه بخلاف ما يتمنى فيكون أشقى الناس.
    فلذلك هذا الموضوع الذي اخترته أنا وإياك معاً هذا الموضوع أخطر موضوع يمس الجالية.


    المذيع:
    فضيلتك إذا استطعنا بإذن الله تعالى أن نستقي ما نتمناه لأبنائنا، أعتقد ليست الأمة أن يصبح الابن طبيباً أو قاضياً؟

    الابن أمانة في عنق والده عليه أن يهتم بدينه أولاً :

    الدكتور راتب:
    هذه مشكلة، الأب أحياناً يتمنى أن ينجح ابنه في التحصيل الدراسي فقط، ولا يعنى بصلاته، ولا بدينه، أما حينما لا يعنى بدينه وصلاته فلن يكون باراً بأبيه، متى يكون الابن باراً؟ حينما يكون الابن قد درج في بيئة إسلامية، وعرف قيمة طاعة الأب، وقيمة بر الوالدين، فأولاً إن لم تهتم بدين لن يكون باراً بك، والقصص التي تؤكد عقوق الأولاد الذين تفلتوا من منهج الله لا تعد ولا تحصى.





    أنا أذكر شخصاً ببلادنا ترك ثروة فلكية، أربعة آلاف مليون، بعد يومين من وفاة والده رآه صديق والده في الطريق، قال له: إلى أين أنت ذاهب؟ كلمة قاسية جداً، قال له: أنا ذاهب حتى أسكر على روح أبي.
    فالإنسان إذا لم يربِّ ابنه يكون قد ضيع الثروة كلها،


    لكن لا تتصور التربية تتم بخمس دقائق، التربية تتم بعمر مديد، أنت حينما تزوجت يجب أن تعلم علم اليقين أن هذا الابن أمانة في عنقك.
    إن بعض العلماء يقول: إن أول واجبات الأب تجاه أبنائه أن يحسن اختيار أمهم، فالأم المؤمنة الطاهر، العفيفة، الأصيلة، هذه تعينه.


    امرأة اشتكت إلى النبي الكريم وقد سمع شكواها الله جل جلاله:" إن زوجي تزوجني وأنا شابة، وذات أهل ومال وجمال، فلما كبرت سني، ونثر بطني، وتفرق أهلي، وذهب مالي، قال لي: أنتِ عليّ كظهر أمي، ولي منه أولاد، إن تركتهم إليه ضاعوا، إن ضممتم إلي جاعوا"، أنا أربيهم، وهو ينفق عليهم، إذاً هناك دوران متكاملان بين الأب والأم، الأب يكسب الرزق، وينفق على أولاده، والأم تربي، والحقيقة يمكن أن أقول لك: هناك مؤسسات ثلاثة لتربية الأولاد،
    أول مؤسسة: الأسرة، وثانيها: المدرسة، وثالثها: الإعلام، فأي مجتمع المدرسة غير منضبطة، والإعلام غير منضبط، والمجتمع غير منضبط، فهناك أجيال تلو أجيال تكون عبئاً على الأمة، وليست في خدمتها، أكاد قول: ما من أمة قوية إلا اهتمت بتربية أبنائها.


    المذيع:
    إذاً فضيلة الشيخ، إذا كانت هذه أركان التربية البيت، ثم المدرسة، ثم الإعلام، نحن مبتلون، بلونا أنفسنا مثلاً، بأن ليس هناك مدرسة تربي، ولا إعلاماً يربي، هل نجعل البيت يقوم بهذه المراحل الثلاثة؟.

    القدوة الحسنة أحد أكبر الوسائل الفعالة لتربية الأولاد :

    الدكتور راتب:
    هو ليس على وجه الأرض جهة مهما عظمت يمكن أن تكون مسؤولة عن ابنك إلا أنت.

    .






    المذيع:
    أي البيت يقوم بدور المدرسة ثم يقوم بدور الإعلام


    الدكتور راتب:
    الأصل هو البيت، فالبيت عندما يكون منضبطاً، عفواً هناك شيء بديهي، يكفي أن يكون الأب صادقاً، فقد علم ابنه الصدق، الأم عفيفة فقد علمت ابنتها العفة، فلا يوجد وسيلة من وسائل التربية تعلو على القدوة، القدوة الحسنة أحد أكبر الوسائل الفعالة لتربية الأولاد، القدوة، أنا أقول دائماً: القدوة قبل الدعوة، والإحسان قبل البيان، افتح قلبك لابنك بإحسانك، ليفتح لك عقله لبيانك، لا يوجد شيء بالبيت يفوق أن يكون الأب صادقاً، أما أم تقول لزوجها حينما عاد إلى البيت: لم أذهب إلى أي مكان، وقد ذهبت مع ابنتها إلى الجارة، وكذبت على زوجها أمام ابنتها، كأنها لقنتها الكذب.

    لذلك النبي الكريم رأى امرأة قالت لابنها: تعال هاك، فقال لها النبي : ماذا أردت أن تعطيه؟ قالت: تمرة، قال: أما أنك لو لم تفعلي لعدت عليك كذبة.
    دائماً الطفل عندما يتعلم الكذب من أهله انتهى، الأب دون أن يشعر ما دام مستقيماً فهو أكبر مربٍّ، قبل المحاضرات، والتوجيهات، والنصح، والمتابعة، قبل كل هذا الأب المستقيم أكبر مربٍّ، والأم العفيفة أكبر مربية.


    المذيع:
    فضيلة الشيخ: التفرقة كما قلنا أن يكون ابني ناجحاً علمياً مثلاً، لأنه هنا كثير من الناس يشكون العقوق، يقول: أنا ما حرمته من شيء، كنت أخذه إلى أفضل المدارس، كنت آتيه بأفضل المدرسين، حتى أني كنت أعلمه الموسيقى، ويتحدث على الجانب المادي، ويغفل تماماً أنه لم يعلمه الدين، يقول: الآن يضعني في بيت المسنين وما إلى ذلك.


    الدكتور راتب

    بالمناسبة ما من حاجة عند المتقدمين في السن تفوق أن يعيشوا مع أولادهم، بالعالم الغربي اعتداد أن يرسل الأب الكبير إلى مأوى العجزة، وهذه أكبر إهانة له، عندنا بالشرق ميزة ليس بعدها ميزة، أن الأب مهما تقدمت به السن عند ابنه، لذلك يقول لك: أنا عندي خمسة أولاد، عندما يكبر أنا عند ابني، فلا يوجد إكرام للأب يفوق أن يكون مع أولاده، لذلك في مأوى عجزة بفرنسا عملوا استبياناً، النتيجة أنهم التقوا مع مئة متقدم في السن، بين تسعين إلى مئة أمنيته الأولى أن يموت فقط، هذه الأمنية تواترت عند المئة، لا يريد غير الموت، فقد أولاده، عندنا في الشرق الأوسط تجد أن الأب مهما كبر يبقى عند ابنه، الأب يرى أحفاده، بنات ابنه، أولاد ابنه، لعبوا أمامه، قربوا إليه قبّلهم، انتعش فيهم، أي أكبر سعادة تسعد الرجل الكبير في السن أحفاده.

    المذيع:
    الإنسان الفطن دائماً يفعل دراسة جدوى لكل شيء في حياته، فإذا مثلاً فعلنا دراسة جدوى لوجود زوجين هنا في هذا البلد، فالأفضل منهم أن يبنوا مجداً مالياً أو اقتصادياً وما إلى ذلك أم أنهم يتقللون ثم يفوزون بتربية أبنائهم؟


    الدكتور راتب:
    والله من خبرتي المتواضعة أن الأب إذا حصل الدنيا ثم خسر أولاده ما ربح شيئاً.
    مرة لي قريب اشتغل بالصناعة والتجارة، وصل لمرتبة عالية جداً، صار معه أموال مخيفة، هو زوج قريبتي، فقبل موته بأيام نظر إلى أولاده رآهم متفلتين، لم يربهم فقال لزوجنه: يا فلانة انشغلنا بالفحم وتركنا الذهب، أكبر غبن حينما يكتشف الإنسان أنه لم يربِّ أولاده، أولاده فسقه فجار، شيء مخيف جداً، وهذه المشكلة الأولى في الجاهلية، أنا لست متشائماً أبداً، لكن إذا رتبنا المشكلات التي يعاني منها أخواننا الكرام في بلاد الغرب والشرق معاً لرأينا أن المشكلة الأولى مشكلة الأولاد، إنسان جاء لهذه البلاد بالأربعين أو بالثلاثين، معه زوجته، في الأعم الأغلب لن يزنوا، أي هذه زوجته وهؤلاء أولاده، في الأعم الأغلب عنده نوع من الانضباط مقبول، يصلي، يصوم، يحج لبيت الله الحرام، و يعمل عملاً مقبولاً شرعاً، لا يوجد عنده مشكلة، المشكلة الأولى يكتشف أنه خسر أولاده.





    الإنسان إن لم يستطع أن يربي أولاده عليه أن يعود إلى مكان يستطيع أن يربي أولاده، مع أنك بأي بلد ممكن أن تربي أولادك، لكن هنا يوجد صعوبات كبيرة جداً، هنا بقدر الصوارف والعقبات، والنظام العام.
    مرة سئلت بجامع النابلسي عن حكم الإقامة ببلاد بعيدة؟ أمامي براد للماء، قلت له: إذا الإنسان بهذا الجامع توجه إلى هذا البراد وشرب كأس ماء ماذا فعل؟ قال: ما فعل شيئاً، الوضع طبيعي جداً، قلت له: والله معلوماتي المتواضعة ببعض البلاد الزنا كذلك، كأنه ما فعل شيئاً، طبيعي جداً، حتى البنت العذراء لها مشكلة، كأنها بنت غير حضارية.
    مرة رئيس وزراء بلدة في شمال إندونيسيا، صار فيها زلزال، يقول رئيس الوزراء: أنا أفتخر أنه لا يوجد عندنا فتاة عذراء.


    المكافأة والعقاب :
    الدكتور راتب:
    أنا عندي في الشام ثانوية، هناك طريقة استخدمناها كان نجاحها مذهلاً، هناك بطاقة إلكترونية على صدر الطالب، عندنا إيجابيات نحن في المدرسة وسلبيات، كل إيجابية يأخذ عشر نقاط، مثلاً سُئل عن وظيفته هل كتبها بشكل جيد؟ أخذ عشرة، وهناك جهاز مع المدرس إلكتروني على بطاقته كبس عشرة، هذا الطالب رأى أنه عندما أدى واجبه أخذ عشر نقاط، وإذا تأخر راح خمس، تكلم مع صديقه أثناء إلقاء الدرس راح خمس، فكل مخالفة لها حسم، وكل عمل إيجابي له نقاط إضافة، فهذا الرقم يعني سلوك الطالب، انضباطه، سلوكه، إيجابياته، سلبياته، آخر العام يجمع رقماً مثلاً ثلاثة آلاف، يأخذ دراجة، يأخذ كومبيوتر، يأخذ أشياء ثمينة جداً، يحب الألبسة، معه نقاط؟ معه ثلاثة آلاف نقطة، هناك معرض يحب أن يأخذ بدلات، يحب أن يأخذ دراجة، يحب أن يأخذ كومبيوتر، فصار كل شيء يعمله محسوباً، هذه نقطة.
    فنحن أول يوم بالأسبوع نجعل هذا الأسبوع من أجل بر الآباء، يسأل الطالب سؤالاً و هو داخل: هل قمت بعمل لبر والديك؟ نعم أو لا، فنحن نكتشف أن ثلاثاً و ثلاثين بالمئة من الأولاد بارون بآبائهم، والبقية مقصرين، نعمل أسبوعاً على بر الآباء، هذا سؤال لا يوجد فيه مسؤولية، سؤال لك في مدخل المدرسة هل فعلت كذا أو لم تفعل؟ عندك نعم، أو لا، فأنا صار عندي دراسة لستمئة طالب، أن ثلثهم لهم أعمال طيبة مع آبائهم وأمهاتهم، معنى هذا أنا يجب أن أعمل توجيهاً كاملاً هذا الأسبوع عن بر الوالدين.
    هل صليت الفجر في وقته مثلاً؟ سؤال ثان، أيضاً يأتي الجواب بالمئة عشرين، صلى الفجر في وقته؟ أعمل توجيهاً ثانياً، هذا الأسلوب أسلوب البطاقة هذا أغناك عن أي عقاب، عن أي مشكلة، عن استدعاء الأولياء، عرف الطالب أن كل شيء محاسب عليه، وكل شيء له إيجابيات.


    المذيع:
    إذا طبقنا هذا النظام في بيوتنا ألا يبعث على الشحناء بين الأبناء؟ إذا كان مثلاً أحد الأبناء أفضل من أخيه؟.

    التنافس الشريف لا يبعث على الشحناء :

    الدكتور راتب:
    هذا تنافس شريف، والثاني متاح له نفس الشيء، يجب أن يكون الشيء متاحاً للجهتين لماذا أخوك أخذ علامات أعلى؟ لأنه انضبط أكثر، أنت اسبقه بهذه العملية، تعمل تنافساً إيجابياً، كل شيء فطري يعمل سلبيات، إذا كان أحد الأبناء ليس جميل الصورة و الثاني جميل، والأب يعتني بالابن الأول و يهمل الثاني هذه بحق الثاني جريمة، إذاً إذا كان هناك معاملة حسنة، وعدل شبه تام بين الأولاد، لكن هذا تفوق و هذا لم يتفوق، يجب أن يكافأ المحسن، ويعاقب المسيء.


    إهمال الأولاد يدخل النار :

    الدكتور راتب:
    أنا أقول: يا ربي أدخل أبي النار كما أهملني، أب أنجب بنتاً وأهملها فتفلتت وانحرفت، ويوم القيامة رأت نفسها إلى جهنم، تقول: يا رب انتقم من أبي، لولا أنه أهملني ما كنت هكذا.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ
    إذا ما تلقى الابن من أبيه توجيهات صحيحة، وما كان أبوه قدوة، وما علمه أحكام دينه، وما علمه مستقبله، وآخرته، وما رباه على الحشمة، والصدق، من يربيه؟ لذلك النبي قال:((أفضل كسب الرجل ولده ))[أخرجه الطبراني عن أبي بردة بن نيار]﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾ كل أعمال الأبناء في صحيفة الأب والأم، أي ثواب هذا؟ إذا أنت عندك ابن ربح مئة مليار لك مثلهم.



    راتب النابلسى
    موسوعة النابلسي
يعمل...
X